سوريا على مفترق طرق.. أي مصير ينتظر البلاد ومن الرابح والخاسر بعد سقوط الأسد؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
مع تعدد الجماعات المسلحة التي سيطرت على الحكم في سوريا وتباين أجنداتها الإيديولوجية وارتهان بعضها لقوى إقليمية ودولية، يبقى المشهد ضبابيا إن لم يكن قاتما. فهل تتجنب البلاد مصيرا كالذي تعيشه ليبيا منذ عام 2011 أو أفغانستان؟
في ظل المشهد الدراماتيكي في سوريا والتسارع في الأحداث خلال أيام قليلة، يبدو أن البلاد مقبلة على مرحلة مبهمة غامضة مفتوحة على كل الاحتمالات.
فالخاصرة الرخوة لسوريا وهي لبنان، مشغول بمشاكله الداخلية والحرب الإسرائيلية المدمرة التي حصدت أرواح قرابة 4000 شخص وحزب الله الحليف السابق للأسد منهكٌ بسبب تلك الحرب التي خاضها ضد تل أبيب والتي انتهت بالإعلان عن وقف هش لإطلاق النار مدته ستون يوما ويشهد خروقات يومية من الجانب الإسرائيلي أسفرت حتى الآن عن دمار وسقوط قتلى وجرحى حتى في صفوف الجيش اللبناني الذي يفترض أنه هو من يشرف على احترام وقف إطلاق النار.
ومع تغير المشهد السياسي في دمشق، فإن خط الإمداد الممتد من إيران إلى حزب الله عبر سوريا سينقطع أو لن سكون هيّنا في أحسن الأحوال. ولن تكون سوريا بعد اليوم القاعدة الخلفية للحزب الذي كان له دور حاسم في استعادة الأسد لزمام الأمور في حربه ضد الجماعات المسلحة المعارضة بعد تدخله في الصراع عام 2013 بحجة حماية الأراضي اللبنانية من هجمات تلك الجماعات وكذلك حماية مقام السيدة زينب في ضواحي دمشق الذي يحظى بمكانة خاصة لدى المسلمين الشيعة والذي لو تم المسّ به لكان تسبب ذلك في مزيد من الاحتقان والتناحر الطائفي بين السنة والشيعة.
تركياحاولت تركيا النأي بنفسها عن التقدم المذهل للجماعات المسلحة في الأيام الأخيرة وشددت على أنها غير منخرطة في العملية. وذلك رغم الدعم الذي قدمته للمعارضة منذ أوائل عهد الانتفاضة ضد حكم الأسد ففتحت حدودها أمام النازحين السوريين وطالب الرئيس رجب طيب أردوغان وقتها برحيل الرئيس السوري. كما استضافت أنقرة رموز المعارضة ووفرت دعما للجيش الوطني السوري. فهل نتوقع حلا لمعضلة اللاجئين السوريين إلى تركيا والمقدر عددهم بثلاثة ملايين إذا ما حدث واستتب الأمن في سوريا وتجنبت البلاد الدخول في دوامة فوضى جديدة؟
إسرائيلهناك أيضا إسرائيل التي تحتل الجولان منذ أكثر من 57 عاما قبل أن تعلن ضمّه وتعترف واشنطن بهذا الضم في ظل إدارة دونالد ترامب السابقة رغم القرارات الدولية الواضحة التي تعتبر الجولان أرضا محتلة. فتل أبيب تراقب عن كثب ما يجري في سوريا وسط اتهامات للجماعات المسلحة بأن تحركها الأخير يخدم أيضا مصالح إسرائيلية وأنه أتى غداة التهديد الذي أطلقه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للرئيس الأسد قبل أسبوعين.
وكانت الدولة العبرية قد استنفرت قبل يومين قواتها الجوية والبرية في الجولان السوري المحتل تحسبا لأي طارئ. لكن على أية حال، فإن سقوط النظام يخدم مصالح إسرائيل خصوصا إذا انبثق نظام منكفئ على نفسه ومنشغل بمشاكله الداخلية فلا يطالب بحقه في استرداد الجولان ولا بالوصول إلى ضفاف بحيرة طبرية.
Relatedماذا يحدث في مرتفعات الجولان؟ تفجيرات لم تقع منذ حرب 1973إيرانأما إيران فقد فقدت في سوريا الأسد حليفا مهما وحيويا في المنطقة العربية يكاد يكون الوحيد باستثناء العراق. فتاريخ العلاقات بين البلدين يسبق قدوم الأسد الابن إلى السلطة بسنين طويلة. حيث التقت المصالح بين نظام إسلامي منبثق عن الثورة التي قادها الخميني لإسقاط الشاه عام 1979 وآخر علماني قومي يقوده حزب البعث برئاسة الأسد الأب. إذ دعم وقتها حافظ الأسد طهران في حربها ضد العراق في ثمانينيات القرن الماضي واجتمع الطرفان على العداء لنظام الرئيس الراحل صدام حسين وخصومة واشنطن التي كانت تقدم الدعم العسكري للعراق في حربه ضد إيران التي امتدت ثماني سنوات كاملة.
كما أن طهران مشغولة أيضا بتحديات وملفات أخرى متمثلة في العداء المستفحل بينها وبين إسرائيل والولايات المتحدة التي تقف على أعتاب إدارة جديدة بقيادة الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب. ومع الملف النووي الذي لا يزال عالقا وعقوبات أمريكية ودولية، تتوجس الجمهورية الإسلامية من المرحلة المقبلة خصوصا مع تسمية ترامب الدبلوماسي المخضرم براين هوك ليكون مبعوثا خاصا مكلفا بالملف الإيراني وهو المعروف بمواقفه المتشددة تجاه طهران منذ عهد الرئيس جورج بوش الابن.
روسياوبطبيعة الحال، تبقى روسيا من أهم المعنيين بما يجري في سوريا، ورحيل الحليف بشار الأسد يشكل ضربة قاصمة لموسكو التي تملك مواقع عسكرية في هذا البلد أهمها قاعدة حميميم الجوية الواقعة جنوب شرق مدينة اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية التي منحت لروسيا منفذا لمياه المتوسط من ضفته الشرقية ما يخدم مصالحها في المنطقة بل وفي افريقيا أيضا.
فروسيا بوتين قدمت دعما عسكريا مهما للنظام منذ عام 2015 حيث كان لها ما يقل عن 4000 جندي هناك. وكان هذا الدعم الذي تم تحت شعار مكافحة داعش والجماعات المتطرفة مصيريا في الحفاظ على حكم بشار الأسد.
Relatedسوريا ونهاية عهد عائلة الأسد في حكم امتد لـ50 عاما.. بشار يسقط ويسلم السلطة بعد 11 يوما من دون قتالالحرب السورية تعود للواجهة.. كيف انفجر الوضع مجددًا؟من هي الجماعات المسلحة التي أطاحت بحكم بشار الأسد وهل ينفرط العقد بينها بعد سقوط النظام؟وعليه، فإن سقوط النظام يعني أن موسكو لن يكون لها موطئ قدم في سوريا بالنظر للعداء المستفحل الذي تكنّه لها الجماعات المسلحة. كما أن هذا السقوط يشكل من الناحية الجيوستراتيجية صفعة للرئيس فلاديمير بوتين الذي يخوض حربا في أوكرانيا منذ قرابة 3 سنوات. وقد تكون هذه التطورات عاملا في حلحلة الملف الأوكراني والتأثير على الصراع بين حلف الناتو والدول الغربية بين جهة وبين روسيا.
سوريا على مفترق طرق.. مخاوف من النموذج الليبي أو الأفغاني وأي مستقبل ينتظر دمشق؟الآن وقد سيطرت الجماعات المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) على الحكم في سوريا ومع تباين أجندات تلك الجماعات الإيديولوجية وارتباط بعضها بقوى إقليمية ودولية، يبقى المشهد ضبابيا إن لم يكن قاتما.
فلا أحد يمكنه الجزم بعدم تقسيم البلاد وحدوث انتقال ديمقراطي للسلطة. فهل تتجنب سوريا مصيرا كذلك الذي يعصف بليبيا منذ ثورتها على نظام القذافي في 17 فبراير شباط 2011؟
فهي مقسّمة منذ سنين بين حكومة معترف بها دوليا مقرها طرابس الغرب وحكومة في الشرق بقيادة رجل ليبيا القوي المشير خليفة حفتر وسط حالة استقطاب إقليمي ودولي. ولم تفلح كل المحاولات لرأب الصدع بين الإخوة الأعداء ووضع حد للتناحر الذي أسفر عن مقتل المئات وفرض واقع فيه حكومتان وبنكان مركزيان وقوات ومليشيات مسلحة وبنية تحتية مهترئة واقتصاد منهار رغم الثروة النفطية الهائلة التي تزخر بها البلاد.
Relatedمحافظ البنك المركزي الليبي يفرّ خارج البلاد خشيةً على حياته.. و"أزمة النفط" تتعمّقثمة خشية أخرى من حدوث سيناريو أفغانستان التي تسيطر عليها حركة طالبان منذ 15 آب 2021 وفرض نظام إسلامي متشدد هناك إثر الانسحاب الأمريكي والقوات الدولية الأخرى.
