ثبت في السنة أذكار يحبها الله تعالى ولها فضل عظيم ، وردت العديد من الآيات القرآنية التي تبيّن فضل الأذكار، وتحث عليها، والذكر بمفهومه الخاص يعني: ذكر الله -عز وجل- بالألفاظ الواردة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة، والتي تتضمن تمجيد الله، وتعظيمه، وتوحيده، وتقديسه، وتنزيهه عن كل النقائص، وأكد الله عز وجل في كتابه العزيز مرة بعد مرة أن ذكر الله «أكبر»، كما ورد في قوله تعالى «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ»
 

 

أحب الأذكار إلى الله

 

1- قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قال لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ، فِي يومٍ مائَةَ مرةٍ، كانتْ لَهُ عِدْلَ عشرِ رقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مائَةُ حسنَةٍ، ومُحِيَتْ عنه مائَةُ سيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا منَ الشيطانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حتى يُمْسِيَ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مِمَّا جاءَ بِهِ، إلَّا أحدٌ عَمِلَ عملًا أكثرَ مِنْ ذلِكَ».

 

2- وقوله صلى الله عليه وسلم: «أيَعجِزُ أحَدُكم أنْ يَكسِبَ كُلَّ يَومٍ ألْفَ حَسَنةٍ؟ فقال رَجُلٌ مِن جُلَسائِهِ: كيف يَكسِبُ أحَدُنا ألْفَ حَسَنةٍ؟ قال: يُسبِّحُ مِئةَ تَسبيحةٍ؛ تُكتَبُ له ألْفُ حَسَنةٍ، أو يُحَطُّ عنه ألْفُ خَطيئةٍ».

 

3- وقال عليه الصلاة والسلام: «مَن قال: سبحانَ اللهِ وبِحَمدِهِ، في يَومٍ مِئةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خطاياه، وإنْ كانتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ».

 

- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة الكرام: «ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ هي كَنْزٌ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ».

 

4-وقال صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ».

 

5- وورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إنَّهُ ليُغانُ على قَلبي، وإنِّي لأستغفِرُ اللَّهَ في كلِّ يومٍ مائةَ مَرَّةٍ».

 

6- وروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً».

 

7- كما قال عليه الصلاة والسلام: «كَلِمَتانِ حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ».

 

8- سأل أبي بن كعب -رضي الله عنه- الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال: «يا رسولَ اللهِ، إِنَّي أُكْثِرُ الصلاةَ عليْكَ، فكم أجعَلُ لكَ من صلاتِي؟ فقال: ما شِئْتَ، قال: قلتُ: الربعَ؟ قال: ما شئْتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: النصفَ؟ قال: ما شئتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قال: قلْتُ: فالثلثينِ؟ قال: ما شئْتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها؟ قال: إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ».

 

9- ورُوي عن جويرية -رضي الله عنها- أنها قالت: «أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».

 

40 دعاء بعد صلاة الفجر مستجابة في ساعة لا ترد فيها الأمنيات دعاء الصباح .. يفرج كربك ويزيل همك ويفتح لك أبواب الرزق فضل أذكار المساء .. 22 فائدة تشعرك براحة البال وتحصنك من الأذى دعاء الحر الشديد .. 5 كلمات تدخلك الجنة وتقي من نار جهنم آيات إبطال السحر والعين والحسد مكتوبة.. للعلاج فورا لا يقدر عليها ساحر ولا جان كيفية قول الأذكار

 

1-يُستحبّ على الذاكر أن يأتيَ بالأذكار بتأنٍ وتعقُّل، وفهمها لينشرح صدره، وليذوق حلاوةَ الإيمان؛ لذلك لا يليق التسرع في قولها دون استحضار للقلب.

 

2-من السُّنة أن يقولَها بصوتٍ منخفض، بحيث يسمع نفسه فقط، ولا يرفع بصوته بها في حضرة الناس فيزعجهم، فقد الله تعالى: «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».

 

 

فضل المحافظة على الأذكار

1- كسب الأجر والثواب الجزيل.

2- رضاء المولى عز وجل.

3- محبة الله عز وجل للعبد.

4- محبة العبد لخالقه سبحانه وتعالى.

5- مغفرة الذنوب والسيئات.

6- سعادة النفس وتذوق حلاوة الذكر ولذّته.

7- حياة للقلب وطمأنينة.

8- انشراح الصدر.

9- الثبات عند مواجهة الأعداء.

10- النصر على الأعداء.

11- الحفظ من كل سوء.

12- رفعة المنزلة في الدنيا والآخرة.

13- نور في الوجه.

