حرب الاستنزاف تلقى ظلالها على جبهة الاحتلال الداخلية
تاريخ النشر: 6th, September 2024 GMT
نتنياهو ليس لديه تصور للكيفية التي ينهي فيها الحرب، لكن لديه تصور واضح للكيفية التي يستطيع فيها البقاء في السلطة عبر إطالة أمد الحرب وإبقاء الجبهة الداخلية موحدة خلف حكومته الائتلافية وقيادته التي يزعم أنها الأقدر على تحقيق أهداف الحرب والانتصار فيها.
هذه إحدى الخلاصات المستفادة من المؤتمر الصحفي الذي عقده بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء، وتحدث فيه عن محور صلاح الدين (فيلادلفيا) كمفتاح للنصر بإبعاد "حماسستان" و"فتحستان" عن المحور، وها هو اليوم يتحدث وإن بطريقة غير مباشرة عن "مصرستان" زاعما تدفق السلاح عن طريقها للمقاومة، دون النظر إلى تداعيات ذلك على علاقات الكيان الاسرائيلي مع مصر وشركائها العرب في الإقليم التي يعتبرها نتنياهو اليوم ثانوية قياسا بالمعركة الداخلية التي تتهدد حكومته وبقاءه في حال التوصل إلى صفقة توقف القتال وإن كان مؤقتا.
نتنياهو بهذا المعنى يملك تصورا واضحا للكيفية التي يواصل فيها الحرب للحفاظ على ائتلافه الحاكم؛ عبر رفضه صفقة تبادل الأسرى بإسقاط أهم بنود الاتفاق التي وافقت عليها حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في الثاني من تموز/ يوليو الماضي، فاتحا الباب بشكل أوسع للأجندة الأيديولوجية لليمين الذي يقوده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لملء الفراغ الناجم عن غياب الأفق السياسي نتنياهو بهذا المعنى يملك تصورا واضحا للكيفية التي يواصل فيها الحرب للحفاظ على ائتلافه الحاكم؛ عبر رفضه صفقة تبادل الأسرى بإسقاط أهم بنود الاتفاق التي وافقت عليها حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في الثاني من تموز/ يوليو الماضي، فاتحا الباب بشكل أوسع للأجندة الأيديولوجية لليمين الذي يقوده وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لملء الفراغ الناجم عن غياب الأفق السياسيالمحلي والإقليمي والدولي بمقولات أيديولوجية تبرر حالة الإجهاد السياسي والعسكري والاقتصادي والبشري للجبهة الداخلية الناجمة عن مواصلة الحرب.
ورغم أن موقف نتنياهو من معبر صلاح الدين لا يشاطره فيه وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيسا الموساد والشاباك ديفيد برنياع ورونين بار، وقادة المعارضة وعائلات الأسرى، ورجال المال والأعمال ومن خلفهم الإدارة الأمريكية، إلا أنه تمسك بالمحور على نحو جنوني وضع فيه العلاقات الإقليمية وعلى رأسها العلاقة مع مصر في منعطف حرج، وذلك لتجاوز تحديات الجبهة الداخلية التي تعد الجبهة الأهم والأخطر بالنسبة لنتنياهو وأعضاء ائتلافه الحاكم بعد إضراب الاثنين الذي شاركت فيه نقابات العمال (الهستدروت) وأحزاب المعارضة وعائلات الأسرى المحتجة في الشارع؛ للذهاب إلى صفقة تنهي الحرب وتذهب بالكيان نحو انتخابات مبكرة للكنيست.
فآخر ما يرغب فيه نتنياهو وقف الحرب والذهاب لانتخابات مبكرة، بعد أن كشف استطلاع رأي أعدته هيئة الإذاعة الرسمية أن 53 في المئة من المستطلعين دعوا إلى ضرورة القبول بالصفقة المعروضة والانسحاب من محور صلاح الدين/ فيلادلفيا، في حين أكد 61 في المئة من المستطلعة آراؤهم عدم ثقتهم بإدارة نتنياهو للحرب على غزة، وفي الآن ذاته كشف الاستطلاع خسارة نتنياهو لصدارة الانتخابات المقبلة بتقدم حزب معسكر الدولة بقيادة بني غانتس بـ23 مقعدا مقابل 22 لحزب الليكود، في حين لن يجمع الائتلاف الحاكم أكثر من 50 مقعدا من أصل 120 في الكنيست.
تمسك بالمحور على نحو جنوني وضع فيه العلاقات الإقليمية وعلى رأسها العلاقة مع مصر في منعطف حرج، وذلك لتجاوز تحديات الجبهة الداخلية التي تعد الجبهة الأهم والأخطر بالنسبة لنتنياهو وأعضاء ائتلافه الحاكم بعد إضراب الاثنين الذي شاركت فيه نقابات العمال
موقف نتنياهو من الانسحاب من المحور الحدودي (صلاح الدين/ فيلادلفيا) المدعوم من أركان حكومته الائتلافية؛ موقف مصيري نقل فيه المعركة من جبهات القتال الخارجية إلى الجبهة الداخلية لمواجهة خصومة في المعارضة وسائر المكونات المتضررة من الحرب التي تحولت إلى استنزاف أمني وسياسي واقتصادي وبشري؛ لا أفق منظورا لاستمراره سوى بقاء الائتلاف الحاكم ونتنياهو رئيسا للوزراء في ظل تدهور واستنزاف الجبهة الداخلية وفتح المزيد من أبواب الاستنزاف الصراعات على مستوى الإقليم.
ختاما.. نتنياهو يخوض معركته على الجبهة الداخلية منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى في محاولة لاستعادة ثقة الجمهور الإسرائيلي عبر إلحاقه دمارا واسعا في قطاع غزة، إلا أن توسع الحرب إلى الضفة الغربية والمخاطر المتكررة بإشعال حرب إقليمية وخسارة استراتيجية، دفعته إلى توظيف موارد الكيان الخارجية والداخلية للحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم، لترتد المعركة بقوة نحو الجبهة الداخلية عاكسة فشل نتنياهو في إدارة المواجهة وعجزه عن الحسم وخشيته من المحاسبة، وهي معركة يديرها على حساب علاقات الكيان مع شركائه في الغرب وداخل الولايات المتحدة وفي المنطقة العربية، خصوصا مع مصر التي تحولت مؤخرا إلى هدف مباشر للماكينة الإعلامية الخاصة بنتنياهو لإدارة معركته الداخلية.
x.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو محور صلاح الدين مصر غزة مصر غزة نتنياهو محور صلاح الدين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجبهة الداخلیة صلاح الدین مع مصر
إقرأ أيضاً:
كاتب أميركي: 4 أسئلة حاسمة على ترامب التفكير فيها قبل الضربة
يقول الكاتب دانيال بايمن إن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يجيب على 4 أسئلة رئيسية قبل الإقدام على أي عمل عسكري ضد إيران.
وحذر في مقال له نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية من أن أي خطة لضرب إيران تتطلب تفكيرا عميقا حول التكاليف والمخاطر، مشيرا إلى أن ترامب منح نفسه مهلة أسبوعين مع تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: أوكرانيا تلجأ لحل غير تقليدي لتعويض النقص بالجنودlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: نفتقر لإستراتيجية خروج وإيران تجيد التصويبend of listوفيما يلي الأسئلة الأربعة التي يعنيها الكاتب:
1. ما الهدف من العملية الأميركية؟ذكر بايمن أن الأهداف المحتملة تتراوح بين محدودة وواسعة النطاق. والهدف المباشر والأكثر إلحاحا هو تدمير البرنامج النووي الإيراني أو عرقلته بشكل كبير، خاصة أن إسرائيل رغم نجاحها في ضرب منشأة "نطنز"، لم تمسّ منشأة "فوردو" شديدة التحصين.
ويمكن للولايات المتحدة، وفقا للكاتب، أن توسّع أهدافها لتشمل تقويض النظام الإيراني نفسه، من خلال ضرب الجيش والبنية التحتية الإيرانية، ما قد يزيد الضغط على طهران لتقديم تنازلات نووية وربما وقف دعمها للجماعات الوكيلة.
أما الخيار الأقصى، يقول الكاتب، فهو تغيير النظام، وهو خيار لم يُعلن رسميا، لكنه مطروح ضمنيا، مضيفا أن تنفيذ مثل هذا الهدف دون غزو شامل سيكون صعبا جدا، وغالبا ما يؤدي إلى نتائج عكسية.
2. كيف ترد إيران؟
ويرجّح الكاتب أن ترد إيران على أي هجوم بمحاولة استهداف أميركيين، سواء عبر وكلائها في الشرق الأوسط أو من خلال عمليات "إرهابية" دولية، مشيرا إلى أن ذلك عمل قد يوحّد العالم ضدها. وقد تشمل الردود أيضا مهاجمة حلفاء واشنطن في المنطقة، خصوصا من يساهمون في تسهيل الضربات.
ورغم أن بعض وكلاء إيران قد تعرّضوا لضربات قوية ويبدون حذرين حاليا، فإن إيران قد تدفعهم لتنفيذ ردود رمزية على الأقل.
ويستطرد بايمن بأن أحد الخيارات الخطيرة أيضا هو استهداف تدفق النفط في الخليج، رغم أن ذلك قد يضرّ باقتصاد إيران نفسه ويوحّد خصومها ضدها، وقد تكتفي طهران بالتهديد، مما قد يرفع أسعار النفط مؤقتا ويضغط اقتصاديا على الأسواق العالمية.
إعلان 3. ما العواقب طويلة الأمد؟ويحذر الكاتب أيضا من أنه حتى لو انتهت الحرب المفتوحة في غضون أسابيع، فإن تبعاتها قد تمتد لسنوات. ومن أبرز المخاوف إمكانية تسريع إيران جهودها نحو امتلاك سلاح نووي، خاصة إذا انسحبت من معاهدة عدم الانتشار النووي وبدأت برنامجا سريا خارج رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومن الصعب ضمان رصد جميع أنشطة التسلّح، حتى لو كانت لدى إسرائيل وأميركا قدرات استخباراتية متقدمة، يقول بايمن.
وكذلك، قد تشن إيران هجمات انتقامية بعد انتهاء الحرب بمدة طويلة، مثلما حاولت اغتيال جون بولتون بعد عام من مقتل قاسم سليماني القائد السابق لـفيلق القدس الإيراني.
4. ما التكاليف البديلة لهذه العملية؟
ويؤكد الكاتب أن تركيز الولايات المتحدة على إيران يُضعف أولوياتها الإستراتيجية في آسيا، حيث يجب أن تركّز على مواجهة الصين، كما أن الموارد العسكرية والوقت السياسي الذي تُخصصه واشنطن لأزمة إيران، يستهلك ما هو مخصص لقضايا كبرى مثل تايوان أو بحر جنوب الصين. أما الحرب في أوكرانيا، فقد أصبحت شبه منسية في ظل الأزمة الإيرانية المتصاعدة.
ويلفت بايمن الانتباه إلى أن الحرب مكلفة أيضا من الناحية المالية، فبينما كلّف التدخل ضد الحوثيين في اليمن أكثر من مليار دولار، فإن أي عملية ضد إيران ستكون أكثر تعقيدا وتكلفة، كما ستضطر واشنطن إلى استنفاد علاقاتها وتحالفاتها لتأمين الدعم، ما قد يترك تأثيرا على ملفات أخرى.
وأضاف بايمن أنه إذا تبيّن لترامب أن الأهداف العسكرية قابلة للتحقيق، وأن الرد الإيراني يمكن احتواؤه، وأن العواقب طويلة الأمد ليست مدمرة، وأن التكاليف البديلة ليست باهظة، فقد يُعد الهجوم على إيران خيارا إستراتيجيا مبررا.
وختم بأن النجاح لن يُقاس بالضربات الأولى، بل بوجود خطة واضحة لتحويل المكاسب الميدانية إلى نفوذ سياسي طويل الأمد، مع إدراك الرأي العام والكونغرس لحجم التضحيات المطلوبة، فالحرب مع إيران، إن بدأت، لن تكون لحظة تكتيكية عابرة، بل بداية لإستراتيجية ممتدة لسنوات.