فماذا لو سيطرت هيئة تحرير الشام رأس الحربة في إسقاط نظام الأسد، على مفاصل الحكم في بلاد متعدد الطوائف والعرقيات يسكنه الأكراد والعلويون والدروز والشيعة والسنة؟ هذا إضافة إلى المسيحيين الذين يشكلون جزءا أصيلا من النسيج الديموغرافي لسوريا، فقد كان أجدادهم السباقين إلى اعتناق هذا الدين واتباع تعاليم يسوع. فهذه البلاد تضم مدينة معلولا الأثرية الواقعة على بعد 50 كلم من العاصمة دمشق وهي تعتبر أقدم مدينة مسيحية في سوريا ولا يزال سكانها يتحدثون بالأرامية لغة السيد المسيح.
فهل يكذب الواقع هذه المخاوف ويحدث انتقال سلمية للسلطة تضمد البلاد خلاله جراح الحرب الأهلية وتطوي صفحة حكم شمولي دام 54 عاما؟
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سوريا ونهاية عهد عائلة الأسد في حكم امتد لـ50 عاما.. بشار يسقط ويسلم السلطة بعد 11 يوما من دون قتال مظاهرة حاشدة في باريس دعمًا لفلسطين ورفضًا لحضور ترامب حفل نوتردام "فرنسا ارحلي".. مظاهرات في تشاد تطالب بسحب القوات الفرنسية بعد إنهاء الاتفاق العسكري بشار الأسدإيرانروسياالحرب في سورياحزب اللهالمصدر: euronews
كلمات دلالية: بشار الأسد الحرب في سوريا إيران روسيا دمشق الجيش السوري بشار الأسد الحرب في سوريا إيران روسيا دمشق الجيش السوري بشار الأسد إيران روسيا الحرب في سوريا حزب الله بشار الأسد الحرب في سوريا دمشق إيران روسيا دونالد ترامب سوريا فرنسا مظاهرات الجيش السوري فولوديمير زيلينسكي داعش الجماعات المسلحة یعرض الآن Next سقوط النظام بشار الأسد فی سوریا الأسد فی
إقرأ أيضاً:
داعش يتبنى أول هجوم ضد الجيش السوري الجديد منذ سقوط نظام الأسد
أعلن تنظيم "داعش" تبنيه أول هجوم ضد القوات الحكومية السورية الجديدة، في تطور أمني هو الأول من نوعه منذ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
ووفقًا لما نقله موقع "سايت إنتلجينس" المتخصص في مراقبة التنظيمات المتشددة، قال التنظيم في بيان إن "جنود الخلافة فجروا عبوة ناسفة استهدفت آلية تابعة لقوات النظام المرتد في محافظة السويداء"، حسب تعبيره.
ويمثل هذا الهجوم أول عملية يتبناها تنظيم "داعش" رسميًا ضد القوات الحكومية السورية بعد تولي الرئيس أحمد الشرع السلطة، ما يشير إلى تحول جديد في خارطة المواجهات داخل البلاد.
يأتي هذا التطور بعد أيام من إعلان السلطات السورية اعتقال خلية تابعة لـ"داعش" قرب دمشق، كانت تخطط لهجمات داخل العاصمة. وفي عملية أمنية أخرى بمدينة حلب، قُتل عنصر من الأمن العام إلى جانب ثلاثة مسلحين من التنظيم.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، في تصريحات لتلفزيون سوريا، إن نشاط التنظيم المتطرف تزايد بشكل ملحوظ عقب سقوط النظام السابق، مشيرًا إلى أن التنظيم تمكن من الحصول على أسلحة من مخلفات الجيش المنحل.
وكشف البابا أن خلايا تابعة لـ"داعش" حاولت التسلل إلى مواقع عسكرية تابعة لوزارة الدفاع، كما سعت لضم عناصر من فلول النظام السابق إلى صفوفها، في محاولة لإعادة بناء قدراتها القتالية.
وأكد أن العملية الأمنية الأخيرة التي أُجريت ضد عناصر التنظيم شاركت فيها عدة أجهزة أمنية سورية، في خطوة تعكس تغيرًا في تنسيق العمل الأمني.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن تبني "داعش" لهذا الهجوم يُعد مؤشرًا على بداية مواجهة مباشرة مع الجيش السوري الجديد، خاصة أن التنظيم كان قد ركز سابقًا على مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشرق البلاد.
وفي سياق متصل، ذكر "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" في دراسة بحثية أن "داعش" نفذ هجومًا آخر في 18 مايو/أيار الجاري باستخدام سيارة مفخخة استهدفت مركزًا أمنيًا في بلدة "ميدان الشرقية"، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص، دون أن يتبنى التنظيم العملية رسميًا.
وخلص التقرير إلى أن التنظيم، رغم فقدانه الكثير من نفوذه الميداني، لا يزال يشكل تهديدًا أمنيًا حقيقيًا في سوريا، مشيرًا إلى ضرورة عدم التقليل من قدرته على تنفيذ عمليات إرهابية مستقبلاً.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن