دعا القائد العام العامة للإدارة السياسية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، خلال لقائه في دمشق مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، إلى ضرورة إعادة النظر في القرار 2254 بما يتلاءم مع الواقع السياسي الجديد. في غضون ذلك فتحت العديد من الدول التي آثرت الحذر في بادئ الأمر، قنوات تواصل مع حكومة تصريف الأعمال، بعد أسبوع على إسقاط بشار الأسد.

وشدد الشرع في لقائه مع المبعوث الأممي -الذي يزور دمشق للمرة الأولى منذ سقوط النظام- مساء أمس الأحد على وحدة أراضي سوريا وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية.

كما أكد الشرع ضرورة التعامل بحذر ودقة مع مراحل الانتقال وإعادة تأهيل المؤسسات، لبناء نظام قوي وفعال، وتوفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين، مشيرا إلى أهمية تنفيذ هذه الخطوات بإشراف فرق متخصصة.

من جانبه أعرب المبعوث الأممي عن أمله في نهاية سريعة للعقوبات على سوريا، وشدد على أن التغيير السياسي في سوريا سيقوم به السوريون مع "مساعدة ودعم" من بقية العالم.

ودعا بيدرسون إلى محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا.

كما دعا المبعوث الأممي إلى "مزيد من المساعدات الإنسانية الفورية للشعب السوري" وإلى تجنّب "أي انتقام".

إعلان

من ناحيته كشف المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية بدمشق عبيدة أرناؤوط للجزيرة أنه سيعاد النظر في الدستور للوصول إلى شكل حكم يناسب المجتمع السوري وتطلعاته.

وأضاف المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية أن الإدارة الجديدة منفتحة على العالم بما يعود بالنفع على الشعب السوري.

بلينكن (يمين) ولامي ناقشا الوضع في سوريا (غيتي-أرشيف) قنوات تواصل

في هذا السياق واصلت دول عدة آثرت الحذر في بادئ الأمر جهود فتح قنوات تواصل مع حكومة تصريف الأعمال في سوريا.

ورحبت دول ومنظمات عدة بسقوط الأسد، لكنها تتريث في تعاطيها مع السلطات الجديدة بانتظار رؤية نهجها في إدارة البلاد.

فبعد واشنطن السبت، أعلنت المملكة المتحدة الأحد أنها تجري "اتصالات دبلوماسية" مع هيئة تحرير الشام.

من جهتها، ستوفد فرنسا بعثة دبلوماسية إلى دمشق غدا الثلاثاء، للمرة الأولى منذ 12 عاما، حسبما أعلن وزير الخارجية جان نويل بارو في تصريحات لإذاعة "فرانس إنتر" الأحد.

وجدد بارو ترحيب باريس بسقوط نظام بشار الأسد الذي وصفه بالمجرم والجلاد، وأضاف أن فريقا من 4 دبلوماسيين فرنسيين سيذهبون لتفقد المنشآت الفرنسية في سوريا.

وفي السياق قالت الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن ناقش في اتصال مع نظيره البريطاني ديفيد لامي الوضع في سوريا، وبحثا المبادئ التي أقرتها الولايات المتحدة ودول المنطقة التي ينبغي الالتزام بها أثناء العملية الانتقالية. وقالت الخارجية إن بلينكن أكد دعم بلاده لتشكيل حكومة مسؤولة وممثلة يختارها الشعب السوري.

من جانبه أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن بلاده أجرت اتصالات دبلوماسية مع هيئة تحرير الشام، وستسعى للتعامل معها إن اضطرت إلى ذلك.

أما بشأن سياسة إدارة دونالد ترامب التي ستتسلم السلطة الشهر المقبل، فقال مايك والز مرشح الرئيس الأميركي المنتخب لمنصب مستشار الأمن القومي إن أولوية بلاده في سوريا هي ضمان عدم عودة تنظيم الدولة، ودعا والز في حديث لشبكة سي بي إس إلى التخلص من مخزون سوريا من الأسلحة الكيميائية وضمان عدم وقوعها في اليد الخطأ، حسب تعبيره.

