جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-28@11:44:58 GMT

معضلة التسرّب الدراسي.. هل من حل؟ (2-2)

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

معضلة التسرّب الدراسي.. هل من حل؟ (2-2)

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

 

لا تخلو مدرسة من تأخُّر الطلبة عن حضور الطابور الصباحي، وقد يَطال هذا التأخير الحصة الأولى وبعض أجزاء الحصة الثانية في بعض الحالات المتطوّرة على مدار الفصل الدراسي الواحد في بعض المدارس، وأغلب هؤلاء الطلبة ممّن يسخدمون النقل الخاص، بمعنى أن لولي الأمر دورًا بارزًا في تأخر ابنه عن المدرسة.

ومن الواضح أنه يجهل حقيقة أن تأخُّر ابنه اليومي عن المدرسة يُعد نوعًا من أنواع التسرّب الدراسي المُستمر؛ فهل يقبل ولي الأمر أن يكون مُعينًا وسببًا رئيسًا في تسرّب ابنه من الحصص الدراسية! يجب أن نفكّر جيدًا في هذه النقطة؛ فالتسرّب ليس فقط داخل المدرسة وجميع أسبابه تتعلق بوجوده في المدرسة، يبدو لي أنّ التأخير الصباحي المُستباح لدى بعض أولياء الأمور أول أسبابه.  

وللمرشد الأكاديمي دور مُهم وحاسم في حل مشكلة التسرّب والحد منها؛ فهو من يُحدِّد الأسباب ويقدم الدعم اللازم للطلبة لتجاوز ما يواجههم من تحديات من خلال مجموعة من الإجراءات المتمثلة في التحليل والتقييم من خلال قيامه بالتحليل الدقيق للمشكلة وتقييم إمكانية انتشارها وتأثيرها على الطلبة المتسربين بوجه خاص وعلى بقية الطلبة وعلى المدرسة بوجه عام. لذا فإن عليه التواصل مع الطلبة المتسربين وإجراء مقابلات فردية معهم لمعرفة دواعي تسربهم من الحصص والتعاون مع الأطقم التعليمية في المدرسة من أجل جمع معلومات عن الطلبة الذين يتكرر لديهم حدث التسرب وتحليل بياناتهم ونفسياتهم من أجل تقديم الدعم المناسب لهم والعمل على تحسين تجربة التعلّم لديهم.

أيضاً من أهم ما يمكن أن يقوم به المرشد الأكاديمي تقديم الدعم العاطفي للطلبة الواقعين في شباك مصيدة التسرّب لمساعدتهم على التعبير عن مشاكلهم بأريحية وصدق للبحث عن الحل المناسب لها، كذاك على المرشد أن يعمل على تحديث وتطوير البرامج التوجيهية باستمرار أو بما يتناسب مع مشكلات الطلبة واحتياجاتهم الأكاديمية والتعليمية والاجتماعية، والتواصل المستمر والمثمر مع أولياء الأمور لجعلهم شركاء في العملية التوجيهية كي يكونوا على اطلاع بحيثيات المشكلة وعلاجها، ومعرفة ما تطور من تقدّم في حلّ المشكلة وتبصيرهم بالمشاكل التي يواجهها الطلبة وأهمية دورهم في المتابعة وتقديم النصح والدعم والتحفيز والتوجيه.

وإذا نظرنا لأهم الآثار المصاحبة للمشكلة نجدها متمثلة في تراجع الأداء الأكاديمي الذي ينعكس سلبا على المستوى التحصيلي للطالب فيتدنى مستواه ويشعر بالإحباط والملل وعدم القدرة على الاستمرار؛ فتزيد معدلات الرسوب وتتفاقم على الطالب مشاكل نفسية وتأخر تحصيلي وصعوبة مواجهة نظرة الأقران والمحيطين بهم، الأمر الذي يجعهلهم ينغمرون في عمق مشاكلهم النفسية والتحصيلية

وعلى صعيد الصحة النفسية قد يُصاب الطالب المتسرّب بالإحباط والقلق والشعور بعدم الكفاءة، نتيجة تسربه من الحصص ويفقد الثقة بنفسه وبقدراته ويشعر بالدونية بين أقرانه؛ لذا يجب أن يكون للمرشد الأكاديمي دور بالغ ومنتهى المهنية في معالجة المشكلة من جذورها بعقد جلسات فردية مع الطلبة المستهدفين لمناقشة مشاكلهم الشخصية، وتنفيذ ورش توجيهية للمعلمين لتوعيتهم بأهمية الإعداد الجيد للدرس خاصة المعلمين المستجدين لتطوير المهارات التعليمية، مع أهمية استخدام الوسائل التعليمية والأنشطة التفاعلية لمساعدة الطلبة على فهم الدروس وخلق الدافعية والاستعداد لديهم لتقبّل الحصص والانسجام معها.

ومن الممكن أن يساعد اللجوء لموارد تعليمية إضافية كتفعيل حصص الاحتياطي وقراءة كتب غير دراسية والمقالات وزيارة مواقع إلكترونية إثرائية، وطلب المعلم من الطلبة مساعدته في أمر ما، أو سؤالهم عن آرائهم حول موضوع مُعين يشعرهم بأهميتهم ويعزز الثقة في نفوسهم ويساعدهم كثيراً في مواجهة التحديات الأكاديمية والنفسية.

وتبقى عملية التقييم والمتابعة من المرشد الأكاديمي من أهم الأمور المعول عليها في حل المشكلة، حيث إنه عند حدوث مشكلة التسرّب وتطبيق جميع الإجراءات اللازمة يجب على المرشد تقييم فاعلية الخطط والبرامج والحلول والتدابير التي يمكن اتخاذها، ومراقبة مدى فاعليتها على المدى القريب والبعيد، وإمكانية تحقيقها للأهداف مع مرور الوقت، وتسجيل تطور السلوك للفئة المستهدفة كلّ على حدة وإجراء التعديلات اللازمة عند الحاجة إلى ذلك.

وبعد الوقوف على الأسباب والمسببات والآثار والنتائج وطرق التوجيه وأهمية دور كل من ولي الأمر والمنهاج والمعلم والمرشد الأكاديمي، نصلُ إلى أنّ حل المشكلة لن يتحقق إلا بتضافر جهود حقيقية لخلق الاستعداد والدافعية والشغف بشكل مستمر لدى الطالب؛ فالمسؤولية تشاركية في المقام الأول، وهذا الحل مُستهلَك كثيرًا دون جدوى، لسبب أنه لا يمكن أن تتضافر جميع هذه الجهود، ولنكن أكثر واقعية وصدقًا في مواجهة مشاكلنا. وأذكر أني طرحتُ سابقًا حلّا في أحد المقالات وهو "منهلوجية المناهج الدراسية"؛ أي تضمن التكنولوجيا في المناهج، كحلٍ للتخلص من ثقل وعبء الحقيبة على الطالب، وهنا أطرح الحل ذاته، فقد قال أبو نواس: "دع عنك لومي فإنّ اللّوم إغراء.. وداوني بالتي كانت هي الداء" والتكنولوجيا من أهم الأسباب في تفشي مشكلة التسرّب، وقد أصبحنا في زمن لعبت فيه التكنولوجيا دورا مباشرا وفاعلا في الراحة والترفيه والتعليم والبحث والاكتشاف، فلماذا لا نستغلها في حلّ مشاكلنا؟

إنّ الطالب بسبب ساعات الدوام المدرسي يُحرم من ممارسة التكنولوجيا ويشعر وكأنه مُعاقَب؛ لذلك يلجأ سرًا لجلب هاتفه أو جهازه اللوحي أو كاميرته أو حتى ساعته الإلكترونية إلى المدرسة ويتسرب كي يُمارس التكنولوجيا ويتفاعل من خلالها مع العالم الافتراضي خارج المدرسة؛ فماذا لو تمت "منهلوجية" المناهج وأصبح لكل طالب حاسب آلي محمول "لاب توب" يدرس من خلاله بدلًا من الحقيبة، هل سيأخذ حاسوبه ويفتحه خارج غرفة الدرس ويُعرِّض نفسه للمخالفات وتطبيق اللوائح التعليمية والاتصال بولي أمره؟ لا أعتقد؛ بل سيصبح أكثر راحة واستعدادًا وتفاعلًا في الصف، فيتم بهذا حل مشكلة التسرّب من ناحية وحل ثقل الحقيبة من جانب آخر وتوفير ما يُصرف سنويًا على طباعة المناهج.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ثورة مايو 1969

ثورة مايو 1969
سيظل لاصقا بذاكرتي ماحييت صباح يوم ٢٥ مايو ١٩٦٩ حيث جينا إلى قاعة الطعام ( الصفرة) لشراب شاي الصباح نحن طلاب مدرسة كاب الجداد الوسطى… أخبرنا عمنا الكدادي وهو من العاملين في الصفرة وهو من أبناء الشمالية الذين جاء بهم العمل للجزيرة فاستوطن فيها بأن راديو كابو وهو الآخر عامل في الصفرة من أهالي الكاملين شغال مارشات عسكرية وان هناك بيان هام سوف يذاع بعد قليل… وهذا يعني أن هناك انقلابا.. فذهبنا إلى راديو عمنا كابو وبعد قليل خرج الأساتذة الذين كانوا يسكنون قريبا من الداخلية واثنين منهم كانا يحملان أجهزة راديو فانقسمت المدرسة إلى ثلاثة أكوام كل كوم تحلق حول راديو في انتظار البيان الهام فلم نرجع إلى عنابرنا ولم يرجع الأساتذة إلى بيوتهم ولم يذهب احد في ذلك الصباح إلى الفصول .. وبعد الثامنة اذاع جعفر محمد نميري البيان الأول واعقبه بابكر عوض الله رئيس الوزراء ببيان آخر.. أعلن الرجلان قيام الثورة ونهاية العهد الحزبي

كتلاميذ لم يكن وعينا السياسي مكتملا فلم نسأل عن هوية الانقلاب ولكننا لحظنا أن الفرحة بدأت تظهر على وجه استاذنا عثمان الفال وهو أبناء سنجة وكنا نعرف أنه شيوعي بينما الوجوم أصاب استاذنا عبد الباقي بابكر وهو من الجزيرة وكان من الاخوان المسلمين ولعل السبب يرجع لظهور بابكر عوض الله الذي كان رئيسا للقضاء وقدم استقالته محتجا على حل الحزب الشيوعي معتبرا ذلك انتهاك للدستور

وعند حوالي التاسعة تقريبا أعلن تشكيل مجلس الثورة الذي كان كله عسكريا ما عدا بابكر عوض الله وأعلن أسماء الوزراء فاتضحت هوية الانقلاب للأساتذة فارتجل استاذ عبد الباقي خطبة غاضبة وقال إن هذا الانقلاب سوف يفشل لأن الشعب السوداني المسلم لن يقبل بحكم شيوعي من جانبه صعد استاذ الفال على تلة مجاورة وقال إن هذة هي الثورة التي كان ينتظرها السودان وان المواكب ستكون قد خرجت في الخرطوم تأييدا لها

نحن التلاميذ دخلنا في حيرة من أمرنا وان أظهر بعضنا ميلا للأستاذ عبد الباقي وآخرون للأستاذ الفال والشهادة لله كلا الاستاذين كانا مكان حبنا والحال هكذا ذهبت وانا ومعي شلة من اولاد رابعة إلى ناظر المدرسة الذي كان يجلس بعيدا عن تلك التجمعات وكان ناظر المدرسة هو الشاعر المشهور عوض حسن احمد الذي غني له عبد العزيز محمد داؤد اغنية صغيرتي (أو تذكريني صغيرتي أو ربما لاتذكرين /الخمسة الأعوام قد مرت ومازال الحنين) واشهر بيت فيها (ما زلت أذكر خصلة عربيدة فوق الجبين… ما زلت اقرأ في السطور فاستبين البعض أو لا استبين) واستاذ عوض كان شيوعيا الجناح الثوري التابع للصين… فسالناه عن رأيه في الحاصل وقال لنا الحاصل دا انقلاب عسكري ومافي جيش بيعمل ثورة فالثورة الحقيقية هي التي سيقوم بها هذا الرجل.. أشار إلى مزارع راكبا حماره متجها إلى حواشته كان يمر بنا في تلك اللحظة.. بالطبع لم نستوعب كلام استاذنا عوض استيعابا كاملا فكما وصفه أحدنا (دا كلام كبار كبار).. لقد امضينا سحابة ذلك اليوم ونحن في فناء المدرسة بين الداخليات والفصول والأساتذة والعمال وسطنا فكان يوم اجازة بحكم الأمر الواقع لدرجة ان الفطور قد تأخر في ذلك اليوم… طبعا المدرسة كلها كانت داخلية

أمضى النميري ستة عشر عاما في الحكم تقلب فيها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وتحالف مع الكل ودخل في صدام مع الكل حقق بعض الإنجازات واخفق بعض الإخفاقات وانا هنا الان لست بصدد تقييم فترة مايو فصفحاتها مبذولة للكافة ليحكموا عليها بما يرون ولكن بصدد تذكر ذلك المجتمع الصغير (الحنين) مجتمع المدرسة الوسطى الحكومية والتي كان الدخول إليها أمرا ليس بالسهل فاذكر اننا أمتحنا للدخول إليها فوق الستمائة تلميذ واكاد أجزم أن اكثر من نصفهم كان ناجحا ولكن تمنح فرصة الالتحاق بالمدرسة للأربعين الأوائل فقط وكانوا يقال لهم الفائزين كما غنى صديق أحمد (أن شاء الله يا بسام… تتحقق الأحلام.. وتظهر نتيجة العام…. وتكون من الفائزين)

في المدرسة الوسطى تشكل أدراكنا الأكاديمي ووعينا السياسي.. كان كل اساتذتنا هم أباؤنا بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية نسأل الله الرحمة المغفرة لهم جميعا َ وكذلك لاعمامنا العمال… الآن ونحن في هذة المرحلة من العمر ومن الأوضاع السياسية والاجتماعية يمكننا أن نقول (كانت لنا ايام /ما أحلى ذكراها) لكن لن نقول (ليتنا عدنا أو عادت الايام) لأن ذلك مستحيل فلكل زمان ما يناسبه من معاني ومباني ولكن يحق لنا أن نتساءل لماذا لم نمضي للإمام؟ لماذا تراجعنا إلى أن وصلنا مرحلة السلب والنهب والتشريد والقتل و الانتهاك…
اللهم لا اعتراض على حكمك لكن الجرح كان عميقا والدرس كان قاسيا ومع ذلك دعونا نفكر في يوم باكر

حاشية صغيرة..
هذا المقال مواعيد نشره في هذة الصفحة كان بالأمس لكن سهوت عن ذلك فيبدو أن الزهمرة قد بدأت هو عليكم الله الما بخلينا نخرف شنو؟

عبد اللطيف البوني

حاطب ليل / ٢٥ مايو ٢٠٢٥ /البوني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • "هيئة الاعتماد الأكاديمي" تستضيف لقاء مكاتب الرؤية في أولوية التعليم والتعلم والقدرات الوطنية
  • قفزة نوعية في تصنيفات 2025 الدولية.. الجامعات المصرية تتصدر المشهد الأكاديمي إقليميا وإفريقيا
  • ثورة مايو 1969
  • عاجل || تحذير أمريكي رسمي للطلبة الأردنيين
  • "تعليمية الشورى" تبحث مع "الاعتماد الأكاديمي" مراجعة سياسات التقويم
  • الإمارات.. مدارس تحفز الطلبة لتأجيل الاحتفال بعيد الأضحى لما بعد الامتحانات النهائية
  • التويجر: البعثة الأممية أوصلت المشكلة الليبية إلى طريق مسدود
  • بيان من «التعليم» حول مقار لجان امتحانات الثانوية العامة 2025
  • وفد من جامعة السلطان قابوس يزور روسيا لتعزيز التعاون الأكاديمي
  • محاضرة توعوية حول "خطة الإخلاء" لموظفي "الاعتماد الأكاديمي"