أنماط طرائق التفكير السوداني «8»
تاريخ النشر: 12th, July 2025 GMT
أنماط طرائق التفكير السوداني «8»
عوض الكريم فضل المولى وحسن عبد الرضي
طرائق تفكير الإعلام في حرب السودانيلعب الإعلام دورًا حاسمًا في تشكيل الرأي العام أثناء النزاعات، حيث يمكن أن يكون أداةً للتوعية أو وسيلةً للتحريض. في السودان، برز الإعلام الموالي للحرب كعاملٍ مؤثرٍ في تأجيج الصراع عبر نشر الدعاية، وتعميق الانقسامات، وصياغة سرديات موجّهة حول الأحداث.
نستعرض في هذه المساحة من سلسلة أنماط طرائق التفكير السوداني وجهة النظر التي يتبناها الإعلام الموالي للحرب في السودان من أجل إثراء النقاش، في مقابل، الإعلام المعارض للحرب الذي يكرّس جهوده للكشف عن أضرارها وتبعاتها الإنسانية، والسياسية، والاقتصادية. ويعتمد هذا الإعلام على مبدأ السلام والعدالة، ويسعى إلى مساءلة الحكومات والمؤسسات العسكرية عن القرارات التي تؤدي إلى العنف والدمار.
تعتمد وسائل الإعلام الموالية للحرب على لغةٍ تحريضية تهدف إلى تعبئة الجماهير ضد الطرف الآخر، من خلال تصوير الخصم كـ”عدو” يهدد الأمن والاستقرار، والترويج لفكرة “الحرب العادلة”، وإضفاء الشرعية على استخدام القوة، بالإضافة إلى استخدام خطاب عاطفي قائم على القومية، أو الطائفية الدينية، أو القبلية، مع التلاعب بالمعلومات والتضليل.
تلجأ وسائل الإعلام الموالية للحرب إلى استراتيجيات متعددة للتأثير على الإدراك العام، مثل نشر الأخبار المزيفة، والترويج لمعلومات غير دقيقة أو مضللة لدعم طرف معين، بالإضافة إلى إخفاء أو التقليل من شأن الخسائر والانتهاكات التي يرتكبها الطرف المدعوم. كما تعرض الأحداث بطريقة تخدم الأجندة الحربية، مثل تصوير الانتصارات على أنها حتمية، والخسائر على أنها مؤقتة، مع شيطنة الآخر وخلق الأعداء.
لا تنفصل طرائق تفكير الإعلاميين وصنّاع الرأي العام في السودان عن مخرجات النظام التعليمي غير الفعّال، والتي لم تنجح في بناء قدرات نقدية مستقلة أو تطوير أدوات تحليلية موضوعية. هذا التعليم التقليدي المترهل، المقرون بإرث أيديولوجي متأثر بتدين سلفي شكلي وأفكار سياسية مستوردة، خلق بيئة فكرية هشّة تعزز من الخطابات الأحادية والنظرة الضيقة للعالم.
تسهم الإذاعات المحلية والولائية والخاصة، إضافةً إلى القنوات التلفزيونية القومية، في ترسيخ هذا النمط السلبي من التفكير. إذ تحولت العديد من هذه المنصات إلى أدوات في يد حفنة من المطبلين والأبواق الإعلامية الكاذبة، ممن يدّعون أنهم خبراء استراتيجيون، بينما هم في الحقيقة يعيدون إنتاج نفس الخطابات المضللة والمتماهية مع مصالح الأطراف المتنازعة. هذه الفئة تكرّس طرائق تفكير ملتوية، تُسهم في إعادة تدوير الأفكار العدوانية وتبرير سياسات الحرب والقمع.
تساهم هذه الوسائل في بناء صورة نمطية للخصم، تتسم باتهامه بالخيانة أو العمالة لقوى خارجية، والتركيز على جرائمه الحقيقية أو المزعومة، مع تجاهل جرائم الطرف المدعوم. كما يتم التلاعب بالصور والفيديوهات لإثارة الغضب والكراهية، والترويج لدور القادة العسكريين عبر تقديمهم كأبطال منقذين للوطن.
إضافة إلى ذلك، يتم تمجيد قرارات القادة العسكريين، والتقليل من أهمية أي معارضة لهم، وتصوير الانتصارات العسكرية على أنها إنجازات عظيمة، حتى لو كانت مكلفة إنسانيًا واقتصاديًا. وفي الوقت نفسه، يتم إضعاف الأصوات المناهضة للحرب، حيث يواجه الإعلام المناهض للحرب تهميشًا وقمعًا في ظل سيطرة الإعلام الحربي، وشيطنة دعاة السلام ووصفهم بأنهم “ضعفاء” أو “خونة”. كما تُفرض رقابة صارمة على الأصوات الداعية للحوار والمصالحة، ويتم الترويج لفكرة أن السلام مستحيل، وأن الحرب هي الحل الوحيد.
لا يقتصر الإعلام الموالي للحرب في السودان على نقل الأخبار، بل يعد أداة فعالة في توجيه الصراع وتعزيزه. فمن خلال الدعاية، والتضليل، وشيطنة الآخر، يسهم هذا النوع من الإعلام في تعقيد الأزمة وإطالة أمد العنف. لذلك، يصبح تعزيز الإعلام المستقل والمسؤول ضرورة لمواجهة هذه التأثيرات السلبية وتحقيق سلام مستدام في السودان.
في المقابل، يعمل الإعلام المعارض للحرب على نقل معاناة المدنيين والضحايا، حيث يسعى إلى تسليط الضوء على الأثر الإنساني المدمر للنزاعات من خلال نشر قصص النازحين واللاجئين والضحايا المدنيين. كما يوثّق الانتهاكات الحقوقية والجرائم التي تحدث خلال الحروب، مما يساهم في تعزيز الوعي العالمي بأهمية إنهاء النزاعات المسلحة والترويج للحلول السلمية والدبلوماسية.
عوضًا عن دعم الحلول العسكرية، يركز الإعلام المعارض للحرب على إبراز البدائل السلمية، مثل الحوار، والمفاوضات، والمبادرات الدبلوماسية. كما يدعم جهود منظمات السلام الدولية التي تعمل على إنهاء النزاعات بطرق غير عنيفة، ويفضح المصالح الاقتصادية والسياسية للحروب.
كثيرًا ما تُخاض الحروب لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية خفية، مثل الاستحواذ على الموارد الطبيعية أو تعزيز النفوذ الجيوسياسي. يكشف الإعلام المعارض للحرب عن هذه المصالح، ويسعى إلى تسليط الضوء على الجهات المستفيدة من استمرار النزاعات، والعمل على مراقبة الحكومات والأنظمة العسكرية.
يلعب الإعلام دورًا رقابيًا من خلال مساءلة الحكومات عن قراراتها العسكرية، والضغط عليها للكشف عن مبررات الدخول في الحروب، ومدى قانونية تلك القرارات وفقًا للمواثيق الدولية.
يعتمد الإعلام المعارض للحرب على مجموعة من المبادئ الفكرية والأخلاقية، ويرى أن قيمة الإنسان وحياته فوق أي اعتبارات سياسية أو عسكرية. كما يحاول تقديم تغطية موضوعية غير متأثرة بدعاية الأطراف المتحاربة، ويواجه الروايات الرسمية بالتدقيق والبحث عن الحقائق بدلًا من قبولها دون مساءلة. ويؤمن بأن السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل هو نظام متكامل قائم على العدالة والتعاون الدولي.
في هذه السلسلة نحرص على مناقشة الأفكار التي تساهم في تقريب وجهات النظر في القضية المطروحة. وفي هذه المساحة فاننا نقدم الدعوة للتداول بوضوح حول أهمية الإعلام المسؤول، وكيفية خلق نمط تفكير جديد فعال في ما يخص الإعلام لأهميته البالغة في توجيه الرأي العام حتى تتقارب فيه أفكار بناء لإحداث التغيير المنشود.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: فی السودان للحرب على من خلال
إقرأ أيضاً:
مجدي الجلاد: مصر ليست داعية للحرب بل تسعى لتكون عامل أمان إقليمي
كتب- حسن مرسي:
قال الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مجموعة "أونا للصحافة والإعلام" التي تضمن مواقع (مصراوي، يلا كورة، الكونسلتو، شيفت)، إن الولايات المتحدة تواجه تحديات متزايدة في الحفاظ على هيمنتها العالمية، خاصة مع صعود قوى مثل الصين وروسيا وإيران، التي تسعى لتعزيز نفوذها في مواجهة الضغوط الأمريكية.
خلال حواره مع الإعلامي تامر أمين في برنامج "آخر النهار" على قناة "النهار"، أضاف الجلاد أن الصراعات الإقليمية، مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات حول تايوان، تكشف عن محدودية قدرة أمريكا على التدخل المباشر، حيث تعتمد على دعم غير كافٍ مثل إمدادات الأسلحة بدلاً من المواجهة المباشرة.
تابع الجلاد أن إيران أظهرت حنكة استراتيجية في تجنب الانتحار السياسي، حيث تسعى للحفاظ على بقائها وتطوير قدراتها دون استفزاز مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن إسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي، أصبحت عاجزة عن تحمل الضغوط الداخلية والخارجية لفترات طويلة، كما أظهرت حرب 1973 عندما استنجدت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بالولايات المتحدة بعد أيام قليلة من المعارك.
وأكد الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مجموعة "أونا للصحافة والإعلام"، أن مصر، بفضل عقيدتها العسكرية التاريخية وعمقها الاستراتيجي، تظل ركيزة استقرار في المنطقة، قادرة على مواجهة التحديات دون الانجرار إلى صراعات غير محسوبة.
أكد الجلاد أن الفترة الحالية ستكون نقطة تحول تُدرس في الأكاديميات العسكرية، حيث أظهرت إيران قدرتها على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، مما يعكس هشاشة الأخيرة أمام الضربات الطويلة المدى.
وأضاف أن مصر، التي تُعرف بحكمتها السياسية، ليست داعية للحرب بل تسعى لتكون عامل أمان إقليمي، تحمي مصالحها وتردع أي تهديدات محتملة، مؤكدًا على أن العالم يتجه نحو مواجهات تحالفات كبرى، لكن مصر ستبقى صامدة كقوة عاقلة تحافظ على التوازن وسط هذه التحديات العالمية.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
مجدي الجلاد مصر الشرق الأوسط الاحتلال الإسرائيلي إيرانتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
الثانوية العامة
المزيدأخبار رياضية
المزيدإعلان
مجدي الجلاد: مصر ليست داعية للحرب بل تسعى لتكون عامل أمان إقليمي
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
38 26 الرطوبة: 28% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك