الحبس المنزلي سلاح إسرائيلي لقمع أطفال القدس وإرباك أسرهم
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
الحبس المنزلي إجراء تتخذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمعاقبة الأطفال المقدسيين وتقييد حريتهم، وتحمل أسرهم مسؤولية أي خرق لهذا الإجراء. وهو أشبه ما يكون بفرض إقامة جبرية على الأطفال وذويهم.
ومن الانعكاسات السلبية لهذا الإجراء أنه يمنع الأطفال من التعليم ومن كثير من حقوقهم الأساسية والطبيعية.
ما الحبس المنزلي؟الحبس المنزلي هو حكم تفرض فيه المحاكم الإسرائيلية على الشخص المكوث فترات محددة داخل منزله أو في منزل أحد الأقرباء أو الأصدقاء بشكل قسري.
وقد تمدد محكمة الاحتلال الحبس لفترات جديدة، وكل من يخالف قراراتها يتعرض لعقوبات إضافية.
كما توضع لبعض المحكوم عليهم بالحبس المنزلي أجهزة تتبع مثل الأسورة الإلكترونية العاملة بنظام تتبع المواقع العالمي (جي بي إس)، من أجل مراقبة تحركاتهم ومنعهم من التحايل على قرارات الحبس.
والحبس المنزلي يقيد المحبوس وكفيله، ويحدث حالة من التوتر الدائم، ويمنعهم من بعض المصالح والحاجات الضرورية كالمستشفى أو المدرسة، ويحول الأهل إلى سجانين يسهرون على تطبيق قرارات المحاكم بهذا الشأن.
أنواع الحبس المنزلي
ويمكن تقسيم الحبس المنزلي إلى نوعين:
الأول: إلزام المحكوم عليه بالبقاء في بيته وعدم الخروج منه بشكل مطلق في فترة محددة. الثاني: إلزام المحكوم عليه بقضاء فترة الحكم في بيت أحد الأقارب البعيدين عن بيت العائلة ومنطقة سكنهم، وهو ما يشتت العائلة ويزيد حالة القلق والتوتر. آثار الحبس المنزليمن الآثار المرافقة للحبس المنزلي توتر العلاقة بين المحكوم عليهم -وخاصة الأطفال- وأهلهم نتيجة شعور الطفل بأن أهله هم من يعتقلونه، وأن البيت الذي يفترض أن يكون موقعا للشعور بالأمان أصبح سجنا.
كما يترتب على الحبس المنزلي في كثير من الأحيان حرمان الأطفال من حقهم في التعليم وشعورهم بالضغط وممارسة الرقابة الذاتية على أنفسهم.
ويترك الحبس المنزلي آثارا نفسية صعبة على الأطفال وعلى ذويهم، الذين يضطرون لمراقبة أطفالهم بشكل دائم ومنعهم من الخروج من البيت، لذا فإن أغلبية الأطفال يفضلون البقاء في السجون الإسرائيلية على الخروج إلى الحبس المنزلي، لما يُحدثه من مشكلات اجتماعية وتوتر وعدم استقرار في العلاقة الأسرية بين الطفل وأسرته.
أما بالنسبة للكبار فإن الحبس المنزلي لأطفالهم يمنعهم من مباشرة أعمالهم وأنشطتهم في حياتهم اليومية.
والحبس المنزلي إجراء تعسفي وغير أخلاقي، ويتناقض بشكل صارخ مع قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي منحت الكثير من الحقوق للأطفال، وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.
كما يشكل الحبس المنزلي عقوبة جماعية للأسرة بمجموع أفرادها، إذ يمنعها من ممارسة حياتها ونشاطاتها اليومية بشكل طبيعي، ويضعها في حالة استنفار دائم حرصا على حماية طفلها من خطر تبعات تجاوزه الأحكام القضائية والشروط المفروضة عليه.
لماذا تعتمد إسرائيل الحبس المنزلي؟تلجأ إسرائيل إلى الحبس المنزلي من أجل التحلل من مسؤولياتها والتخفيف من عمليات اعتقال الأطفال وعدم إبقائهم داخل سجونها، ولا سيما من تقل أعمارهم عن 14 عاما.
وتجنبا للانتقادات الحقوقية، وسعيا منها للحفاظ على "صورتها" أمام المجتمع الدولي، لكن في الجانب الآخر، فإن سياسة الحبس المنزلي هي سياسة لقهر الإنسان الفلسطيني، ونوع من الانتقام والتعذيب للأطفال وللكبار بهدف ترويعهم، في سياق عقاب جماعي.
كما درج الاحتلال على وضع المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى قيد الحبس المنزلي لمنعهم من الوصول للمسجد وإبقائهم بعيدين عنه.
هل يعتمد الحبس المنزلي على سند قانوني؟
ينص القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني على ضمان حرية الأطفال وتمتعهم بالأمن والحماية والكرامة، وتنص اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 في مادتها (37 أ) على ألا يتعرض أي طفل للتعذيب أو لأي عقوبة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة.
كما تنص الفقرة (ب) على أنه لا يجوز حرمان أي طفل من حريته بصورة تعسفية أو غير قانونية، كما تؤكد المادة نفسها أنه في حالة الاعتقال (واعتبرتها حالة استثنائية) فإنه يجب أن يجري اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون، واعتبرت الاعتقال آخر تدبير يمكن اللجوء إليه، ويجب أن يكون لأقصر فترة زمنية، فضلا عن ضمان الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام محكمة مستقلة ومحايدة.
ودعت اتفاقيات جنيف الأربع لأن يكون الأطفال خارج دائرة الاستهداف في حالات النزاعات المسلحة وأن يتم تجنيبهم آثار الحروب.
لكن في حالة الحبس المنزلي فالوضع عكس ذلك تماما، فإسرائيل تجعل الاعتقال الخيار الأول في التعامل مع الأطفال، وتعرضهم للضرب والإهانة منذ لحظة الاعتقال، ويتم التحقيق معهم واستجوابهم في ظل غياب المحامي أو الوالدين، وفي ذلك مخالفة للقانون.
الحبس المنزلي للأطفال المقدسيين
تركز سلطات الاحتلال في الحبس المنزلي على الأطفال المقدسيين دون سن 18 عاما، وخاصة من هم دون 14 عاما، لأن القانون الإسرائيلي لا يجيز تنفيذ الحبس الفعلي بحق هذه الفئة.
لذلك تفرض عليهم الحبس المنزلي أثناء إجراءات المحاكمة التي قد تستغرق وقتا طويلا حتى بلوغهم سن الـ14، وهو السن الذي يمنح فيه القانون سلطات الاحتلال فرض الحبس الفعلي بحقهم، دون احتساب مدة السجن المنزلي، حتى وإن استمرت لسنوات، أو تكررت لعدة مرات.
ونادرا ما يُسمح للطفل، في مراحل متقدمة وبعد أشهر من الحبس المنزلي، بالتوجه إلى المدرسة أو العيادة برفقة الكفيل.
يتعرض الأطفال الفلسطينيون أثناء فترة الاعتقال لأنماط متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية منذ لحظة إلقاء القبض عليهم، إضافة إلى طرق التحقيق المتنوعة والقاسية التي تمارس ضدهم، وإجراءات المحاكم التعسفية وغير العادلة بحقهم.
وبعد عملية الاعتقال يتم نقل الطفل إلى أحد مراكز التحقيق أو التوقيف العسكرية أو مراكز التحقيق التي تخضع مباشرة لإشراف جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، وفيها يخضعون لأنماط مختلفة من التعذيب والإهانة منها:
استجواب الأطفال القاطنين في مناطق الاشتباك في محاولة للحصول منهم على معلومات، وتعريضهم للضرب. ابتزاز القاصرين وتهديدهم للتوقيع على اعترافات باللغة العبرية لا يعرفون مضمونها. الضغط عليهم باستغلال حاجتهم للطعام وقضاء الحاجة لانتزاع اعترافات، إذ يؤخر عنهم المحققون الوجبات، ويمنعونهم من الذهاب إلى الحمام. إحصاءات وأرقاموأفادت لجنة أهالي أسرى القدس، أن سلطات الاحتلال أصدرت نحو 2200 قرار بالحبس المنزلي منذ يناير/كانون الثاني 2018 وحتى مارس/آذار 2022 منهم 114 طفلا كانت أعمارهم أقل من 12 عاما.
