أبوظبي - وام
أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، أن يوم الشهيد في دولة الإمارات العربية المتحدة مناسبة وطنية عظيمة تُجسّد أسمى معاني التضحية والفداء، وتُذكرنا دوماً بأن الوطن لا يبنى إلا بجهود وتضحيات أبنائه.

وأضاف سموه: إنه في هذا اليوم نستحضر بطولات شهدائنا الأبرار الذين قدّموا أرواحهم الغالية في سبيل أن يبقى الوطن شامخاً آمناً، وتركوا لنا إرثاً عظيماً من الولاء والانتماء، وإنّ تضحيات شهدائنا تمثل جوهر الوحدة الوطنية وروح العطاء التي تسري في كل فرد من أبناء هذا الوطن العزيز، فقد أثبتوا بأفعالهم أن الدفاع عن الوطن هو أسمى صور الإخلاص، وأن التضحية في سبيل أمنه واستقراره مسؤولية لا تقتصر على فرد بل هي واجب وطني يحمل معناه الكبير كل مواطن ومقيم على أرض الإمارات.

وفي هذه المناسبة، نقف مع أسر الشهداء بكل فخر واعتزاز، مؤكدين لهم أن تضحيات أبنائهم ستبقى محفورة في قلوبنا جميعاً، وستظل ذكراهم خالدة في تاريخ الإمارات، هم مصدر فخرنا واعتزازنا، ومنارة تهتدي بها الأجيال القادمة لتواصل مسيرة العطاء والتفاني.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان يوم الشهيد الإمارات

إقرأ أيضاً:

دروس من تضحيات "جنود الإعلام": بين ميادين غزة وتيخوانا

 

 

 

د. يوسف الشامسي **

بالأمس كانوا يطاردون الحقيقة حيث يحوّم الموت، كانوا صوت غزة النابض وسط الإبادة، وعينها التي لا تغفو إلا بعد بثّ الدموع لتخترم قلوب العالم، وهاهم اليوم يمضون إلى قدرهم في اغتيالٍ فاجر.. هكذا مجزرة للصحفيين وراء أخرى وأشلاء تختلط بالأشلاء ودماء تنزف.. ثم تزفّ لتوارى الثرى، تاركين صِبية ووصايا، وأحلاما وذكريات وثكالى.. بصمات هذه الإبادة باتت مرصودة بالصوت والصورة على قارعة كل سكة في غزة، لعلها توقظ ضمير المجتمع الدولي أو تحرّك نخوة الجوار إن لم تشفع وشيجة الإسلام والدين.

لكن ما الذي يدفع الصحفيّ لأن يقف على بعد أمتار من الخطر، حاملًا عدسته، وهو يدرك أن بزة الصحفي وخوذته الواقية لا تمنع رصاصة ولا تصد شظية؟ ما الذي يدفع المراسل للبقاء أيّامًا على قيد الجوع، في ليالٍ ليلاء لا صوت فيها إلا القصف، ليبث لنا صور المآسي والمجازر؟ لا بدّ أنها التضحية في أسمى تجلياتها.

إن الكلمة المفتاحية هنا لفهم تضحية الصحفيّ هي " العقيدة "؛ سواء كانت دينية أو سياسية؛ فالعقيدة تبقي جذوة الشغف متقدةً لدى الصحفي ليغوص في تقصّي ما تفرّق من أجزاء الحقيقة وسط هول الأحداث، ويعيد تركيب المشاهد في إطارها الصحيح وينتقل بين حدث وآخر غير عابئ بالخطر الداهم.

استمعت قبل فترة إلى حوار إذاعي عبر محطة "بي بي سي" مع صحفي مكسيكي، يروي تجربته في تغطية التحقيقات الصحفية في منطقة كانت -حتى ما قبل حرب غزة- تُعد الأخطر على الصحفيين في العالم، إنها مدينة تيخوانا. يذكر أنه كان يستيقظ -كعادته- على أرقام ضحايا الاغتيالات، ليتوجه بعدها إلى مسرح الجريمة لكتابة قصته الصحفية، التي قد تطال أحيانًا أحد معارفه أو أقربائه. ويصف كيف كان يتحقق من بقايا رفات في محرقة بالقرب من مدرسة أطفال، فيرسلها للتحقق من الفحص الجيني "DNA" لمعرفة ما إذا كان يتوافق مع إحدى النساء اللاتي قدمن بلاغًا بفقدان أولادهن أو أزواجهن. يروي أيضًا كيف اخترقت رصاصتان ساقيه في محاولة اغتيال، نجا منها بأعجوبة، ليعود بعد عامين من التعافي إلى الميدان، حاملًا الكاميرا نفسها، وبالإصرار ذاته.

ذلك الحديث جعلني أستحضر مفارقة ذلك الصحفي في عالمنا العربي الذي تصله الأخبار من خلف مكتبه، ثم يشتكي أنه مقيد دون أن يقدّم أي تضحية تذكر! ناهيك من أولئك الذين لا يعنيهم سوى العائد المادي من العمل الصحفي، والتملق لإرضاء كبير المسؤولين في الجهة الفلانية على حساب قضايا وطنهم ومجتمعهم الحقيقيّة.

الصحافة ليست مهنة للأنانية والتملق، بل تقوم في جوهرها على التضحية، فقد التصق بها منذ عقود وصف "مهنة المتاعب"؛ إذ شاع هذا الوصف في العالم العربي -لا سيما في مصر- خلال الأربعينيات والخمسينيات، حين كانت الصحافة الورقية تعيش على وقع صراع سياسي حاد، وملاحقات واعتقال للصحفيين. ففي كتاب "أسرار صحفية" يذكر شيخ الصحفيين حافظ محمود (ت 1996) أن الحبس كان قرينًا لمعظم الكتاب والصحفيين في بدايات القرن العشرين، ويضيف: "إننا لا نكاد نجد في تاريخ الصحافة خلال هذه الفترة صحفيًا مُتفرغًا ذا قلمٍ وعقيدة إلّا وعرف الحبس ولو مرة واحدة" (ص 176). هذا نموذج بسيط من متاعب الأمس واليوم والغد للصحفيين، فلا اختلاف الزمن ولا أشكال النظم السياسية في الشرق والغرب أعفت أو ستعفي الصحفيين من "المتاعب" المختلفة.

لكن حينما يصل الأمر إلى التضحية بالروح في ميدان القتال وعلى يد شُذَّاذ الآفاق وأعداء البشرية الذين لم يعهد التاريخ كفجورهم فجور، فنحن حقًا أمام بواسل تركوا المجد اللحظي والألقاب الدنيوية وراء ظهورهم، وتمترسوا بشجاعتهم قبل عدّتهم، وبشغفهم لإبلاغ الحقيقة وإقامة الحجة على زعماء العالم لا لزيادة أعداد المتابعين، واتخذوا الكاميرا والكلمة أداة للمجد دون السلاح، وما أجبن عدوّهم وأخوفه من سلاحهم، فارتقوا متمثلين قول شاعر النيل حافظ إبراهيم:

من رام وصل الشمس حاك خيوطها

سببًا إلى آماله وتعلقا

فتجشموا للمجد كلّ عظيمة

إني رأيتُ المجد صعبَ المرتقى

هكذا استسهلوا كل صعب، وبلغوا المجد بإخلاصهم، بل أعادوا تعريفهم للصحافة في عالم خامل حولهم... فمضى الراصدون بشرف كما قد مضى أكثر من 230 صحفيًّا قبلهم، وانطوت صفحة أنس الشريف وزملائه الثلاثة، تاركين الأمانة لمن بعدهم، بعد أن ضحّوا بأرواحهم في سبيل نقل الحقيقة، انطوت صفحتهم بخاتمة كانت هي أسمى أمنياتهم.

** أكاديمي بقسم الإعلام الجماهيري- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بنزوى

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • حمدان بن زايد: في اليوم الدولي للشباب نجدد ثقتنا بشباب الإمارات
  • تضحيات تصوغ النصر
  • سيف بن زايد: الشباب قلب الوطن النابض وسنده في الرخاء والتحديات
  • محمد بن راشد: شباب الإمارات وقود وروح ومحرك نهضتنا
  • منصور بن زايد: نحتفي بشباب الإمارات ونعتز بعطائهم ودورهم في مسيرة التنمية الشاملة
  • سلطان النيادي: الشباب ركيزة نهضة الإمارات
  • «فخر الوطن»: الشباب عماد المستقبل وروّاد التنمية
  • تشييع جثمان الشهيد توفيق مغلس في مديرية التعزية
  • دروس من تضحيات "جنود الإعلام": بين ميادين غزة وتيخوانا
  • الطاشناق: الشهداء من خيرة أبناء مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء