"أهل الكهف" تخلق معارك أدبية بين الحكيم وعميد الأدب العربي.. وحساب عسير من طه حسين
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
خاض الأديب توفيق الحكيم معارك أدبية كثيرة مع عميد الأدب العربي طه حسين التي خلقت بينهما صداقة قوية على الرغم من احتدام الخلاف الذي وصل إلى أن يرد كل واحد منهما على الآخر في مقال مختلف مدافعا عن رأيه وحجته الفكرية التي يقتنع بها، وهو الأمر الذي جعل الأديب أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة الذي أسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في نشر هذه المعارك على صفحات مجلة الرسالة معللا في ذلك أن مثل هذه المعارك تثري الساحة الأدبية والثقافية بصرف النظر عما يكتنفها من خصومة وخلافات شخصية .
الخلاف بين توفيق الحكيم وطه حسين بدأ عندما أصدر الحكيم مسرحيته" أهل الكهف" التي أحدثت دويا كبيرا في الوسط الثقافي فعّلق عليها كبار الأدباء والكُتاب عدا طه حسين، وذلك على الرغم من الصداقة بين الطرفين إلا أنه لم يهدي الحكيم كتابه " أهل الكهف " لعميد الأدب العربي.
عميد الأدب العربي طه حسين
وفي هذا الأمر وجه طه حسين حديثه إلى توفيق الحكيم في لهجة حملت معها كثيرا من السخرية والعتاب قائلا: وأنا على كل حال أهدي إلى الكاتب الصديق تهنئة خاصة وشكرا جميلا لأنه تفّضل فلم يرسل لي كتابا من كتبه منذ سنين فله الشكر، وإن كنت أرجو أن يأذن لي في أن آخذ شيئا من هذا الشكر لأهديه إلى الصديق الكريم الذي أعارني هذا الكتاب قاصدا بذلك كتاب أهل الكهف للحكيم".
كان للحكيم علته في عدم إهداء كتابه لطه حسين على الرغم من الصداقة القوية بينهما لأن أحد الأصدقاء لطه حسين أبلغه أن سيكتب عن صديقه الحكيم وسيكون معه حساب عسير فلما عرف بذلك الحكيم قال له " أرجوك أبعد عني هذا الرجل ، فالكتاب الآن قد كُتب عنه بما فيه الكفاية والمطبوع من الكتاب قد نفد" لكن هذا الأمر لم يصرف طه حسين عما يريد وكتب في مجلة الرسالة مقالا عن كتابين الأول عن رواية باللغة الفرنسية لأديبة لبنانية اسمها " إيمي خير " بعنوان " سلمى وقريتها" والكتاب الثاني باللغة العربية وهو " أهل الكهف" .
بدأ طه حسين هذا المقال ذاكرا أنه يتمنى للكتاب الأول أن يُترجم للغة العربية والثاني للغة الفرنسية ,
علق طه حسين على " أهل الكهف" قائلا : " إنه حادث ذو خطر لا أقول في الأدب المصري فحسب بل في الأدب العربي كله ، وأقول من دون تحفظ ولا احتياط وأقول هذا مغتبطا به مبتهجا له وأي محب للادب العربي يغتبط ويبتهج حين يستطيع أن يقول وهو واثق بأن يقول أن فنا جديدا قد نشأ وأُضيف إليه بابا جديدا قد فتح للكتاب قاصدا بذلك باب التمثيلية الأدبية وأصبحوا قادرين أن يلجوه وينتهوا منه إلى آماد بعيدة رفيعة ما كنا نقدر أنهم يستطيعون أن يفكروا فيها الآن "
وكان الحساب العسير الذي وعد به طه حسين الحكيم عبارة عن غلطة نحوية قال عنها الحكيم لعلها كانت غلطة مطبعية .
المفاجأة حدثت عندما قرأ الحكيم هذا المقال وما ذكره طه حسين ومدحه للحكيم في أن له الفضل في تأسيس الأدب التمثيلي ، فما كان من الحكيم إلا أنه أنكر هذا الفضل لنفسه أن أن يكون صاحب الفضل في فتح هذا الباب في الأدب العربي ، وأرجع إلى أن الفضل يعود في ذلك الأمر للجاحظ لأنه وجد عنده كلاما كالحوار التمثيلي لم يرى مثله حتى في كتاب " الأغاني" لا من حيث الشكل ولا المضمون ولا التصوير العاطفي ،ونقل هذا الحوار الحكيم على شكل منظر صغير بعنوان " الفراق" واصفا بأنه لم يمسه بأي تغيير لا في الألفاظ ولا المعاني ولا الشخصيات وعلى هذا فالفضل يعود للجاحظ في تأسيس الأدب العربي التمثيلي.
وقال الحكيم أنه كان في مقدوره أن يجعل منه فصلا كبيرا لكنه قصد أن يثبته على أصله وبلغته كما صدر من الجاحظ .
طه حسين لم يسكت بعدما عرف رأي الحكي في كتبه فيه وذكره من أنه صاحب فضل في تأسيس الأدب التمثيلي لينكر هذا الأمر الحكيم ورد عليه ساخرا منه قائلا : " أتزعم أن الجاحظ عرف التمثيل وحواره ، وظل الحكيم على رأيه في هذا الأمر إلى أن مات وهو مقتنع أشد الاقتناع بأن تراثنا العربي غني وعظيم ، أما طه حسين فظل هو الآخر مقتنعا برأيه بأن توفيق الحكيم هو صاحب الفضل الأول في ميلاد فن الأدب التمثيلي في الأدب العربي كله.
ذكر في كتابه أيام العمر أن الخلاف بين طه حسين والحكيم لم يقف عند حد من يكون له الفضل في إنشاء فن الأدب التمثيلي في اللغة العربية ، بل تعداه إلى سوء فهم وقطيعة كبرى بينهما والسبب في ذلك وشاية من صديق الحكيم زادت الأمر سوءا بينهما حين جاءه مبادرا بسؤاله هل قرأت مقال طه حسين عن كتابك ولم يتح هذا الواشي للحكيم أن يجيب أو يتحدث في الأمر وقال له إن طه حسين خبيث وأن بين سطوره ما يخيفه ، وهو ما أثار انفعال الحكيم وأرسل إلى طه حسين خطابا فظا ما كاد يقرأ عليه حتى صاح فيمن حوله قائلا : " سبحان الله لقد نشرت مقالا عن الكتاب الذي صدر له ليس فيه غير الاعجاب فرد علي يشتمني"، وصارت قطيعة بينهما حتى عاد الحكيم لقراءة مقال طه حسين في هدوء فلم يجد فيه ما يستحق غير الشكر وندم على عجلته في ظلم طه حسين.
ويبدو أن كتابا أهل الكهف كان عائقا بين الحكيم وطه حسين في كل قت ليتجدد الخلاف مرة أخرى عقب عزم الحكيم على إصدار طبعة ثانية لاهل الكهف بعد نفاد الطبعة الأولى ، الامر الذي جعل طه حسين يبدي رغبته في كتابة مقدمة لها ، ليتجدد الخلاف بسبب هذه الرغبة ‘ فمن وجهة نظر الحكيم أن ذلك الامر هو هواية طه حسين في كتابة المقدمات للكتب التي تصدر ، خاصة إذا كانت لأصحاب المكانة الأدبية أو الأهمية من وجهة نظره ، فهو الذي كتب مقدمة لديوان " الخليل " للشاعر خليل مطران ، ولكتاب " المرآة " لعبدالعزيز البشري ، ولكتاب " فجر الإسلام" لأحمد أمين وغيرهم .
الحكيم هنا لم يتحمس لكتابة طه حسين المقدمة لن يكره المقدمات ويمقته لانه يرى في ذلك المقدمة يكتبها احد الكُتاب المشهورين وقلما يقروؤن ما يقدمون له من كتب ، فهو لا يسعى للتمحك في الكتاب المشاهير ليحظى بمقدمة لا تظهر إلا النفاق من كاتبها وجهله بالكتاب ذاته.
ونُشرت الطبعة الثانية دون مقدمة الامر الذي اغضب طه حسين الذي أبطأ بالمقدمة أسبوعين ، وظن أن الحكيم قد اسند كتابة المقدمة لغيره وهو ما لم يخطر ببال الحكيم تماما.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: توفيق الحكيم طه حسين الأدب العربی هذا الأمر فی الأدب طه حسین فی ذلک
إقرأ أيضاً:
الأدب السري لمسلمي إسبانيا الأواخر.. الألخميادو وتلمس سبل النجاة بالكتابة
في زوايا التاريخ المنسي، حيث الكلمات كانت تكتب خلسة، وتخفى تحت الأرض أو بين الجدران، ولد أدب لا يشبه سواه، إنه "الأدب السري لمسلمي إسبانيا الأواخر" الذي يكشف عن وجدان الموريسكيين، أولئك الذين نزعوا من أوطانهم أو أجبروا على التخلي عن معتقداتهم، فاختاروا أن يقاوموا بالصمت، بالحروف، وبما استطاعوا إليه سبيلا.
في هذا الكتاب، تقدم الكاتبة لوثي لوبيت بارالت، وهي من أبرز الباحثين في الدراسات الإسبانية ومن أحفاد أولئك المنفيين، عملا علميا وإنسانيا بالغ الأهمية، ينبش في ذاكرة أندلسية مطمورة، ويعيد بعث أصوات أريد لها أن تدفن.
وهو كتاب يتجاوز حدود البحث الأكاديمي، ليغدو مرآة لوجع حضاري، ووثيقة شاهدة على زمن الصمت المجبر والمقاومة المواربة ونال جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة 2023م.
وتقول مؤلفته في إهدائه:
إلى المؤلفين المجهولين الذين دونوا -مخاطرين بحياتهم- هذا الأدب السري؛ الذين هم على الحقيقة مؤلفو هذا الكتاب.
وصدر الكتاب عن مركز البحوث والتواصل المعرفي بالرياض مع مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بتونس، بإشراف الدكتور عبد الجليل التميمي، وترجمة كل من الدكتورين محمد برادة ونادية العشيري، ومراجعة كل من د. حسام الدين شاشية، ود. ياسر سرحان.
ومؤلفة الكتاب لوثي بارالت من أبرز الأكاديميين والباحثين في الدراسات الأدبية الإسبانية، وتعمل أستاذة للأدب المقارن في جامعة بورتوريكو، تولت منصب نائب رئيس الجمعية العلمية الدولية لدارسي اللغة والآداب الإسبانية، وتولت أيضا منصب نائب رئيس اللجنة العالمية للدراسات الموريسكية بتونس منذ سنة 1983، وخلال عملها استطاعت الوصول إلى مخطوطات في أهم مكتبات أوروبا وتركيا وبعض البلدان العربية، مخطوطات كتبت في هذه المرحلة التي هي مرحلة التهجير القسري وتغيير المعتقدات، فكانت اكتشافاتها هذه سببا لنشرها عددا من الأعمال الأكاديمية المتميزة، وقد نشرت أعمالها بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، وترجمت إلى لغات عدة، تجمع أعمالها كلها صورة أندلس الحضارة المشرقة مع حنين وحزن كامن يتسلل إليك من بين السطور.
إعلان السياق التاريخي لأدب الموريسكيينبين سقوط غرناطة عام 1492م إلى نحو عام 1609 تبدت نتائج المأساة الكبرى للشعب الموريسكي، وهم مسلمو الأندلس المضطهدون سواء منهم من تعرض للتهجير الجماعي قسرا، ومن بقي في بلاده وأجبر إثر هذا على تغيير معتقده بالإكراه.
وكان ذلك حين أذاق الإسبان أهل تلك البلاد ألوان العذاب والتنكيل، ومن صور تلك المأساة التقارير التي كانت ترفع إلى دوائر الحكم في غرناطة وإلى الكنائس للتحذير من هؤلاء الموريسكيين خشية ثقافتهم وتأثيرهم على غيرهم، فكانت نتيجة هذه التقارير والتحذيرات صدور قرارات كثيرة تحظر عادات الموريسكيين، فضلا عن دينهم، بل لقد صدر قرار جعل التخاطب والتعامل باللغة العربية جريمة عام 1566م مما جعلهم يبتدعون لغة خاصة يكتبون بها بينهم، عرفت بلغة الألخميادو وهي خليط من القشتالية والعربية ولهجات أخرى محلية.
فهو أدب إسباني، كتبه الموريسكيون بالحروف العربية، يكشف عن اهتماماتهم اليومية ويعبرون فيه عن أفكارهم ومشاعرهم الدفينة، فكان أدب الألخميادو وسيلة لحفظ وجودهم من الانقراض الثقافي والشخصي الذي كان يهددهم، وكانت هذه اللغة حصن الأندلس الأخير التي حاول المسلمون توريث عقيدتهم لأبنائهم بها سرا.
فهي إذن كتابات إسبانية، خطها العربي، تتخللها مصطلحات عربية وإسلامية.
كتابات بين الجدران وتحت الأرضومؤلفة هذا الكتاب، واحدة من أحفاد الموريسكيين الذين ذاقوا المعاناة وتعرضوا للمضايقات ولاضطهاد محاكم التفتيش من الإسبان، الذين فروا إلى أميركا اللاتينية.
وأفصحت المخطوطات والوثائق الأدبية الموريسكية المبعوثة من موت حقيقي-حيث كان الموريسكويون يكتبون ما تخفي صدورهم، ثم يخفون كتاباتهم ما استطاعوا، وكثيرا ما كانوا يدفنونها في الجدران وفي الأسقف وفي الأرضيات حتى خرجت مع التنقيبات -عن سيل من الفظائع التي كانت ترتكبها السلطات الإسبانية.
سعت الكاتبة إلى إبراز الحقائق برؤية موضوعية واضحة ومنهج علمي رصين وتناغم وعمل مع مجموعة من الباحثين الشباب المهرة الجادين لإبراز أدب الموريسكيين الأندلسي.
إعلانومما يجدر ذكره، ملاحظة أشارت المؤلفة إليها؛ هي أن الموريسكيين ليسوا جميعا مسلمين بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكنها آثرت وصفهم بالمسلمين عامة احتراما لذاكرتهم وثقافتهم.
عرض الكتابتحتوي فصول الكتاب التي توزعت على مجلدين في 1153 صفحة على مخطوطات في علم التنجيم الإسلامي، ومخططات لنبوءات عمّا سيكون في نهاية الزمان بإسبانيا، ومخطوطات تتحدث عن مشروبات وتمائم وتعاويذ تقي من السوء، ومخطوطات في تفسير الأحلام، ووثائق لأطباء ومعالجين موريسكيين، ومخطوط أشبه ما يكون بدليل سفر من إسبانيا إلى تركيا مع تنبيهات على الطريق.
ومخطوط لمسلم ريكوتي يخبرنا عن محنته الخفية في منفاه بتونس، ومخطوطات عن آداب الزواج، وأخرى لأساطير وقصص ذات طابع إسلامي للاجئ في تونس.
فهذا الكتاب يحتوي على كل ما استطاعت المؤلفة الوصول إليه من معارف، كتبها أهل تلك المحنة بوصفهم شاهدين على عصرهم في عموم العلوم، أدبية كانت بالمعنى الاصطلاحي، أم غيرها، فقد اهتمت المؤلفة بكتاباتهم في الطب أو التداوي والوصفات السحرية والنبوءات الأخروية وتفسير الأحلام وفي النجوم وفي الرحلات وفي كتاباتهم في بعض الآداب الإسلامية وكتابات المنفى، حيث اقتفت الكاتبة آثار خطى لوبي دي فيغا في المنفى في مسالك سرية، كان قد سلكها فرارا من إسبانيا.
وجاءت الكاتبة إلى هذه الوثائق الأدبية جميعها، وترجمتها، وأتبعت الترجمة نبذة تاريخية عنها.
الكتابة من أشكال النجاةوحاولت بارالت في عملها فك رمزية النصوص الموريسكية التي عثرت عليها في المخطوطات؛ ما كان منها حصيلة فكر المسلمين الموريسكيين ورؤاهم، وما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم من نصوص، حرصوا أشد الحرص على تناقلها بسرية بينهم، وسعت بارالت إلى قراءة ما تنم عنه تلك الكتابات من صراعات داخلية ومعاناة، وما تحمله سطورهم تلك من ملامحهم المهاجرة التي حاول الحكام الإسبان تغييبها وطمسها.
إعلانولمقاربة تلك النصوص المكتوبة بالوجه الأمثل، فقد نظرت إليها الكاتبة على أنها كتابات متناصّة في أصلها، متفاعلة في جوهرها مع النصوص الإسلامية القديمة التي حافظ عليها الموريسكيون وتناقلوها هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد بحثت عنها الكاتبة في الكتابات الإسبانية التي كانت معاصرة لها في تلك المرحلة.
نموذج من تلك الرسائل السرية التي عثر عليها في إحدى المخطوطات، رسالة موجهة إلى فقيه أو عالم بالشريعة تطلب فيها منه صاحبة الرسالة، أن يرسل إليها سرا سجادة لتصلي عليها، ويشرح أن نسيجها ينبغي أن تكون مادته حلالا ويؤرخ الرسالة العاجلة التي وصلته بالجمعة الرابع من رمضان.
View this post on InstagramA post shared by ابن الأندلس بالتبني ❤ (@ajzkhanh)
أدب الألخميادويبيّن هذا الكتاب في ثناياه أهمية أدب الألخميادو ودوره في الحفاظ على الهوية الإسلامية للموريسكيين زمنا في ظل الاضطهاد الديني.
ويشتمل على وصف السياق التاريخي للموريسكيين بتحليل الظروف التاريخية والسياسية التي أحاطت بالموريسكيين بعد سقوط الأندلس، والتحديات التي واجهوها للحفاظ على دينهم وثقافتهم، يفهم ذلك في سياق تحليل مخطوطاتهم والحديث عنها، وفيه وصف لنشأة وتطور أدب الألخيمادو بصفته وسيلة للتعبير والحفاظ على التعاليم الإسلامية، مع تحليل للخصائص اللغوية لأدب الألخميادو.
ومن أبرز ما يلاحظ بخصوص هذه المخطوطات ما خرج منها إلى النور بعد طباعته وترجمته أنه ذو طبيعة هجينة مولدة افترضتها طبيعة المرحلة، وذو طبيعة ملغزة خفية اقتضاها التضييق والتنكيل والخشية على النفس والمعتقد.
ولعل المزية الأساسية لهذه المخطوطات السرية قيمتها الإنسانية والتاريخية والثقافية، فهي شهادة على زمن من المأساة وعلى مقاومة الإنسان المسلم سلخه هويته حتى الرمق الأخير.
وفي ظل الاهتمام المتزايد في الوسط الأكاديمي منذ خمسة عقود بهذا الأدب الموريسكي الذي كان مرآة عكست كثيرا مما حوته صدور هؤلاء المظلومين من أسى، فهذا الكتاب حلقة من هذه السلسلة، وهو كما يقول الدكتور عبد الجليل التميمي صفحة جديدة وواعدة لعلم الموريسكولوجيا.
إعلانوكتاب "الأدب السري" بما يحتويه من مخطوطات أصيلة وترجمة وتحليلات صفحة مهمة ومركزية في الحديث عن أدب المسلمين الأواخر في إسبانيا إذ صارت هذه الكتابات أسلحة للنضال الثقافي وضمانات لهوية كادت تضيع.