رفضوا النزوح وتمسكوا بالبقاء.. قصة إبادة إسرائيل لعائلة علوش بجباليا
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
غزة- تحت أنقاض منزله، ما زال جثمان صُبح علوش وحيدا بعد أن تمكن الجيران من انتشال زوجته فاطمة وأطفاله السبعة، وجثامين والديه علي ومريم وشقيقتيه هنادي وبيسان.
أما جثمانا شقيقيه عبد القادر وياسر فما زالا مع جثامين زوجتيهما صباح ومريم، وجميع أطفالهما وعددهم 11، تحت أنقاض المنزل الذي دمرته طائرات الاحتلال على رؤوس ساكنيه.
وتعرض منزل علوش الكائن في شارع غزة القديم ببلدة جباليا شمالي القطاع، والمكون من طابقين، لغارة عنيفة من طائرات حربية إسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح أمس الأحد، ليتهاوى ويتسبب في استشهاد 36 شخصا بينهم 28 من سكانه، و8 من الجيران.
وتسببت الغارة في إبادة كاملة لعائلة علوش، فقد راح ضحيتها الجد علي (65 عاما) وزوجته مريم (60 عاما)، وأبناؤهما صُبح (38 عاما)، وعبد القادر (35 عاما)، وياسر (31 عاما) وهنادي (26 عاما) وبيسان (17 عاما) وهي من ذوي الإعاقة.
كما استشهدت فاطمة زوجة صُبح وأطفالهما السبعة مريم وعلي ومحمد وأحمد وفاطمة وسمية وساجدة، إلى جانب صباح زوجة عبد القادر وأبنائهما الخمسة مريم وعلي ومحمود وصدّيق ونسرين، واستشهدت مريم زوجة ياسر وأبناؤهما الستة علي ومريم وخديجة وريماس ونور ومعتصم.
وتشن إسرائيل منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي حملة إبادة جماعية وتطهير عرقي على محافظة شمال قطاع غزة بغرض تفريغها من سكانها وتدمير مبانيها وبنيتها التحتية، ولتحقيق ذلك ترتكب جرائم كثيرة وخاصة تدمير المنازل على رؤوس سكانها دون إنذار.
ويتساءل عامر السلطان، وهو ابن شقيق الجدة مريم علوش، عن سبب إقدام إسرائيل على قتل جميع أفراد العائلة الأبرياء. ويقول إن جميع الأحفاد الشهداء الـ18 أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما. ويوضح للجزيرة نت أن الناجين الوحيدين من عائلة علوش هم بنات عمته المتزوجات وغير المقيمات في المنزل وهن ريم وفاطمة ورشا وميساء.
وبحسب السلطان، فإن جميع أفراد الأسرة "غير مهتمين بالسياسة ولا تربطهم أي علاقات مع أي من الفصائل الفلسطينية المختلفة".
ويضيف أن زوج عمته ورب المنزل الشهيد علي علوش كان مريضا بالسرطان، بينما كان ابنه الكبير صُبح يمتلك محلا لدهان الأثاث، أما عبد القادر فكان يمتلك محلا لتجهيز شبابيك الألمنيوم، وحصل قبل الحرب على تصريح عمل في إسرائيل، ويدير ياسر محلا لتقديم خدمات شبكة الإنترنت.
اختارت أسرة علوش الصمود في منزلها ببلدة جباليا وعدم النزوح إلى الجنوب، رغم تهديدات الاحتلال.
ويوضح السلطان أن أفراد العائلة رفضوا النزوح لعدم توفر أي أماكن آمنة في جميع أرجاء قطاع غزة. ويضيف "كانوا يقولون لنا: لا توجد أي أماكن آمنة، إذن نموت في منزلنا أفضل من أن نموت خارجه، كانوا دائما يرددون: إللي ربنا كاتبه بده يصير، لن نرحل من الشمال".
وآخر مرة تواصل فيها السلطان مع الأسرة كانت قبل 3 أيام بعد أن اطمأن على عمته وقال لها "ديري بالك على حالك"، فردت عليه "إللي كاتبه ربنا راح يصير".
ومنذ بداية عدوانها على شمال غزة، ارتكبت إسرائيل مجازر كثيرة بحق العائلات التي ترفض النزوح ومغادرة مناطقها.
ومما يزيد من آلام السلطان، عدم قدرته على المشاركة في جنازة أقاربه أو في أعمال انتشالهم من تحت الأنقاض نظرا لحواجز الاحتلال، وتفرّق أفراد العائلة بين شمالي القطاع وجنوبه.
ويذكر السلطان أن عمته كانت جدة حنونة على أحفادها الذين قتلهم الاحتلال برفقتها، وتحرص على رعايتهم وحكاية قصص الأطفال لهم.
قد تكون "ليلى والذئب" إحدى القصص التي كانت الجدة مريم ترويها لأحفادها، والتي تنتهي بهزيمة ذلك الوحش الضاري، لأن "الخير يغلب الشر دائما" في حكايات الأطفال. ولكنها لم تتصور يوما أن يزورها "الذئب" في منزلها ليصنع خاتمة أخرى، كتبتها ألسنة اللهب وغبار الرحيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
القراءة والكتابة في مخيمات النزوح
القراءةُ كما كل الطقوسِ الإنسانية، لها من يرغبها، وهو على أتم الاستعداد لممارستها في كل ظروفه، ولو بالحد الأدنى؛ لأنه يعتبرها الأكسجين الذي يتنفسه، أنا من أولئك الذين يفعلوا ذلك، ولله الفضل والمنة.
القراءةُ فعلٌ بشريٌ ليس كأي فعل آخر، إضافة إلى إنه أمر رباني، فهو له لوازم تسبقه، مثل توفر رغبة نفسية وراحة بال وهدوء، لضمان الخروج بنتائج إيجابية، وهذه الأشياء معدومة بغزة في ظل عدوان 2023 الذي غيّر خريطة حياتنا، فتغيرت الأولويات، وتقلصت، وصار المهم الحصول على الغذاء والأمن، وهنا تتجلى غريزة الإنسان في الحفاظ على ما يعتبره "لا بد منه".
توفر الرغبة يختصر على مُحبِ القراءة نصف الطريق، فلا يكترث بالضجيج أو أزيز الطائرات أو قصف الصواريخ أو بؤس الحياة، أو الجوع الذي ينهش الأجساد، وانعدام أبسط الحقوق البشرية، فهو برغم المعيقات يواصل مسيرة القراءة؛ لأنها تغذي روحه وعقله وتنسيه جوع جسده.
وقدر الله عز وجل لي مواصلة مسيرة القراءة، فقرأتُ ما يزيد عن 60 كتابا منذ بداية 2023 في شتى المجالات، وهذا كان ضمن خطة شخصية أُعدها سنويا وأضمن جزءا منها لقراءة الكتب، إضافة الى مواصلة مسيرة الكتابة.
لماذا نقرأ؟
القراءة في مثل هذه الظروف، خاصة إن كانت القراءة في السيرة النبوية والتجارب البشرية في كيفية التعامل مع مثل الظروف التي نمر بها، تقوي عزائمنا، وتعطينا فهما عميقا لما يدور حولنا، وأن ما حدث هو من قدر الله عز وجل، وما علينا إلا الصبر والاحتساب رغبة في كسب الأجر بانتظار النصر.
ماذا قرأت؟
قرأت كتب في السيرة النبوية، وكلها أخبرتني أن الابتلاء سنة الله في المؤمنين والرسل كلهم قد تعرضوا لذلك، والنصر للصابرين.
قرأت عن تجارب أمم انتصرت بالتضحيات لا بالكلمات، وأن فراعنة العصور كان مصيرهم الويل والثبور، والبقاء للشعوب.
قرأت إنتاجات الدكتور أحمد يوسف التي عبر فيها عن هموم وطنه، وتعرفت من خلاله على شخصيات كتب عنها، منها من قضى نحبه ومنها من ينتظر، وإبداعات الأستاذ حسني العطار الذي يلهمني دوما الجد والنشاط رغم تقدمه في العمر، فقد كتب في مجالات عديدة، وقرأت كثيرا من كتبه، وقضيتُ وقتا مع الدكتور عطا الله أبو السبح، فقرأت "ديوان الغربة" ثم حلقت معه في "خارج النص"، وأمسكت "السنبلة والسيف" وهي رواية تتحدث عن مريم فرحات منذ كانت صغيرة وأولادها صغار حتى كبرت وأنشأت أولادها على حب الجهاد، فصاروا ما صاروا أعلاما في ميدان المقاومة، وسهرت مع "المشعوذ" ليلتين، وتفحصت قصة حياته "طفولتي" بعناية، و"إلى الملتقى" أهدي إعجابي وشكري، ومن "رسائل إلى أساطيل السلطة" تعلمت كيف أقول الحق.
لم أنسَ "قضايا تفسيرية تحت الضوء" و"وعد الآخرة زوال لا إبادة" للدكتور نصر فحجان الذي يقدم لنا وجبة أمل بقرب زوال الكيان الغاضب، مستشهدا ببشريات وردت في القرآن الكريم وأحاديث رسولنا عليه الصلاة والسلام، ومن خلال محمد عبد الواحد حجازي تعرفت على "منهج اليهود في تزييف التاريخ".
ومن أجمل زهرات الكتب التي قرأتها هي رواية "صوت من وسط الظلام" للدكتورة الأديبة زهرة خدرج التي تشاطرنا همومنا وتدافع عنا وتدفع معنا ضريبة الانتماء للوطن وقول الحق، روايتها جرعة أمل تشعل النفوس للمضي نحو الهدف رغم قلة الزاد أملا بفرج وفرح من الله. قرأتُ كتاب "الحقيقة الكونية للحضارات" الذي كتبه الدكتور محمود الزهار، وقرأت كتابه "لا مستقبل بين الأمم" للكيان الغاصب، ففي كتابه هذا يفند مزاعم نتنياهو التي أوردها في كتابه "مكان تحت الشمس"، وقرأت كتاب "محاربة الإرهاب" لطاغية العصر نتنياهو الذي حرّض من خلاله الغرب على كل ما هو مسلم وأن ما يحدث الآن قد ذكره في ذاك الكتاب، وقرأت كتاب فلسطين واللعبة الماكرة للدكتور عدنان رضا النحوي.
وجهتُ قبلتي تجاه إنتاج أسرانا في سجون الاحتلال، وأعجبني انهم رغم القيود يكتبون ويُخرجون لنا تجاربهم الحياتية؛ لتكون لنا نبراسا، فدخلتُ "شريعة الغاب والخرافة" التي كشفها الأسير الدكتور "عبد الله البرغوثي" وفضح خلالها الصهيونية، وحينما انتهت الجولة أهداني "الغراقيد" وقال تفحصها، ففعلت وعرفت أن الأذى الذي أصابنا، أكثره من بني جلدتنا الذين يحفظون أمن عدونا، ومسكت "صدى القيد" الذي خطه بروحه وعقله الأسير القائد أحمد سعدات، وتحدث عن ظروف الحياة في السجون الصهيونية، والتي لا تليق بالبشر، ومع الأسير حسن سلامة قضيتُ عدة أيام، وذهلت مما كتبه في "خمسة آلاف يوم في عالم البرزخ"، وسررت حين رأيت "الحافلات تحترق"، وكتاب "ألفية حماس" الذي رسم فيه الأسير أحمد التلفيتي مسيرة حماس بالشعر.
قرأت كتبا لكتاب غربيين أسلموا وكشفوا عورة الفكر الغربي المشوه القائم على إنكار الآخر، وأنهم هم فقط يحق لهم ما لا يحق لغيرهم، وتعرفت منهم على تفاصيل عن الإسلام لم أكن أعرفها لولاهم، منهم روجيه جارودي، الفيلسوف الفرنسي الذي أسلم وصار مدافعا قويا عن الإسلام والعرب وفلسطين، وكتب "الإرهاب الغربي"، و"وعود الإسلام"، و"محاكمة جارودي"، وقرأت لناعوم تشومسكي وآخرين، وعرفت أن الحضارة الغربية التي نعيش عقدة النقص تجاهها تعيش هي عقدة نقص مع القيم الإنسانية الأصيلة، قرأت "حتى الخليل إبراهيم يريد أن يطمئن" للأمريكي المسلم" للدكتور جيفرى لانج، الذي دافع بقوة عن الإسلام وفند اتهامات الأعداء بالعقل والمنطق الذي يعترفون به.
عرفت من خلال قيس الكلبي "حقيقة محمد في التوراة والإنجيل"، وعشت مع عمر بن العزيز عدة أيام، تعرفت على عبقريته في الحكم والعدل، وأكثر ما أذهلني أن هذا الرجل الذي ملأ العالم عدلا مات ولم يزد عمره عن 40 عاما، قرأت مذكرات مالكوم كس، زعيم المسلمين السود في أمريكا حتى منتصف ستينات القرن العشرين، وعرفت كيف عانى السود من ظلم الرجل الأبيض.
تعرفت على جبل شامخ من أعلام الثورة الفلسطينية "أبو الهول" هايل عبد الحميد الذي كان له دور بارز في العمل النضالي الفلسطيني، واغتاله الموساد.
جلست مع مصطفى الرافعي "تحت راية القرآن" عدة أيام، اكتشفت أنه يفضح المنافقين الذي يتهمون الإسلام بما ليس فيه، ثم دققتُ في الجزء الثاني من نظرات المنفلوطي، فندمتُ أني تأخرت عنه كثيرا، لما فيه من رقّة وإنسانية في التعبير، وجلست يومين تأملت في الحياة مع نوال السعداوي في تأملاتها، أعجبني بعضها.
وفي الأدب، سرحت في مثالية جبران خليل جبران التي تمناها في "والعواصف" والأرواح المتمردة"، وسبحتُ مع حنا مينا في "حكاية بحار" وأعجبتني "المغامرة الأخيرة" رغم ما فيهما من نقائص وجرأة في عرض الفكرة، ومع تمرد سحر خليفة حين "لم نعد جواري لكم" و"عباد الشمس"، و"عقد في زمن الردى". ولى المغرب الحبيب "غواية الشحرور الأبيض"، للكاتب محمد شكري.
وفي التنمية البشرية عرفت "لماذا تتذكر النساء وينسى الرجال" و"الأهداف" و"تنمية الإبداع عند الأطفال"، و"الدليل الكامل للتحكم في الذاكرة"، و"الشخصية الكاريزمية" للكاتب كريم الشاذلي. وتعرفت من ديفيد نينفن على "أبسط 100 سر لإقامة علاقات رائعة"، وتعلمت من طارق سويدان "فن الإلقاء الرائع"، و"التخطيط اليوسفي" للدكتور محمد رمضان الآغا.
لم أنس المرور على التراث العربي القديم، فتعرفت من خلال عدة كتاب عن قصص العرب في عصور خلت في مجالات عدة.
ما سبق هو جزء من الكتب التي قرأتها منذ 2023 حتى الآن، وربما أتطرق لبعض الكتب في مواضع أخرى، إن كتب الله لنا في العمر بقية.
رابط قناتي في يوتيوب وفيها حديثي عن الكتب التي قرأتها:
https://www.youtube.com/shorts/EyCzTnNe3Qc