14- قوة في الجسم.

15- البراءة من النفاق.

16- كسوة الذاكر المهابة.

17- النجاة من عذاب القبر.

18- جلب النعم ودفع النقم.

19- مضاعفة الحسنات.

20- زوال الهم والغم.

21- جلب الرزق.

22- نزول الرحمة والسكينة.

 

أذكار تغفر الذنوب 

 

حثنا النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأدعية والأذكار في الصباح والمساء وقبل النوم، وبعد الصلاة وعند سماع الأذان وغير ذلك، وهناك بعض أدعية وأذكار تغفر الذنوب التي يفعلها الإنسان، وعلينا جميعًا الاهتمام بترديدها كما وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.


 

أولًا:- ورد من الأذكار التي تغفر الذنوب دعاء يقال عند الأذان حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ»، واختلف العلماء في الموضع الذي يقال فيه هذا الذكر، فمنهم من رجح أنه يقال بعد فراغ المؤذن من التأذين، ومنهم من رجح كونه يقال عند تشهد المؤذن لما وقع في بعض روايات الحديث بلفظ، وأنا أشهد.

 

ثانيًا:- أن الأذكار عقب الصلاب تغفر الذنوب روى مسلم (597) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ».

ثالثًا:- وورد دعاء يقال قبل النوم يغفر الذنوب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر - غُفِرت له ذنوبُه أو خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ البحر» أخرجه ابن حبان في صحيحه.

 

رابعًا: في صحيح البخاري ما يقرب منه، وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ».

حامسًا:  عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض أحد يقول لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر». رواه الترمذي.

سادسًا: ثبت أن من ردد سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ 100 مرة تغفر لها ذنوبه، روى عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قوله: :« مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر»، رواه البخاري ومسلم.

 

مكفرات الذنوب العشرة 

 

أولًا: الحرص على أداء الصلاة في وقتها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ الله لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». متفق عليه.


 

ثانيًا الوضوء من مكفرات الذنوب العشرة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهَ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إلَى المسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ». أخرجه مسلم.


 

ثانيًا: الاستغفار من مكفرات الذنوب العشرة، قال الله عز وجل: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» (سورة آل عمران، الآية: 135)، وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في كتاب الله عز وجل آيتان ما أذنب عبد ذنبًا فقرأها واستغفر الله عز وجل إلا غفر الله تعالى له ثم ذكر الآية السابقة، ومن الآيات الدالة على فضل الله عز وجل وتكرمه بغفران الذنوب، وتكفير السيئات قوله عز وجل: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا» (سورة النساء، الآية: 110).

عن علي - رضي الله عنه - قال: كنت رجلًا إذا سمعت من رسول الله حديثا نفعني الله عزّ وجلّ بما شاء أن ينفعني به، وإذا حدّثني أحد من أصحابه استحلفته؛ فإذا حلف صدّقته قال : وحدّثني أبو بكر وصدق أبوبكر –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله يقول: «ما من عبد يذنب ذنبًا فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله عز وجل إلا غفر له» ثم تلا قوله تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» (سورة آل عمران، الآية: 135) (أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي).

 

ثالثًا الصّدقةُ من مكفرات الذنوب العشرة أحيانًا تُخَلّصُ صَاحبَها من دخُولِ النّار إنْ كانَ مِن أهلِ الكبائر، أليسَ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «اتّقُوا النّارَ ولَو بشِقّ تَمرَة» رواه البخاري وغيره، وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الصَّلاةُ نُورٌ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَالْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ».

 

مكفرات الذنوب العشرة

 

رابعًا الصيام من مكفرات الذنوب العشرة سواء كان صوم تطوع، أو رمضان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (رواه البخاري 38 ومسلم 760)، وفي الحديث الآخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» (رواه مسلم 233)، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».

 

الأمر الخامس هو التسامح والعفو من مكفرات الذنوب العشرة ، فقال تعالى: «وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (التغابن: 14)، والعفو والصفح سبب للتقوى قال تعالى: «وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُم» [البقرة من الآية:237]، والعفو والصفح من صفات المتقين، قال تعالى: «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ». [آل عمران:133-134].

 

الأمر السادس هو الحج من مكفرات الذنوب العشرة فروى البخاري (1521) ومسلم (1350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

 

الأمر السابع من مكفرات الذنوب العشرة هو تفريج كربة عن مؤمن، وعون الضعيف لها أجر كبير عند الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» (رواه مسلم).

 

الأمر الثامن من مكفرات الذنوب العشرة هو الصبر على الشدائد عنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، فقال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (الزمر 10)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».

 

مكفرات الذنوب العشرة

 

الأمر التاسع من مكفرات الذنوب العشرة هو كفالة اليتيم: فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى» البخاري (10/365)،

 

 

الأمر العاشر من مكفرات الذنوب العشرة هو الوضوء وبر الوالدين: فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ» (رواه مسلم 245)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ».

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأذكار ذكر الله اذكار صلى الله علیه وسلم ه صلى الله علیه قال رسول الله قال تعالى ا ف ع ل وا ى الله ع ه علیه ول الله س ب ح ان ال ح م د د الله ر الله ا الله

إقرأ أيضاً:

لماذا أمر الله المسلمين أن يتخذوا مقام إبراهيم مصلى؟ هذا الجواب

شاءت حكمة الله تعالى أن يكون في الدين بعض العبادات أفضل من بعض، وفي الإسلام عدد من العبادات هي أعظم شعائره على الإطلاق بها قوامه وعليها مداره، وهذه العبادات ما تسمى "أركان الإسلام"، وهي 5 تنوعت صور أدائها، فمنها ما يؤدى كل يوم 5 مرات وهي الصلاة، ومنها ما يؤدى كل سنة، مثل صيام رمضان وبعض أنواع الزكاة، ومنها ما يؤدى مرة واحدة في العمر وهو شعيرة الحج.

والحج فريضة من أقدس فرائض الإسلام وشعيرة عظيمة من شعائره الكبرى، وعبادة متميزة من عباداته الأربع، وركن أساس من أركانه الخمسة، وقد دل على فرضيته القرآن الكريم، والسنة المستفيضة المتواترة عن رسول الله التي نقلتها الأمة جيلا عن جيل إلى يومنا هذا كما دل عليه الإجماع المتيقن من جميع مذاهب الأمة. (الحج والعمرة، د. يوسف القرضاوي، ص 12).

وهو عبادة متميزة لأنها عبادة بدنية ومالية، فالصلاة والصيام عبادتان بدنيتان والزكاة عبادة مالية، والحج عبادة تجمع بين البدنية والمالية، لأن الإنسان يبذل فيها جهدا ببدنه، ويبذل فيها ماله. (الحج والعمرة، د. يوسف القرضاوي، ص 12).

وفي كل مظهر من مظاهر الحج وفي كل مجال من مجالاته تتجلى فيه العبودية لله ويظهر أثرها بارزا ملحوظا، ففي أداء الشعائر والتلبس بالطاعات من تجرد عن الثياب وحسر عن الرؤوس وفي الطواف بالبيت واستلام أركانه وفي موقف عرفات ومزدلفة ومنى في ذل وخضوع وتضرع وخشوع، وفي رمي الجمار والذبح أو النحر وما إليه في جميع ذلك مظهر العبودية لرب العباد وبارئهم، وإفراد له بالعبادة وحده دون سواه.

تلك العبودية هي سر علة الوجود وهدفه الأسمى، قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْـمَتِينُ" (سورة الذاريات: الآيات 56 ـ 58) (الإيضاح في مناسك الحج والعمرة، ص30).

صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم

عـزم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الحج، وأعلم الناس أنه حاج، فتجهزوا ـ وذلـك في شهر ذي القعدة سنة عشر ـ للخروج معه، وسمع بذلك من حول المدينة، فقدموا يريدون الحج مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووافاه في الطريق خلائق لا يحصون، فكانوا من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله مد البصر، وخرج من المدينة نهارا بعد الظهر لخمس بقين من ذي القعدة يوم السبت، بعد أن صلى الظهر بها أربعا(1).

وخطبهم قبل ذلك خطبة علمهم فيها الإحرام، وواجباته، وسننه، ثم سار وهو يلبي، ويقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك، والملك، لا شريك لك" والناس معه يزيدون، وينقصون، وهو يقرهم، ولا ينكر عليهم، ولزم تلبيته، ثم مضى حتى نزل بـ(العرج) ثم سار حتى أتى (الأبواء) فوادي (عسفان) في (سرف) ثم نهض إلى أن نزل بـ(ذي طوى)، فبات بها ليلة الأحد، لأربع خلون من ذي الحجة، وصلى بها الصبح، ثم اغتسل من يومه، ونهض إلى مكة فدخلها نهارا من أعلاها، ثم سار، حتى دخل المسجد، وذلك ضحى (2)، فاستلم الركن ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرمل ثلاثا (3)، ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم (4) عليه السلام. فقرأ: "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (سورة البقرة: الآية 125).

فجعل المقام بينه وبين البيت، وكان يقرأ في الركعتين: ثم رجع إلى الركن (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) * (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا؛ قرأ: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (سورة البقرة: الآية 158).

وبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقي عليه، حتى إذا رأى البيت؛ استقبل القِبلة، فوحّد الله، وكبّره، وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذه 3 مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت(5) قدماه في بطن الوادي؛ سعى، حتى إذا صعدتا(6)؛ مشى، أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال "لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي؛ فليحل، وليجعلها عمرة".

فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: "دخلت العمرة في الحج" مرتين، "لا بل لأبد أبد"(7).

وأقام بمكة 4 أيام: يوم الأحد، والإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، فلما كان يوم الخميس ضحى؛ توجه بمن معه من المسلمين إلى منى، ونزل بها، وصلى بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، ومكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة(8)، فسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام(9)، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز(10) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس؛ أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي(11).

وخطب الناسَ، وقال: "إن دماءكم، وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد، فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكن عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه(12)، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح(13)، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف؛ وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلغت، وأديت، ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكتها(14) إلى الناس: اللهم اشهد! اللهم اشهد!، ثلاث مرات"(15).

ثم أذن، ثم أقام، فصلى الظهر، ثم أقام، فصلى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم ـ حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات(16) وجعل حبل المشاة بين يديه(17)، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص(18).

وهناك أنزلت عليه: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" (سورة المائدة: من الآية 3)، فلما غربت الشمس؛ أفاض من عرفة، وأردف أسامة بن زيد خلفه، ودفع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، وهو يقول: أيها الناس! عليكم السكينة(19).

وكان يلبي في مسيره ذلك، لا يقطع التلبية حتى أتى المزدلفة، وأمر المؤذن بالأذان فأذن، ثم أقام، فصلى المغرب قبل حط الرحال، وتبريك الجمال، فلما حطوا رحالهم؛ أمر، فأقيمت الصلاة، ثم صلى العشاء، ثم نام، حتى أصبح، فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، وأخذ في الدعاء والتضرع، والتكبير، والتهليل، والذكر، حتى أسفر جدا(20)، وذلك قبل طلوع الشمس.

جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: إن بالمدينة أقواما، ‌ما ‌سرتم ‌مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر.ثم سار من مزدلفة، مردفا للفضل بن عباس، وهو يلبي في مسيره، وأمر ابن عباس أن يلتقط له حصى الجمار 7 حصيات، فلما أتى بطن مُحَسِّر(21)؛ حرك ناقته، وأسرع السير(22)، فإن هنالك أصاب أصحاب الفيل العذاب، حتى أتى منى، فأتى جمرة العقبة، فرماها راكبا بعد طلوع الشمس، وقطع التلبية(23).

ثم رجع إلى منى، فخطب الناس خطبة بليغة، أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر، وتحريمه، وفضله عند الله، وحرمة مكة على جميع البلاد، وأمر بالسمع، والطاعة لمن قادهم بكتاب الله، وأمر الناس بأخذ مناسكهم عنه، وأمر الناس ألا يرجعوا بعده كفارا، يضرب بعضهم رقاب بعض، وأمر بالتبليغ عنه(24).

ثم انصرف إلى المنحر بمنى، فنحر 63 بدنة بيده، وكان عدد هذا الذي نحره عدد سنين عمره ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم أمسك وأمر عليا أن ينحر ما بقي من المئة، فلـما أكمل ـ صلى الله عليه وسلم ـ نحره استدعى الحلاق، فحلق رأسه، وقسم شعره بين من يليه، ثم أفاض إلى مكة راكبا، وطاف طواف الإفاضة(25)، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم؛ لنزعت معكم"، فناولوه دلوا، فشرب منه(26).

ثم رجع إلى منى من يومه ذلك، فبات بها، فلـما أصبح؛ انتظر زوال الشمس، فلما زالت مشى من رحله إلى الجمار، فبدأ بالجمرة الأولى، ثم الوسطى، ثم الجمرة الثالثة ـ وهي جمرة العقبة ـ وخطب الناس بمنى خطبتين: خطبة يوم النحر، وخطبة ثانية في ثاني يوم النحر(27)، وهو يوم النفر الأول، وهي تأكيد لبعض ما جاء في خطبتي عرفة، ويوم النحر بمنى.

هذا، وقد تأخر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أكمل رمي أيام التشريق الثلاثة، ثم نهض إلى مكة، فطاف للوداع ليلا سحرا، وأمر الناس بالرحيل، وتوجه إلى المدينة(28).

