لا بدّ من أن يعجب أصدقاء الكيان الصهيوني ومؤيدوه، كما أعداؤه ومعارضوه، من المستوى المنحط الذي وصلته قياداته الحالية، وقسم كبير من "رأيه العام"، (وهو مشكّل من مستوطنين، أبا عن جد)، وذلك عند التدقيق في الإبادة البشرية والقتل الجماعي اللذين مورسا على مدى أحد عشر شهرا، وما زال حبلهما على الجرار حتى اليوم، وغدا.
صحيح أن هؤلاء الذين يعجبون الآن من مستوى الانحطاط الذي شكلته وتمثله الإبادة البشرية والقتل الجماعي، علما أنهم يعلمون منذ نشأة الكيان بأنه قام على أساس الاستيطان، واقتلاع الشعب الفلسطيني، والحلول مكانه، وهذا من حيث جوهره، يدخل في إطار العنصرية والقتل الجماعي (تعريف الإبادة: حين يوجّه القتل الجماعي للمدنيين، أو لمن لا قدرة لديهم لدفعه عنهم)، ولكن هذا جرى في حرب 1948 بالسر، وإخفاء ما ارتُكب من قتل جماعي في الكثير من القرى الفلسطينية التي امّحت بعد مجازر، وكُشف عن بعضها في المنتصف الثاني من الستينيات، أو في السبعينيات.
القادة الحاليون، وليس نتنياهو وحده وهو كبيرهم، تبنّوا عمليا، بشبه إجماع، جريمة الإبادة البشرية التي تعرض لها المدنيون في قطاع غزة، ولم يأبهوا بأن تجري تفصيلاتها، ساعة بساعة ويوما بعد يوم، علنا، وعلى مشهد من العالم أجمع
وكان ذلك بسبب حرص القادة المؤسّسين من أمثال بن غوريون وشاريت ورابين، ودايان وغولدا مائير، بأن يظهر الكيان الصهيوني بمظهر "الديمقراطي"، والذي سيتقيّد بالقانون الدولي. ولهذا راحوا يخفون قدر الإمكان، ما ارتكب، ويرتكب من جرائم القتل الجماعي، فمثلا أنكروا رسميا أيّة علاقة بمذبحة دير ياسين، وألبسوها لمنظمة شتيرن الإرهابية التي يحاربونها.
أما القادة الحاليون، وليس نتنياهو وحده وهو كبيرهم، تبنّوا عمليا، بشبه إجماع، جريمة الإبادة البشرية التي تعرض لها المدنيون في قطاع غزة، ولم يأبهوا بأن تجري تفصيلاتها، ساعة بساعة ويوما بعد يوم، علنا، وعلى مشهد من العالم أجمع.
بل تعمد القادة الحاليون للكيان الصهيوني، مع سبق الإصرار والتصميم، ليس على القتل والتنكيل، وإلقاء الجثث والأشلاء في الشوارع، ومن بينهم الأطفال والنساء والمسنون، فحسب، وإنما أيضا أن يربطوا -كما فعل نتنياهو في خطابه في الكونغرس- ما يفعله الكيان الصهيوني بالدفاع عن أمريكا والحضارة الغربية ضدّ البربرية. والأشد نكاية، أن نتنياهو حظي بتصفيق حارّ من الكونغرس، وزاد التأييد له في الكيان الصهيوني كذلك.
صحيح أن الضمير العالمي، كما في الغرب بالذات، تحرك ضدّ هوْل المجازر والإبادة، ولكن تعمّد قادة الكيان الصهيوني إظهار تغطية أمريكا وأوروبا والغرب عموما للكيان الصهيوني، والاستمرار في دعمه عسكريا وماليا وسياسيا، الأمر الذي يعني أن الصهيونية العالمية، قيادة الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية، بطرفيها اليهودي والبروتستانتي الصهيونيين، راحتا تلعبان دور المهدّد للسلام العالمي، ونسف ما حققته، أو حاولت تحقيقه، شعوب العالم، من قِيَم إنسانية عليا، تخرج البشر من عهود الوحشيةتعمدت أن تلطخ سمعة الحضارة الغربية في أعين من يلطخ سمعة الكيان الصهيوني، من جهة، وتعمدت أيضا إذلال العالم، ليقبل ما تفعله "إسرائيل"، سكوتا أو عجزا أو جبنا، من جهة أخرى.
