توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم قادة الأعمال وزيادة الإنتاج بقمة الرياض
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
تستعرض القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بنسختها الثالثة التي تنظمها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" في مدينة الرياض خلال الفترة من 10-12 سبتمبر 2024م، التجارب العالمية في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي ومنها التي تركز على أهمية فهم قادة الأعمال لتقنيات الذكاء الاصطناعي سريع التطور، وانعكاس ذلك على كيفية زيادة الإنتاج المدفوع باتخاذ القرارات الإستراتيجية.
وسيجد قادة الأعمال والمهتمون بمجال البيانات والذكاء الاصطناعي أنفسهم أمام خيارات وفرص واعدة للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال مداولات أكثر من 300 متحدث من الخبراء والمختصين وصناع القرارات من 100 دولة حول العالم، والذين يناقشون أفضل السبل لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الإستراتيجية لتحقيق الأهداف بأكبر قدر من الفاعلية، ودعم القيادة المسؤولة، ومدى تأثير الذكاء الاصطناعي على نمو الأنشطة التجارية وزيادة الإنتاجية، وتحفيز العاملين ضمن بيئة عمل جاذبة تحقق الإضافة، وتلبي تطلعات قادة الأعمال.
يُنتظر أن تسلط القمة الضوء على دور القيادات العليا وصناع السياسات في اتخاذ القرارات الإستراتيجية، وتحديد نطاق العمل واتجاهاته، استرشاداً بالسياسات التنظيمية، والموارد المتاحة، والخطط المستقبلية، وغيرها من القرارات التي ترتكز على الذكاء الاصطناعي وتحقق ميزة تنافسية للأعمال.
إلى ذلك فقد أفادت دراسة أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز أن نمو الإنتاجية وتحسين عمليات التصنيع كان أسرع بخمس مرات عند استخدام الذكاء الاصطناعي في ضبط العمليات وتحديد أوجه القصور وتقليل الهدر والأخطاء.
كما يمكن للصيانة التنبؤية تقليل فترات التوقف عن العمل وتسريع وتيرة الإنتاج مما يسمح للمصنع بزيادة الإنتاج بنفس المدخلات أو أقل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی قادة الأعمال
إقرأ أيضاً:
الكادحون الجدد في مزارع الذكاء الاصطناعي
هل يساعدك الذكاء الاصطناعي على إنجاز مهامك في العمل؟ إذا كانت إجابتك نعم، فهذا يعني أن مديرك سيتوقعُ منك ما هو أكثر من اليوم فصاعدًا، أكثر مما كنت تقوم به في الأيام الخوالي يا عزيزي الكادح. مع الأسف، إنجازك السريع للتكليفات بمساعدة تشات جي بي تي لن يمنحك الرخصة للعودة إلى البيت قبل نهاية الدوام الرسمي، بل سيغري الشركة بزيادة كم التكليفات الملقاة على عاتقك، لم لا وقد أصبحت تنجزها في وقت أقل، بل وتتباهى بذلك؟! وربما سترسلك إدارة الشركة إلى دورات وورش تدريبية كي تتعلم أشغالًا جديدة لم تكن في يوم من الأيام ضمن المهام التقليدية لتعريفك الوظيفي. سيتسعُ نطاق تعريفك الوظيفي ليشمل وظائف أخرى مع تغير المعنى التقليدي للوظائف في كل القطاعات. كل ذلك لأنك أصبحت إنسانًا مُطوَرًا بنظر أرباب العمل، إنسانًا «أذكى» مما كنت عليه، ولذلك صار عليك أن تنتج أكثر مما كنت تنتجه خلال ساعات العمل المنصوص عليها في العقد.
تذكَّر، هناك من يربح أكثر لأنك تستخدم الذكاء الاصطناعي، عزيزي الكادح. أنت منذ الآن إنسان مُلحق بأدوات مساعدة، إنسان معدَّل بالآلة لصالح هذه الخدمة. سيرتفع من معدل إنتاجيتك الفردية خلال ساعات العمل بما يؤدي لرفع معدل إنتاجية الشركة في المحصلة، لكنك لن تعود إلى البيت قبل الخامسة مساءً في الغالب، يؤسفني تعكير المسرات.
باعتمادك واعتمادهم على مساعدة الذكاء الاصطناعي، والذي بات مسألة منتهيةً لا مفرَّ منها، يُقدم الكادحون الجدد حول العالم أدلة يومية من واقع العمل على أنهم أرقام زائدة يمكن الاستغناء عنها ما دام الذكاء الاصطناعي يعمل بهذا القدر من السرعة والكفاءة. ما الذي يمنع ذلك ما دام المنطقُ الرأسمالي الذي تعمل به الشركات يرى الذكاء الاصطناعي أكثر طاعة ومطواعية بخلاف البشر، فإنهم مماطلون وعنيدون، ومجبولون على حب السجال دائمًا حول كل صغيرة وكبيرة، كما أنهم يبدون استعدادًا فطريًا للمقاومة، وهذا أكثر ما يرهق العقلية السلطوية التي تُدار بها المؤسسات.
الأدلة تتزايد كل يوم على الطريقة التي يعمق بها الذكاء الاصطناعي غياب العدالة والمساواة في بيئات العمل. ننسى أحيانًا ونحن نمدح دوره في مساعدتنا على إنجاز مهام لا نتقنها، أن هناك شخصًا سهر وكابد لسنوات من أجل تعلم تلك المهارات اللازمة التي لا نملكها. بهذا المعنى فإن الذكاء الاصطناعي يضع المؤهل وغير المؤهل متساويين على خط السباق، ويعزز من إمكانية نجاح المواهب المزيفة على حساب المواهب الحقيقية المصقولة بتعب الزمن. نرى ذلك عيانًا ونعايشه في معسكرات الإنتاج الرأسمالي، المريضة من قبل بحمى التنافسية غير العادلة، وقد أصبحت اليوم بيئات أكثر عدوانية لا فرصَ فيها إلا للانتهازيين الشطَّار الذين يُفضلون الطرق المختصرة على مشقة التعليم المضني والممل.
في سياق هذا التحول المخيف تدخل الرأسمالية عصرها الجديد مع ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث تغدو الشركات الكبرى نموذجًا للدكتاتوريات العصرية في صورة تتجاوز وتقهر حتى دكتاتورية الدولة التقليدية. لا تتوانى هذه الدكتاتوريات الرأسمالية عن تطبيق المقولة الاستعمارية المجرَّبة «فرّق تسد»، وذلك عبر إحلال الذكاء الاصطناعي محل العامل البشري، أو من خلال تسليطه رقيبًا عتيدًا على سلوك الموظفين، فيتتبع بياناتهم الخاصة ويراقب ويحلل طبيعة التواصل فيما بينهم كي يمنع أي حالة من التكتل أو الفعل الجماعي المقاوم. ففي بيئات الإنتاج المراقبة بالحسَّاسات والكاميرات الذكية يُطور الذكاء الاصطناعي آليات الرقابة على السلوك والأجساد، والتي بلغت تطبيقاتها في كبريات الشركات العالمية إلى حد تثبيت أنظمة لمراقبة الوقت خارج المهمة (Time off task) فأي شرود أو سهو عن المهمة قد يُعرض الموظف لعقوبة الخصم.
بات واضحًا أن التاريخ ينساق لصدامٍ حتمي بين الإنسان ووحش الآلة. فهل يُنذر هذا التحول بثورة عمَّالية على استبداد الذكاء الاصطناعي يمكن أن نشهدها في المستقبل؟ إعجاب الأفراد اللاواعي بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تسهيل وتسريع أنشطتهم الوظيفية يشي بإذعانٍ متمادٍ، ويجعل من التنبؤ بثورة عمَّالية على هذا الاستبداد فرضية مكبرة. ولكن هل يمكن التفكير بأساليب مقاومة بطيئة إلى ذلك الحين؟ في بيئة سلطوية مطلقة تقوم على تفكيك العلاقات وبتر الصلات الحميمة، وعلى تفتيت الجماعة البشرية إلى أفراد معزولين ومراقبين كل على حدة، لا أرى سوى «المماطلة» خيارًا أخيرًا للمقاومة الفردية بالنسبة للكادحين الجدد.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني