اضحكوا مع نظام بوتين الدولي الجديد!
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
اضحكوا مع #نظام_بوتين_الدولي_الجديد!
د. #فيصل_القاسم
لو أحصينا التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير #بوتين منذ سنوات حتى الآن حول ضرورة إنشاء نظام دولي جديد، لربما تجاوزت المائة تصريح وربما أكثر، فهو لا يكل ولا يمل من المطالبة بتغيير النظام الدولي الذي ظهر بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية تسعينيات القرن الماضي.
بعبارة أخرى، لا غبار أبداً على مطالبة بوتين بنظام دولي متعدد الأقطاب، لا بل إن من حق كل الأصوات المطالبة بتغيير هيكلية الأمم المتحدة وإضافة أعضاء جدد إلى مجلس الأمن ليكون أكثر تمثيلاً للبشرية وانعكاساً للتحولات الدولية، من حقها آن تستمر في المطالبة بتغيير النظام. لا أحد يختلف معها، لكن هل يريد بوتين فعلاً نظاماً دولياً متوازناً وعادلاً لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة لشعوب المعمورة؟ إن من يسمع تصريحات الرئيس الروسي المتكررة يأخذ الانطباع أن قلبه يتقطع على عذابات الشعوب المسحوقة، ولم يعد يطيق الطغيان الغربي والأمريكي تحديداً فوق رقاب أكثر من سبعة مليارات إنسان في عموم العالم. لكن هل يريد بوتين العدالة حقاً، أم إنه فقط يريد حصة أكبر من الكعكة الدولية كي يعيد بعض أمجاد الاتحاد السوفياتي البائد؟ من المعروف تاريخياً أن كل القوى التي وجدت لديها فائض قوة، حاولت دائماً تصديره إلى الخارج استعماراً واحتلالاً وغزواً وهيمنة وسيطرة على البلدان الضعيفة. وهذه حقيقة تنسحب على كل القوى التي سيطرت على الآخرين عبر التاريخ، بمن فيها المسلمون أنفسهم، الذين فقط غيروا تسمية الاستعمار إلى «غزوات»؟
هل يريد بوتين أن يقول لنا إن غزو أوكرانيا وتدميرها وتهجير الملايين من شعبها مبرر شرعي لإنشاء نظام دولي جديد، أم إنها غزوة استعمارية وحشية مثلها مثل كل الحروب الاستعمارية؟
مقالات ذات صلة خطر الغلو في الصالحين 2023/08/18لا ننسى أن كل القوى الاستعمارية تاريخياً رفعت شعارات «براقة» لتبرير غزواتها، فالمستعمر الغربي مثلاً رفع شعار «عبء الرجل الأبيض» واعتبر بموجبه كل احتلالاته ونهبه لثروات الشعوب الأخرى واجباً إنسانياً لتحضير الشعوب المتخلفة. ولا ننسى أن نابليون دخل مصر وهو يحمل نسخة من القرآن الكريم ليضحك بها على المصريين، لكن أكاذيبه انكشفت سريعاً عندما داست حوافر خيوله أرض الأزهر الشريف عند أول مقاومة شعبية للغزاة الفرنسيين.
هل يختلف الغزو الروسي عن الغزو الأوروبي؟ إن من ينظر إلى الغزوات والاحتلالات والوحشية الروسية منذ سنوات في أكثر من مكان في العالم سيجد بسهولة أن شهاب الدين أسوأ من أخيه، كي لا نستخدم العبارة الأصلية للمثل الرائج. بعبارة أخرى، هل يختلف الدب الروسي عن الوحوش الاستعمارية الغربية، أم إنه مثلها، إن لم يكن أسوأ في الهمجية والنهب والسلب وسحق شعوب العالم. قد يقدم النظام الروسي البوتيني ألف سبب وسبب لتدمير الشيشان وتسويتها بالأرض وضمهاً إلى الاتحاد الروسي بالحديد والنار. وقد يعتبر احتلال جزيرة القرم حقاً شرعياً، وغزو جورجيا من قبل ضرورة استراتيجية روسية، لكن كيف يختلف هذا الأسلوب الاستعماري الحقير عن الأساليب الغربية القذرة المعروفة؟ كل القوى الاستعمارية عبر التاريخ غلفت غزواتها بمبررات جميلة، كما أسلفنا، بينما في الواقع كانت احتلالاً صارخاً وعدواناً آثماً على البلدان والشعوب الأخرى. هل يريد بوتين أن يقول لنا إن غزو أوكرانيا وتدميرها وتهجير الملايين من شعبها مبرر شرعي لإنشاء نظام دولي جديد، أم إنها غزوة استعمارية وحشية مثلها مثل كل الحروب الاستعمارية التي قرأناها في كتب التاريخ منذ قرون وقرون؟ كيف يتحدث بوتين عن نظام دولي أكثر عدلاً وتوازناً وهو يسحق ملايين البشر في أوكرانيا وسوريا؟ على من يضحك هذا الطاغية المجرم؟ من يريد أن يحررنا من الهيمنة الغربية لا يفعل بالشعوب أكثر مما فعل الكاوبوي الأمريكي أو المستعمر الأوروبي؟ أليست كل حروب بوتين وغزاوته منذ أن بدأ يحاول استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي الساقط هي حروب استعمارية همجية؟ هل هو يواجه الغرب لصناعة نظام دولي جديد يخدم البشرية كلها، أم يريد أن يقتطع من حصة الغرب في الهيمنة والتسلط ليسمّن امبراطوريته الاستعمارية الروسية الصاعدة؟
ماذا تستفيد القارة الأفريقية المبتلية بالاستعمار الأوروبي منذ قرون عندما تدخلها عصابات المرتزقة الروسية وتبدأ بالتحريض على القوى الأوروبية وتنفيذ الانقلابات لصالح الكرملين؟ هل هذا تحرير للشعوب من النير الاستعماري الغربي، أم هو استعمار جديد بصبغة روسية؟ هل يريدنا بوتين أن نصدق أنه ذهب إلى النيجر لتحرير الشعب هناك من الاستعمار الفرنسي، أم ليسحب البساط من تحت أرجل فرنسا كي يحل محلها في النهب والسلب والإجرام؟ لا ندافع هنا مطلقاً عن الاستعمار الغربي لأفريقيا أو غيرها، لكن ماذا تستفيد الشعوب المسحوقة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من التغلغل الروسي هنا وهناك سوى استبدال مستعمر بآخر؟
قلها بالفم الملآن يا بوتين: إنك لا تريد نظاماً متعدد الأقطاب، بل نظاماً متعدد الوحوش والطغاة.
كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: فيصل القاسم بوتين أمريكا کل القوى بوتین أن
إقرأ أيضاً:
رويترز: الشرع يريد صفقة تشمل بناء برج ترامب بدمشق
نقلت وكالة رويترز عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الرئيس السوري أحمد الشرع يريد صفقة تجارية لبلاده تشمل بناء برج يحمل اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دمشق.
وقالت المصادر إن الصفقة تشمل أيضا منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى موارد النفط والغاز في سوريا، وتهدئة التوترات مع إسرائيل، والتعاون ضد إيران.
وأضافت أن هذه العناصر جزء من "إستراتيجية" يعتمدها الرئيس السوري للقاء الرئيس الأميركي خلال جولته في الخليج، والتي تشمل السعودية وقطر الإمارات بداية من غد الثلاثاء.
ووفقا لرويترز، يحاول جوناثان باس -وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب التقى مع الشرع في 30 أبريل/نيسان الماضي لمدة 4 ساعات بدمشق- إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية ترتيب لقاء تاريخي -وإن كان مستبعدا للغاية- بين الرئيسين الأميركي والسوري هذا الأسبوع على هامش جولة ترامب في المنطقة.
ونقلت الوكالة عن باس قوله "لقد أخبرني (الشرع) أنه يريد بناء برج ترامب في دمشق، يريد السلام مع جيرانه، ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل".
وقالت إن باس يأمل أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الإدارة الأميركية تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل.
إعلانوذكر مصدر وصفته رويترز بأنه مقرب من الشرع أن لقاء الجانبين لا يزال ممكنا في السعودية، لكنه لم يؤكد ما إذا كان الرئيس السوري تلقى دعوة.
اجتماع رفيع المستوى
من جهته، قال مصدر مطلع على الجهود الجارية إن اجتماعا سوريا أميركيا رفيع المستوى سيعقد في المنطقة خلال الأسبوع الذي سيزورها فيه ترامب، لكنه لن يكون بين الرئيسين الأميركي والسوري.
وحثت الحكومة السورية الولايات المتحدة على رفع العقوبات التي فرضت على النظام السابق، لكن واشنطن اكتفت حتى الآن بخطوات رمزية شملت بعض الاستثناءات من تلك العقوبات.
وفي مارس/آذار الماضي سلّمت واشنطن الحكومة السورية قائمة من 8 مطالب تريد من دمشق الوفاء بها من أجل بناء الثقة بين الطرفين ورفع جزئي محتمل للعقوبات، منها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم.
وفي أبريل/نيسان الماضي ردت سوريا كتابيا على المطالب الأميركية، مؤكدة أنها نفذت معظم الشروط الأميركية، لكن البعض الآخر يتطلب تفاهمات متبادلة مع واشنطن.
وفي مقابل تردد واشنطن اتخذ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا خطوات شملت رفع أو تعليق بعض العقوبات، خاصة ما يتعلق بالخدمات المالية وقطاع الطاقة في سوريا.