العبيد أحمد مروح: إلاّ “العمالة” أعيت مَن يداويها
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
الحرب التي اندلعت في السودان في منتصف أبريل من العام الماضي، دخلت الآن طورها الثالث، وتتجه نحو نهايتها، ونهايتُها عند أغلب المحللين ليست بعيدة.. لا نتحدث عن أيام ولا أسابيع ولكن عن أشهر معدودة.
وكيفما كانت النتيجة على أرض الميدان فإن المشهد الختامي سيكون على طاولة توقيع حولها شهود، بغض النظر عن السيناريو الذي سيقود إلى ذلك.
وإذا كان هذا هو السيناريو الأرجح الذي ستنتهي إليه الحرب عسكرياً، فإن نهايتها سياسياً ستكون بشكل قريب من ذلك، إذ لا خيار أمام مختلف القوى السياسية السودانية، إن أرادت أن تتجنب أخطاءها التاريخية وأن تؤسس لمرحلة جديدة ومختلفة يتشكل وفقها مستقبل السودان، سوى أن تقبل بالجلوس على مائدة حوار شامل، لا يستثني أحداً، ليجيبوا على السؤال الأساسي: كيف يُحكم السودان، ثم يعيدوا بناء المجتمع المدني و أحزابهم السياسية وتأهيلها لخوض منافسة التفويض على نيل ثقة الناخبين السودانيين، من بعد انتهاء فترة الانتقال وإعادة الإعمار.
تحتاح أحزابنا إلى غربلة صفوفها، وإعادة بناء هياكلها، وتسليم راية القيادة فيها إلى جيل جديد من القيادات الشابة لا يحمل من أوزار الماضي إلا عبرة المسير إلى المستقبل. فقد ارتكب الجميع أخطاءً في حق أنفسهم وحق بلدهم من حيث أراد بعضهم أن يُحسنوا، وينبغي أن تتطبع الحياة العامة بعد أن تقف الحرب حتى تُتاح فرص للمراجعات الجهورة والاعتراف بتلك الأخطاء واعتزال العمل السياسي لكل قادة المراحل السابقة من تاريخ السودان، وهذا حديث يطول قد نأتي إليه في مقال متفصل.
إحدى الإفرازات التي ستنتج عن هذه الحرب، وقد تكون نتائجها صادمة هي مشكلة “العملاء”، فقد ثبت من وقائع الحرب الحالية أن قوىً سياسية بكامل صفها القيادي قد انخرطت في خدمة الأطراف الخارجية التي كانت سبباً في إشعال الحرب وفي استمرارها، وأنها – هذه القوى السياسية – أصرت على موقفها هذا برغم الفظائع والجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، والحال كذلك، فإن إحدى أبرز العقبات التي ستواجه التحول السياسي في فترة ما بعد الحرب هي كيفية التعامل مع طابور العملاء الطويل!!
في حالة هزيمة إسرائيل في 2006 وخروجها من جنوب لبنان، بعد احتلال دام لما يقارب ربع القرن، إضطر جيش العملاء بقيادة “أنطوان لحد” إلى اللحاق بمُخدميه، فحاز بعضهم الجنسية الاسرائيلية وهاجر بعضهم إلى بلاد شتى، وبعد سنوات من ذلك تمت معالجة أوضاع مَن بقوا على أرض لبنان على نحو يكفل لهم حق المواطنة.
وفي حالة هزيمة أمريكا في أفغانستان، بعد عشرين عاماً من الاحتلال، إضطرت الولايات المتحدة إلى إجلاء عملائها – مؤقتاً – إلى دول في الشرق الأوسط وفي أوروبا ريثما تنظر في ترتيب برنامج الهجرة والإدماج الخاص بهم، كما شاهد العالم عبر الفضائيات كيف أن “العملاء” احتشدوا في مطار كابول وتعلقوا بأجنحة وإطارات طائرات الشحن الأمريكية من طراز (سي 130)، ولا يعرف أحد حتى الآن طبيعة المصير الذي انتهى إليه أمر أولئك العملاء.
أمامنا في السودان فرصة لتقديم نموذج مختلف عن النموذجين اللبناني والأفغاني في كيفية التعامل مع العملاء والطابور الخامس، فعلى الرغم من بشاعة الجُرم الذي اقترفه أولئك الذين باعوا ضمائرهم للأجنبي، وخانوا وطنهم وجيشهم، وجندوا خبراتهم ومعارفهم للإضرار بالبلاد والعباد، إلاّ أن أبرز ما ميّز “الحالة السودانية” هو أن الأمر بقي محصوراً في نخبة سياسية وناشطين وإعلاميين محدودي العدد، ربما لا يتجاوزون بضع مئات، وقد ثبت من خلال متابعة الوقائع اليومية للحرب أن التيار الشعبي العام لفظهم بعد افتضاح أمرهم.
لقد سبق أن شهدت بلادنا حروباً أهلية ومحاولات إنقلابية وغزوات من الخارج قام بها سودانيون تلقى بعضهم تدريباً وعوناً من دول أجنبية، وخلال أكثر من ستين عاماً من عمر الحكم الوطني عاش معارضون سودانيون في الخارج وتعاملوا مع أنظمة ودول شتى بغية مساعدتهم في إسقاط الأنظمة التي كانت تحكم، لكن الثابت أنه على امتداد هذا التاريخ وتعدد التجارب، لم ترهن معارضة سياسية سودانية أو حركة تحمل السلاح، قرارها لداعميها وتتحول إلى مخلب ينهش في خاصرة الوطن خدمة للأجندة الخارجية، إلاّ في الحالة التي عشناها من بعد التغيير الذي حدث في أبريل 2019 والتي انتهت إلى صيغة الإتفاق الإطاري الذي كان السبب الرئيسي وراء الحرب التي نعيش وقائعها اليوم.
الاختلافات السياسية، مهما بلغت حدتها، وحتى لو دفعت البعض لحمل السلاح في مواجهة السلطة الحاكمة، يمكن أن تنهي بالتفاوض إلى التراضي، ما دامت تحدث تحت سقف الوطن، لكن رهن الإرادة الوطنية للأجنبي والسعي إلى تمكينه من بسط هيمنته على مقدرات الدولة، أمر يصعب التغافل عنه. فالعملاء كالسوس لا دواء له إلاّ بالبتر، والبتر المقصود هنا هو أن يرحلوا خارج الأرض التي لفظتهم.
العبيد أحمد مروح
* نقلا عن “المحقق”
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
أخبار التوك شو| أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها.. والاحتلال يجمع الأسرى الفلسطينيين في سجني عوفر والنقب
نشر موقع "صدى البلد"، خلال الساعات الماضية، مجموعة من الأخبار المهمة من البرامج التليفزيونية، تناولت برامج التوك شو العديد من القضايا والموضوعات، وفيما يلي أبرزها:
أحمد موسى: 90% من المساعدات المقدمة لغزة حاليا مصرية
كشف الإعلامي أحمد موسى، أن 95 % من ضحايا غزة مدنين ما بين شيوخ وأطفال ونساء ليس معهم سلاح ولا علاقة لهم بالحروب، موضحًا أن ليس كل الضحايا من حماس.
بشير عبد الفتاح: قمة شرم الشيخ للسلام تم التحضير لها في وقت وجيز
قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الكاتب والمحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن قمة شرم الشيخ للسلام تم التحضير لها في وقت وجيز، إلا أنها اكتسبت زخمًا عالميًا غير مسبوق نظرًا لأنها تمثل لحظة حاسمة لإنهاء واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
محمود بدر: لم يتم توجيه الدعوة إلى نتيناهو فهو ليس شريكا للسلام.. فيديو
قال النائب محمود بدر، عضو مجلس النواب، إن مصر أعادت الثقة إلى المجتمع الدولي بعد أن فقد مصداقيته أمام الشعوب جراء الظلم الواقع على القضية الفلسطينية.
أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها
قال الإعلامي أحمد موسى إن رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يعيد الرهائن رغم الإبادة التي قام بها، ولكن من استعادهم هو الرئيس الأمريكي ترامب كما أن نتنياهو سيتعرض لتكسير عظام الفترة المقبلة.
أحمد موسى: الدور المصري حاسم في وقف الحرب.. وأهالي غزة وجدوا الشمال مدمرًا بالكامل
أكد الإعلامي أحمد موسى أن مصر كان لها دور محوري وكبير في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الجهود المصرية لم تتوقف منذ بداية الحرب، سواء عبر التحركات السياسية أو الاتصالات المباشرة مع جميع الأطراف المعنية، بهدف إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ووقف نزيف الدم.
الاحتـ.ـلال يجمع الأسرى الفلسطينيين في سجني عوفر والنقب للإفراج عنهم
قال متحدث شؤون الأسري الفلسطينيين، انه من المقرر الإفراج عن 250 أسيرا من ذوي الأحكام العالية.
الرئاسة: الرئيسان السيسي وترامب سيلتقيان على هامش قمة شرم الشيخ
أعلنت الرئاسة المصرية، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، سيعقد لقاء مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب على هامش قمة شرم الشيخ للسلام.
خبير تغذية: لا مانع من استخدام أواني الطهي الأولومنيوم في تلك الحالة فقط
قال الدكتور مجدي نزيه استشاري التثقيف والإعلام الغذائي إنه لا توجد مشكلة في الكاتيل فهو مجرد آلة تستخدم للتسخين، موضحا أن البلاستيك مرفوض تمامًا.
الحكومة الإسرائيلية: الإفراج عن المحتجزين في غزة سيتم فجر الإثنين
أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل عن "الحكومة الإسرائيلية" أن الإفراج عن المحتجزين في غزة سيتم فجر الإثنين.
عمرو أديب: أنظار العالم تتجه غدا لقمة السلام بشرم الشيخ.. وتواجد أكثر من 20 قائدا
أكد الإعلامي عمرو أديب، أنه غدا، العالم كله ستتجه أنظاره إلى قمة السلام والتي ستنعقد في شرم الشيخ، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي ترامب الذي سيزور إسرائيل صباحا وزيارة لمصر ظهرا.