إعلان

وقد دعت السفارة الأميركية في سوريا المواطنين الأميركيين إلى مغادرة سوريا إذا أمكن ذلك، وقالت السفارة في بيان إن الوضع الأمني في سوريا لا يزال متقلبا وغير قابل للتنبؤ مع استمرار النزاع المسلح والإرهاب في أنحاء البلاد.

كما دعا بيان السفارة المواطنين الأميركيين الذين لا يستطيعون المغادرة إلى إعداد خطط طوارئ للمواقف الطارئة والاستعداد للبقاء في مكانهم لفترات طويلة.

من جانبها قالت الخارجية الروسية إنها أجلت جزءا من موظفي البعثات الخارجية الروسية في دمشق. وأضافت أن عمل السفارة الروسية في دمشق مستمر. كما أكدت أن موسكو ساعدت في إجلاء موظفي البعثات الدبلوماسية التابعة لبيلاروسيا وكوريا الشمالية وأبخازيا من سوريا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المبعوث الأممی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري

سلّط الكاتب والصحفي الأمريكي، روبرت وورث، الضوء على التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط عقب سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في سوريا، مشيرا إلى خلاف آخذٍ في الاتساع بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي بشأن مستقبل سوريا ودور الرئيس الجديد أحمد الشرع.

وفي حوار مع فريد زكريا، المذيع في شبكة "سي إن إن"، أشار وورث، المساهم في مجلة "ذا أتلانتيك"، إلى أن سوريا لا تزال بلدًا منكوبًا بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، تخللته عقود من الحكم الاستبدادي والعقوبات الدولية. 

وقال: "سوريا لا تزال في حالة صدمة شديدة، لا سيما بعد انهيار ديكتاتورية الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي"، موضحا أن الأغلبية السنية تشعر اليوم بشيء من التحرر، بعد أن كانت لعقود ضحية لحكم أقلية علوية.

غير أن البلاد، وفق وورث، لا تزال تئن تحت وطأة الانقسام والدمار، وسط قلق بالغ يخيّم على الأقليات مثل العلويين والمسيحيين والدروز، في ظل غياب الاستقرار المؤسسي.

As the US backs Syria’s new president, Israel bombed Damascus last week. I spoke with @TheAtlantic’s @robertfworth about the shifting alliances shaping the Middle East in a post-Assad world. pic.twitter.com/1ZVfoGwDct — Fareed Zakaria (@FareedZakaria) July 27, 2025
واشنطن تتبنى "الشرع".. وتحول في موقف ترامب
وعن الموقف الأمريكي من سوريا الجديدة، أوضح وورث أن إدارة الرئيس دونالد ترامب – في ولايته الثانية – كانت في البداية تميل إلى تجنب الانخراط في الشأن السوري، واعتبرت البلاد "ساحة خطرة لا تحتمل التدخل". غير أن زيارة ترامب إلى الخليج في أيار/مايو الماضي غيّرت هذا الموقف جذريا، بعد لقاءات مع قادة خليجيين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وبحسب وورث، فقد دفعت هذه الأطراف باتجاه دعم حكومة مركزية قوية في دمشق، والتخلي عن سيناريو التقسيم، محذّرة من السماح للأقليات المسلحة بالتحول إلى نموذج يحتذى به، في ظل مخاوف خليجية وتركية من انتقال عدوى التمرد إلى الداخل.

وتابع وورث: "طرح القادة الخليجيون على ترامب فكرة احتضان أحمد الشرع، الرئيس الجديد لسوريا، وقد وافق ترامب والتقى به في الرياض، بل وأبدى إعجابه بشخصيته القوية والجذابة"، مشيرًا إلى أن ترامب لمح بشكل غير مباشر إلى أن ماضي الشرع الجهادي قد يكون دافعًا لقوته الحالية.

الاحتلال: لا ثقة بـ"الشرع" رغم العداء المشترك لإيران
في المقابل، اعتبر وورث أن الموقف الإسرائيلي يختلف جوهريا عن الموقف الأمريكي والعربي، حيث تنظر تل أبيب بعين الريبة إلى الشرع، رغم الترحيب بسقوط الأسد باعتباره حليفًا استراتيجيًا لإيران.

وقال: "الإسرائيليون يرون في الشرع شخصية لا يمكن الوثوق بها. ورغم طرده لإيران من سوريا بعد توليه السلطة، فإن تاريخه الجهادي يثير مخاوف حقيقية لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب"، مضيفًا أن الاحتلال الإسرائيلي تبنى منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي نهجا أحاديا يقوم على توجيه ضربات استباقية داخل الأراضي السورية، تستهدف مخازن الأسلحة وأي أهداف تُعتبر تهديدًا لأمنها.

وأوضح وورث أن الاحتلال تاريخيًا، كان يرى أن أمنه يتعزز حين يكون جيرانه العرب ضعفاء ومفتتين، وهو ما ينعكس في سلوكها الحالي تجاه سوريا.


"الشرع" يربك الاحتلال.. وتركيا تتهيأ 
ورأى وورث أن ظهور أحمد الشرع على رأس السلطة في دمشق أضاف عنصرا مربكا في الحسابات الإسرائيلية، خاصة في ظل خلفيته "الإسلامية-الجهادية" التي تثير القلق، رغم مؤشرات براغماتية أظهرها خلال السنوات التي قاد فيها محافظة إدلب.

وأوضح أن الشرع، خلال قيادته لإدلب، خفف من حدة الفوضى، وفرض سلطته على الجماعات المسلحة، وبدأ بتشكيل نواة جيش وطني، مما جعله شخصية أكثر براغماتية وانفتاحًا. 

وأردف: "من اللافت أنه، خلافًا للأيديولوجيات السائدة في فصائل المعارضة السورية، لم يظهر عداءً صريحًا تجاه إسرائيل، بل ألمح إلى استعداده للحوار".

أما تركيا، فيرى وورث أنها بدأت تُدرك أن لحظتها قد حانت للعب دور محوري في سوريا الجديدة، بعد سنوات من رعاية الفصائل السورية المعارضة، خاصة في إدلب. 

وقال: "أنقرة كانت الداعم الرئيسي للشرع في الشمال الغربي من سوريا، وقدمت له كل ما يلزم من دعم لوجستي واستخباراتي".

واختتم فريد زكريا حواره بالقول إن ما يجري في سوريا يشير إلى تحوّل في موازين القوى الإقليمية، حيث يتبنى الاحتلال الإسرائيلي نهجًا أحاديًا ومتشدّدًا يفتقر إلى أي مرونة دبلوماسية، مقابل سعي الدول العربية وتركيا إلى إعادة تشكيل النظام السوري على أسس أكثر استقرارًا وانفتاحًا.

أما روبرت وورث، فأكد أن المنطقة تمر بمرحلة تشهد ديناميكيات جديدة، تتبلور فيها خلافات غير مسبوقة بين الاحتلال من جهة، ودول الخليج وتركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى. 
وأضاف: "سوريا اليوم ليست فقط ساحة إعادة إعمار، بل أيضًا ساحة إعادة تموضع استراتيجي ستؤثر في الشرق الأوسط بأسره".


مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مستهل لقائه وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني في موسكو: نتمنى أن يتجاوز الشعب السوري التحديات، ونتطلع لزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى روسيا
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القيادة الأذربيجانية تولي أهمية خاصة للعلاقات مع سوريا الجديدة، وقد لقي ذلك ترحيباً وتجاوباً من الجانب السوري، الأمر الذي أدى إلى إقامة علاقات الصداقة والتعاون المتبادل بما يتماشى مع مصالح البلدين والشعب
  • وزير الخارجية والمغتربين يستقبل سفير الصين لدى سوريا لبحث تعزيز التعاون الثنائي
  • وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار: سوريا الجديدة هي المنتجة التي تعيد تشكيل معاملها وبناء إنتاجها
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: دورة هذا العام ستعكس صورة سوريا الجديدة، الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • قراءات في تعديل النظام الانتخابي لمجلس الشعب السوري
  • حمزة: الدورة الـ 62 لمعرض دمشق الدولي ستكون دورة استثنائية بكل المقاييس وستعكس صورة سوريا الجديدة القوية المنفتحة الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • كاتب أمريكي يرصد أوجه الخلاف بين واشنطن وتل أبيب حول الملف السوري
  • وزير الثقافة يبحث مع المفكر جورج صبرة دور الثقافة في بناء سوريا الجديدة