استشهاد وإصابة 150 ألف فلسطيني أغلبهم أطفال ونساء
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
جرائم الاحتلال في غزة حرب مكتملة الأركان بتواطؤ المجتمع الدولي
الثورة / وكالات
تحت عنوان “محو غزة.. عام من الإبادة الجماعية وانهيار النظام العالمي”، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا بالتزامن مع مرور عامل كامل على بدء إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية ضد المدنيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، نفذ خلالها جرائم حرب مكتملة الأركان بتواطؤ صريح من أطراف المجتمع الدولي.
واستعرض التقرير -تلقى “المركز الفلسطيني للإعلام” نسخة منه، الأحد- أبرز الجرائم التي وثقتها الفرق الميدانية للمرصد الأورومتوسطي على مدار 12 شهرًا، بما في ذلك تتبع لعناصر الإبادة الجماعية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، والإطار القانوني لجريمة الإبادة الجماعية وسياقها وحيثياتها المستمرة، فضلًا عن الاستجابة القضائية الدولية والدور الدولي الذي ساهم في استمرار الإبادة.
وتناول التقرير الأوضاع الكارثية والجرائم الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا في قطاع غزة منذ عشرات السنين، بما في ذلك فرض الحصار غير القانوني وفصل القطاع عن باقي الأرض الفلسطينية والعالم، وتحويله إلى منطقة معزولة فقيرة، وتجريد سكانه الفلسطينيين من أبسط حقوق الإنسان على نحو منهجي ومتواصل، بالإضافة إلى التقويض المتعمد والمستمر لنظام الخدمات الأساسية.
50 ألف شهيد
ومنذ بدء جريمة الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وحتى تاريخه، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 50 ألف فلسطيني، بينهم نحو 42 ألف شخص أدرجوا في سجلات وزارة الصحة الفلسطينية، بينهم أطفال ونساء، وأصيب نحو 100 ألف آخرين، بينما ما تزال آلاف الجثامين للضحايا تحت الأنقاض وفي الشوارع، حيث لم تتمكن الطواقم الطبية والإغاثية حتى الآن من انتشالهم، وفق التقرير.
ويقدر بأن نحو 10 في المائة من سكان قطاع غزة إما قتلوا أو جرحوا أو فقدوا أو اعتقلوا، بحيث استشهد 50,292 فلسطينيًا في الهجمات العسكرية الإسرائيلية، بما يشمل أولئك الذين ما يزالون تحت الأنقاض، فيما 33 في المائة من الضحايا هم من الأطفال و21 في المائة من النساء، بينما أصيب أكثر من مائة ألف آخرين بجروح وتم اعتقال الآلاف بشكل قسري، ما زال يقبع منهم نحو 3600 في مراكز اعتقال واحتجاز مختلفة.
إبادة العائلات
ورصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان نحو 3,500 عائلة استشهد منها عدة أفراد منذ أكتوبر الماضي، ويشمل ذلك 365 عائلة فقدت أكثر من 10 أفراد، بينما فقدت أكثر من 2,750 عائلة ثلاثة أفراد على الأقل.
أفعال الإبادة
وتناول التقرير أفعال الإبادة الجماعية في قطاع غزة بما يشمل قتل أعضاء المجموعة، ومن ذلك قتل المدنيين داخل المنازل السكنية وداخل مراكز الإيواء وداخل الخيام وفي المناطق الإنسانية، إلى جانب قتل المدنيين دهسًا بالآليات العسكرية والدبابات وبالإعدامات الميدانية والقتل بطائرات كوادكابتر، والقتل في التجمعات والأسواق، فضلًا عن قتل المدنيين المجوّعين حول شاحنات المساعدات الإنسانية، وقتل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وكذلك قتل المدنيين بالتجويع، وقتل العاملين في العمل الإنساني والإغاثي والكفاءات والنخب الفلسطينية.
ووثق المرصد الأورومتوسطي أشكال إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة عبر شن الجيش الإسرائيلي الآلاف من الهجمات العسكرية المنهجية ضد المدنيين في قطاع غزة، وتوسيع دائرة القتل في سن الإنجاب، وتشتيت العائلات الفلسطينية، فضلًا عن تدمير النظام الصحي، وفرض ظروف عيش قاسية إلى جانب التجويع ونقص التغذية وعرقلة المساعدات الإنسانية، وخلق مخاطر.
وأبرز الأورومتوسطي أن الجذر الأساسي لاضطهاد الشعب الفلسطيني على أرضه، على نحو مهد لإبادته جماعيًّا، هو وجود الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأرض الفلسطينية منذ عام 1967، وهذا ما أكدت عليه محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 19 يوليو 2024، حول “التبعات القانونية الناجمة عن السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة”.
الضفة وغزة تحت الاحتلال
وأشار إلى أن قطاع غزة يعد أحد الإقليمين اللذين يشكلان الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، إلى جانب الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس المحتلة، وحتى عام 2005، كانت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي تسيطر على قطاع غزة داخليًّا وخارجيًّا، وكانت تنشر قواتها العسكرية خارج وداخل القطاع، بالإضافة إلى وجود مستوطنات يسكنها مستوطنون إسرائيليون على أراضيه، وهو الحال ذاته في الضفة الغربية اليوم.
وفي عام 2005، أعلنت إسرائيل عن قرار “فك الارتباط” الأحادي الجانب، والذي شمل سحب قواتها العسكرية وإخلاء المستوطنين الإسرائيليين من مستوطنات قطاع غزة، إلا أنه ورغم هذا الإعلان، فإن إسرائيل بقيت تُعد قوةً محتلةً للقطاع من حيث السيطرة الفعلية التي ما تزال تمارسها عليه. وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الأخير، وهو الرأي الذي سبقه شبه إجماع دولي.
وشد الأورومتوسطي على أنه على الرغم من انسحاب إسرائيل العسكري آنذاك، تواصل إسرائيل السيطرة على معظم العناصر الرئيسة للسلطة في القطاع، بما يشمل السيطرة على الحدود البرية والبحرية والجوية، والسجل السكاني، وفرض القيود على حركة الأشخاص والبضائع، وجمع الضرائب على الواردات والصادرات، والسيطرة على المنطقة العازلة.
إعلان الحرب
وفي أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023، أعلنت إسرائيل – تحت قيادة رئيس الدولة (كيان الاحتلال) ورئيس الوزراء (الصهيوني بنيامين نتنياهو)، وبقية القيادة السياسية والعسكرية (للاحتلال) – أنها في حالة حرب، وبدأت بشن عملية عسكرية كانت الأهداف المعلنة من ورائها هي تفكيك حركة حماس، وتأمين الإفراج عن المحتجزين، واستعادة الأمن. وأُطلق على هذه العملية اسم “عملية السيوف الحديدية”.
توصيات
وخلص المرصد الأورومتوسطي إلى مجموعة توصيات بعد عام من جريمة الإبادة الجماعية في غزة، أكد خلالها أنه ما يزال واجبًا على جميع الدول، منفردة ومجتمعة، العمل على وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة بكافة الوسائل المتاحة، باعتبار أن منع هذه الجريمة والمعاقبة عليها يعد التزاما قانونيًّا دوليًّا يقع على عاتق جميع الدول، دون استثناء، وهو التزام ذات حجية مطلقة تجاه الكافة.
ودعا الأورومتوسطي إلى فرض حظر كامل على الأسلحة على إسرائيل، والتوقف والامتناع عن تقديم أية مساعدات في المجالات العسكرية والاستخباراتية، وإيقاف جميع التراخيص واتفاقيات الأسلحة والاستيراد والتصدير، بما في ذلك المواد والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج التي يمكن أن تستخدمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وانتهاك حقوقه.
وحث على فرض العقوبات السياسية والاقتصادية على إسرائيل والدول المتواطئة معها، بما في ذلك منع السفر وتجميد الأصول الحكومية وكذلك الأصول الخاصة بالمسؤولين الحكوميين والكيانات والأفراد، سواء الإسرائيليين أو الأجانب، المتورطين في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما جريمة الإبادة الجماعية، وذلك بهدف الضغط عليها للامتثال للقانون الدولي، وضمان عدم التكرار وتعويض الضحايا.
كما دعا إلى التوقف والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم والمساعدة الأخرى لإسرائيل في ما يتعلق بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم ضد الشعب الفلسطيني؛ بما في ذلك إلغاء أو تعليق العلاقات التعاقدية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والأكاديمية، بالإضافة إلى سحب الاستثمارات، ووقف الدعم في المجالات القانونية والإعلامية وغيرها من القطاعات التي قد تسهم في تعزيز ارتكاب هذه الجرائم، أو استمرارها.
وشدد على وجوب ضمان انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، وتفكيك جميع القواعد والحواجز ونقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية، وإلغاء كافة التقسيمات الجغرافية والعسكرية التي تم فرضها في قطاع غزة، والالتزام باستعادة الوحدة الجغرافية لقطاع غزة، إلى جانب ضمان عودة النازحين قسرًا إلى مناطق سكناهم بشكل آمن وفوري ودون إبطاء، وضمان حرية الحركة والتنقل والوصول لجميع سكانه.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: جریمة الإبادة الجماعیة المرصد الأورومتوسطی الاحتلال الإسرائیلی الشعب الفلسطینی قتل المدنیین فی قطاع غزة بما فی ذلک إلى جانب أکثر من
إقرأ أيضاً:
ذاكرة النقصان.. توثيق روايات أهل غزة عن الإبادة الجماعية
الثورة / خليل المعلمي
يعتبر كتاب «ذاكرة النقصان.. روايات أهل غزة عن الإبادة» هو الكتاب الأول الذي يحمل بين طياته توثيقاً مكتوباً لقصص وحكايات تلك الحرب الماحقة التي يعيشها القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023م، التي غيرت المنطقة بأسرها، للروائية السورية سمر يزبك الصادر عن دار الآداب.
وأهم ما يسجله الكتاب شهادات يرويها أناس من لحم ودم، عاشوا ما لا يمكن تصوره، وما يشعر المرء أنه يتعذر كتابته أو التعبير عنه وإيجاد لغة توازيه، يمكنها التعبير عنه.
إنها مهمة شاقة، بل هي نوع من التحدي أن تتمكن من نقل ما لا ينقل، ووصف ما يفوق القدرة على الوصف، لذلك هي محاولة شجاعة، أن تحاول كاتبة أن تسجل ما ترويه ألسن أناس عاشوا آلاماً ليس لها اسم أو معادل في الكلام.
لقد استغلت الروائية “سمر يزبك” فرصة وجودها في الدوحة عند وصول جرحى من غزة مع عائلاتهم لتلقي العلاج، حيث تجمع الناجون من الموت، بينهم مبتورو أطراف وأصحاب حالات صحية خطيرة، فلم ينقل إلى خارج غزة في ذلك الوقت إلا ذوو الإصابات البالغة، حيث يبلغ عدد الواصلين مع عائلاتهم 2500 شخص.
جرائم جماعية
ما لا يمكن تخيله بالنسبة للكاتبة هو أنها أمام جرائم جماعية تقررها الخوارزميات بمفردها، أي أن لحظة التردد الإنساني لم تعد ممكنة أو حتى محتملة، أضف إلى ذلك الطائرات المسيَّرة التي يروي عنها الشهود الغزيون ما يثير الفزع، «هذه الكائنات الخرافية القاتلة تدخل البيوت، غرف النوم، تقف على رؤوس الأطفال، تصدر التعليمات، تطلق النار على الرأس، تأخذ بصمة العين تطلق النار على العين، ترافق أرتال النازحين والمجبرين على الرحيل من بيوتهم”.
تبدأ غالبية شهادات المستجوبين الذين خصص الكتاب لكل منهم صفحات تتسع لشيء من ألمه في يوم السابع من أكتوبر، هكذا يروي الشهود (الضحايا) كيف عاشوا تلك اللحظات المباغتة، قبل أن يغوصوا في قص تفاصيل الجحيم الذي سكب عليهم، وما عاشوه من تهجير وإصابة وموت لأحبتهم، حيث أن مجموع هذه القصص التي يرويها أصحابها، تجعلك تعيش جهنم غزة وكأنك فيها.
يكتشف القارئ أن لقطات الكاميرات التي تصور الموت على الهواء مباشرة، كانت عاجزة عن قول القصص الإنسانية أو أن تجعله يفهم عمق التراجيديات الأسرية، وأن هذا التصوير المستمر للموت الجماعي أفقد الفجيعة الفردية حقها في أن تكون حاضرة، ومروية ومسموعة، وكأنما ضجيج المجازر خسف حق الإنسان في أن يكون إنساناً يستحق الرحمة.
مهدت الكاتبة للشهادات بمقدمة سكبت فيها خلاصة ما جال في خاطرها، وهي تجمع القصص من على ألسن المصابين، حاولت أن تتحدث عن جوامع مشتركة للذين تحدثت معهم، وجدت أنهم لم يذكروا في كلامهم حماس أو القضية الفلسطينية، كانوا يتحدثون عن أنفسهم كأناس مدنيين مسالمين عن أجسادهم التي تمزقت، كانوا يبوحون بصدق وعفوية، ويرغبون بأن يسمع العالم حكايتهم، جملة يرددونها: “لقد كنا نعيش الحرب منذ عقود، والآن نحن نعيش فعل إبادة”.
أما الأطفال والشباب فكانوا الأكثر صمتاً، يعجزون عن إيجاد الكلمات المناسبة، طفل مراهق اسمه عبدالله (13) سنة، احترقت عائلته أمامه وهو يركب حافلة الأونروا، قال إنه ليس طفلاً، وإن غزة ليس فيها أطفال، لأنهم لا يذهبون إلى المدرسة كما أترابهم، ولا يعيشون بين عائلاتهم، غالبية من تحدثت يزبك معهم يصرون على أن يخرجوا صور عائلاتهم قبل أن يختفوا من الوجود، ويتحدثوا عنهم ويخاطبوهم كما لو كانوا لا يزالون بينهم.
شهادات دامية
الشهادات دامية، والقارئ لا يمكن أن يخرج من الكتاب كما كان قبل أن يقرأه، نحن لسنا أمام حرب، ونحن نقرأ نتأكد أن كل واحد من الذين يتحدثون، كأنما كان مستهدفاً لذاته، أو أنه يجب أن يموت إن لم يكن بالقصف، ففي المستشفى بسبب تكدس الجرحى، وإن لم يكن بذلك فبسبب نقص الدواء أو الأطباء، وإن نجا فسيجد نفسه مضطراً لأن يحمل جراحه ويمشي إلى مكان آخر لأن القصف يبقى يطارده من خيمة إلى مدرسة، إلى طريق، حتى يتمكن منه.
خالد أبو سمرة -30- سنة، طبيب في مستشفى الشفاء، يخبرنا عن أهوال ما عاشه، رحلة يصعب وصفها أو قراءتها، يروي “أبو سمرة” أنه منذ لحظات القصف الأولى وقبل أن يعرف الأطباء حقيقة ما يحدث حولهم كانت الإصابات المميتة تأتي من كل أنحاء القطاع، والمستشفى يتكدس فيه المصابون.
ويضيف: “منذ اليوم الأول انتهكوا كل الحدود، وكل قوانين حقوق الإنسان ودعنا زميلنا المسعف طارق في الساعات الأولى، قتلوه وهو يؤدي واجبه”، قصفوا مدرسة وسط مدينة غزة سوق شعبية شمال القطاع، قصفوا كل شيء وأي شيء، كانت آلة القتل الإسرائيلية تعمل على مدار الساعة، والجرحى يصلون إلى المستشفى على مدار الساعة، كان مجمع الشفاء حاجز الدفاع الوحيد تقريباً عمن يسعفه الحظ وينجو من المجازر، ومع ذلك حوصر المستشفى وقصف واستهدفت أقسامه بما فيها العناية المركزة ومرضاها، كنا نصرخ أمام العالم كله، أن الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى الشفاء بمرضاه ونازحيه السبعين ألفاً، لكن تركنا وحدنا، لم يكن من جدوى لاستغاثاتنا.
يروي الطبيب تفاصيل مروعة، ويصل إلى عبارة يكررها الناجون وكأنها لازمة “الموت رحمة”، ويكمل: “هذا ما كنت أقوله لنفسي في كل مرة نرفع فيها جهاز التنفس عن أحد أسلم الروح لقد قرأت كثيراً عن أطباء في حروب سابقة في هذا العالم أعطوا مرضاهم حقنة الموت الرحيم، في كل مرة أنظر في عيون الأطباء الذين كانوا في المستشفى أشعر كما لو أننا أقسمنا جميعاً أن نتشبث بأرواح مرضانا حتى آخر نفس، فجميعنا نعرف ما انتهى إليه مرضى هذا المستشفى وأطباؤه، لكن نكتشف أن من بقي حياً وخرج، شاهد ما لا يمكن تخيله من عذاب، إما بسبب حمم من السماء أو انتقام الجنود الإسرائيليين على الأرض.
محمد فادي صالح -25 سنة- أصيب في شمال غزة، وهو بالقرب من منزله بشظايا صاروخ نقل بصندوق سيارة مع آخرين، إلى مستشفى كمال عدوان الذي ليس فيه دواء ولا بنج ولا حتى معدات تشخيص، لذا حملوه إلى المستشفى الإندونيسي، هناك كانت الأمور أشد سوءاً لا مولدات، ولا كهرباء والصورة التي أجريت له بشق الروح لم تفسر الشلل الذي يعاني منه، بعدها نقل إلى مستشفى الشفاء وهو ينزف، وضعوا أنبوباً في صدره لتفريغ الدم الداخلي، لكن صورة مقطعية كانت لازمة لفهم سبب الشلل بقي إجراؤها مستحيلاً.
هاجم الإسرائيليون المستشفى، وطالبوا بإخلائه وقصفوا قسم الولادة، بعد ساعات من الرعب جاء عمه واضطر وهو مشلول لأن يسير معه نصف ساعة كي يستقلان سيارة إلى البيت، بعد 15 يوماً نقل خلالها، هرباً من القصف من بيت إلى بيت وهو محموم ومشلول، تمكن الصليب الأحمر من إيصاله إلى مستشفى كمال عدوان ومن ثم مستشفى ناصر لكن حتى المسكن لم يكن متوفراً لإسكات الألم الرهيب الذي يعاني منه، أصيب بجلطة بسبب عدم وجود عناية، إذ إن غاية ما توفر له هو المضاد الحيوي، لكن الأمر لم ينته هنا فقد جاء الجيش الإسرائيلي وطلب إجلاء المرضى وترك من لا يستطيعون الحركة دون مرافقين.
احتل الجنود المستشفى و”جاء جندي إسرائيلي نحوي، فقلت له بهدوء: إنني مجرد جريح مشلول، لم يكتف بضربي، بل هددني بالاغتصاب”، ويروي هذا المصاب عظائم ما تعرض له هو وبقية المصابين: “كنت هناك في قلب الجحيم، عندما اقتحم الإسرائيليون المستشفى برفقة كلابهم المدربة، وأفلتوها علينا، الزنانة تحوم فوقنا، تهددنا بمزيد من القصف، بينما الاعتداء الجسدي واللفظي كان مزيداً من التحرش والإذلال والتهديد المستمر بالاغتصاب، الأمر لم ينته هنا بالطبع.