هذه حجة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتفاصيلها تجلي لنا الصورة كأننا نراه صلى الله عليه وسلم، وأكمل الخير أن يتابع الحاج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل أفعاله وأقواله وأحواله، حتى ينال الفضل العظيم والخير الكثير، إلا إذا منع ذلك بعض الموانع التي تحصل في عصرنا هذا نتيجة أسباب قاهرة مثل الزحام الشديد وغيره.. مما يمنع المسلم من الإتيان بكل ما ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجه.

ولكن لا شك أن للحاج الذي نوى متابعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل أفعاله ثم لم يستطع لبعض الظروف أجر نيته في الخير كاملة إن شاء الله تعالى، كما جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما رجع من غزوة تبوك، فدنا من المدينة، فقال: إن بالمدينة أقواما، ‌ما ‌سرتم ‌مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة، حبسهم العذر. (صحيح البخاري، 06/08)؛ فكان لهم الأجر بسبب نيتهم مع أنهم لم يخرجوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفره وغزوه.

مراجع

ـ (1)  انظر: صحيح السيرة النبوية ، ص 664 ، والسيرة النبوية، للندوي، ص 386.
ـ  (2) انظر: السيرة النبوية، للندوي، ص 387.
ـ (3)  الرمل: إسراع المشي مع تقارب الخطى.
ـ (4)  نفذ إلى مقام إبراهيم: أي: بلغه ماضيا في زحام.
ـ (5)  انصبت قدماه: انحدرت.
ـ (6)  صعدتا: ارتفعت قدماه عن بطن الوادي.
ـ (7)  صحيح السيرة النبوية، ص 659.
ـ (8)  نمرة: موضع بجنب عرفات، وليست من عرفات.
ـ (9)  المشعر الحرام: جبل بمزدلفة كانت قريش تقف عليه، ولا تقف مع العرب في عرفات، ولكن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقف في عرفات.
ـ (10)  فأجاز: جاوز المزدلفة ولم يقف بها، وإنما توجه إلى عرفات.
ـ (11)  بطن الوادي: وادي عرنة، وليست عرنة من أرض عرفات عند العلماء، إلا مالكا قال: من عرفات.
ـ (12)  أي: لا يجوز للمرأة أن تدخل أحدا إلى بيت زوجها من قريب، أو بعيد، أو امرأة إلا من يرضى عنهم زوجها.
ـ (13)  الضرب المبرح: الشديد الشاق.
ـ (14)  ينكتها: يقلبها، ويرددها إلى الناس مشيرا إليهم.
ـ (15)  انظر: صحيح السيرة النبوية، ص 661.
ـ (16)  الصخرات: صخرات في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات.
ـ (17)  حبل المشاة: مجتمعهم، وقيل: جبل المشاة: ومعناه طريقهم حيث تسلك الرجالة.
ـ (18)  حتى غاب قرص الشمس: حتى غابت الشمس، وذهبت الصفرة.
ـ (19)  انظر: صحيح السيرة النبوية، ص 662.
ـ (20)  الضمير في (أسفر) يعود على الفجر المذكور، وقوله: (جدا) بكسر الجيم؛ أي: إسفارا بليغا.
ـ (21)  سمي بذلك لأن قيل: أصحاب الفيل حسر فيه.
ـ (22)  انظر صحيح السيرة النبوية، ص 662، والسيرة النبوية، للندوي، ص 389.
ـ (23)  انظر: صحيح السيرة النبوية، للندوي، ص 389.
ـ (24)  المصدر السابق نفسه، ص 390.
ـ (25)  انظر: السيرة النبوية، للندوي، ص 390.
ـ (26)  صحيح السيرة النبوية، ص 663.
ـ (27)  انظر: السيرة النبوية، ص 390.
ـ (28)  انظر: السيرة النبوية، للندوي، ص 390.

مقالات مشابهة

  • يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟
  • تعرف على فضل الدعاء في يوم عرفة
  • لماذا أمر الله المسلمين بأن يتخذوا مقام إبراهيم مصلى؟ هذا الجواب
  • لماذا أمر الله المسلمين أن يتخذوا مقام إبراهيم مصلى؟ هذا الجواب
  • مصر لن تضام أبدا
  • "فضائل يوم عرفة".. ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم 
  • فضل العشر الأول من شهر ذي الحجة وكيفية اغتنامها
  • دروس وفضائل العشر الأوائل من شهر ذي الحجة.. رأي من ليبيا
  • فضل صيام يوم عرفة.. (فرصة العُمر لمحو الذنوب)
  • دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة