الجيش الهولندي يدعم جنوده بعتاد محمول مضاد للطائرات المسيرة
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف الجيش الملكي الهولندي عن خطط لتزويد جنوده بعتاد شخصي للحماية من الطائرات المسيرة، يتضمن أجهزة استهداف بالليزر ومستشعرات محمولة، في مسعى لمواجهة تهديدات منظومات الطائرات المسيرة الصغيرة التي حولت طبيعة ميادين القتال والمعارك.
وقال وزير الدولة للدفاع في هولندا جيجس توينمان - في خطاب موجه للبرلمان - إن الحرب في أوكرانيا وتطورات الشرق الأوسط أظهرتا مدى التهديد الذي تمثله المسيرات، والجيش الهولندي يفتقر ذلك المطلب الملح لحماية أنفسهم.
وبينت مجلة "ديفينس نيوز" أن معارك القوات الروسية والأوكرانية تضج بطنين المسيرات التي باتت تراقب كل حركة في أرض المعارك، وأصبحت أول ما ترقبه المسيرات أثناء تحليقها هي العناصر المقاتلة على الأرض، ومن ثم تقوم باستهدافها سواء كانت في الخنادق أو عبر فتحات المركبات المدرعة. تلك التكتيكات والتطورات في ظروف القتال غير مألوفة لدى الجيوش الغربية، لذا فإنها تهرول سريعًا نحو تبنيها.
وقال توينمان - في خطابه للبرلمان - "عناصر القوات المسلحة قد يواجهون بصورة متزايدة هجمات أو عمليات رصد واستطلاع غير مرغوبة باستخدام منظومات مسيرة صغيرة، من بينها الطائرات المسيرة."،ويؤكد أن "القدرة على التغلب على تلك النظم المسيرة بدون طيار أمر ضروري لتأمين قواتنا العسكرية والمهام والعمليات التي يؤدونها."
وأضاف: بينما تتحول هولندا للتركيز على منظومات الدفاع الجوي المتعدد الطبقات لمواجهة المسيرات الكبيرة، فإن مواجهة تلك الطائرات المسيرة الصغيرة وغير المكلفة بمثل هذا العتاد لا يتسم بالكفاءة ولا الفعالية. وبدلًا من ذلك، يتعين على الجنود في أغلبهم الاعتماد على التسليح الشخصي أو منظومات الأسلحة المعيارية، لتنفيذ ضربات محتملة "محدودة" لتلك الطائرات صغيرة الحجم وذات السرعات العالية والقدرة على المناورة والحركة.
وتعتزم وزارة الدفاع الهولندية إنفاق ما بين 50 و250 مليون يورو لشراء عتاد وأجهزة تسليح شخصي مضاد للمسيرات.
والتكنولوجية المتصورة في هذا الإطار تتضمن أجهزة استهداف كهرو-ضوئية تثبت ضمن التسليح الشخصي للأفراد والعناصر المقاتلة، مثل أجهزة استهداف بالليزر، والتي يمكنها زيادة دقة الاستهداف بصورة كبيرة ضد الطائرات المسيرة الصغيرة التي تحلق على مسافة 200 متر.
من بين الأجهزة الأخرى المعروضة يوجد أجهزة تشويش محمولة لاعتراض إشارات وموجات الطائرات المسيرة، وأجهزة استشعار لتردادات الراديو التي تسمح بالإنذار المبكر للتهديدات المحتملة من النظم المسيرة. ويضيف توينمان أنه من خلال التجارب التي أجريت مع الجهات العاملة في المنظومات المسيرة بدون طيار، فقد تبين أنه ليس هناك جهاز بمفرده سوف يعالج بكفاءة التهديد الذي تشكله الطائرات المسيرة الصغيرة.
وحسب الخطاب الموجه للبرلمان، فإن الدقة العالية في استخدام معاونات الاستهداف سوف تقلل "بدرجة كبيرة" الذخائر المستخدمة لمواجهة تهديدات الطائرات المسيرة، فيما ستساعد أجهزة التشويش المحمولة في إمكان التصدي للتهديد بوسائل بديلة.
وتنطوي خطة وزارة الدفاع الهولندية على شراء معدات معروضة في الأسواق، والعديد من المنظومات المناسبة الموجودة المطروحة للبيع في الأسواق، وأحجمت الوزارة عن تقديم تفاصيل بشأن الشركات التي يحتمل أن تورد مثل تلك التجهيزات.
ونظمت هولندا - في سبتمبر الماضي - تدريبات لحلف "الناتو" للتصدي للمركبات الجوية المسيرة، والتي شهدت اختبار 19 دولة حليفة إضافة إلى ثلاثة شركاء من بينها أوكرانيا، لأكثر من 60 من المنظومات والتكنولوجيات المخصصة لرصد الطائرات المسيرة وتحييدها، بما فيها أجهزة التشويش والمستشعرات.
ويتابع توينمان: إن قاعدة المستخدمين لتلك الأجهزة آخذة في النمو؛ فمن جانبها شكلت بلجيكا إطار عمل لتعاقد مع "وكالة التوريد والدعم" التابعة لحلف الناتو بشأن أجهزة تشويش ومستشعرات محمولة، فيما قامت كل من ألمانيا والمملكة المتحدة بشراء تجهيزات استهداف كهرو-ضوئية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجيش الهولندي الطائرات المسيرة
إقرأ أيضاً:
برج حمود في بيروت.. زيارة إلى أرمينيا الصغيرة
بيروت ـ في الزاوية الشرقية من بيروت حيث يخفّ صخب الكورنيش وتبهت ملامح الأبراج الزجاجية، تبدأ الحكاية، حكاية حيّ لا يشبه غيره، اسمه "برج حمود".
حي يبدو لأول وهلة كأنه خارطة متشابكة من أزقة ضيقة ومحال بسيطة وأرصفة لا تهدأ، لكنه في الحقيقة قطعة صغيرة من أرمينيا نسجت فوق تراب لبنان، بكل ما تحمله من ذاكرة ولغة وحِرفة.
هنا، لا تحتاج لأن تسأل عن الأرمن، فكل حجر في المكان يجيبك بلغته. واجهات المتاجر تومض بأحرف أرمنية، ورائحة "السجق" و"الباستيرما" تتسلل من الأفران الشعبية، والذهب يلمع في واجهات الورش الصغيرة، وكأنه يحكي قصص المهجرين الذين جاؤوا بالحرف من مرعش، وعاشوا للدهر.
منذ أن خط الأرمن أول متجر صياغة في برج حمود تغيّر شكل الذهب في لبنان. أصبح أكثر دقة، أكثر صبرا، وأقرب إلى التحف الفنية منه إلى الحلي. عشرات الورش تتراص في الحي كحبات السبحة، كل واحدة منها تحكي سيرة عائلة توارثت المهنة كأنها إرث مقدّس.
صياغة الذهب هنا ليست مهنة عابرة، بل حرفة تتنفس اللغة الأرمنية وتشتغل على نبض الذاكرة. لا غرابة إذن أن يقصد اللبنانيون، وبعض السياح أيضا، برج حمود بحثا عن "قطعة أرمنية"، كأنها توقيع فني على الجسد.
"مرعش" في قلب بيروتفي أزقة الحي تسمع كثيرا عبارة "Bari Galust Sireli" أي "تفضل عزيزي"، وكأنها المفتاح السري للعبور إلى عالم من الحرفية.
الأرمن في برج حمود لم يندمجوا فقط في النسيج اللبناني، بل نسجوا فيه خيوطا خاصة بهم، ملونة كالأقمشة الأرمنية المطرزة، ومتقنة كحُليّهم الدقيقة.
تتفرع الأزقة وتتداخل، حتى تصل إلى شارع اسمه "مرعش". الاسم وحده كفيل بإيقاظ الذاكرة، مرعش (Մարաշ) المدينة التي كانت ذات يوم مركزا حضاريا في السلطنة العثمانية، أصبحت اليوم اسما لشارع يحمل نبض التاريخ الأرمني في قلب بيروت.
إعلانهناك تحت أضواء خافتة تجد مشاغل حرفيين لم يغادروا المهنة منذ أجيال، ولا يزالون يطرقون المعدن وكأنهم يطرزون حكاياتهم الخاصة.
في أحد زوايا الحي، يعمل النحات اللبناني الأرمني أشود تازيان داخل مشغله الصغير، حيث تتحول الأخشاب والأحجار إلى منحوتات بديعة، ورشته ليست مكانا للعمل فقط، بل متحفا صغيرا يتنفس إرثا جماعيا بكثير من السكون والعمق.
حين يصبح الشتات نكهةلكن لا تكتمل حكاية برج حمود دون أن تتوقف عند المذاق، ففي كل شارع تقريبا فرن قديم، أو مطبخ عائلي، أو محل صغير تفوح منه رائحة اللحوم المتبلة بالبهارات الأرمنية، "لحمة بعجين" تُخبز على طريقة الجدة، و"المعكرونة باللبن والثوم" تُطهى كأنك في بيت أرمني وسط يريفان عاصمة أرمينيا.