المسلة:
2025-12-13@15:40:32 GMT

كيف تصبح الثرثرة بديلاً عن المعرفة؟

تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT

كيف تصبح الثرثرة بديلاً عن المعرفة؟

27 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة:

رياض الفرطوسي

“الحمقى يعرفون كل شيء عن أي شيء”، هذا ما قاله ميلان كونديرا، مشيراً إلى ظاهرة غريبة تجعل الثرثرة بديلاً للمعرفة. هؤلاء الذين يدّعون امتلاك الإجابات على كل الأسئلة لا يفسرون في الواقع أي شيء.

كلماتهم تتحول إلى ضجيج فارغ يملأ الأجواء دون أن يثمر فكرة، مثل صحراء لا حياة فيها .

الثرثرة ليست مجرد كلمات فارغة، بل هي أحد مظاهر غياب العمق.

كما يقول برتراند راسل: “الحمقى واثقون، بينما الحكماء مليئون بالشك”. هذه الثقة العمياء لدى الحمقى لا تأتي من إدراكهم، بل من افتقارهم للمعرفة الحقيقية والوعي الذاتي. إنهم يرون أنفسهم في مرايا مشوهة تعكس صوراً من صنع الوهم، ما يجعلهم يهربون إلى بيئات تافهة خالية من النقد أو الحوار الحقيقي.

وفي هذه البيئة، يصبح العنف أحياناً النتيجة الحتمية لغياب الحوار والفهم. نعوم تشومسكي يشرح هذه الفكرة في كتابه غريزة الحرية، حيث يقول: “أي إنسان ذي فكر أو إنسانية لن يدين بسرعة العنف الذي يحدث عندما تتمرد الجماهير المظلومة ضد مضطهديهم”.

وهذا العنف، رغم قسوته، يعبر أحياناً عن صرخة مظلوم، على عكس الثرثرة التي تخدم فقط أصحابها دون أن تحقق أي تغيير.لكن الأزمة الحقيقية تظهر عندما يجد الأحمق نفسه في مجتمع يحكم بمعايير سوية.

وفي هذه اللحظة، يصبح مكشوفاً وعاجزاً عن التكيف. وقد لاحظت ذلك خلال تجربتي في العيش خارج العراق، حيث تكون أزمة الحمقى أشد وطأة وأقسى. فهم يجدون أنفسهم في بيئة غير متسقة مع حماقتهم، كأنهم أسماك ألقيت في صحراء قاحلة، عاجزة عن التكيف أو البقاء .

وما زاد الطين بلة في العراق هو التغيرات السياسية والاجتماعية المتعاقبة التي أوجدت حالة من الفوضى الفكرية.

والآية القرآنية: “كلما دخلت أمة لعنت أختها”، تنطبق بشكل كبير على هذا الواقع. الأنظمة المتغيرة أضعفت النهج الاجتماعي، وتركت المجتمع في حالة من عدم الاستقرار والتشرذم. ومع ذلك، يبقى المثقفون العراقيون في الطليعة، يحاولون الحفاظ على جذوة الفكر رغم كل هذا الشتات.

المفارقة أن أمل الأجيال القادمة يعتمد على الثقافة العالمية، حيث جعلت ثورة المعلومات المعرفة في متناول الجميع. ما فشلت مجتمعاتنا في إنتاجه من ثقافة حديثة، قد يعوضه انفتاح الأجيال القادمة على الفكر الإنساني العالمي.

لكن يبقى الخوف من أن يستمر الفراغ الفكري، ويضعف تأثير المثقفين في مواجهة هذا المد المتسارع من التفاهة والسطحية . كما قال جاك ديريدا: “المطلوب تفسير العالم أولاً، قبل تغييره”.

التفسير هو الأساس لأي تغيير حقيقي. إنه يمنحنا الأمل حتى في أحلك الظروف، لأن الفهم العميق يعطينا قوة لمواجهة الألم والوجع بطريقة واعية . لقد حان الوقت لنتوقف عن لعب دور “النّدابات” في مأتم طويل، ونتحول إلى بشر يعيدون تفسير الواقع، يفهمون جذوره، ويعملون على تغييره بأدوات الفكر والمعرفة.

التغيير يبدأ من الكلمة الواعية، لا من الثرثرة الفارغة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

«الوثبة للعسل» في مهرجان الشيخ زايد يعزِّز المعرفة ويدعم النحالين

لكبيرة التونسي (أبوظبي)
بمشاركة أكثر من 42 نحالاً وعارضاً، يزخر مهرجان «الوثبة للعسل» ضمن جناح «جائزة الشيخ منصور للتميز الزراعي» والذي تنظمه هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في «مهرجان الشيخ زايد» بمختلف أنواع العسل ومنتجاته ومواد التجميل المستخرجة منه. ويرسخ الاستدامة ويرفع التنافسية بين مربي النحل ويدعم إبداعاتهم وابتكاراتهم الزراعية، ما يسهم في استدامة الموروث الإماراتي الأصيل، وإيجاد منتجات محلية ذات جودة عالية بمعايير عالمية. 
ويهدف «الوثبة للعسل» المتواصل حتى 14 ديسمبر، إلى توفير فرصة لنخبة من النحالين ومنتجي العسل من مختلف إمارات الدولة، لاستعراض منتجاتهم وإبراز إبداعاتهم وسط أجواء تنافسية وترسيخ جودة العسل المحلي وتعزيز معايير الإنتاج في قطاع تربية النحل. كما أن المشاركة تشكل فرصة مثالية للمربين لتبادل الخبرات وتعزيز جودة إنتاجهم وتوفير قنوات تسويقية أكبر لهم.

تعزيز الجودة
وقال المهندس منصور السعيدي رئيس «الوثبة للعسل»: على مدار 10 أيام يستعرض مجموعة من العارضين من مربي النحل ومنتجي العسل، منتجاتهم المتنوعة، ضمن جناح «جائزة الشيخ منصور للتميز الزراعي» كما يشهد المهرجان تنظيم 8 مسابقات تشمل العسل ومنتجاته، ويعد الحدث فرصة للزوار لالتقاء مربي النحل ومنتجي العسل والاستفادة من خبراتهم.

المسابقات
وعدد السعيدي المسابقات: «أفضل منتج حبوب اللقاح»، «أفضل عسل متبلور»، «أفضل قرص شمع عسل»، «أفضل قرص شمع عسل سدر – النحل البري»، «أفضل قرص شمع عسل سمر»، «أفضل عسل السدر السائل»، و«أفضل عسل السمر السائل» بإجمالي 249 مشاركاً في مختلف المسابقات، مؤكداً أن المهرجان يهدف إلى دعم مربي النحل الإماراتيين وتوفير منصة للترويج لمنتجاتهم، وتقريبهم من الجمهور وتسليط الضوء على إبداعاتهم، وتعريفهم بأحدث الممارسات والتقنيات العالمية التي تتوفر في المعرض. 

 لجنة مختصة
وأورد السعيدي أن هناك لجنة متخصصة من المحكمين، تتولى بالتعاون مع مجلس أبوظبي للجودة والمطابقة وهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، تقييم العينات المقدمة، حيث تجرى فحوص مخبرية دقيقة للتحقق من جودة العسل وفق معايير تشمل الخلو من الشوائب والمواد الغريبة وبقايا الشمع والعيوب والتبلور، بحيث يكون العسل متجانساً ولونه طبيعياً، بالإضافة إلى الخلو من الفقاعات الهوائية والالتزام بالمعايير الوطنية المعتمدة.

منصة وطنية
وأشار السعيدي إلى إن المهرجان أصبح منصة وطنية رائدة تعكس التزام دولة الإمارات بدعم قطاع النحل والعسل، وتعزيز تنافسية المنتج المحلي. وقال: نحن ماضون في ترسيخ مكانة الإمارات مركزاً إقليمياً لتطوير صناعات العسل، وتحفيز الإنتاج القائم على الابتكار والجودة، بما يواكب رؤية قيادتنا الرشيدة في تحقيق أمن غذائي مستدام، موضحاً أن التعاون الوثيق بين هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية وشركائها يتيح بيئة تنافسية عادلة تدعم النحالين وتفتح أمامهم آفاقاً أوسع للتطوير والنمو، مؤكداً الاستمرار في دعم المنتجين المحليين وتمكينهم من الوصول إلى الأسواق بكفاءة أكبر، بما يرسخ دور المهرجان كرافد مهم للقطاع الزراعي والغذائي في دولة الإمارات.

فرصة ثمينة
وأكد مجموعة من المشاركين على دور «جائزة الشيخ منصور للتميز الزراعي» في رفع التنافسية بين النحالين وأشادوا بدورها في دعم وتعزيز المعرفة في هذا المجال، ومنهم النحالة الإماراتية أمل الحمادي التي تشارك للمرة الثانية على التوالي ضمن جناح الجائزة في «مهرجان الشيخ زايد». وقالت: الجائزة فتحت أمامنا آفاقاً كبيرة، وزودتنا بالمعارف اللازمة وقدمت لنا كل أنواع الدعم، وأضافت لنا الكثير ودفعتنا للإبداع، وقد فزت السنة الماضية، ضمن فئة «أفضل نحال»، والجائزة ساعدتني على تطوير مهاراتي، حيث كنت أقتصر على إنتاج بعض أنواع العسل، واليوم أنتج أنواعاً مختلفة مثل السدر والسمر وعسل المنغروف، إلى جانب منتجات تجميل، حيث تتضمن الخلية كنوزاً كثيرة إلى جانب العسل.

تمكين
وأشاد النحال خالد الكعبي، بدور الجائزة في تمكينه وتشجيعه، وأضاف: أشارك للسنة الثالثة على التوالي ضمن جناح الجائزة، كنت من النحالين المبتدئين، وبفضل المشاركات، راكمنا تجارب كبيرة، واستفدنا من الدورات والورش التعليمية، ونحن ممتنون لهذه الجائزة التي تقدم لنا استشارات طوال السنة.

معايير عالمية
المشارك عامر عبدالمجيد ذكر أن «جناح جائزة الشيخ منصور للتميز الزراعي» يوفر مختلف أنواع الدعم ويشكل منصة للترويج لمختلف المشاركين ويبرز جودة العسل المحلي ويتيح الفرصة للتواصل مع تجارب مختلفة ويوفر منتجات النحل بجودة عالية.

أخبار ذات صلة اختتام مسابقة مهرجان الشيخ زايد التراثي للصقور «الوثبة للعسل» في «مهرجان الشيخ زايد» يعزِّز تطوير القطاع في الدولة

مقالات مشابهة

  • محمد صلاح يشارك بديلا في مباراة ليفربول وبرايتون
  • مهاجم محترف بكوريا .. الأهلي يفاوض ثنائي محترف بديلا عن نجم الأردن
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي (6-11)
  • «الوثبة للعسل» في مهرجان الشيخ زايد يعزِّز المعرفة ويدعم النحالين
  • فضل الدعاء للمريض.. كيف تصبح دعوتك سببًا في الشفاء؟
  • جامعة القاهرة توقع اتفاقية تحالف "الجامعة الريادية"
  • نحو منظومة إنتاجية أكثر إنسانية واستدامة
  • تجليات يُتم الفكر في الفضاء الإسلامي.. الذكرى 57 لمحكمة الردة الأولى وتشكيل التحالف الديني العريض ضد الفهم الجديد للإسلام «5- 11»
  • مرموش بديلا.. تشكيل مانشستر سيتي أمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا
  • محاضرة حول أصول الفكر المتطرف بمركز الثقافة الإسلامية بدمنهور