هكذا أكدت جنوب إفريقيا تصميمها على متابعة قضية الإبادة الجماعية ضد الاحتلال الإسرائيلي
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
أعلن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامابوزا، أمس الجمعة، عن أنّ بلاده مصممة على متابعة ما بدأته بخصوص قضية "الإبادة الجماعية" ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، أمام محكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أنه "سوف يتمّ تقديم المزيد من الأدلة، خلال الشهر المقبل".
وكانت جنوب إفريقيا، قد رفعت القضية، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث أكّدت أن "الهجوم الذي شنته دولة الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ردا على عملية حماس التي تمت بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، ينتهك اتفاقية عام 1948 في الأمم المتحدة، بخصوص منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها".
وفي الوقت الذي نفت فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي بشدّة هذا الذي وصفته "اتهاما". قال رئيس جنوب إفريقيا، للصحفيين: "نحن عنيدون"، فيما أكّد في الوقت نفسه على تصميمه "من أجل المضي قدما في قضية الإبادة الجماعية".
وأضاف الرئيس رامابوزا أن "الاستعدادات جارية على قدم وساق من أجل تقديمه؛ وهو مجلد ضخم يشمل على مئات ومئات من الصفحات"؛ مردفا بالقول: "نواصل القول إن الإبادة الجماعية يجب أن تتوقف ويجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، وبشكل مماثل، يجب أن يكون هناك إعادة للأسرى"
.
تجدر الإشارة إلى أنه من المقرر أن تقدم جنوب إفريقيا، بيانا، يضم كافة الحقائق والأدلة، إلى محكمة الأمم المتحدة، خلال الشهر المقبل، من أجل دعم القضية.
إلى ذلك، قد انضمت إلى جنوب أفريقيا في دعوى "الإبادة الجماعية" ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، عدد من الدول، من بينها: كولومبيا وليبيا والمكسيك وإسبانيا وتركيا.
ويمكن للدول الانضمام للقضية مرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، من خلال مادتين من النظام الأساسي للمحكمة.
أولًا، بموجب المادة 62 من ميثاق المحكمة المعروفة باسم "طلب الانضمام"، يجوز للدولة أن تطلب من المحكمة السماح لها بالانضمام للقضية، إذا رأت أن لها مصلحة قانونية قد تتأثر بالقرار في القضية.
ولأن عملية الانضمام التي تتم وفقا للمادة 62 من ميثاق المحكمة تخضع لإذن المحكمة، فمن المنتظر من الدول أن تثبت وجود مصلحة قانونية من شأنها أن تؤثر عليهم بشكل خاص في نتيجة القضية، وذلك في طلباتهم للانضمام للقضية وفقا لهذه المادة.
وفي إطار المادة 62، يمكن للدول أن تنضم للقضية باعتبارها دولة "طرفا" أو "غير طرف".
في عمليات الانضمام ضمن إطار المادة 62، تمنح محكمة العدل الدولية الدول المنضمة حقوقًا مثل الإدلاء بتعليقات وبيانات بشأن الحدث الملموس في ما يتعلق بموضوع النزاع، والمشاركة في جلسات الاستماع، وتقديم بيانات وطلبات مكتوبة وشفهية.
ثانيًا، أنه في "إعلان الانضمام" الذي سيتم وفقا للمادة 63 من ميثاق المحكمة، من الممكن الإدلاء ببيان عام حول كيفية تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية التي هي موضوع النزاع، علاوة على الحدث الملموس المتعلق بأساس النزاع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سيريل رامابوزا الإبادة الجماعية جنوب أفريقيا جنوب أفريقيا الإبادة الجماعية سيريل رامابوزا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی الإبادة الجماعیة جنوب إفریقیا
إقرأ أيضاً:
التعايش الاستبدادي العربي مع الإبادة الجماعية الإسرائيلية
في الوقت الذي يشهد العالم الغربي تصعيدا متناميا ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية للشعب الفلسطيني في غزة، انشغلت الأنظمة الاستبدادية في البحث عن طرائق من التعايش والتكيّف مع الإبادة، وانشغلت بقمع أي نشاط شعبي مناصر للشعب الفلسطيني ومناهض للإبادة، وبعد مرور نحو عامين من الإصرار الإسرائيلي على تنفيذ الإبادة الجماعية المروعة؛ أظهرت الأنظمة العربية مستوى فريدا من اللامبالاة السياسية والأخلاقية أدهش الغرب وإسرائيل والعالم في الانحدار إلى درك الانحطاط.
إن تفسير الانحطاط الأخلاقي والفشل السياسي العربي في تحدي الاستعمار الإسرائيلي، والتواطؤ معه والخضوع له والمضي في التعاون والتنسيق بعقد المزيد من الاتفاقيات الاقتصادية والتنسيقات الأمنية مع نظام الإبادة العنصري، يستعصي على أي فهم تقليدي لمحركات السلوك العربي. فمحددات الانقسام، والضعف، لا تكفي في تفسير الفشل بإعطاء الأولوية لفلسطين، فمنذ بداية حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان الموقف العربي تجاه إسرائيل ينطوي على الخيانة والتواطؤ، بل إن الأنظمة الاستبدادية الغربية أدانت المقاومة الفلسطينية في السر أو العلن. ففي كتابه "الحرب"، كشف بوب وودوارد أن بعض الحكومات العربية أبلغت وزير الخارجية الأمريكي آنذاك أنتوني بلينكن بعدم اعتراضها على جهود إسرائيل لسحق المقاومة الفلسطينية، ومع ذلك، أعرب البعض عن قلقهم إزاء الصور الإعلامية للمدنيين الفلسطينيين المشوهين، والتي قد تُثير اضطرابات عامة في بلدانهم، بينما عملت دول مثل الصين وروسيا، على وضع هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، على قوات الاحتلال الإسرائيلي التي فرضت حصارا خانقا على غزة، في سياقه التاريخي الاستعماريز
ومع أن الخطاب الاستبدادي العربي بدأ يتغير ببطء، إلا أن الأفعال لم تتبعه، بل شددت الحكومات العربية من قبضتها الأمنية على مواطنيها وقمعت أي محاولة للاحتجاج، ولم تفرض أي شكل من أشكال الضغط على إسرائيل، بل عملت الدول العربية بدلا من ذلك على ضمان قدرة إسرائيل على تحمل العواقب المحتملة لعزلها.
على مدى أكثر من 22 شهرا من الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة، والتي أسفرت عن ارتقاء وجرح أكثر من 200 ألف فلسطيني في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، كانت المؤسسات السياسية العربية الرسمية تتلبس بالعجز عن إنهاء الحرب وتحافظ على علاقاتها مع إسرائيل، وتتذرع بالبراغماتية وإدراك العواقب وتتلبس بادعاء العلم والحكمة، وتتهم شعوبها بالغوغائية والغباء والجهل، وقد شجع هذا السلوك التقاعسي التواطئي العربي إدارة بايدن ثم ترامب الأمريكيتين، على الضغط من أجل تطبيع أكبر بين الدول العربية وإسرائيل، في حين تعرضت الإخفاقات الأخلاقية للغرب، وتجاهل القانون الدولي، وارتكاب الأعمال الإجرامية لبايدن وإدارته ثم ترامب وإدارته لانتقادات عالمية واسعة النطاق، باعتبارها بمثابة درع حماية لجرائم الحرب الإسرائيلية، بينما ذهب تواطؤ الحكومات العربية إلى مزيد من مكافأة إدارة ترامب بمزيد من الأموال والصفقات، واستكملت دعم إسرائيل بإبرام صفقات جديدة، والأهم تصعيد الحملات الأمنية ضد أي احتجاج شعبي عربي، وشيطنة أي شكل من أشكال دعم الشعب الفلسطيني، وهو ما ساهم في تمكين إسرائيل من استكمال جرائم الإبادة والذهاب بعيدا في عمليات وخطط التهجير والتطهير العرقي. وفي حقيقة الأمر، لعب العرب دورا أكبر مما نتخيله في تمكين الفظائع الإسرائيلية في غزة، من خلال الصمت والتواطؤ بالسر، أو في العلن بتعاونهم المباشر مع إسرائيل.
إن مقاربة معظم الدول العربية في التعامل مع حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، تتجاوز مسألة العجز والانقسام والضعف، وتعكس رؤية أكثر قتامة وسخرية. فبعض العرب ينسجمون مع مصالح إسرائيل، حيث لا تُعتبر فلسطين الحرة مجرد قضية ثانوية، بل تهديدا، فمعظم الحكوماتٍ العربية مهمومة بمصالحها الذاتية الضيقة، وعدائها لإيران والإسلام السياسي، ومحكومة بخوفها من صعود الإسلام السياسي، وقلقة من عدم الاستقرار في المنطقة، الذي يُهدد قبضتها على السلطة في ظل نظام عالمي سريع التغير.
فرفض المقاومة الفلسطينية والخوف من الإسلام السياسي، هو الشغل الشاغل للأنظمة الاستبدادية العربية، وهو ما ينطبق على السلطة الفلسطينية في رام الله، التي تواصل -على خطى الاستبدادية العربية- العمل جنبا إلى جنب مع إسرائيل لقمع أي شكل من أشكال المقاومة في الضفة الغربية. ولا يقتصر اهتمامها في غزة على إنهاء الإبادة الجماعية، بل على ضمان تهميش منافسيها الفلسطينيين، وخاصة حماس. إذ تجسد السلطة الفلسطينية منظورات الاستبدادية العربية، فلا يمكن تفسير موقف السلطة الفلسطينية بمقولات "الضعف" و"العجز"، فأولويات محمود عباس وحلفائه في السلطة الفلسطينية هي ذات أولويات المستبدين العرب وحلفائهم للاحتفاظ بالسلطة على الشعب. فهدف سلطة رام الله هو ضمان سلطة نسبية على الفلسطينيين، سلطة لا يمكن استدامتها إلا من خلال ديمومة الهيمنة العسكرية الإسرائيلية والمساعدات الأمريكية.
إن ما يغفل عنه المستبدون العرب أن حدث السابع من أكتوبر شكل طوفانا عالميا وضع العالم أمام حقيقة الإنسانية والمبادئ الأخلاقية والعدالة السياسية والحقوق والحريات، وأبعد من مجرد الاحتفاظ بالسلطة والاستقرار. فقد أصيب كافة البشر الشرفاء في جميع أنحاء العالم بالصدمة والانزعاج، إلى حد غير مسبوق في حياتنا، بسبب شدة الحقد العنصري الإبادي الذي أطلقته دولة إسرائيل على 2.3 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة في معتقل جماعي، حيث تم حشرهم وسجنهم فيه منذ عام 1948، عقب عمليات محو وتطهير واحتلال وتهجير، وهي تقوم اليوم باستكمال الإبادة والتطهير العرقي، وتُعيد النظر في نيتها الإبادة الجماعية المسيانية الخلاصية التي أطلقتها لأول مرة دون قيود قبل 78 نحو عاما، عندما محت المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، وقتلت أكثر من 15 ألف مدني وشردت 750 ألفا آخرين، بناء على ادعاء تاريخي وديني زائف عبثي بالأرض، يعود تاريخه المتخيل إلى ألفي عام؛ منحه إله التفضيل العرقي لشعب مختار يمتلك حصانة من النقد وضمانة بالتمكين في الدنيا والجنة في الآخرة، مهما فعل من خطايا وجرائم وإبادة!
لقد شكّلت هذه النزعة التفوقية العرقية العنصرية العنيفة من إله التفضيل الخطير؛ أساسا لأعمال دولة إسرائيل الإجرامية منذ نشأتها، ولم يعد يقتصر دعم الرؤية الميسيانية على الصهيونية الدينية المسيحية، فمن خلال الرؤية الصهيونية الدينية اليهودية والمسيحية استخدمت "الإبراهيمية" لإدماج الإسلامية في رؤية إله التفضيل من خلال اتفاقات التطبيع، لكن الأنظمة الاستبدادية العربية لا تلتفت إلى معنى الإبراهيمية الصهيوني، وتستند رؤيتها إلى براغماتية سياسية لم تعد تنظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم شعبا ينتمي إلى ذات الهوية العربية الإسلامية المشتركة.
فاتفاقيات "إبراهيم" ليست مقترحا جديدا، بل هي نسخة مُعادة صياغتها من "السلام مقابل السلام"، التي صاغها نتنياهو في الأصل خلال ولايته الأولى كرئيس للوزراء (1996-1999)، ردا على مقترحات عربية لما بعد عام 1967، تم رفضها، وهي متعلقة بـ"الأرض مقابل السلام"، حيث اقترح نتنياهو ألا يحصل العرب والمسلمون على شيء، وأن يقبلوا بالهزيمة الساحقة، وأن يتوسّلوا لمحتليهم امتياز الإذلال. والأهم من ذلك، أن ينسوا فلسطين، وأن يوافقوا، مقابل ضمان أمن أنظمتهم، على أن يصبحوا حراسا للسجون المفتوحة التي ستصبح بلدانهم، حيث بات يُنظر إلى القضية الفلسطينية كعائق يحول دون تحقيق مصالح المستبدين العرب، وأصبح ينظر إلى الشعب الفلسطيني باعتباره مشكلة عفا عليها الزمن، وتزعزع الاستقرار الإقليمي وتعيق الرخاء الاقتصادي.
وقد ظهرت هذه الأفكار السياسية الداروينية عند الطغاة العرب بصورة مروعة عقب الانقلاب على انتفاضات الربيع العربي، حيث ظهرت تصورات جديدة حول مهددات استقرار الأنظمة العربية في ظل الهيمنة الأمريكية؛ تقتصر على الإسلام السياسي، حيث اختفت النظرة إلى الكيان الإسرائيلي كعدو مهدد للاستقرار وبات الكيان الاستعماري بمنزلة الصديق، لكن تحول نظرة الأنظمة العربية إلى المستعمرة الاستيطانية اليهودية جاء بعد سلسلة من التحولات ترتبط بعلاقة الاستبدادية العربية بالإمبريالية الأمريكية، حيث أصبحت الصهيونية الإسرائيلية صلة الوصل بين الأنظمة الاستبدادية والإمبريالية الأمريكية.
خلاصة القول، أن تفسير الانحطاط الأخلاقي والفشل السياسي العربي في تحدي الاستعمار الإسرائيلي والتواطؤ معه والخضوع له، والمضي في التعاون والتنسيق بعقد المزيد من الاتفاقيات الاقتصادية والتنسيقات الأمنية مع نظام الإبادة العنصري، يستعصي على أي فهم تقليدي لمحركات السلوك العربي، فمحددات الانقسام، والضعف، لا تكفي في تفسير الفشل بإعطاء الأولوية لفلسطين. فمع اتساع نطاق الإبادة الجماعية باتت الأنظمة الاستبدادية العربية أكثر شراسة ولكن أقل شرعية، واتسعت الفجوة مع شعوبها، وأصبحت مواقفها المتواطئة محرجة وخطرة وغير مأمونة العواقب.
وقد أصبحت الأنظمة الاستبدادية العربية مكشوفة وعارية سياسيا وأخلاقيا مع اتساع وتصاعد نطاق التضامن العالمي مع فلسطين، بينما يتمتع المستبدون العرب بشجاعة نادرة تجاه شعوبهم ويتلبسون بالعجز والضعف تجاه إسرائيل، وهو ما يكشف عن طبيعة تطلعاتهم وأهدافهم، فما يخشونه هو حدوث تغيير سياسي جوهري في المنطقة يشكل تحديا مباشرا لموقفهم وسلطاتهم، لكن ما يغفلون عنه هو أن صمتهم، أو دعمهم النشط لإسرائيل، قد يؤدي إلى سقوطهم.
x.com/hasanabuhanya