17 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: في خضم التحولات الإقليمية الكبرى، بدأت مؤشرات ارتخاء قبضة إيران على كل من لبنان وسوريا تنعكس في المواقف الصريحة التي تتخذها أطراف سياسية عراقية شيعية تجاه طهران، وهي مواقف كانت إلى وقت قريب مستترة خلف التحالفات والتوافقات التاريخية. ويبدو أن لحظة ضعف إيران باتت عاملاً مشجعًا لهذه القوى على المجاهرة بآرائها دون خشية من ردود أفعال حلفاء طهران المحليين.

ووفقًا لمصادر سياسية فإن تراجع إيران عن دورها التقليدي كقوة إقليمية مهيمنة، مع تعثّرها في دعم حلفائها التقليديين مثل حزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا، دفع قادة سياسيين شيعة إلى التفكير بصوت عالٍ في خياراتهم السياسية بعيدًا عن دائرة النفوذ الإيراني.

وقال مصدر سياسي إن “الزمن تغيّر، والحديث عن الاستقلالية لم يعد ترفًا بل ضرورة للتماشي مع المستجدات”.

في هذا السياق، أطلق رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي مبادرة حملت اسم “مبادرة الرافدين”، والتي تضمنت بنودًا لدعم سوريا سياسيًا وإنسانيًا، مع التركيز على تأمين استقرار المرحلة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الأسد. وقالت تغريدة من حساب سياسي عراقي بارز على منصة “إكس”: “العبادي يخطو خطوة جريئة في دعم سوريا جديدة، هل بدأنا نشهد تحرر بغداد من ظلال طهران؟”.

اللافت في المبادرة، بحسب مراقبين، هو تجاهل البيان الصادر عن ائتلاف العبادي لدور إيران في تحقيق الاستقرار في سوريا، مما عُدّ إشارة مباشرة إلى إعادة النظر في العلاقة مع طهران. وقال تحليل نشره أحد الصحافيين العراقيين على “فيسبوك”: “هذه المبادرة تؤكد أن العراق يحاول تصحيح بوصلته نحو شراكات متوازنة بعيدًا عن سيطرة إيران”.

في المقابل، أثارت الخطوة جدلاً داخل الأوساط الشيعية العراقية نفسها.

وقال مصدر  إن “هناك انقسامًا حادًا بين القوى السياسية الشيعية حول الموقف من إيران، فبينما يرى البعض أن الاستقلالية هي الحل، يتمسك آخرون بالتحالف التاريخي مع طهران، مما يعكس حجم التعقيد في المشهد العراقي”.

وأضاف أن “هناك أصواتًا شعبية باتت تُسمع في الشارع تطالب الحكومة العراقية بالخروج من دائرة التجاذبات الإقليمية والعمل على تحقيق مصالح العراقيين أولاً”.

وذكرت مواطنة عراقية تدعى أم ليث، من النجف، في تدوينة لها على “فيسبوك”: “إلى متى نبقى ورقة في أيدي الآخرين؟ نحن بحاجة إلى قيادة تفكر في العراق قبل أي شيء آخر”.

من جانبه، وصف وتحليل سياسي مبادرة العبادي بأنها  تعبّر عن “رغبة عميقة في الاستقلال السياسي عن إيران، وهو أمر ينسجم مع التحولات الجارية في الإقليم، حيث بدأت هيمنة طهران تتراجع بفعل الضغوط الدولية والداخلية”.

على الجانب الآخر، يرى محللون أن هذه التحركات قد لا تخلو من مخاطر داخلية على العبادي وغيره من الشخصيات العراقية التي تسعى إلى استقلال القرار العراقي، اذ ان محاولات كسر النفوذ الإيراني قد تواجه مقاومة شرسة من أطراف ما زالت مرتبطة عضوياً بمشروع طهران الإقليمي .

يبدو أن العراق يقف اليوم على مفترق طرق حاسم، بين التمسك بالتحالفات القديمة التي قيدت حركته السياسية لعقود، وبين السعي نحو بناء سياسة أكثر استقلالية تتماشى مع المتغيرات الإقليمية والدولية.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

محلل سياسي: إسرائيل استعانت بفرنسا وألمانيا للضغط على طهران لوقف التصعيد

قال الدكتور محمد بناية، الخبير المتخصص في الشأن الإيراني، إن وزير الخارجية الفرنسي كان من أوائل من طرحوا مؤخرًا فكرة الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إيران، ورغم رفض طهران القاطع في البداية لفكرة الحوار، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت مؤشرات لتبدل الموقف الإيراني.

رئيس الاستخبارات الوطنية الأمريكية: إيران لم تصنع أسلحة نووية


وأوضح بناية خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن إيران كانت تصر في السابق على عدم التفاوض أو الدخول في أي محادثات إلا بعد وقف التصعيد والاعتداءات، إلا أننا فوجئنا اليوم بظهور وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان في لقاءات مباشرة مع الأوروبيين، وإن بقي ثابتًا على الشروط الإيرانية.

وأشار إلى أن المرحلة الأولى من المفاوضات كانت تدور بين إيران والولايات المتحدة بشكل مباشر، وسط تهميش واضح لدور "الترويكا الأوروبية" المتمثلة في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهو ما خلق توترًا في العلاقات بين طهران والعواصم الأوروبية.

ويرى بناية أن ما يجري الآن من تحركات دبلوماسية أوروبية قد يكون بإيعاز من الولايات المتحدة، أو محاولة غير مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لإنقاذ إسرائيل عبر وسطاء أوروبيين، في ظل تأجيله المعلن لأي تدخل عسكري مباشر لمدة أسبوعين.

وأضاف أن ترامب لم يعلن رسميًا حتى الآن عن نية بلاده التدخل العسكري ضد إيران، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن البيت الأبيض يفضل حاليًا التهدئة وتفعيل الحلول الخلفية عبر أوروبا، لتفادي التصعيد الشامل في الشرق الأوسط.

ولفت الخبير في الشأن الإيراني إلى أن إسرائيل قد تكون فعليًا قد لجأت إلى بعض الدول الأوروبية للضغط على إيران سياسيًا، خاصة مع المواقف التاريخية الداعمة لها من جانب ألمانيا وبريطانيا، وهو ما يشير إلى توجه نحو فتح قنوات تفاوض من "الباب الخلفي" بعد فشل الخيار العسكري في تحقيق الردع السريع.

طباعة شارك الشأن الإيراني وزير الخارجية الفرنسي خط أحمر ترامب

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تعلن اغتيال 3 قادة بالحرس الثوري وتستهدف عشرات المواقع الإيرانية
  • من المسؤولة الأميركية التي كذبها ترامب وماذا قالت عن إيران؟
  • ترامب يمنح إيران مهلة أسبوعين لتفادي الضربة العسكرية: هناك "فرصة حقيقية" لمسار تفاوضي
  • محلل سياسي: إسرائيل استعانت بفرنسا وألمانيا للضغط على طهران لوقف التصعيد
  • الطوارئ النووية العراقية في انعقاد دائم للتعامل مع أي طارئ في محطات التخصيب الإيرانية
  • كتائب حزب الله العراقية تتوعد ترامب إذا ضرب إيران: ستخسر كل التريليونات التي تحلم بها
  • محلل سياسي: الضربات الإيرانية كشفت خللا استراتيجيا في الدفاعات الإسرائيلية
  • حديث أمريكي يخص “مضيق هرمز”: إيران قد تشل البحرية الأمريكية
  • قادة إيران المغتالين.. أبرز الشخصيات العسكرية الإيرانية التي استهدفتها إسرائيل
  • الخارجية العراقية تخلي موظفيها في إيران