تأملات في مهرجان المسرح العماني
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
رفع مهرجان المسرح العماني اليوم ستائره معلنا عن افتتاح النسخة الثامنة منه، وسط احتفاء المشهد الثقافـي فـي سلطنة عمان والعالم العربي أجمع بالذين حلوا ضيوفا عزيزين على المهرجان.. لم يكن فـي يومه الأول أو فـي بقيته أيام مساحة لمجرد الترفـيه، إلا فرصة لفتح حوارات عميقة حول مكانة المسرح فـي تشكيل معالم الحياة عبر مرآة النقد الفني، وعن الفنون بشكل عام ودورها فـي البناء الحضاري عبر التاريخ.
وإذا كان خطاب تشكيل القيم يشغل العالم فـي هذه اللحظة المفصلية من تاريخه فإن الفنون على اختلاف أشكالها، مسرحا ورسما وموسيقى وشعرا وسردا، تقوم بدور كبير فـي بناء القيم ودعم صمود الهوية الوطنية فـي ظل غزو العولمة.
والمسرح الذي يصنع فـي النفوس فرحة تحمل القدرة على الديمومة طويلا خاصة عندما تكون النصوص التي يشتغل عليها عميقة وموحية وقادرة على توليد الدلالات ونقد المجتمع يستطيع أن يترك فـي المتفرجين أثرا عميقا، سواء من حيث رؤيته للمستقبل أو عبر ربطنا بتاريخنا وخبراتنا الإنسانية.
بهذا المعنى يستحق مهرجان المسرح العماني فـي دورته الثامنة هذا الاحتفاء؛ لأنه أيضا يذكرنا بأن وزارة الثقافة والرياضة والشباب متمسكة، وبشكل يليق بتاريخ عمان ومكانتها، بكل أشكال الفنون خاصة وأنها نظمت قبل أقل من شهرين مهرجانا للأغنية احتفت فـيه بالصوت واللحن والكلمات. وهذا فـي حد ذاته مهم فـي ترسيخ مكانة الفنون واعتراف بدورها رغم كل التحولات التي أحدثتها ثورة التكنولوجيا وأدواتها فـي إلغاء الحضور المركزي لبعض الفنون مثل المسرح والسينما.
وإذا كان الفن يحاكي الحياة كما قال أفلاطون ذات يوم فإن مهرجان المسرح العماني بفعل اشتغالاته خلال أكثر من أسبوع سيحاكي الحياة، وسيحاصرها فـي مسرح محدود الفضاء وسيشاهدها المتفرجون وهي تختزل فـي عرض يبدو قصيرا مهما طالت مدته فـي العرض. وسيخرج المتفرجون بعد العرض بالكثير من القيم والكثير من العبر التي يمكن أن تسهم فـي ترميم تصدعات الحياة وتشظياتها.
لكن القيم ليست وحدها التي سيخرج بها عشاق المسرح، فهناك لمسات الجمال والمعنى التي ستعمل كحاجز صلب بين قسوة الواقع الذي يعيشه الإنسان والذي سيتجسد فـي العروض بالنظر إلى مقولة أفلاطون وبين حاجة الإنسان إلى الأمل.. يقول نيشته إننا اخترعنا الفن حتى لا نموت من هول الحقيقة.. وهذا يعطي للفن معنى جديدا وهو التمسك بالبقاء.
ورغم أن عُمان عرفت المسرح قبل نصف قرن من الزمن إلا أنها كانت على الدوام متخمة بالفنون الأخرى التي شكلت معالم هذه الأرض، وأغنت منجزها الحضاري، فطوال قرون التاريخ كان الشعر وعاء لفلسفة العمانيين، وكانت الموسيقى معبرة عن رهافة مشاعرهم وأيضا عن قسوة الطبيعة المحيطة بهم. وعبر كل تلك الفنون التي بقي العمانيون يحتفون بها نستطيع اليوم أن نقرأ تاريخ عُمان ومكانتها الحضارية ونفهم الدور الكبير التي لعبته فـي ذلك البناء الحضاري.
ولذلك لا مجال اليوم إلا بالتمسك بها وتطويرها والاهتمام بها؛ للدور الذي تقوم به فـي حياتنا وفـي تأثيرنا على الآخر باعتبارها قوة ناعمة لا مجال فـي التفريط بها أبدا. ومن روح تلك الهشاشة وذلك التشظي الذي تكشف به الفنون عن دواخل الإنسان وصراعاته العميقة تتشكل قوة المجتمع ونبضه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مهرجان المسرح العمانی
إقرأ أيضاً:
المتجر العماني للمواصفات القياسية يرفع كفاءة المنتج العُماني
العُمانية: يشكّل "المتجر العُماني للمواصفات القياسية" أحد أبرز المشروعات الاستراتيجية التي تسهم في دعم البنية الأساسية للجودة ورفع كفاءة معايير الجودة والموثوقية في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية.
ويبرز المتجر باعتباره إحدى الركائز الأساسية في منظومة البنية الأساسية للجودة، من خلال منصة رقمية موحدة ومتطورة توفر آلاف المواصفات القياسية الوطنية والإقليمية والدولية، وتتيح وصولًا مباشرًا وسريعًا لجميع الجهات ذات العلاقة من منتجين ومستوردين ومصدرين ومؤسسات رقابية إلى أحدث المعايير الفنية والتنظيمية المعتمدة.
ويُعد المتجر العُماني أداة فاعلة تدعم استراتيجية سلطنة عُمان نحو اقتصاد متنوع ومزدهر، قائم على الابتكار والجودة، ويشكل إضافة حقيقية لبيئة الأعمال والاستثمار، عبر توفير مرجعية معيارية موثوق بها تسهم في تمكين المؤسسات العُمانية من التميز وتقديم منتجات ذات جودة عالية تلبي متطلبات الأسواق العالمية، وتحافظ على ثقة المستهلك، وتدعم مبادرات التنمية المستدامة في مختلف المجالات.
وأكد عماد بن خميس الشكيلي مدير عام المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على أن المتجر يمثل نقلة نوعية في تعزيز ثقافة الجودة والموثوقية في سلطنة عُمان، ويعكس التزام الوزارة بالتحول الرقمي وتوفير حلول متقدمة تواكب التطورات العالمية في هذا المجال.
وأضاف أن المتجر يُعد بمثابة منصة متكاملة توفر بيئة داعمة للمؤسسات الصناعية والتجارية والمستهلكين من خلال إتاحة المواصفات القياسية بسهولة وشفافية، بما يسهم في رفع جودة المنتجات العُمانية، وتمكينها من المنافسة في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أن ما يميز المتجر هو شراكاته مع منظمات دولية مثل المنظمة الدولية للمعايير والمنظمة الدولية الكهروتقنية وهيئة التقييس لدول مجلس التعاون الخليجي التي تُسهم في إصدار مواصفات تتوافق مع المعايير الدولية وتدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال: إن المتجر العُماني يُعد جزءًا من الهوية المطورة للبنية الأساسية للجودة في سلطنة عُمان؛ إذ يعكس التوجه الحكومي نحو تعزيز التحول الرقمي وتسهيل إجراءات الحصول على المواصفات، وتوفير محتوى تقني شامل ومحدث بانتظام وفقًا لأفضل الممارسات العالمية، ويتيح للمستخدمين من داخل سلطنة عُمان وخارجها الوصول إلى المواصفات القياسية العُمانية والخليجية والدولية من خلال نافذة موحّدة، ما يسهم في تسهيل عمليات التبادل التجاري وضمان الالتزام بمعايير الجودة وسلامة المنتجات في الأسواق.
ويضم المتجر العُماني للمواصفات القياسية أكثر من 28 ألفًا و427 مواصفة، تم تصنيفها لتشمل جميع القطاعات الحيوية في سلطنة عُمان، ويوفر محتوى متخصّصًا في مجالات متنوعة تشمل الكيمياء والغزل والنسيج بـ 4855 مواصفة، وقطاع الميكانيكا بـ 6766 مواصفة، وقطاع الكهرباء بـ 5731 مواصفة، وقطاع المقاييس بـ1810 مواصفات، وقطاع الغذاء والزراعة بـ 2075 مواصفة، وقطاع التشييد والبناء بـ 2260 مواصفة، وقطاع النفط والغاز بـ 1367 مواصفة، وقطاع المعلومات بـ 2166 مواصفة، وقطاع الصحة بـ 1171 مواصفة، إلى جانب 226 مواصفة ضمن قطاع نظم الإدارة.
ويتيح هذا التصنيف القطاعي الدقيق للمستخدمين إمكانية الوصول الفوري إلى المواصفات ذات العلاقة بكل قطاع، مما يعزز كفاءة التطبيق ويرفع من جودة الأداء المؤسسي والصناعي.
يذكر أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار دشنت النسخة المطورة من المتجر العُماني للمواصفات القياسية في شهر ديسمبر من عام 2024م.