بوابة الوفد:
2025-05-15@00:34:18 GMT

قبل أن نندم على الفرص المُهدرة

تاريخ النشر: 11th, September 2024 GMT

قبل عام بالتمام، كانت الأجواء مضطربة، وكان استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، يُلقى بظلاله على المنطقة، وتفاقم الشعور لدى الناس بالأزمة الاقتصادية، لدرجة أن بعض المحللين كانوا يكررون كلاماً غريباً حول شبح إفلاس قادم.

أتذكر جيداً أن نغمة إحباط عامة سادت المجتمع المصري، وتحدث البعض عن سيناريو لبنان الذى يزحف على البلاد، وما فيه من شلل تام لكثير من الأعمال والأنشطة وتجمد للسيولة فى المصارف.

ورغم ذلك كُنت أشعر بالتفاؤل وكتبت وقلت إن مصر ليست لبنان، وليست غيرها، وإن تفاقم الأزمات لا يعنى انعدام الحلول، وكُنت أرى أن إصلاح الأوضاع ممكن ويسير ويحتاج أفكاراً وحلولاً خارج الصندوق.

وأثبتت الأيام أن كل مشكلة يُمكن حلها، وكل أزمة يمكن تجاوزها، وأن الزخم والتنوع الذى تتميز به مصر يجعل اقتصادها أصلب وأقوى من أن ينهار مع كل أزمة عالمية، واستطاعت مصر الوفاء بالتزاماتها ونجحت الحكومة فى جذب أكبر حزمة استثمارات عربية والتى عرفت بصفقة رأس الحكمة، حيث أعادت الدماء لشرايين الأعمال مرة أخرى، واستعادت الأسواق استقرارها.

وكان من اللافت أن مصر لا تعدم الحلول العملية لأى أزمة، وأن هناك فرصاً عظيمة تزخر بها، ربما لا توجد فى بلدان ومناطق أخرى فى المنطقة. وكان من المُهم جداً وقتها، وما زالت الأهمية مُلحة أن نبنى على صفقة رأس الحكمة، وأن نوظفها كبادرة لعدة صفقات تسمح بجذب استثمارات عالمية متنوعة، ليس فى قطاع السياحة والخدمات فقط، وإنما فى كافة القطاعات. لقد تحدثت بعد أيام من الصفقة مع إحدى وسائل الإعلام وقلت إننا نحتاج لعدة صفقات مماثلة، وإن التنوع العظيم الذى تحظى به مصر فيما يخص الفرص الاستثمارية يؤهلها لتصبح الدولة الأكثر جذباً للاستثمارات فى المنطقة خلال السنوات القادمة.

فمصر تحديدا تتمتع بأهم مؤشر مشجع للمستثمرين وهو الاستقرار السياسي، والأمن العام، كما تتمتع باستقرار تشريعى عظيم، يصاحبه نمو فى أعداد الكوادر المدربة والمؤهلة من الشباب والخريجين فى مجالات جديدة مثل مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى. ناهيكم عن محاور جذب الاستثمار الأخرى من بنية تحتية قوية، وشبكة طرق هائلة، واتصال تجارى قوى بمختلف الأطراف والأسواق، وغيرها من عناصر جذب المستثمرين.

نحن نمتلك كنزاً من الفرص، لكننا لا نتحرك إلا فى آخر الأوقات. فالمشكل فى بلادنا أننا نعمل بجد واهتمام وإجادة عندما نكون تحت ضغط الأزمات الشديدة، وهو ما يجعلنا أسرى دائماً للحظات الراهنة.

وفى تصوري، فإننا كان يمكن أن نضع خططاً موسعة بعد تجاوز الأزمة الاقتصادية فى مارس الماضي، تستهدف تحقيق استدامة التنمية، وكان ذلك يستدعى أن نتخذ قرارات إصلاحية جذرية تعيد القطاع الخاص إلى موقعه الأساسى فى قيادة التنمية.

لكن كما قلت، فإن فورة التخطيط والمتابعة والسعى والترويج والإصلاح فترت مع حل المشكلات الناتجة عن الأزمة، فأجلنا طرح منشآت عامة، وتوقف الحديث عن تخارج مؤسسات عامة من الاقتصاد، وخفت الحديث عن فتح الأبواب والنوافذ أمام القطاع الخاص للعمل فى كل المجالات بشفافية ودون منافسات غير عادلة.

ومع ذلك أتصور أن الفرص ما زالت سانحة، وأننا مطالبون فقط بالسعى لاقتناصها خاصة فى مجال الاستثمار بشقيه المحلى والأجنبي، بشرط اكتفاء المؤسسات العامة بالتخطيط والمراقبة، وتهيئة المناخ لقصص نجاح جديدة لتولد فى مصر.

وسلامٌ على الأمة المصرية

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د هانى سرى الدين الحرب الروسية الأوكرانية المجتمع المصري مصر

إقرأ أيضاً:

الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا

ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!

‎الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.

‎لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».

‎لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.

‎الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.

‎لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.

‎لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.

‎المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.

‎المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.

السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!

‎المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.

‎والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!

‎هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.

‎أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.

‎والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.

‎السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.

‎القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!



مقالات مشابهة

  • الإسماعيلي: نحن أول من طالبنا بإلغاء الهبوط وكان موقفنا في الدوري أفضل
  • بيتنا الذى كان .. او ما تبقى منه
  • هزيمة المليشيا في الخوي خلطت أوراق التمرد في كردفان عامة والفاشر خاصة
  • تحالف الفتح: القمم العربية لافائدة منها وكان على السوداني تخصيص صرفياتها لبناء (250) مدرسة
  • "البحوث الفلكية" يكشف تفاصيل الزلزال الذى ضرب مصر
  • حبيسة الأحلام  
  • مجلس الأمة يعقد جلسة علنية لتنصيب الأعضاء الجدد
  • تداول 42 ألف طن شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر
  • هل من توفي وكان عليه قرض للبنك آثم شرعا؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا