قراءة عراقية تحدد 5 أسباب وراء تدخل واشنطن في إيقاف حرب لبنان
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
حدد الخبير في الشؤون الأمنية احمد بريسم، اليوم الخميس (28 تشرين الثاني 2024) خمسة أسباب وراء تدخل الولايات المتحدة في إيقاف الحرب بين اسرائيل وحزب الله في لبنان.
وقال بريسم لـ"بغداد اليوم"، إنه "قبل أيام معدودة كان الحديث عن احتمالية توقف الحرب في لبنان صعب وكل التكهنات تقود الى أن الحرب الشاملة هي الأقرب مع تلويح طهران بضربة صوب أهداف في عمق الكيان يرافقها ضربات لمواقع الفصائل في سوريا ولبنان وبمستويات عالية في بعض الاحيان".
وأضاف أن "وقف اطلاق النار جرى بوتيرة متسارعة حتى خرج بايدن ليعلن الخبر من البيت الابيض في اشارة الى ان امريكا هي من تمسك زمام الحرب والسلم في المنطقة لأنها تملك ادوات الضغط المباشرة"، لافتا إلى أن "خمسة اسباب كانت وراء هذا الاعلان".
وأشار الى، أن "امريكا وصلت الى قناعة بان حرب لبنان قد تفجر الاوضاع في الشرق الأوسط وأن مصالحها الاقتصادية ستكون هدف لفصائل في عدة بلدان عربية بالإضافة الى أن قادة عرب عبروا عن قلقهم من ارتدادات مجازر ما يحدث في فلسطين ولبنان في الداخل وانه قد يؤدي الى ردود فعل غاضبة لا يمكن السيطرة عليها بالاضافة الى أن واشنطن أدركت أن جيش الكيان وقع في ساحات استنزاف حقيقية في قرى الجنوب وان كل تقدم عليه ان يدفع فاتورة باهظة من الدماء والاسلحة والتجهيزات".
وبين، أن "أمريكا تؤمن بأن انهاء حزب الله ضرب من الخيال لكنها تدرك بان قدراته تقلصت بعد اغتيال اهم قياداته خلال الشهرين الماضيين ما يعني أن اعادة حيويته تحتاج فترة ليست قليلة وربما مع تنفيذ القرار الاممي بانتشار الجيش اللبناني سيكون الوضع افضل وفق اراء قياداتها".
وتابع، أن "صمود المقاومة هو من دفع واشنطن للمضي في قرار انهاء الحرب لان لو لم تصمد أمام دعم الكيان للمضي الى مساحات اكبر لكنها وصلت الى قناعة بأن أي تقدم سيعني المزيد من الخسائر لحليفها، لذا فأن قرار إيقاف الحرب هي محاولة لتجنيب جيش الاحتلال المزيد من قوائم الموت".
ودخل اتفاق وقف اطلاق النار بين حزب الله اللبناني واسرائيل حيز التنفيذ فجر اليوم الاربعاء بعد سلسلة مباحثات مضنية.
اتفاق سيخضع إلى إشراف دولي بقيادة الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يصبح اتفاقا دائما بعد فترة الـ60 يوما.
ويأتي وقف إطلاق النار بعد أكثر من عام من الاشتباكات عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي والحزب اللبناني، والتي تحولت إلى حرب مفتوحة في النصف الثاني من أيلول المنصرم.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
خور عبد الله: سيادة عراقية مهددة باتفاقات مشبوهة ورفض شعبي شامل قد يقلب الطاولة / الجزء السادس
آخر تحديث: 6 غشت 2025 - 11:07 ص بقلم:د. نوري حسين نور الهاشمي المادة 14 ليست مجرد بند فني عابر، بل مدخل ممنهج لإعادة رسم الجغرافيا القانونية للمنطقة،على نحو يُعيد تعريف السيادة العراقية بما يتناسب مع مصالح أطراف خارجية، تبدأ من الكويت ولا تنتهي عند بوابات أوروبا .
إن تمرير المادة 14 بصيغتها الحالية لا يُعدّ مجرد مساس بالسيادة العراقية، بل هو عملية تشريع قانوني مبطّن لتحويل خور عبد الله من ممر وطني خالص إلى ساحة نفوذ مشترك تُدار وتُستثمر من قبل أطراف خارجية.إنها ليست مادة قانونية فحسب، بل أداة تفكيك صامتة للقرار السيادي، تُمرّر تحت عنوان “التعاون الاقتصادي” بينما الهدف هو نزع ملكية العراق لأهم شريان بحري استراتيجي يملكه .
في ظل غياب الضمانات الصريحة، ووجود مرجعيات قانونية متضاربة، وانكشاف الهشاشة الفاضحة للموقف التفاوضي العراقي، لم يعد أمامنا سوى العودة إلى النصوص نفسها—كلمة بكلمة، وفقرة بفقرة—لفهم ما يجري تمريره خلف ستار “التعاون”، خاصة فيما يتعلق بخور عبد الله .فالخطر لا يكمن فقط في ما كُتب، بل فيما تم إخفاؤه أو التلاعب في صياغته، بما يسمح بتقويض السيادة على خور عبد الله بأسلوب ناعم لكنه فعّال وخطير.
تُعد المادة 14 الركيزة الأخطر في هذه الاتفاقية، إذ يمكن وصفها بأنها ممر قانوني مخفي يُمنح لميناء مبارك، يسمح له بالنفاذ إلى عمق الأسواق الأوروبية عبر الأراضي العراقية، لكن على حساب الموانئ والسيادة العراقية.
الأخطر من ذلك أن الإحالة الصريحة إلى منظمة التجارة العالمية كجهة فصل في النزاعات، دون أي أدوات دفاع قانونية وطنية، تمثل مغامرة مرفوضة تهدد بجعل العراق رهينة لتحكيم دولي لا يراعي وضعه السيادي والاقتصادي المتعافي بالكاد من الحروب .ولهذا، وانطلاقًا من مبدأ حماية المصالح العليا للدولة، فإن التوصيات التالية تُمثل الحد الأدنى من الإجراءات الواجب اتخاذها:
التحرك الفوري لإعادة النظر في المادة 14، عبر مراجعة دستورية وقانونية معمقة، بهدف إلغائها أو تعليقها حتى إشعار آخر .فاستمرار هذه المادة بصيغتها الحالية يُعد اختراقًا صريحًا للسيادة العراقية، وتهديدًا مباشرًا لملكية العراق الكاملة لـخور عبد الله، الذي يمثل الشريان البحري السيادي الوحيد.إخضاع الاتفاقية بكاملها لمراجعة قانونية شاملة من قبل لجنة مستقلة تضم خبراء في القانون الدستوري والسيادة الوطنية .
أي تمرير دون هذا التدقيق هو بمثابة تفريط رسمي في ممرات العراق السيادية، وعلى رأسها خور عبد الله، ويشكّل مخالفة صريحة للدستور ولمبدأ صيانة السيادة العليا للدولة .تعديل الاتفاقية بإضافة بنود حماية سيادية واضحة، تنص صراحة على منع المساس بالموانئ العراقية أو تقليص دورها بأي شكل، وبالأخص ميناء الفاو وخور عبد الله.
يجب حظر أي صياغات غامضة أو مزدوجة يمكن استغلالها لاحقًا لإعادة تعريف الملكية أو السيطرة على هذه المنافذ تحت ذرائع تجارية .إضافة شرط ملزم لتسوية النزاعات داخل الإطار العربي أو الثنائي ، دون اللجوء لأي تحكيم دولي.العراق لا يجوز أن يُقحم في دوائر التحكيم الدولية التي تُدار وفق مصالح الكيانات الاقتصادية الكبرى.
فـخور عبد الله ليس ملفًا تجاريًا، بل عنوان للسيادة الوطنية، ويجب تحصينه قانونيًا من أي تدويل أو تفسير خارجي منحاز.بعدما جرى تمرير الاتفاقية على عجل، ومن دون تدقيق لبُنيتها القانونية ولا لأهدافها المبطّنة، تحوّل العراق من محور اقتصادي واعد إلى مجرد ممر تجاري تابع، تُدار قراراته من الخارج، وتُباع سيادته على دفعات عبر نصوص قانونية مخادعة.
في هذا السياق، لم تعد السيطرة الكويتية على خور عبد الله خيارًا كويتيًا طَموحًا، بل ضرورة استراتيجية بالنسبة للكويت، لاستكمال تفعيل ميناء مبارك الكبير وتحويله إلى منصة إقليمية ودولية، على حساب إخماد صوت ميناء الفاو وخنق السيادة العراقية البحرية.ومن هنا، فإن بيع خور عبد الله لا يجري عبر مفاوضات، بل عبر أدوات ضغط، واختراق سياسي ومالي داخلي، تُمارس لتجريد العراق من آخر منفذ بحري مستقل له.
وما لم يُكسر هذا المسار من جذوره، فإن القادم لن يكون مجرد تهميش اقتصادي، بل إقصاء جغرافي كامل يعيد صياغة دور العراق في المنطقة.
للحق، إن جزءًا غير قليل من هذا الإقصاء الجغرافي والسياسي الذي يتعرض له العراق في ملف خور عبد الله، لا يعود فقط إلى ضغوط خارجية، بل إلى سلوكيات الداخل العراقي نفسه، وخصوصًا من قبل الطبقة السياسية الحاكمة. فالكويت – كأي دولة تسعى إلى تعزيز موقعها الجيوسياسي – وجدت في هذا الضعف فرصة نادرة، واستثمرت الخلل البنيوي في القرار العراقي لصالح مشروعها البحري والإقليمي.
فلو رجعنا قليلًا إلى الوراء، نجد أن الحجر الأساس لميناء الفاو قد وُضع في شهر نيسان من العام 2010، أي قبل أن تظهر أي مؤشرات رسمية على مشروع ميناء مبارك الكبير الكويتي. في ذلك الحين، كانت هناك فرصة حقيقية لوضع العراق على خريطة التجارة الدولية، عبر بناء ميناء استراتيجي متكامل يربط الخليج بالمتوسط واوربا. لكن ما حدث لاحقًا يعكس الفشل الإداري والانقسام الحزبي وغياب الرؤية الوطنية.
بعد سنة فقط، وفي نيسان 2011، وضعت الكويت الحجر الأساس لميناء مبارك الكبير، وكأنها وجدت في تعثر ميناء الفاو ضوءًا أخضر للمضي بمشروعها الخاص، الذي لا يمكن فصله عن خور عبد الله. ما يدعو للدهشة ليس فقط السرعة في اتخاذ القرار، بل الفاعلية الفورية التي أظهرتها الدولة الكويتية: فقد أُحيل المشروع مباشرة إلى شركة صينية لتنفيذه على مراحل تنتهي في مطلع 2026، بسعة 60 رصيفًا وبكلفة 6.5 مليار دولار، حسب ما ورد في المصادر الرسمية.
أما في العراق، فقد بقي ميناء الفاو لسنوات أسيرًا للصراعات الحزبية، والمزايدات السياسية، والاتهامات المتبادلة بالفساد والولاء للخارج. المرحلة الأولى التي نُفذت مؤخرًا، وتتضمن فقط 5 أرصفة، جاءت متأخرة وبكلفة عالية بلغت 2 مليار دولار، ومن دون أي جدول زمني واضح لإكمال بقية المشروع. أمام هذه المقارنة، لا يحتاج المواطن العادي – ناهيك عن الخبير – إلى كثير عناء لفهم أن فشلنا هو الذي سمح لهم بالنجاح.
لكن الأخطر من ذلك أن هذا الفشل لم يكن فنيًا أو تمويليًا فقط، بل سياسيًا واستراتيجيًا في العمق. فبدل أن تكون أولوية الحكومة إنجاز الميناء في الوقت المناسب، جرى تسريع ما يسمى بـ”طريق التنمية” ليكون جاهزًا عند افتتاح ميناء مبارك، وهو ما يشير إلى تقاطع خطير بين التخطيط العراقي والمصلحة الكويتية، وكأن العراق يسير وفق أجندة إقليمية لا تمثل مصالحه.هذا الطريق، الذي يُروج له على أنه مشروع اقتصادي وطني، يشكل في الواقع جزءًا مكملاً لما يُعرف بـ”ممر داوود” – وهو مشروع جيوسياسي قديم تدفع به إسرائيل ويربط الخليج بالمتوسط خارج السيطرة الإيرانية – واليوم يجري تنفيذ هذا الممر فعليًا على الأرض، والعراق بات مجرد حلقة عبور فيه.
نتابع في الجزء السابع….