هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

"العالم مليء بالشرور، ولكنه أيضا يزخر بالكثير من أشكال الخير".

الفكرة الأولى التي تكونت لدي بعد مشاهدتي فيلم "حياة الماعز"، الفيلم الهندي الذي أثار جدلا كبيرا بعد عرضه على منصة نتفليكس لما وصف بأنه "تشويه لصورة العرب والسعودية بالتحديد، وتنميط لظهورهم في السينما والدراما".

يحكي الفيلم قصة نجيب، رجل في مقتبل العمر، من ولاية كيرلا في الهند، يبحث عن فرصة أفضل لتحسين وضعه المعيشي هو وأسرته، فيقرر الذهاب إلى السعودية، ليعمل في إحدى الشركات، وليفاجأ بحياة صعبة للغاية على يد كفيله، ويواجه أقسى ظروف الحياة وسط الصحراء والماشية، ويستعرض الفيلم رحلته في محاولته للهروب من جحيم الإنسان والمكان.

بعد أيام من عرض الفيلم، ووسط كل الجدل الذي أثاره، نشرت نتفليكس رسالة قصيرة في بدايته تقول فيها "إن الفيلم يستند إلى رواية أحداثها حقيقية، وأضاف الكاتب عناصر من خياله لتغذية القصة، كما أن هناك الكثير من التغييرات على القصة التي أجرتها المنصة للحرص على عدم الإساءة لأي بلد أو أشخاص، وإن كان هناك تشابه مع أحداث حقيقية، فهو محض الصدفة البحتة".

لا أحد ينكر أن هذا النوع من السلوكيات تجاه العمالة الوافدة موجود في دول الخليج بالتحديد، وله أشكال أخرى في دول العالم أيضا. كما أن هذه الظروف الصعبة جدا التي يظهرها الفيلم بكل قسوتها موجودة أيضا، ونألفها بدرجات متنوعة، غير أن ما قدمه الفيلم يتجاوز فكرة وجود هذه السلوكيات، ليصل إلى فكرة أن جميع من هم في هذا البلد، وكان واضحا أنها السعودية، همجيون.

لن نتحدث هنا عن الصورة النمطية، لأن أي صورة نمطية بحاجة إلى شكل متكرر من الطرح من خلال عدة أفلام ومسلسلات عن شعب أو مجتمع معين، وهذا بالتأكيد بحاجة إلى نقاش آخر من خلال دراسة عدد كبير من الأفلام الهندية التي قدمت سابقا، وكيف قدمت الخليجي أو العربي.

فبالتالي، من المهم الاطلاع على الفيلم نفسه، ومقارنة شخصياته العربية بعضها ببعض، وإلى أي مدى كانت هذه الشخصيات تطرح وتقدم التنوع الطبيعي الموجود في أي مجتمع.

من أول الفيلم وحتى نهايته، يظهر السعودي أو العربي وكأنه شخص اعتاد الإساءة خصوصا للعمال الآسيويين. الشخصية الوحيدة التي ظهرت بشكل إيجابي هي شخصية الرجل الغني (وأدى دوره الممثل الأردني عاكف نجم)، والذي انتشل نجيب من الطريق، وحمله إلى المدينة وأعطاه بعض الماء. ولكن حتى هذه الشخصية كانت شخصية منقوصة.

كنت أتمنى لو تساءل في نفسه عن سبب حالة هذا الرجل المسكين؟ كان من الممكن لهذا الرجل أن يكسر هذه الهمجية التي رأيناها على مدى الفيلم، ويطرح فكرة أن الشر موجود والخير موجود. وفوق هذا كله كنت أتمنى أن يأخذه إلى مستشفى أو مركز طبي بدل أن يرميه في الشارع وهو بهذه الحال. كان من الممكن "تعديل الخط الدرامي في القصة" ليس من أجل تلميع الواقع الصعب الذي تعيشه العمالة الآسيوية في الخليج، ولكن من أجل ألا نظلم هذا المجتمع الذي يزخر بأفراد يحبون الخير وفعل الخير.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أفلام رأي سينما مسلسلات

إقرأ أيضاً:

إيمان كمال تكتب:عادل إمام..حلم لا يشيخ

-خاف من "الزمن" لكن الزعامة التي صنعها أصبحت حالة متفردة لا يمكن تكرارها

 

-لم يخطط ليصبح الزعيم لكنه حافظ على النجاح والنجومية وحب الجمهور

 

-"دسوقي أفندي"..الانقلاب الأول الذي منحه فرصة الانطلاق بعد اعتذار محمد عوض والهجرسي

 

- غامر بحياته في مواجهة طيور الظلام في أسيوط فمنح شعبية هائلة بجدارة

 

- يخاطب بأدواره بشرًا يبحثون عن شخص يُسعدهم، يُخفّف عنهم شدة الأيام وقسوة الأزمات

 

 

سأل الكاتب والصحفي عادل حمودة الفنان عادل إمام عن ما الذي يخفيه؟ فأجاب:الزمن كان ذلك في سنوات لم يكن فيها الزعيم قد بلغ الخمسين بعد، لا يزال يعتلي عرش النجومية بلا منازع. ورغم ذلك، لم يكن عادل إمام غافلًا عن مرور الوقت.

 

 

 

 كان حلمه أن يرحل وسط الضوء، في "لوكيشن" تصوير، كما رحل النجم القدير محمود المليجي. أن تكون اللحظة الأخيرة داخل المساحة التي منحته الحياة، وجعلته يمنح الحياة لغيره، أن يودّع الدنيا من حضن الكاميرا لا من عزلة الشيخوخة.

 

 

 

 

لكن ربما لم يتحقق الحلم كما أراد، بابتعاده عن الفن واعلان ذلك رسميا قبل عامين في حفل الجوى آوورد بالرياض، لرغبته في التفرغ لعائلته وأحفاده.

 

 

هذا الابتعاد لم يبعده عن جمهوره فلا يزال حاضرا بمئات الشخصيات التي قدمها، فالزعامة التي صنعها لم تكن ظرفا زمنيا، بل حالة متفردة لم يستطع أحد أن يكررها.

 

وصار الحلم الذي أراده امتدادا لا نهاية له..  حلم لا يشيخ.

 

لِمَ هو الأكثر نجومية؟

السؤال الذي ما دام تردّد: ما السر وراء نجومية عادل إمام؟ أو لِمَ هو الأكثر نجومية؟

 

يجيب الكاتب الصحفي عادل حمودة في كتابه "عادل إمام الذي لا تعرفه: سنوات الصداقة وأسرار القطيعة" الصادر عن دار "ريشة" للنشر، بأن السر يكمن في بساطته كممثل.

 

 

 

هو لا يتكلّف ولا يتصنّع. يؤدي بأسلوب سهل، يخاطب بشرًا يبحثون عن شخص يُسعدهم، يُخفّف عنهم شدة الأيام وقسوة الأزمات... ولو لبعض الوقت.

 

 

 

ورغم اختلاف البعض حول تقييم موهبته — فهناك من يرى أنه حصل على أكثر مما يستحق، أو أن حظه فاق موهبته — إلا أن الحقيقة البسيطة تبقى: لا يمكن خداع المتفرج.

 

 

 

 

لن يشتري أحد تذكرة سينما أو مسرح بالإكراه.

يقول حمودة: "لم يحمل جرسًا ويتجوّل في الشوارع داعيًا الناس إلى مشاهدة أعماله... الناس هي التي كانت تركض وراء الأفلام والمسرحيات، لا العكس".

 

 

انقلابات فنية في حياة الزعيم

 

 

يتضمن الكتاب تفاصيل من مسيرة نجم كبير، كان الكاتب الصحفي عادل حمودة شاهدًا عليها منذ بداياته الأولى، منذ أن نطق بجملته الأولى على خشبة المسرح، وحتى وصوله إلى الزعامة التي كان حمودة أول من تنبأ بها.

 

 

مسيرة طويلة شهدت الكثير من التحولات والانقلابات الفنية، لكنها في النهاية رسّخت مكانته كزعيم للفن المصري والعربي لأكثر من ستة عقود ممتدة.

 

 

الإنقلاب الأول

 

 

يقول الكاتب الكبير محمود السعدني في كتابه "المضحكون الجدد" إن الفضل في ظهور جيل الكوميديانات الجدد يعود إلى مسرح التلفزيون، الذي فتح لهم الباب وأتاح لهم فرصة الظهور.

 

 

 

عادل إمام، الذي بدأ مسيرته الفنية وهو لا يزال طالبًا جامعيًا، لم يسأل عن جدول المحاضرات بقدر ما سأل عن فريق التمثيل. 

 

 

و كان شغوفًا بالمسرح من اللحظة الأولى، ونصحه صديقه المقرب صلاح السعدني بالبحث عن فرصة للانضمام إلى إحدى الفرق المسرحية. 

 

 

 

لكن نقطة التحول الأولى جاءت حين اختاره الكوميديان الكبير فؤاد المهندس لتقديم دور ثانوي في مسرحية "سري للغاية" عام 1960 — وهي من المسرحيات التي لم يُسلَّط عليها الضوء كثيرًا.

 

 

 

بعد ثلاث سنوات، شارك بدور لا يتجاوز الدقيقة في مسرحية "ثورة قرية" التي أعدها للعرض عزت العلايلي وأخرجها حسين كمال. وكانت أول جملة نطق بها على المسرح: "حلاوة عسلية بمليم ورقية"، حيث أدى دور بائع حلوى.

 

 

 

 

 

أما الانقلاب الحقيقي في مسيرته فجاء بالصدفة، بعد اعتذار كل من محمد عوض ونبيل الهجرسي عن دور "دسوقي أفندي"، سكرتير المحامي في مسرحية "أنا وهو وهي". رشّحه فؤاد المهندس، وعندما شاهده قال:

 

 

"مين الواد المفعوص ده؟... هو ده دسوقي أفندي!"

 

 

يعلق عادل حمودة على هذه اللحظة الحاسمة بقوله: "التقط عادل إمام الفرصة بيديه وأسنانه وعقله وكيانه. راح يرسم الشخصية التي اعتبرها فرصته لإثبات وجوده، أو نهايته قبل أن يبدأ".

 

 

بحث في مخزن الفرقة عن ملابس قديمة مخططة، ارتدى طربوشًا كبسه على رأسه، وجلس لساعات على رصيف "محكمة نور الظلام" القريبة من منزله، يراقب سلوك كُتّاب المحامين، الذين يتصرفون كما لو كانوا أكثر دراية بالقانون من المحامين أنفسهم.

 

 

 

 ومن أحدهم التقط جملة "بلد شهادات، صحيح!" ورددها في المسرحية، فانتقلت إلى ألسنة الناس فيما بعد.

 

 

كان دورًا ثانويًا صغيرًا، لكنه أدّاه بكل ما يملك من اجتهاد وتركيز، حتى أصبح علامة فارقة في تاريخه الفني.

 

 

الانقلاب الثاني

 

 

منذ تلك اللحظة وحتى ثماني سنوات تالية، ظل عادل إمام يؤدي أدوارًا ثانوية في مسرحيات "أنا فين وأنتي فين"، "البيجاما الحمرا"، و"حالة حب".

 

 

 

لكنّ مرحلة الانتشار الحقيقي وتحقيق حلم النجومية بدأت عام 1971، حين وقعت المعجزة... أو ما يمكن اعتباره الانقلاب الثاني في مسيرته، عبر شخصية "بهجت الأباصيري" في مسرحية "مدرسة المشاغبين".

 

 

نجحت المسرحية نجاحًا غير مسبوق، وسجّلت رقمًا قياسيًا في نسب المشاهدة. سواء على المسرح أو عبر الفضائيات والإنترنت، يكاد لا يوجد إنسان عربي لم يسمع بها أو يشاهدها.

 

 

الانقلاب الثالث

 

 

في هذه المرحلة، أصبح عادل إمام نجمًا مسرحيًا، لكنه لم يتحول إلى نجم شعبي إلا في صيف 1988، بعد نجاحه الكبير في "مدرسة المشاغبين" التي أهلته ليخوض البطولة منفردًا في "شاهد ما شافش حاجة"، ثم في "الواد سيد الشغال".

 

 

كانت هذه المسرحية هي التي قرر عادل إمام السفر بها إلى أسيوط وعرضها هناك، تضامنًا مع فرقة فنية محلية في مواجهة التطرف والإرهاب.

 

 

لم يتردد عادل في المغامرة، لأنه كان يدرك أنها ستضيف إلى رصيده الفني وجماهيريته الكبيرة.

 

 

 

سافر عادل متفقًا مع وزارة الداخلية ووزير الداخلية آنذاك، زكي بدر، الذي قال له الزعيم:"أنا أعرف أن الموقف صعب وخطر، لكن لا بد من المغامرة، حتى بحياتنا، حتى لا ينتصر أنصار الظلام".

 

 

 

الناس في الصعيد لم تصدق أن نجمًا كبيرًا سيأتي إلى هناك، لكن ما ضاعف من حيوية المشهد هو جرأة عادل إمام في اختياره أسيوط — تلك المنطقة التي كانت تُعتبر منطقة رعب، وكان يمكن وضع علامة الموت إلى جانب اسمها".كان هذا المشهد بمثابة نقطة تحوّل منحته شعبية هائلة، بجدارة.

 

 

 

في النهاية يعترف عادل إمام في حوار جماعي له في روز اليوسف في منتصف التسعينات أنه لم يخطط يوما أن يصبح سوبر ستار، ويقول: "ابدا لم اخطط لذلك في حياتي الناس هى التي جعلتني كذلك وكل دوري انني حافظت على ذلك".

مقالات مشابهة

  • حزب المصريين: تعديلات قانون الشيوخ تُجسد فلسفة التشريع الرشيد
  • عيد الأضحى 2025.. ما هي أسعار الأضاحي المستوردة والبلدي حسب الوزن بالكيلو
  • إيمان كمال تكتب:عادل إمام..حلم لا يشيخ
  • جلالة الملك يوشّح 353 شرطياً وشرطية بأوسمة ملكية سامية
  • أباعود: إدارة الهلال تدرس فكرة انتقال رونالدو للفريق.. فيديو
  • عمل يجلب الرزق والخير ويحفظ المال من النقص والسرقة.. الأزهر يوضح
  • هيدي كرم تثير الجدل بسبب تقبلها فكرة الزواج من غير ديانتها
  • السعود تكتب عن العلم.. الزمان أطول من أهله
  • بمنتج موجود في كل منزل.. احمي سيارتك من السرقة
  • الرجل الخفي الذي يقرب واشنطن من أبوظبي ويقود الصفقات التريليونية.. من هو؟