مشهد النهاية لـ ريا وسكينة.. صورة وثيقة أول إعدام لسيدتين في تاريخ المحاكم
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
في صباحٍ ملبد برائحة الجريمة والقصاص، عُلِّقت أسماء "ريا وسكينة" في دفاتر التاريخ كأول سيدتين مصريتين تُنفَّذ فيهما عقوبة الإعدام.
تلك الحبال التي لفت أعناقهما لم تكن مجرد أداة عقاب، بل كانت شريطاً يربط بين صفحات حكاية سوداء سُطرت بدماء الضحايا في أزقة الإسكندرية الضيقة.
كانت ريا وسكينة، الأختان اللتان حملتا اسميهما بريقاً قاتماً، أشبه بعاصفة هوجاء اجتاحت نساء المدينة في مطلع القرن العشرين.
مظهرٌ عادي وقلبٌ يخبئ شيطاناً بلا رحمة، منازل تحوّلت إلى أفخاخ، وضحايا دخلن بأقدامهن إلى موت محكم، لا يسمع أنينه سوى الأرض المبتلة بالخيانة.
إعدامهما لم يكن مجرد نهاية لاثنتين من أشهر القتلة في التاريخ المصري، بل كان إعلاناً لانتصار العدالة، حبال المشنقة، التي لفّت أعناقهما، بدت وكأنها تلتمس الغفران نيابة عن أرواح لا حصر لها أُزهقت بلا ذنب، لكن، خلف مشهد العقاب، يظل سؤال يطارد الذاكرة: كيف يتحول الإنسان إلى وحشٍ ينهش بني جنسه؟ هل هو الجهل، أم تلك الظروف القاسية التي نسجت حولهما عالماً بلا ملامح سوى القسوة؟ بين شهقات الضحايا وصرخات العدالة، لم تكن النهاية أقل درامية.
مشهد الإعدام كان استراحة أخيرة لمسرحية من الرعب، انتهت بسقوط الستار على جثتين، لكن ذكراهما بقيت حيّة، تُروى بحذر وتُقرأ بعبرة.
إعدام ريا وسكينة ليس فقط صفحة في دفتر القضاء المصري، بل درس عميق في أن يد العدالة، قادرة على إطفاء نيران الجريمة، ولو بعد حين.
مشاركة
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: ريا وسكينة قتل النساء جرائم ريا وسكينة ریا وسکینة
إقرأ أيضاً:
عناق النهاية
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
تقلب صفحات الكتاب الذي تمسكه بيديها كل يوم، لكنها هذه المرة لم تقرأ كما اعتادت.
تسهر الليل لتُنهيه، حتى وقفت عند إحدى صفحاته، وكتبت بخط مرتجف:
"لم تكن الحياة عادلة... أنفترق دون وداع؟ لما لم يحارب من أجلي! أين الوعد؟ أين الحب؟ أكان كل ذلك وهماً؟"
أغلقت كتابها، وفتحت إحدى رسائله على الهاتف. قرأتها، فانهمرت دموعها؛ لقد كان قاسيًا حتى في الوداع.
أغلقت الهاتف واستجمعت نفسها وغادرت منزلها.
الجو حار، والرصيف مزدحم.. وجهاهما تلاقيا.
قلوبهما اشتعلت في اللحظة نفسها، لكن العيون انكسرت نحو الأرض، تخشى فضح الشوق.
تقدما بخطوات بطيئة حتى صارا متقابلين، ثم مرا بجانب بعضهما. كلٌّ منهما يحارب رغبته في الالتفات، خشية خيانة كرامته.
وانتهى اللقاء بلا كلمة، بلا نظرة، بلا وداع.
عادت إلى حياتها، تنشغل بعملها وكتبها، وتخط بقلمها ما يخفف والآم الذكرى.
مضت الأيام سريعًا، حتى حلّ الشتاء بجوه البارد.
وفي صباحٍ مشرق، خرجت إلى عملها، وكأن القدر لبّى نداءها.
يقود دراجته حين لمحها واقفة عند زاوية الطريق.
توقف فجأة، وتوقف الزمن معه.
اقترب، وصوته المرتجف يفضحه:
ــ هل ما زلتِ تحبّينني؟
لم تُجب. حدّقت في عينيه طويلاً، ثم ألقت بنفسها في حضنه، تتمسّح به كطفلة صغيرة.
كان عناقًا قصيرًا كالحلم، دافئًا كالحياة، عميقًا كالنهاية.
ابتسمت له ابتسامة وداع، ومضت. ليسمعا صوت ضجيج حتى جاءت شاحنة مسرعة، كيد القدر، لتسلب جسديهما وتجمعهما في حياة أخرى… في عالم لا يعرف طريقًا للفراق.