كارثة إنسانية تتكشف في القوقاز
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
«إما أن تقبلوا السيطرة السياسية لأذربيجان على إقليم ناغورنو كاراباخ أو الانسحاب منه». هذا ما يقوله الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف للسكان الأرمن في هذا الجيب النائي الذي يقع داخل حدود أذربيجان.
لكن زعماء الأغلبية الأرمنية هناك يقولون بأن سياسات علييف ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية ويبدو أن العديد من السكان مستعدون للموت جوعا بدلاً من الخضوع.
وأكد علييف في مقابلة مع قناة يورونيوز في 2 أغسطس أنّ «الناس الذين يقطنون في كاراباخ يعيشون في أذربيجان، ويجب أن يختاروا ما إذا كانوا سيعيشون كمواطنين ذي أقلية عرقية أو المغادرة. عليهم أن يختاروا».
في محاولة واضحة لفرض السيادة، أغلقت أذربيجان الطريق من أرمينيا إلى ناغورنو كاراباخ، المعروف باسم «ممر لاتشين» منذ 15 يونيو، وبدون هذا الطريق، لا يستطيع السكان الأرمن الوصول إلى الغذاء والوقود والأدوية وغيرها الإمدادات الأساسية. يقول الأذربيجانيون إنهم مستعدون لشحن الطعام من أذربيجان، لكن الأرمن يخشون أن يكون فخًا وأن تكون خطوة أولى نحو الاندماج بالقوة، لذلك أغلقوا طرق الدخول الأذربيجانية بحواجز خرسانية.
أرايك هاروتيونيان، رئيس منطقة «آرتساخ» كما يسميها الأرمن، دعا إلى دعم دولي ضد ما أسماه «سياسة الإبادة الجماعية» في بيان هذا الأسبوع: «حصار ممر لاتشين ليس حدثا منعزلاً»، ويجب اعتباره جزءًا من سياسة مخططة وواسعة النطاق ومنسقة من قبل أذربيجان تهدف إلى تدمير شعب أرتساخ ككل. وطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي.
يعمل مسؤولو وزارة الخارجية مع الشركاء الأوروبيين وروسيا لمحاولة إعادة فتح ممر لاتشين وإنهاء الأزمة الإنسانية، وأثارت محنة السكان هناك قلقًا دوليًا متزايدًا بشأن رفاهية سكان ناغورنو كاراباخ البالغ عددهم 120 ألفًا. لويس مورينو أوكامبو، المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية، أصدر تقريرًا هذا الأسبوع يزعم أن «هناك دلائل معقولة بارتكاب إبادة جماعية».
يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الأرمن في ناغورنو كاراباخ ينجحون في البقاء على قيد الحياة فقط بسبب الحدائق الخلفية وغيرها من المواد الغذائية المنتجة محليًا، ويخشون أنه في غضون شهرين، مع اقتراب فصل الشتاء، قد يواجه السكان المجاعة. يخشى الأرمن تكرار إبادة عام 1915، وهي ذكرى تاريخية دائمة للأرمن في جميع أنحاء العالم.
لحظر إمدادات الوقود تأثير مدمر داخل ناغورنو كاراباخ، ووفقًا لمسؤول أرميني، «حتى سيارات الإسعاف غير قادرة على العمل داخل ناغورنو كاراباخ لأنه ببساطة لا يوجد وقود».
الأزمة الإنسانية المحيطة بـممر لاتشين هي أحدث فصل من الصراع المستمر منذ عقود حول جيب ناغورنو كاراباخ، إذ فازت أرمينيا بالسيطرة عليه في عام 1994، لكن المناوشات استمرت على مدى السنوات الخمس والعشرين التالية. استعادت أذربيجان السيطرة في حرب عام 2020، وتركت أرمينيا في حالة ذهول وهزيمة. توسطت روسيا في الاتفاق الذي أنهى تلك الحرب، ولديها قوة حفظ سلام شكلية في ناغورنو كاراباخ، إلا أنّ قدرة موسكو على الحفاظ على السلام والاستقرار ضعفت بشدة بسبب الصراع في أوكرانيا.
صرحت الحكومة الأرمينية في يريفان، برئاسة رئيس الوزراء نيكول باشينيان، بأنها مستعدة لاتفاق سلام واسع النطاق مع باكو، وعقد الجانبان جلسات تفاوض متكررة، بما في ذلك ثلاث جلسات في الولايات المتحدة رعتها إدارة بايدن، لكن هذه العملية الدبلوماسية تعيق استمرارها أزمة ممر لاتشين.
أخبرتني دبلوماسية أرمنية هذا الأسبوع في رسالة بالبريد الإلكتروني أن حكومتها تواصل السعي إلى التطبيع مع باكو، لكنها قالت: إن يريفان تريد «ضمانات دولية» بأن اتفاق السلام «سيتم تنفيذه بالكامل» و «ضمانات للحقوق والأمن لشعب ناغورني كاراباخ».
أزمة لاتشين هي خلاصة لما كان يمثل القضية الأساسية منذ البداية، فإقليم ناغورنو كاراباخ معترف به دوليًا كجزء من أذربيجان؛ لكن الأغلبية الأرمينية هناك تريد شكلًا من أشكال تقرير المصير السياسي بدلاً من الإملاء من حكومة معادية لهم في باكو. هناك غذاء وفير ينتظر عند المعابر الحدودية المختلفة، لكن على أذربيجان بناء جسر من الثقة من خلال إنهاء أزمة ممر لاتشين الذي بدأ هذه الأزمة.
عندما زرت ستيباناكيرت عاصمة ناغورنو كاراباخ الفعلية في أبريل 2016، رأيت نصبًا تذكاريًا لروح المقاومة هناك التي من الواضح أن باكو تريد كسره، فعلى الطريق إلى المطار وقف تمثال حجري ضخم لرجل وامرأة عجوزين مدفونين على ما يبدو في جانب التل. كان اسم النصب التذكاري «أرواحنا هي جبالنا».
كانت الرسالة إلى العالم بسيطة، كما كتبت في ذلك الوقت: ليس هناك تقدم في هذا الموضوع حتى الآن. قد تكون ناغورنو كاراباخ جزءًا من أذربيجان من الناحية القانونية، لكن سيسكنها الأرمن الذين يحتاجون إلى حماية حقوقهم الإنسانية. إنّ الوقت قد حان أن تقبل جميع الأطراف هذه المعادلة بكفتيها.
ديفيد إغناتيوس يكتب عمودًا عن الشؤون الخارجية مرتين في الأسبوع لصحيفة واشنطن بوست. آخر رواياته هي ذَ بالادين.
عن واشنطن بوست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ممر لاتشین
إقرأ أيضاً:
وزير الاتصالات يشارك في احتفال أذربيجان بعيدها الوطني نيابةً عن رئيس الوزراء
أناب الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمشاركة فى الحفل الذى أقامته سفارة جمهورية أذربيجان بالقاهرة بمناسبة العيد الوطنى لجمهورية أذربيجان وتقديم التهنئة نيابة عن الحكومة المصرية.
حضر فعاليات الحفل؛ الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف، وعدد من رجال السلك الدبلوماسى المصرى والأجنبى، وعدد من أعضاء مجلسى النواب والشيوخ المصرى.
وألقى الدكتور عمرو طلعت كلمة استهلها بنقل تهنئة الدكتور مصطفى مدبولى إلى قيادة وشعب جمهورية أذربيجان بمناسبة عيدهم الوطنى.
فيما أشاد الدكتور عمرو طلعت فى كلمته، بمسيرة أذربيجان، منذ إعلان الاستقلال فى عام 1918، وصولا إلى التحرير وإعادة الاستقلال فى عام 1991، وحتى نهضتها اليوم كدولة نابضة بالحياة تتطلع بثبات نحو المستقبل.
وأشار الدكتور عمرو طلعت إلى أن مصر وأذربيجان تجمعهما قيم مشتركة والتزام راسخ بمواءمة التراث العريق مع متطلبات المستقبل الواعد، وهو ما تجسد فى الزيارة التاريخية التى قام بها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى أذربيجان، كأول زيارة لرئيس مصرى، والتى أرست أساسا قويا لتعزيز التعاون الثنائى بين البلدين فى عدة مجالات من بينها الاقتصاد الرقمى والبنية التحتية الذكية والابتكار؛ كما تلتها زيارة الرئيس إلهام علييف إلى مصر والتى ساهمت فى تعزيز الشراكة.
وأوضح الدكتور عمرو طلعت أن العلاقات الثنائية تشهد تعاونًا متناميًا فى عدد من القطاعات الحيوية، ومنها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ مشيرا إلى انه تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة التنمية الرقمية والنقل فى أذربيجان.
تستهدف المذكرة، التعاون فى بناء منظومات رقمية مرنة، وتبادل الخبرات، ودعم ريادة الأعمال لدى الشباب، وتبنى التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعى وسلسلة الكتل ؛ مؤكدا أن هذا التعاون لا يقتصر فقط على الجوانب التقنية، بل يعكس التزامًا مشتركًا لتطويع التكنولوجيا والاستفادة من إمكانياتها لخدمة الشعبين وتعزيز الشمول الرقمى، وبناء اقتصادات مرنة بما يتواكب مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
كما أشار الدكتور عمرو طلعت إلى التقارب فى مواقف البلدين تجاه قضايا التنمية المستدامة والعمل المناخى على الساحة الدولية؛ موجها التهنئة لأذربيجان على استضافتها الناجحة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ COP29 فى باكو، بعد استضافة مصر لمؤتمر COP27 فى شرم الشيخ، وهو ما يعكس توافق الرؤى بين البلدين فى المضى قدمًا نحو صياغة مستقبل أكثر استدامة.
واختتم الدكتور عمرو طلعت كلمته بالتأكيد على أن تاريخ ومستقبل مصر وأذربيجان تجمعهم روابط من القيم المشتركة، والاحترام المتبادل، والرؤية الموحدة للتعاون البناء؛ معربًا عن تطلعه إلى استمرار نمو هذه العلاقات لتعزيز التعاون المشترك نحو مستقبل رقمى مستدام.
فيما رحب ألخان بولوخوف سفير جمهورية أذربيجان لدى القاهرة، بالدكتور عمرو طلعت، قائلا: "إن مصر وأذربيجان تتمتعان بتاريخ طويل من العلاقات الودية ووجودكم فى هذا الحدث دليل على ذلك، ولقد شهدنا خلال السنوات الثلاث الماضية تواصلا مكثفا".