توماس فريدمان: دور أميركا بالعالم كان صعبا لكنه اليوم أصعب بكثير
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
تناول الكاتب الأميركي المخضرم توماس فريدمان، في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، المعضلات التي تواجه السياسة الخارجية الأميركية وتجعل دورها في "إدارة العالم" يبدو أصعب مما كان عليه الحال حتى إبان حقبة الحرب الباردة.
ووصف فريدمان إدارة ملفات السياسة الخارجية بأنها "أصعب" بكثير مما يتخيل معظم الأميركيين؛ بل "أقرب إلى المستحيل" في عصر يتطلب من الولايات المتحدة إدارة قوى عظمى، وشركات عملاقة، وأفراد وشبكات فائقة القوة، وزوابع هوجاء، ودول غارقة في الفشل، وأجهزة استخبارات فائقة الفعالية.
وأبرز أن كل ما ذكر متداخل ببعضه، ويخلق شبكة معقدة بشكل لا يصدق من المشاكل التي يتعين حلها لإنجاز أي شيء.
وقارن الكاتب الحال الراهن بالأوضاع التي كانت سائدة خلال حقبة الحرب الباردة والتي اتسمت بما يطلق عليها "الدبلوماسية الجريئة" وكان بطلها آنذاك وزير الخارجية هنري كيسنجر الذي لم يستغرق منه الأمر جهدا مضنيا لصياغة اتفاقيات فك الارتباط التاريخية بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 بين إسرائيل ومصر وسوريا.
فقد كان كيسنجر يتعامل مع دول، بعكس وزير الخارجية الأميركي الحالي أنتوني بلينكن الذي يعتقد فريدمان أنه لم يكن محظوظا عندما تولى المنصب حيث اضطلع هو ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز بمهام صعبة وأداروها بشكل جيد، على حد تعبيره.
وعقد الكاتب مقارنة أخرى بين الشرق الأوسط في عهدي كيسنجر وبلينكن، لافتا إلى أن المنطقة تحولت الآن من منطقة تضم دولا قومية "صلبة" إلى منطقة تتكون من دول فاشلة، ودول أشباح، ورجال "ثائرين متمكنين ومدججين بصواريخ دقيقة التوجيه"، وفق تعبيره.
وأوضح أنه يعني بذلك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والجماعات الشيعية في العراق.
أما في سوريا -يضيف فريدمان- فالحكومة هناك مسؤولة عن دمشق فقط، أما بقية أرجاء البلاد فهي عبارة عن خليط من المناطق التي تسيطر عليها روسيا وإيران وتركيا وحزب الله والقوات الأميركية والكردية.
وأشار إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة التواصل مع "شبكة" حماس في قطاع غزة إلا عبر الوسطاء القطريين والمصريين.
ومن التعقيدات التي تواجهها السياسة الخارجية الأميركية اليوم -في نظر المقال- أن لدى حماس جناحا عسكريا داخل غزة وآخر سياسيا خارج القطاع.
وإزاء هذه التعقيدات، فإن فريدمان يرى أن الشيء الواضح له في عالم الجغرافيا السياسية الجديد الذي سيتعين على رئيس الولايات المتحدة القادم إدارته هو أنه بحاجة إلى كثير من الحلفاء، مضيفا أن إدارة المشاكل الدولية الراهنة لا تقتصر على "أميركا وحدها" بل على "أميركا وأصدقائها" معا.
وهذا هو السبب الذي يجعله (أي فريدمان) يفضل مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس على خصمها الجمهوري دونالد ترامب لتكون رئيسة للبلاد، لأنها عملت في إدارة الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان أعظم الإرث الذي سيتركه في السياسة الخارجية هو قدرته على بناء تحالفات.
صحيح أن الحفاظ على التحالفات ليس بالأمر السهل أبدا، لا سيما في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة غير مستعدة عسكريا لمواجهة روسيا وإيران والصين المنخرطة منذ سنوات في تعزيز قدراتها العسكرية، بينما تفتقر واشنطن حرفيا إلى الأسلحة اللازمة للقتال على الجبهات الثلاث في وقت واحد، وفق فريدمان.
وأعرب الكاتب عن ثقته بأن نائبة الرئيس هاريس مؤهلة فعلا لمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة في حال فازت بالرئاسة بعكس ترامب "الذي يخطئ في قضيتين هما بناء التحالفات ومكافحة الهجرة".
ورأى أن خيار ترامب التلقائي الذي يرتكز على فرضية "أميركا وحدها" هو وصفة لأميركا ضعيفة ومعزولة وهشة وفي اضمحلال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات السیاسة الخارجیة
إقرأ أيضاً:
جنوب أفريقيا تعتزم تقديم عرض محسّن لإبرام اتفاق تجاري مع أميركا
تستعد جنوب أفريقيا لتقديم مقترح تجاري "محسّن" للولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق تجاري، وذلك بناء على طلب مسؤولين أميركيين، في محاولة لتفادي فرض تعرفة جمركية بنسبة 30% غدا الجمعة، وفق قول وزير التجارة الجنوب أفريقي، باركس تاو.
كانت جنوب أفريقيا قدمت مقترحا تجاريا أوليا لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو/أيار، ثم عدّلته في يونيو/حزيران، لكنها لم تتلق ردا.
وقال الوزير تاو في حديث لإذاعة 702 الجنوب أفريقية اليوم الخميس: "نحن بصدد التعامل مع مقترح محسّن مقارنة بالمقترح السابق الذي قدمناه، والواقع أن الأمر لا يزال في خانة الترقب والانتظار".
وأثار اقتراب الموعد النهائي في أول أغسطس/آب حالة من القلق وعدم اليقين في جنوب أفريقيا، إذ قدّر محافظ البنك المركزي أن فرض تعرفة جمركية بنسبة 30% من شأنه أن يهدد نحو 100 ألف وظيفة، مع تأثر قطاعي الزراعة وصناعة السيارات بشكل خاص.
وتُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا بعد الصين، إذ تصدر إلى أميركا سيارات، وسلعا مصنعة، وفواكه حمضية.
محادثاتوأضاف الوزير أن مسؤولين من جنوب أفريقيا أجروا محادثات مساء أمس الأربعاء مع نظرائهم الأميركيين، على مستوى السفارة الأميركية في بريتوريا وممثل التجارة الأميركي، لكن الغموض لا يزال يلف مصير التعرفة المرتقبة.
وأشار إلى أن الأميركيين "حثّونا على إعادة تقديم المقترح، وربما بصيغة محسنة، إلى الحكومة الأميركية".
ونفلت رويترز عن دبلوماسي جنوب أفريقي قوله الثلاثاء الماضي إن مطالب واشنطن بشأن سياسات التمييز الإيجابي المحلي تعقّد جهود التوصل إلى اتفاق تجاري.
وتشهد العلاقات الثنائية توترا على خلفية سياسات التمكين الاقتصادي للسود، التي تهدف إلى معالجة إرث قرون من التمييز العنصري، إضافة إلى موقف جنوب أفريقيا في الدعوى القضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، وهي قضية تعارضها بشدة كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
إعلان