قالت دار الإفتاء المصرية إن الذكر الجماعي أمر جائزٌ، والقول بأنَّ ذلك بدعة هو في نفسه بدعة مذمومة؛ إذ من البدعة تضييق ما وسَّع الله ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم، على أن الذكر في الجمع أرجى للقبول وأيقظ للقلب وأجمع للهمة وأدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى.

ومدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة ثابتة منقولة بالتواتر، أخذها الخلف عن السلف من غير نكير، وما زالت المدائح النبوية تُحَبِّبُ الناس في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبر العصور، وتُرَغِّبُهُم في اتباعِ سنته والاقتداء بشمائله الشريفة وسجاياه الكريمة، وبها تَتَنَوَّر القلوب وتنشرح الصدور وتزكو النفوس، وهذه السنة من السنن المهجورة عند كثير من المسلمين.

الدليل من القرآن على مشروعية الذكر الجماعي

وأوضحت الإفتاء أن الذكر الجماعي مشروع ولا شبهة فيه، بل إن غالب الآيات القرآنية التي أمرت بالذكر جاء الأمر الإلهي فيها بصيغة الجمع؛ كقوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]، وكقوله: ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 198]، وكقوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ [الكهف: 28]، وكقوله عز وجل: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وكقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41-42].

الدليل من السنة على مشروعية الذكر الجماعي

وتواترت الأحاديث النبوية الشريفة على مشروعية الذكر الجماعي؛ فعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه مسلم واللفظ له والترمذي وابن ماجه.

وعن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟» قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ الله وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ: «آللهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَاكَ؟» قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ. قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ». رواه أحمد واللفظ له ومسلم والترمذي والنسائي.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ الله لا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلا وَجْهَهُ إِلا نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُمْ قَدْ بُدِّلَتْ سيئاتكم حَسَنَاتٍ». رواه أحمد واللفظ له وأبو يعلى والبزار والطبراني.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعبد الله بن رواحة رضي الله عنه وهو يذكِّر أصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَا إِنَّكُمُ الْمَلَأُ الَّذِينَ أَمَرَنِي اللهُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَكُمْ»، ثم تلا هذه الآية: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]، ثم قال: «أَمَا إِنَّهُ مَا جَلَسَ عِدَّتُكُمْ إِلَّا جَلَسَ مَعَهُمْ عِدَّتُهُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، إِنْ سَبَّحُوا اللهَ سَبَّحُوهُ، وَإِنْ حَمِدُوا اللهَ حَمِدُوهُ، وَإِنْ كَبَّرُوا اللهَ كَبَّرُوهُ، ثُمَّ يَصْعَدُونَ إِلَى الرَّبِّ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، عِبَادُكَ سَبَّحُوكَ فَسَبَّحْنَا، وَكَبَّرُوكَ فَكَبَّرْنَا، وَحَمِدُوكَ فَحِمَدْنَا، فَيَقُولُ رَبُّنَا: يَا مَلَائِكَتِي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. فَيَقُولُونَ: فِيهِمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْخَطَّاءُ. فَيَقُولُ: هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ» رواه الطبراني في "الصغير".

وعن يعلى بن شداد قال: قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ غَرِيبٌ؟» يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ، فَقُلْنَا: لا يَا رَسُولَ الله، فَأَمَرَ بِغَلْقِ الْبَابِ، وَقَالَ: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ وَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا الله»، فَرَفَعْنَا أَيْدِيَنَا سَاعَةً ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ، اللهمَّ إنك بَعَثْتَنِي بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَأَمَرْتَنِي بِهَا وَوَعَدْتَنِي عَلَيْهَا الْجَنَّةَ وَإِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ»، ثُمَّ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ» رواه أحمد بإسناد حسن واللفظ له، والحاكم والطبراني، وغيرهم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذكر الإفتاء دار الافتاء المصرية رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ه صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه ف ی ق ول وا الله ا الله

إقرأ أيضاً:

موعد المولد النبوي الشريف 2025

بدأ الكثير من المسلمين يبحثون عبر محرك البحث العالمي جوجل عن موعد المولد النبوي الشريف 2025، وكم يوم باقي على المولد النبوي الشريف 2025. 

موعد المولد النبوي الشريف 2025

بحسب أجندة العطلات الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية، يحل موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 يوم الخميس 4 من سبتمبر 2025، الموافق 12 من ربيع الأول 1447 هجريًا، لتكون عطلة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين في القطاعين العام والخاص.

أفضل 10 أدعية في المسجد النبوي الشريفلطلبة الثانوية العامة والأزهرية.. دعاء يساعدك على التركيز بالمذاكرة وسرعة الحفظ وعدم النسيانأفضل عبادة لإحياء ذكرى المولد النبوي

قالت دار الإفتاء المصرية، إن من أفضل أوجه إحياء ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كثرة الصلاة عليه؛ إذ تُفتح بها الأبواب المغلقة وتنال بها الدرجات ويطمئن بها الإنسان في حالَي السَّعة والضرورة، بل هي مفرجة لكل ضائقة أو كرب، وبها تنحلُّ العقد وتُنال بها الرغائب وتُقضى بها الحوائج.

المؤمن الحقيقي هو الذي يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحب إليه من الناس أجمعين، حتى والده وولده. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «من حقه صلى الله عليه وسلم أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وولده وجميع الخلق، كما دل على ذلك.

قوله سبحانه: « قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» (سورة التوبة، الآية 24).

وورد في حديث آخر لا بد أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إلى المؤمن من نفسه كما في حديث عمر رضي الله عنه، فعن أَبُي عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْآنَ يَا عُمَرُ» (رواه البخاري).

وقال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى المسلمين بالذكر والتسبيح كي تزداد درجات القرب منه ومن المولى عز وجل خاصة في شهر ربيع الأول شهر مولد النبي الكريم.

وأضاف "وسام" خلال فيديو منشور على اليوتيوب، أننا علينا إحياء منازلنا في هذا الشهر الكريم، بمجالس الصلاة على النبي ولو حتى ليلة في كل أسبوع، فما أجمل من أن يجتمع الناس على حب الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأشار إلى أهمية الصلاة على النبي في هذا الشهر الكريم كما بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف "من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرة" مؤكدا أن اجتماع المسلمين على حب الرسول وذكره، يصلح الاحوال والأولاد والزوجات ويجعلنا نتقرب من الله سبحانه وتعالى.

طباعة شارك أفضل عبادة لإحياء ذكرى المولد النبوي إجازة المولد النبوي الشريف 2025 المولد النبوي الشريف

مقالات مشابهة

  • لماذا الغدير؟
  • فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة.. لن تتركها لو علمت ثوابها
  • ما يقال من الذكر والدعاء عند شدة الحر.. اللهم أجرنا من النار
  • الهيئة النسائية في محافظة صنعاء تنظم فعالية خطابية بذكرى يوم الغدير
  • لقاء تحضيري في حجة تدشينا للاحتفاء بذكرى يوم الولاية
  • موعد المولد النبوي الشريف 2025
  • آداب زيارة المدينة المنورة.. تعرف على الواجب والمحظور فعله
  • علي جمعة: المذاهب الفقهية كانت موجودة على عهد النبي
  • بعد عودة الحجاج.. ما هي أحب الأعمال إلى الله؟
  • هل دعاء العائد من الحج مستجاب؟.. اغتنمه لمدة 4 شهور قادمة