من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. بانتظار القافلة
تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT
بانتظار القافلة
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 10 / 3 / 2018
الجدران رطبة، والضوء خافت، وأحبال الغسيل قمصان شائكة تفصل الحدود بين العائلات، قالت جارتنا وهي تدلّ أمي على #المخبأ.. إذا أردت ألا يصعد أبناؤك إلى السماء فاهربي بهم إلى تحت الأرض.. وكأنه لا خيار ثالث في وطن الصراعات.. إما الصعود شهيداً إلى #السماء، أو البقاء حياً منسياً تحت الأرض، لكنّك لن تكون مواطناً تمشي في مناكبها.
لا بأس.. حتى الملاجئ الإسمنتية باتت مسلية نكتب على جدرانها دروسنا كي لا ننسى أبجدية العربية، ونكتب عبارات إسقاط النظام كي لا ننسى أبجدية الحرية.. أمي بدأت تزرع النعناع والجاردينيا والمارغريت في قوارير صغيرة تحت الأرض تتفتح الورود لمصابيح الكهرباء، تخالها الشمس.. تماماً كما أخال سقف الملجأ السماء، وبقع الرطوبة التي تتشكّل في سقف الملجأ أو قاع البناء هي غيومنا المؤقتة التي تمشي فوق أحلامنا لكنها لا تمطر أبداً.. أحياناً يتساقط ملح الاسمنت فوق أغطيتنا ونحن نيام، نراه ثلجاً لاجئاً مثلنا نلمه بأصابعنا نقبضه بأكفّنا لينام معنا لكن سرعان ما يذوب كقصص النوم..
نحن في #وطن_الظل هنا في الملجأ، وطن في بطن وطن، بعض أطفال حارتنا قالوا ما رأيكم أن نجري انتخابات رئاسية تحت الأرض هنا لنمارس ديمقراطيتنا المرتجفة، فرحنا للفكرة، لكن ما لبثنا إن اختلفنا فالزعامة لها سوءاتها فوق الأرض كانت أم تحتها.. لا نريد ان يكون لنا في الملجأ رئيساً، نريد أن نكون شعباً فقط، الرئاسة تفسد الانسجام بين السكّان، الآن نتقاسم المعلبات، ونقترض الخبز، والماء، ونتبادل أماكن النوم، لو صار لدينا رئيس منتخب للملجأ ستدب الطبقية من جديد، ونحن الهاربون أصلاً من ظلم الحكم إلى قبر الحياة الواسع..
أكثر ما يحزنني، أننا على عتبات الربيع، والغوطة لا ترانا بعينيها، لا أستطيع أن أمشي بين أشجار الخوخ كما كنت، أقطف الزهر الطري وأمص رحيق الورد، لا أستطيع أن أتسلّق سور جيراننا خلسة لأسرق اللوز من أصابع أشجارهم.. حتى لو توقّف القصف واستمرّت الهدنة لن أفعلها أقسم أنني لن أفعلها فقلبي لا يطيعني.. كنت أفعل ذلك نكاية بأولاد جارنا الصغار، لكنّهم ماتوا بالقصف قبل شهر من الآن مات أيهم وبتول وعمّار وبقي اللوز.. وفاءً لأرواحهم لن أمدّ يدي على “لوزتهم” الشرقية، ولن أتسلّق السياج.. صحيح لقد هدم السياج، وأكل البرميل الثاني وجه الدار لكنني لن أقترب من مكان غادروه أبداً.. أكثر ما يحزنني أن شجر الغوطة ليس له أرجل ليركض مثلنا، أخاف أن يموت واقفاً.. أمّي هل نستطيع أن ننقل الشجر هنا إلى الملجأ؟؟
قالت أسمعُ صوت أطفال فوق الأرض.. اذهب وتفرّج، ثم عادت وتراجعت عن طلبها: ابق هنا لا تذهب أخاف أن يداهمنا عطاس الموت دون أن ندري..
صوت شاحنة اقترب من الحي وأطفال يصفّرون ويركضون، تشجّعت أمي من جديد وقالت: “اذهب الآن.. ربما وصلت #قافلة_المساعدات، تأكّد، إذا كانوا يوزّعون غذاءً على العائلات، أخبرني لأخرج معك، لم يعد في الملجأ شيئاً نأكله.. حتى الدواء أو الأغطية تلزمنا.. اذهب واسأل الأولاد.. خرجتُ من الدرج المكسر، صعدتُ من باب البناية السفلي وصلت سطح الأرض.. رأيت في أول الحي شاحنة يكسوها شادر ثقيل وأطفال يتعلقون بحبالها.. كانت الشاحنة الأولى التي تصل الحي منذ بداية الهدنة، كنا ننتظر اللحظة التي يفتح السائق ومشرفو الإغاثة الباب الخلفي.. نهرنا السائق وطالبنا الابتعاد عن السيارة تكلّم مع بعض موظفي الإغاثة وسلمّهم أوراقاً زهرية اللون.. قلنا له: هيه يا عمي نريد معلبات خبز طعام أي شيء.. لم يجبنا، حاول الصعود إلى قمرة القيادة.. لحقناه سائلين.. ماذا بسيارتك؟؟.. قال بصوت منخفض: “أكفان” فقط.. قافلة الغذاء لم تصل بعد.. تراجعنا، لم يبق أي طفل حول الشاحنة هربوا جميعاً.. ودخلوا ملاجئهم من جديد وكان غارة جوية قد بدأت، ياااه كم ترعبهم كلمة #الموت، ها نحن ننظر من شبابيك ملاجئنا المكسّرة لليوم السابع على التوالي.. ننتظر قدوم #القافلة..!
احمد حسن الزعبي
#174يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المخبأ السماء قافلة المساعدات الموت القافلة الحرية لاحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق مع وزارة الصحة
كتب- محمد شاكر:
أكد الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، أنه تم نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر، في إطار الحرص على توفير الرعاية الطبية اللازمة له، وبالتنسيق الكامل مع وزارة الصحة والسكان.
وأوضح وزير الثقافة أنه يجري تواصل مستمر مع الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، لمتابعة الحالة الصحية للكاتب الكبير، مشيرًا إلى أن وزير الصحة وجّه بدراسة الحالة وتوفير أفضل خدمة طبية ممكنة، وتم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لنقله إلى معهد ناصر فور الحصول على موافقة أسرته.
وشدد الدكتور أحمد فؤاد هنو على أن وزارة الثقافة تتابع حالة الأديب الكبير لحظة بلحظة، وتحرص على تقديم كل أوجه العناية الممكنة، تقديرًا لقيمته الأدبية ومسيرته الثرية
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
صنع الله إبراهيم معهد ناصر وزارة الصحةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق مع وزارة الصحة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
40 27 الرطوبة: 20% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك