من مصانع السيارات بروسيا.. الصين توجه صفعة قوية لأوروبا وأمريكا
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
تخطت الصين حدود النفوذ الاقتصادي والتجاري في روسيا بعد أن بدأت شركة شيري الصينية في تجميع السيارات داخل المصانع الروسية التي أخلتها الشركات الغربية، مثل فولكس فاجن ونيسان.
هذا التحرك يعزز السيطرة الصينية على سوق السيارات الروسية، حيث استحوذت الشركات الصينية على أكثر من نصف المبيعات في البلاد بعد مغادرة معظم الشركات الغربية إثر الغزو الروسي لأوكرانيا.
تفاصيل التجميع داخل روسيا
تعمل شيري الآن على استكمال تجميع السيارات شبه الجاهزة في ثلاثة مصانع روسية، بعد أن شهدت السوق الروسية انخفاضاً في الإنتاج المحلي بسبب العقوبات الغربية.
وعلى الرغم من أن شيري لم تُعلن خططًا لبناء مصانع خاصة بها في روسيا، إلا أن تجميعها المحلي يعزز قدرتها على تلبية الطلب الروسي المتزايد.
توسيع التأثير الصيني
تخطط شيري لدخول أكثر من 60 سوقًا جديدة خلال السنوات الثلاث المقبلة، ما يعكس طموح الصين في توسيع تأثيرها بالأسواق العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تواجه الصين تحديات جديدة بعد فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا جمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين.
تحولات جديدة في السوق الروسية
أظهرت تقارير أن بعض نماذج شيري مثل Tiggo SUV و Exeed يتم تجميعها الآن في المصانع الروسية، بعد أن تغيرت ملكيتها إلى جهات روسية.
كما تتم إعادة تسمية بعض الطرازات لتتناسب مع السوق المحلية، مثل تغيير اسم سيارة Tiggo 7 إلى Exeed X-Cross 7.
تعد هذه الخطوة جزءًا من التوسع الصيني الكبير في السوق الروسية التي أصبحت أقل تنافسية بعد خروج الشركات الغربية، ما يعكس تحالفًا متزايدًا بين روسيا والصين في العديد من المجالات الاقتصادية والصناعية.
من بين التحديات التي تواجه الشركات الصينية في روسيا، تظل مسألة التأقلم مع المعايير المحلية والتعامل مع الزيادات المحتملة في الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة، وهو ما قد يدفع إلى توطين المزيد من الإنتاج داخل البلاد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السيارات الصينية روسيا مصانع السيارات سوق السيارات أوكرانيا شيري نيسان السيارات الكهربائية تجميع السيارات العقوبات الغربية الغزو الروسي لأوكرانيا
إقرأ أيضاً:
من مخازن الخيانة إلى مصانع الردع .. اليمن يستعيد سلاحه بإيمانه
في الوقت الذي كانت فيه دول العدوان ، تراهن على إخضاع اليمن خلال أسابيع من بدء عدوانها في مارس 2015، كان الواقع يتشكل بصورة مختلفة تمامًا، إذ تحوّل الحصار والتدمير الممنهج إلى حافز تاريخي دفع بالشعب اليمني، تحت قيادة “المسيرة القرآنية”، إلى تبني خيار استراتيجي غير مسبوق، يتمثل في بناء قوة عسكرية مستقلة قادرة على الردع، ومبنية على أسس إيمانية وثقافية عميقة.
يمانيون/ تقرير/ طارق الحمامي
هذا التقرير يرصد المسار التصاعدي لهذا التطور العسكري النوعي، ويكشف كيف استطاعت اليمن رغم العدوان والحصار والقيود الخانقة والمواجهة غير المتكافئة، أن تُعيد صياغة قدراتها الدفاعية من تحت الصفر، لتصل إلى مستوى متقدم من التصنيع الحربي المحلي شمل الصواريخ الباليستية، الطائرات المسيّرة، الدفاعات الجوية، والتسليح البحري المتطور، وصولاً إلى امتلاك تقنيات فرط صوتية بتقنيات لا تمتلكها دول متقدمة .
ولا يقتصر التقرير على الجانب الفني والعسكري، بل يتناول الأبعاد الفكرية والثقافية والدينية التي شكّلت روح هذا المشروع الجهادي تحت عنوان السيادة والاستقلال، من خلال توضيح الدور المحوري للقيادة الثورية ممثلةً بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، التي ربطت امتلاك أدوات الردع بمفهوم قرآني للكرامة والسيادة، لا كخيار تكتيكي مؤقت، بل كضرورة استراتيجية دائمة.
كما يُسلّط الضوء على الخلفية التاريخية التي سبقت هذا التحول، بدءًا من التآمر الأمريكي مع النظام السابق لتجريد اليمن من قدراته الدفاعية، مرورًا بالعدوان الذي استهدف كل بنية عسكرية، وصولًا إلى مرحلة التحدي التي رفعت شعار ’’لن يُحمى هذا الوطن إلا بسواعد أبنائه وإيمانهم الراسخ’’ .
وتكمن أهمية هذا التقرير في أنه لا يوثّق فقط تجربة استثنائية في تاريخ الصراع المعاصر، بل يقدّم نموذجًا جديدًا في التفكير الاستراتيجي، حيث تتقاطع العقيدة مع التقنية، والثقافة مع الإرادة، والسيادة مع الاكتفاء العسكري الذاتي.
القيادة الثورية ومشروع بناء القوة الرادعة .. الرؤية، التخطيط، التنفيذ
منذ اللحظة الأولى للعدوان، ظهر بشكل جلي أن المشروع الذي تحمله القيادة الثورية اليمنية، ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، لم يكن مشروع صمود مؤقت أو رد فعل انفعالي، بل مشروع تحرري شامل يبدأ من الإيمان وينتهي بامتلاك أسباب القوة والردع.
لقد قدّمت القيادة الثورية نموذجًا استثنائيًا في الوعي الاستراتيجي، حيث أدارت المعركة وفق رؤية متكاملة تقوم على امتلاك أدوات الردع كفريضة إيمانية، وضرورة سيادية، وشرط من شروط البقاء والكرامة، وهو ناتج عن وعي مبكر بطبيعة المعركة وأبعادها منذ اللحظات الأولى للعدوان في مارس 2015، حيث خاطب السيد القائد الشعب اليمني بلغة واضحة وصادقة، إن هذه الحرب ليست مجرد خلاف سياسي، بل عدوان خارجي أمريكي إسرائيلي تُنفّذه أدوات إقليمية بهدف إخضاع اليمن وسلب قراره وثروته وهويته ، هذا الوعي بالعدوان كأداة استعمارية، دفع بالقيادة الثورية إلى عدم الرهان على التسويات الدولية أو التدخلات الأممية، بل إلى بناء معادلة ردع ذاتية، تعتمد على تحفيز العقول الوطنية، والتحرر من التبعية ودمج الوعي القرآني بالبناء العسكري.
خلفية تاريخية .. المؤامرة الأمريكية مع النظام السابق وتدمير قدرات الدفاع الجوي والصواريخ
شهد اليمن قبل العدوان تآمرًا ممنهجًا أتاح للقوى الأجنبية، عبر أدوات النظام العميل ، تفكيك قدراته الدفاعية وتدميرها ، خصوصًا الدفاع الجوي والصواريخ الباليستية، وقد شكّل هذا العامل أحد أهم دوافع إعادة بناء القوة العسكرية الذاتية ، ومع تدمير ما تبقى من البنية العسكرية خلال العدوان، اتجهت قيادة المسيرة القرآنية إلى خيار استراتيجي يعتمد على التصنيع الذاتي، لتخرج من تحت الركام منظومات عسكرية محلية الصنع، شملت الصواريخ، الطائرات المسيّرة، والسلاح البحري، وأثبتت فاعليتها في ميادين القتال.
التحول من الدفاع إلى الردع
تحوّلت اليمن من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الردع، مع تطوير منظومات قادرة على الوصول إلى عمق دول العدوان، ما غيّر معادلات الاشتباك، وصولاً إلى ترسّخ معادلة جديدة ’’إذا ضُرب اليمن، فالرد قادم لا محالة’’
لم يكن هذا التحول العسكري اليمني في زمن المسيرة القرآنية مجرد تطور في نوعية السلاح، بل كان تحولًا جذريًا في العقيدة القتالية والاستراتيجية العسكرية، فقد انتقل اليمن من موقع المتلقي لضربات العدوان إلى موقع الفاعل والمبادر، حيث أصبحت قواته المسلحة قوة ردع إقليمي حقيقية، فرضت حضورها في البر والجو والبحر، وغيّرت قواعد الاشتباك بشكل غير مسبوق في المنطقة ، ففي السنوات الأولى من العدوان، ركزت القوات اليمنية على الصمود والدفاع، واعتمدت على أساليب محدودة مثل الكمائن والقصف المحلي، وعمليات المباغتة للعدو لكن ما لبثت أن بدأت منظومات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة بالظهور، بدقة متزايدة ومدى أطول وتأثير نوعي .
وتبنّت القوات المسلحة اليمنية، بإشراف القيادة الثورية، مفهوم توازن الردع كمرحلة استراتيجية في المواجهة، تم خلالها تنفيذ سلسلة عمليات عسكرية نوعية، بدأت بعملية توازن الردع الأول (2019)، استهدف حقل الشيبة في العمق السعودي، وهو أحد أكبر حقول النفط في المملكة، ثم توازن الردع الثاني والثالث (2019–2020) والتي طالت مطارات عسكرية وقواعد جوية ومصافي نفطية، مما أحدث ارتباكًا اقتصاديًا وإعلاميًا داخل السعودية، وصولاً إلى توازن الردع السابع والثامن، والتي شملت استهدافات دقيقة على مناطق حساسة في الرياض وأبو ظبي، بأسلحة محلية الصنع بالكامل، مبيّنةً تطور سلاح الجو المسيّر والصواريخ المجنّحة والباليستية ، وهذه العمليات كانت جزءًا من استراتيجية ردع مركّبة تُرسل رسالة مفادها أن الرد بالمثل وبشكل مدروس سيستمر ما دام العدوان قائمًا، ومن التحولات اللافتة كذلك دخول سلاح البحرية اليمنية إلى معادلة الردع بقوة وفعالية،وقد أثبت هذا الردع البحري فعاليته في عمليات السيطرة على خطوط الملاحة الحيوية، خصوصًا في ضرب السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو الداعمة للعدوان ضمن عمليات نصرة غزة، وكذا عمليات استهداف سفن أمريكية وبريطانية في عرض البحر، ضمن معركة السيادة على المياه الإقليمية اليمنية والدفاع عن قضايا الأمة.
وأبرز ما في هذه المرحلة أن العمليات لم تقتصر على محيط اليمن، بل طالت مناطق تبعد آلاف الكيلومترات، معلنةً دخول اليمن في مرحلة الردع العابر للحدود.
دعم المقاومة الفلسطينية .. الردع التضامني
في تحول نوعي آخر، ربطت القوات المسلحة اليمنية بين المشروع التحرري المحلي والمقاومة الإقليمية، حيث أُعلن رسميًا دخول اليمن في معركة دعم غزة ضد العدو الإسرائيلي، بعد بدء العدوان الصهيوني في أكتوبر 2023.
وكانت أبرز نتائج هذا الردع التضامني، استهداف سفن العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى توقف عدد كبير من الشركات العالمية عن التعامل مع الموانئ الإسرائيلية، واستهداف مواقع عسكرية للعدو في إيلات ومناطق أخرى، بصواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيّرة، وذلك رغم الجغرافيا الواسعة والتعقيد العملياتي، ما أدى إلى نجاح القوات المسلحة اليمنية من كسر الحصار المفروض على غزة معنويًا واستراتيجيًا، مما جعل اليمن في صدارة الدول التي أحدثت فارقًا حقيقيًا في ميدان المعركة خارج حدود فلسطين.
اليوم، لم تعد معادلة اليمن قائمة على مجرد الردع لردّ العدوان، بل توسعت نحو فرض الإرادة السياسية والعسكرية في البحر الأحمر وباب المندب ومحيط الجزيرة العربية، وقد أصبح اليمن قادرًا على منع مرور السفن المعادية دون إذنه، وتهديد القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة، وإرسال رسائل استراتيجية للعالم بأن القرار العسكري والسيادي يصدر من صنعاء، لا من الرياض أو واشنطن أو العدو الصهيوني.
الصناعات العسكرية النوعية .. من الصواريخ الباليستية إلى التقنيات الفرط صوتية
شهدت الصناعات العسكرية اليمنية تطورًا نوعيًا غير مسبوق في تاريخ البلاد، رغم الحصار ونقص الموارد، هذا التطور شمل ثلاثة محاور رئيسية:
الصواريخ الباليستية .. تم تطوير سلسلة من الصواريخ ذات مدى ودقة عالية، منها ما يطال العمق السعودي والإماراتي، ومنها ما يتمتع بقدرات تفجيرية متطورة وتكنولوجيا توجيه متقدمة.
الطائرات المسيّرة .. برزت الطائرات المسيّرة اليمنية كعنصر حاسم في المواجهة، بقدرات استطلاعية وهجومية دقيقة، قادرة على تنفيذ عمليات نوعية تجاوزت الدفاعات الجوية المعادية.
السلاح البحري .. تمكنت القوات اليمنية من إنتاج منظومات بحرية فعّالة، تشمل صواريخ بحر-بحر وألغام بحرية ذكية وزوارق هجومية مسيّرة، مما ضاعف من خطر استهداف الممرات والموانئ المعادية.
القدرات الفرط صوتية .. وفي تطور نوعي وغير متوقع، كشفت القوات المسلحة عن امتلاكها تقنيات فرط صوتية ودخلت الخدمة في عمليات الاسناد لغزة ، وهو ما يشير إلى قفزة تكنولوجية تؤهل اليمن لتجاوز حتى بعض الدول الكبرى في هذا المجال من حيث التأثير الاستراتيجي، خاصة في ظل اعتماد أساليب تصنيع غير تقليدية تراعي ظروف الحرب والحصار، هذا التطور النوعي لم يكن فقط مكسبًا عسكريًا، بل رسّخ مفهوم ’’الاكتفاء الدفاعي السيادي’’ كركيزة لبناء الدولة الحرة والمستقلة.
الأبعاد الدينية والثقافية للتطوير النوعي في سلاح الردع على ضوء فكر المسيرة القرآنية
في ظل الحصار والعدوان ، لم يكن بناء القوة العسكرية اليمنية مجرد استجابة لتهديدات وجودية، بل جاء كترجمة عملية لرؤية قرآنية متكاملة بلورتها ’’المسيرة القرآنية’’ بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، حيث تَحوّل الردع العسكري إلى فريضة دينية، وواجب ثقافي وأخلاقي تجاه الأمة.
الردع كجزء من العقيدة القرآنية .. استندت المسيرة القرآنية إلى آيات قرآنية واضحة في صياغة موقفها من القوة، أبرزها قوله تعالى: (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم) – [الأنفال: 60].
فهذه الآية لم تُقدّم القوة كخيار، بل كفريضة تعبّدية تستهدف حماية الأمة وردع المعتدي، ومن هنا انطلقت القيادة الثورية نحو بناء قوة ردع قائمة على الوعي الإيماني والعقيدة القتالية القرآنية.
الثقافة الجهادية كمحرّك علمي .. في الوقت الذي كان العدوان والحصار يراهن على تجويع الإرادة اليمنية وكسر عزيمتها، حوّلت المسيرة القرآنية هذا العدوان والحصار إلى حافز ثقافي لتبني مفاهيم الاكتفاء الذاتي، والإبداع تحت الضغط، والعمل بجدّ من منطلق المسؤولية الدينية، فلم تعد الكوادر العسكرية والعلمية تعمل بدافع المهنة أو التكليف الوظيفي، بل انطلقت من وعي قرآني يعتبر الدفاع عن الأمة مسؤولية إيمانية وجهادًا في سبيل الله، هذا الوعي هو ما صنع الإصرار على تطوير الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة ومنظومات الدفاع الجوي رغم الحصار الخانق.
رفض التبعية كقضية إيمانية .. أحد المفاهيم المركزية في توجه المسيرة القرآنية هو أن التبعية العسكرية والسياسية للعدو ليست فقط عارًا وطنيًا، بل خيانة دينية، فامتلاك القوة والاعتماد على النفس أصبحا من شروط الانتماء الحق إلى الأمة الإسلامية، خصوصًا في ظل واقع تتعرض فيه الشعوب المسلمة للعدوان والسيطرة.
تسخير الطاقات الوطنية وفق منهجية قرآنية .. القيادة الثورية وضعت رؤية عملية لتأهيل الكوادر وفق قيم قرآنية ، الإخلاص، الإتقان، العمل الجماعي، الإنفاق في سبيل الله، واحترام العلم كوسيلة للتمكين، فكانت الورش والمصانع العسكرية تتحوّل إلى ساحات جهاد فكري وعملي، يعكف فيها المهندسون والمبرمجون والفنيون على تصميم منظومات الردع بنفس الحماس الذي ينطلق به المجاهد إلى الجبهة.
الردع كرُكن في مشروع الدولة القرآنية المستقلة .. في فكر المسيرة القرآنية ، لا يمكن بناء دولة مستقلة دون امتلاك وسائل الدفاع الذاتي، ومن هنا، أصبح تطوير سلاح الردع جزءًا من مشروع الدولة القرآنية، التي لا تقبل الخضوع أو الارتهان، بل تسعى لإقامة العدل ورفع الظلم في الداخل والخارج، فالطائرات المسيّرة لم تكن فقط أدوات عسكرية، بل رسائل سياسية وثقافية تقول للعالم أن اليمن الذي أرادوه ساحةً للهيمنة، بات قادرًا على صنع المعادلة.
بهذا، يتضح أن البعد الديني والثقافي لفكر المسيرة القرآنية لم يكن مجرد خلفية نظرية، بل الركيزة الأساسية التي أنتجت هذا التطوير النوعي في سلاح الردع اليمني، وجعلت من إرادة البناء والتمكين قوة لا تُقهر، برغم الحصار والدمار.
دلالات الصعود العسكري اليمني على المستوى الإقليمي والدولي
يشكّل التحول العسكري النوعي في اليمن، في ظل قيادة المسيرة القرآنية، حدثًا استثنائيًا على مستوى الإقليم والعالم، ليس فقط من حيث النتائج العسكرية، بل من حيث ما يحمله من دلالات استراتيجية تهزّ موازين القوى التقليدية، وتعيد رسم خرائط الهيمنة والردع والسيادة.
هذا الصعود لم يأتِ في فراغ، بل جاء في سياقٍ إقليمي يُهيمن عليه النفوذ الأمريكي، وتفوق العدو الإسرائيلي، والتبعية الخليجية، وهو ما يجعل من التجربة اليمنية ظاهرة غير قابلة للتجاهل في الحسابات الدولية، والتي تمكنت من كسر احتكار الردع في المنطقة والتي كانت محصورة في محور الهيمنة الغربية (أمريكا وإسرائيل ومن خلفهما الأنظمة الخليجية والدول المطبعة) ، لكن اليمن، في ظل المسيرة القرآنية، كان محورًا صاعدًا يتميز بأنه يمنح الردع طابعًا شعبيًا نابع من إرادة شعب وثورة ، ومستقل في قراره السياسي والعسكري، وغير مرتبط بمعاهدات أو مظلات دولية، وينتمي لمدرسة قرآنية فكرية تبني قوتها كواجب ديني، وهذا الكسر للاحتكار يعني أن الردع لم يعد حكرًا على الدول العظمى أو حتى على الدول الغنية أو القوية تقنيًا، بل بات ممكنًا للشعوب المؤمنة التي تمتلك الإرادة والبوصلة.
خاتمةتحوّل العدوان من تهديد وجودي إلى فرصة استراتيجية لإعادة بناء اليمن من منظور مستقل وقرآني، وكانت القيادة الثورية، وعلى رأسها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، حجر الزاوية في هذا التحوّل التاريخي الذي جعل من اليمن رقمًا صعبًا في معادلات المنطقة، ونموذجًا للمقاومة السيادية.