ولعل الدليل على ما تقدّم، يعبّر عنه استمرار نتنياهو في الحكم، وبفرض استمرار المجازر، والتهديد بإشعال حرب إقليمية، لا تبقي ولا تذر، بعد أن يورّط أمريكا في حرب ضد حزب الله وإيران واليمن، فضلا عن غزة والضفة الغربية، حين تشتعل تلك الحرب، الأمر الذي يؤكد أن قيادة الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية، بطرفيها اليهودي والبروتستانتي الصهيونيين، راحتا تلعبان دور المهدّد للسلام العالمي، ونسف ما حققته، أو حاولت تحقيقه، شعوب العالم، من قِيَم إنسانية عليا، تخرج البشر من عهود الوحشية.
وقد فقدت تلك العهود صفة الوحشية، مقارنة بحرب الإبادة طوال أحد عشر شهرا، ضد المدنيين الآمنين، وتدمير دورهم ومساكنهم، ومدارسهم ومشافيهم، فضلا عن المساجد والكنائس والجامعات. هذا يعني الانحطاط الذي لا قعر بعده، وقد أخذ معه الغرب وحداثته، وحضارته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإبادة نتنياهو غزة الصهيونية الحضارة غزة نتنياهو الصهيونية الحضارة الإبادة مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة مقالات سياسة صحافة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی الإبادة البشریة
إقرأ أيضاً:
الإفتاء الأردنية: التكبير الجماعي في العيد سنة مستحبة لا إنكار فيها
صراحة نيوز ـ أكدت دائرة الإفتاء العام الأردنية أن التكبير الجماعي في عيدي الفطر والأضحى هو سنة مستحبة في الشريعة الإسلامية، ولا حرج في ممارسته، بل إنه من شعائر العيد التي تميز الأمة الإسلامية وتُظهر فرحتها بتمام العبادة.
جاء ذلك في رد رسمي على سؤال ورد للدائرة حول حكم التكبير الجماعي في أيام العيد، حيث أوضحت أن رفع الصوت بالتكبير – سواء كان فردياً أو جماعياً – من السنن التي واظب عليها النبي محمد ﷺ وصحابته الكرام، مستشهدة بقوله تعالى: “وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (البقرة: 185).
وبيّنت الدائرة أن التكبير الجماعي بصوت واحد لا يتعارض مع السنة، بل هو أقرب لتحقيق روح الشعيرة، وأكثر تأثيراً في النفس، وأبعد عن الاضطراب والتشويش الذي قد ينشأ عند تداخل أصوات المصلين بشكل غير منظم.
واستشهدت الإفتاء بعدة شواهد من السيرة النبوية والآثار، منها حديث أم عطية رضي الله عنها في صحيح البخاري، والذي ورد فيه:
“فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ”، مما يدل على مشروعية التكبير الجماعي.
كما نقلت عن الإمام البخاري قوله: “كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيراً”، في مشهد يُجسّد روح الجماعة والتكبير المنسجم، وهي رواية قال عنها الحافظ ابن حجر إنها دليل واضح على أن الصحابة مارسوا التكبير بصوت واحد منظم.
وفي تأكيد للمشروعية، نقلت الإفتاء عن الإمام الشافعي قوله في كتاب “الأم”:
“أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والأسواق والطرق والمنازل، وأينما كانوا، وأن يظهروا التكبير”.
وأشارت الدائرة إلى أن التكبير الجماعي سلوك تلقائي نشأ في ضوء تعاليم الشريعة، ولا يزعم أحد أن هذا الشكل من الذكر أكثر أجراً من غيره، لكنه لا يتعارض مع السنة، ولا توجد مفسدة شرعية فيه، وبالتالي فلا يجوز الإنكار على من يفعله، خصوصًا أنه تناقلته أجيال المسلمين عبر الزمن دون نكير.
وعن توقيت التكبير، أوضحت أن تكبير عيد الفطر يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان (ليلة العيد) ويستمر حتى بدء صلاة العيد، أما في عيد الأضحى، فيبدأ من فجر يوم عرفة (9 ذو الحجة) ويستمر حتى عصر اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهو آخر أيام التشريق.
وختمت الإفتاء بالتأكيد أن هذه الشعيرة الجليلة، فردية كانت أو جماعية، من مظاهر الفرح المشروع في الإسلام، وهي وسيلة للتقرب إلى الله وشكر نعمه، وإحياءٌ لسنة نبوية تربط القلوب بالله في مواسم الطاعة والفرح.