كما ذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن "أكثر من 600 حالة حبس منزلي حصلت خلال العام 2022".
وتراجعت قرارات الحبس المنزلي المفتوح عامي 2021 و2022، بعد موجة جديدة من القوانين الإسرائيلية التي تجيز اعتقال الأطفال القُصّر ومن هم دون 14 عاما.
كما يتم تغليظ العقوبة بحق الأطفال المتهمين برشق القوات الإسرائيلية بالحجارة، مما منح شرطة الاحتلال والمحاكم صلاحيات أوسع باستمرار اعتقال الأطفال وتمديد فترة وجودهم في السجن الفعلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القانون الدولی سلطات الاحتلال الحبس المنزلی
إقرأ أيضاً:
احذر ترك طفلك في السيارة ولو لدقائق خلال الصيف.. ارتفاع حاد في وفيات الأطفال
رغم التطورات التكنولوجية والجهود المستمرة من شركات السيارات، شهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا حادًا في عدد وفيات الأطفال داخل السيارات الساخنة خلال عام 2024، بنسبة بلغت 35% مقارنة بالعام السابق.
أثار هذا الارتفاع المفزع قلق الخبراء ودفع الجمعية الأمريكية للسيارات (AAA) لإصدار تحذيرات عاجلة تحث الآباء ومقدمي الرعاية على توخي الحذر الشديد.
أرقام صادمة ومؤشرات مقلقةكشفت بيانات الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة أن 39 طفلاً لقوا حتفهم بسبب التعرض لحرارة زائدة داخل السيارات في عام 2024، مقابل 29 حالة في 2023.
ويعتبر هذا الرقم أعلى من المتوسط السنوي البالغ 37 حالة وفاة، ما يوضح أن الخطر لا يزال قائمًا رغم حملات التوعية والتقنيات الجديدة.
الأمر المثير للقلق أن هذه الحوادث لا تحدث فقط في أيام الحر الشديد، بل حتى في درجات حرارة معتدلة.
فمثلًا، توفي طفل يبلغ من العمر شهرين في يوم لم تتجاوز فيه الحرارة 22 درجة مئوية.
وفي يوم صيفي تبلغ حرارته 26 درجة، يمكن أن تصل درجة حرارة السيارة إلى 38 درجة خلال 10 دقائق فقط، وإلى أكثر من 39 درجة خلال 20 دقيقة.
أما في الأيام الحارة، فتصل الحرارة داخل السيارة إلى أكثر من 60 درجة مئوية (140 فهرنهايت)، ما يجعل بقاء أي شخص داخلها خطرًا مميتًا حتى مع فتح النوافذ.
يتميز عدد من السيارات الجديدة اليوم بنظام تنبيه للمقاعد الخلفية لتذكير السائقين بوجود ركاب، وخاصة الأطفال، قبل مغادرة السيارة. لكن رغم ذلك، لا تزال المشكلة تتفاقم.
تشير تقارير AAA إلى أن 52% من هذه الحوادث ناتجة عن نسيان الطفل داخل السيارة، بينما 22% حدثت بسبب ترك الطفل عمدًا لفترة قصيرة، ظنًا بأن الأمر آمن.
والأخطر أن 25% من الحالات وقعت لأن الطفل دخل السيارة وحده وأغلقها على نفسه دون علم البالغين.
كيف تحمي طفلك من هذا الخطر القاتل؟افحص المقاعد الخلفية دائمًا قبل مغادرة السيارة، واجعلها عادة يومية.احتفظ بأغراضك الشخصية (محفظة، هاتف، حقيبة يد) في المقعد الخلفي لتتذكر النظر إليه.أغلق السيارة بإحكام حتى داخل المنزل أو في الجراج، لمنع دخول الأطفال إليها.علم أطفالك أن السيارة ليست مكانًا للعب، وراقبهم دائمًا عند اقترابهم منها.المأساة يمكن أن تحدث في دقائق معدودة، حتى في طقس لا يبدو حارًا.
وعلى الرغم من وجود تقنيات مساعدة، تبقى يقظة الأهل ومقدمي الرعاية هي خط الدفاع الأول.
فكل خطوة بسيطة من الانتباه يمكن أن تنقذ حياة.