أكدت  قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان ((يونيفيل) ) مساء أمس الخميس أنها عازمة على البقاء في مواقعها في جنوب لبنان رغم الهجمات الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية، وكذلك الأوامر التي يوجهها الجيش الإسرائيلي بالمغادرة.

وقال المتحدث باسم القوة الأممية أندريا تينينتي إن الهجمات الإسرائيلية على قوات حفظ السلام أول أمس الأربعاء وأمس الخميس أدت إلى إصابة اثنين من أفرادها وتعطل بعض قدراتها على المراقبة.

وذكر تينينتي في مقابلة مع رويترز "قطعا، ربما يكون هذا من أخطر الأحداث أو الوقائع التي شهدناها على مدار 12 شهرا ماضية"، في إشارة إلى المعارك الدائرة بين حزب الله والقوات الإسرائيلية.

 تينينتي: اليونيفيل ستبقى حتى يصبح الوضع مستحيلا (رويترز)

وقال تينينتي "نحن هناك لأن مجلس الأمن الدولي طلب منا أن نكون هناك. لذلك سنبقى حتى يصبح الوضع مستحيلا".

من جهته قال جان بيير لاكروا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام الخميس لمجلس الأمن الدولي إن سلامة وأمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان "في خطر متزايد".

وأضاف أن الأنشطة العملياتية لقوات حفظ السلام في لبنان توقفت فعليا منذ 23 سبتمبر/ أيلول، مشيرا إلى أن "قوات حفظ السلام قابعة في قواعدها مع فترات زمنية طويلة قضتها في الملاجئ".

وشدد في كلمة أمام مجلس الأمن أن البعثة مستعدة لدعم كل الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل دبلوماسي، لافتا إلى أن "قوات اليونيفيل مكلفة بدعم تنفيذ القرار 1701، لكن يتعين علينا أن نصر على أن تنفيذ بنود هذا القرار يقع على عاتق الطرفين نفسيهما".

كما قال إن قرار مجلس الأمن رقم 1701 يعطي قوة اليونيفيل تفويضا لمساعدة الجيش اللبناني في الحفاظ على الحدود الجنوبية المشتركة مع إسرائيل خالية من الأسلحة أو المسلحين فيما عدا القوات الحكومية اللبنانية.

يأتي ذلك في وقت شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي مساء الخميس دعوات لاحترام القرار 1701، وتنديدا باستهداف إسرائيل لقوات اليونيفيل في لبنان، ودعوات للسماح لها بالقيام بمهامها وفق التفويض الممنوح لها.

وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تذكر إسرائيل بالتزاماتها تجاه قوات حفظ السلام الدولية، وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل القيام بذلك حتى تتوقف إسرائيل عن ممارسة أنشطة أخرى من شأنها أن تضر بعمل أمن أفراد اليونيفيل.

ووافقت الدول الخمسون المساهمة في القوة الخميس على مواصلة نشر أكثر من 10400 جندي من قوات حفظ السلام بين نهر الليطاني والحدود المعترف بها من الأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل والمعروفة باسم الخط الأزرق في الجنوب.

                                                       نقطة مراقبة تابعة لليونيفيل تشرف على الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز) تفاصيل الهجوم

وكانت قوات اليونيفيل اتهمت الخميس الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار "بشكل متكرر" على مواقع لها في جنوب لبنان، مما أسفر عن إصابة اثنين من القبعات الزرقاء بجروح وأثار تنديدات دولية.

وقالت اليونيفيل في بيان "أطلقت دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي النار" اليوم "باتجاه برج مراقبة في مقرّ اليونيفيل في الناقورة، فأصابته بشكل مباشر" وتسبّبت في جرح الجنديين، وأوضحت أنّ "الإصابات ليست خطيرة، لكنهما لا يزالان في المستشفى".

وأكد الجيش الإسرائيلي ليل الخميس أن قواته أطلقت النار في منطقة مقر قوات يونيفيل في جنوب لبنان، مشيرا الى أن عناصر من حزب الله تواجدوا في المكان.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّ قواته "عملت في منطقة الناقورة، على مقربة من مقر اليونيفيل"، مشيرا الى أنه بناء على ذلك، قام "بإصدار تعليمات لقوات الأمم المتحدة في المنطقة للبقاء في أجزاء محمية، وبعد ذلك أطلقت القوات النار في المنطقة".

وندّدت الدول الأوروبية المساهمة في القوة الأممية بهذا القصف الذي حذّرت روما من أنه قد يرقى إلى "جريمة حرب".

ورأى وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو مساء الخميس أنّ "الأعمال العدائية المتكررة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد مقر اليونيفيل يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وتمثّل بالتأكيد انتهاكات خطرة للغاية لقواعد القانون الإنساني الدولي".

وقالت فرنسا إنها تنتظر توضيحات من إسرائيل بشأن استهداف قوة الأمم المتحدة، وأضافت أن ضمان سلامتها "يمثل التزاما".

وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية -في بيان- "تعبر فرنسا عن قلقها الشديد بعد إطلاق إسرائيل النار على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وتندد بأي هجوم" عليها، مضيفة أنه لم يصب أحد من جنودها في اليونيفيل البالغ عددهم 700.

وأضافت الوزارة أنها "ننتظر توضيحات من السلطات الإسرائيلية"، مؤكدة أن "حماية قوات حفظ السلام التزام ينطبق على جميع الأطراف في أي صراع".

وفي واشنطن، أعرب البيت الأبيض عن "قلقه العميق" لهذا التطور. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي "نتفّهم بأن إسرائيل تنفذّ عمليات دقيقة قرب الخط الأزرق لتدمير البنى التحتية لحزب الله التي قد تستخدم لتهديد المواطنين الإسرائيليين"، في إشارة الى الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل. وأضاف "بينما يقومون بهذه العمليات، من الضروري ألا يهددوا سلامة عناصر حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة".

وفي مدريد قالت وزارة الخارجية الإسبانية إنّ "الحكومة الإسبانية تدين بشدّة النيران الإسرائيلية التي أصابت مقرّ قوات اليونيفيل في الناقورة"، مشيرة إلى أنّ "الهجمات ضدّ عمليات حفظ السلام" تمثّل "انتهاكا خطرا للقانون الإنساني الدولي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی قوات حفظ السلام قوات الیونیفیل الأمم المتحدة للأمم المتحدة الیونیفیل فی مجلس الأمن قوة الأمم فی لبنان

إقرأ أيضاً:

هواجس إسرائيل من الصواريخ اليمنية وسيناريوهات وقف الهجمات

القدس المحتلة- تتزايد في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية المخاوف من التهديد الإستراتيجي الذي باتت تشكله صواريخ جماعة أنصار الله وطائراتها المسيّرة القادمة من اليمن.

فبعد أشهر من التصعيد، أصبح واضحا أن الهجمات المستمرة تمثل تحديا معقدا للأمن القومي الإسرائيلي، وتكشف عن فجوات مقلقة في قدرة الردع والدفاع الجوي، رغم الدعم الأميركي الكثيف وعمليات القصف الجوي التي نفذها الإسرائيليون ضد أهداف حوثية.

وبحسب تقرير لصحيفة "هآرتس"، ترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الخيار الأكثر واقعية لوقف هذه الهجمات هو التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في قطاع غزة.

قلق إسرائيلي

تعكس هذه القراءة، حسب المحللين العسكريين والسياسيين في إسرائيل، حجم القلق الذي تسببه الصواريخ والطائرات المسيّرة الحوثية، خصوصا بعد فشل أنظمة الدفاع في اعتراض عشرات المقذوفات التي سقطت في عمق الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

وتسببت الهجمات بالفعل في قتلى وجرحى كما حدث في يوليو/تموز 2024، حين قُتل إسرائيلي في هجوم بطائرة مسيّرة على تل أبيب، وألحقت أضرارا بالبنية التحتية وقطاع الطيران، مثلما حدث في مايو/أيار الماضي، عندما سقط صاروخ باليستي قرب مطار بن غوريون وتسبب في موجة إلغاء واسعة للرحلات الجوية.

أمام هذا التهديد المتنامي، يبحث صناع القرار في تل أبيب سيناريوهات عدة، من بينها استمرار سياسة الاستنزاف العسكري ضد الجماعة اليمنية عبر الغارات الجوية، أو محاولة التوصل إلى تفاهمات سياسية مع إيران، أو حتى تشجيع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على التحرك ضد الجماعة، وهي خيارات تبدو معقدة وغير واضحة الآفاق.

لكن بحسب مصادر إسرائيلية، فإن السيناريو الأكثر ترجيحا هو التوصل إلى اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو حتى مع طهران، بشكل مباشر أو غير مباشر، يشمل صراحة أو ضمنا وقف إطلاق النار من اليمن، وفق ما جاء في صحيفة "هآرتس".

إعلان

ويقر مسؤولون أمنيون في تل أبيب بصعوبة الرهان على حل مستدام يقتصر على إنهاء الحرب في غزة، محذرين من أن الحوثيين قد يستأنفون هجماتهم في أي جولة تصعيدية مقبلة، سواء في الضفة الغربية أو غزة أو بسبب توترات في المسجد الأقصى.

وترى تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن أي حل طويل الأمد قد يتطلب تفاهمات أوسع مع إيران في إطار جهود الحوار التي ترعاها واشنطن، لتقليل التوترات الإقليمية واحتواء الجبهات المتعددة التي تهدد الأمن الإسرائيلي في آن واحد.

أعباء كبيرة

يشرح الكاتب مردخاي إيش- شالوم، خريج "كلية الأمن القومي"، في مقال له بالموقع الإلكتروني لـ"زمان يسرائيل"، أن تل أبيب تواجه صعوبة في التعامل مع تهديد صواريخ الجماعة، خلافا للولايات المتحدة التي تستطيع ضرب اليمن ثم الانسحاب معلنة "النصر".

وأوضح أنه رغم الضربات الجوية الإسرائيلية المكلفة جدا، يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ يوميا تقريبا، مما يفرض أعباء اقتصادية ونفسية كبيرة على الجبهة الداخلية، وهو ما يعزز القلق بأنهم يشكلون تهديدا إستراتيجيا على الأمن القومي الإسرائيلي.

ولمواجهة المخاطر الإستراتيجية، يطرح إيش- شالوم خيارين رئيسيين لإسرائيل:

الأول: الحل السياسي بالتوصل إلى اتفاق يوقف القتال في غزة مقابل وقف الجماعة اليمنية إطلاق الصواريخ. لكنه يعتبر هذا الحل هشا، لأن الجماعة قد تستأنف الهجمات عند أي تصعيد مستقبلي، "خاصة في ظل النفوذ الإيراني". الثاني: الحل العسكري "بالقضاء على قيادة الجماعة"، عبر قصف جوي دقيق أو عملية كوماندوز خاصة، وهو ما يتطلب معلومات استخباراتية دقيقة.

وانتقد إيش- شالوم تأخر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في الاستعداد لهذا التهديد من اليمن، مذكرا بأن الحوثيين أثبتوا قدراتهم مبكرا، مثل الهجمات على شركة الطاقة السعودية أرامكو وعلى سفن الشحن في البحر الأحمر.

كما اقترح حلولا لتجاوز المسافة الطويلة إلى اليمن، مثل استخدام قواعد في أفريقيا أو غواصات، و"تمويل قراصنة صوماليين لتنفيذ اغتيالات".

وباعتقاده، فإن إسرائيل بحاجة إلى تفكير إستراتيجي جديد وجريء، بدلا من الاعتماد على ضربات جوية مكلفة وغير حاسمة أو اتفاقات هشة قد تنهار بسهولة.

فشل استخباراتي

القراءة ذاتها استعرضها المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الذي كتب أن تكرار الهجمات الصاروخية من اليمن أظهرت حدود قدرة الردع الإسرائيلية، رغم محاولات الحكومة تصوير الوضع كنصر وشيك.

ووفقا لهرئيل، فإنه على الرغم مما اعتبره نجاح المنظومة الدفاعية "حيتس" في اعتراض معظم الصواريخ، بيد أن الجيش الإسرائيلي يواجه حرب استنزاف جديدة تدار بشكل غير مباشر من إيران. وأوضح أن جيش الاحتلال يناقش مدى استقلال جماعة أنصار الله عن طهران، خاصة مع توقف الهجمات من لبنان والعراق وتراجع القتال في غزة، لتظل هي التهديد الرئيسي.

وقال إن إطلاق صاروخ واحد كل يومين من اليمن يكفي لإبقاء الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت الضغط، في حين يتطلب الرد الإسرائيلي عمليات جوية معقدة على بعد 1800 كيلومتر.

وتحت عنوان "وحش تحت الأنف: إسرائيل تجاهلت التهديد الحوثي في الوقت المناسب وأضاعت الفرص للتصدي له"، كتبت ليلاخ شوفال، مراسلة الشؤون العسكرية والأمنية في صحيفة "يسرائيل هيوم"، مقالا تناولت فيه الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي المتراكم في التعامل مع الجماعة اليمنية.

إعلان

وأوضحت أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لسنوات طويلة اعتبرت اليمن "ساحة ثانوية"، وانشغلت بتهديدات أخرى كإيران، وحزب الله وحماس، بينما جرى تجاهل التحذيرات بأن الحوثيين قد يوجّهون سلاحهم نحو إسرائيل.

ولفتت إلى أنه رغم توفر معلومات استخباراتية عن قدرتهم على إطلاق صواريخ بعيدة المدى، لم يخصص لهم اهتمام جدي، بل كانوا يُذكرون في التقييمات بشكل عابر. وشددت على صعوبة ضربهم عسكريا من الجو، بسبب المسافة الطويلة من إسرائيل، وقدرتهم على البقاء في مناطق نائية ومعزولة.

وأشارت شوفال إلى أن البعض يرى أنهم مثل حماس وحزب الله، لا يمكن هزيمتهم إلا من خلال عملية برية، وهو خيار غير مطروح إسرائيليا أصلا.

وتضيف "أما مهاجمة إيران التي تمول وتسلح الجماعة اليمنية، فلن تكون بالضرورة حلا حاسما، لأن الجماعة تحتفظ بهامش كبير من الاستقلالية".

وختمت بالقول إن هذا التهديد، الذي اعتُبر طويلا ثانويا، أصبح الآن جبهة فعالة وخطيرة، تفرض على إسرائيل استنزافا طويل الأمد وتستلزم مراجعة شاملة لإستراتيجيتها الأمنية.

مقالات مشابهة

  • «حشد» تدين الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة والضفة.. وتطالب بوقف الإبادة الجماعية
  • أورتاغوس في الأمم المتحدة والعين الاميركية على تعديل مهام اليونيفيل
  • الرئيس اللبناني يستبعد التطبيع مع إسرائيل
  • في شمع.. توزيع ميدالية بعثة الامم المتحدة للسلام على عناصر قوات اليونيفيل
  • «اليونيفيل» تطلق قنابل دخانية لدى اعتراضها في جنوب لبنان
  • لبنان... اشتباكات بين مدنيين وجنود (اليونيفيل) في وادي جيلو
  • هواجس إسرائيل من الصواريخ اليمنية وسيناريوهات وقف الهجمات
  • توضيح من اليونيفيل بشأن ما حصل في وادي جيلو
  • ‏وسائل إعلام لبنانية: عناصر من قوات "اليونيفيل" ألقوا قنابل مسيّلة للدموع خلال إشكال مع أهالي عيتيت جنوب لبنان
  • بالفيديو.. شاهدوا ما حصل بين اليونيفيل والأهالي في بلدة عيتيت