منذ سقوط النظام السوري، والدعوات الدولية للقيادة الجديدة منصبة بجزء كبير على "حماية الأقليات"، وسط مخاوف من وقوع البلاد في "فخ الطائفية".

مدير مؤسسة "الذاكرة السورية" ومؤلف الكتاب "البعث الشيعي في سوريا"، الدكتور عبد الرحمن الحاج، يفسر الدعوات هذه بأسباب عديدة، أحدها أن أحد بواعث الصراع في سوريا هو "الطائفية" التي مارسها النظام السوري البائد في عهد حافظ الأسد وابنه بشار الأسد، وبالتالي الخوف من نوازع الانتقام.



أما السبب الثاني، فيربطه في حديثه لـ"عربي21" بمفهوم الدولة الحديثة، الذي يتعامل مع مفهوم الأقلية بحساسية بالغة، إذا لم تتعارض مع مصالحه، وبالتالي هو بدهية سياسية، ويقول: "يفترض أن لا يذكروا القيادة بها، لكنهم (الغرب) ينظرون إلينا نظرة استشراقية، أي القوي يأكل الضعيف، وبالتالي يذكروننا به كأحد أسس بناء الدولة".

وبحسب الحاج، فإن السبب الثالث هو التجارب البائسة في الدول المجاورة، والتي خاضت حروباً أهلية على أساس صراع طائفي، وانتهت إلى محاصصات أدت إلى تعميق الهوة بين الأطراف، سواء كان هذا في لبنان أو في العراق.

ورابع هذه الأسباب، بحسب الكاتب، هو أن أبناء الأقليات يعتقدون أن حمايتهم من تغول أبناء بلدهم يكمن في القوة الخارجية، وفي ضغط الدول الأجنبية.

ولا تتوفر معلومات دقيقة عن نسب التوزع الطائفي في سوريا، وكل ما هو متوفر بهذا الخصوص معلومات تعتمد إحصاءات مختلفة، آخرها يعود إلى الثمانينات.

التوزع الطائفي السوري (أكثرية سنية)
ويشكل المسلمون السنة الأغلبية في سوريا، بحيث تُقدر إحصائيات متطابقة نسبتهم عند حدود 77 في المئة.

و يتوزعون في كل المدن السورية وأريافها، وخاصة في مراكز المدن الكبرى والصغرى من دمشق إلى حلب مروراً بحمص وحماة، واللاذقية، وطرطوس، ودرعا جنوباً، إلى الحسكة ودير الزور والرقة شرقاً.

ومنذ اندلاع الثورة السورية حاول النظام تصوير الثورة على أنها حراك طائفي (سُني)، وبدأ بقمع الحواضن السنية.

العلويون (حاضنة النظام السابق)
وتقول أرقام شبه مؤكدة إن نسبة أبناء الطائفة العلوية تتجاوز 10 في المئة بقليل، وكان النظام يتعامل معهم على أنهم "خزان بشري".

ينحدر رئيس النظام السابق بشار الأسد من هذه الطائفة، وتعد أرياف الساحل السوري معقل الطائفة العلوية في سوريا.

ويتركز وجودهم بشكل كبير في ريفي اللاذقية وطرطوس، وبعض قرى حماة وحمص، لكن خلال حكم النظام السابق انتقل قسم كبير منهم إلى دمشق وحمص.

وتقول مصادر مفتوحة إن النظام السوري السابق عمد إلى تسليم أبناء الطائفة العلوية المراكز الهامة في الجيش والمؤسسات المدنية.

وتتهم المعارضة السورية أبناء الطائفة بممارسة دور "أدوات القتل"، لكن مصادراً من الطائفة ترفض التهم، وتدافع بأن "النظام استنزف الطائفة لمصلحته عائلته الضيقة".


المسيحيون (محط أنظار الغرب)
ومنذ عقود تتراجع أعداد المسيحيين في سوريا، شأن بقية دول المنطقة، لكن مع اندلاع الثورة السورية في العام 2011، تزايدت هجرة المسيحيين من البلاد، نتيجة الحرب وتردي الوضع المعيشي.
بحسب إحصائيات كان المسيحيون يشكلون نسبة 10 في المئة من سكان سوريا، وتشير أغلب التوقعات الحالية إلى أن عددهم تناقص كثيراً.

ينتشر أبناء الديانة المسيحية في مدن دمشق وحلب ودرعا والحسكة وطرطوس وفي أرياف حماة وبعض قرى الساحل السوري.

ومنذ سيطرة "إدارة العمليات العسكرية" على حلب، بدأت المخاوف تتزايد من تعرض المسيحيين إلى مضايقات، لكن الأحداث حتى الآن تُثبت خلاف ذلك، بحيث صدر أكثر من بيان من رجال دين مسيحيين يؤكدون على البقاء في سوريا.

ويرى الباحث في الشأن السوري أحمد السعيد، أن المسيحيين هم محط أنظار الغرب، ويقول لـ"عربي21": "كان النظام السابق بتاجر بهذه الورقة، وباعتقادي نجحت "القيادة الجديدة" في التعامل مع هذا الملف الحساس".

الدروز (حياد مناهض للنظام)
يتركز الوجود الدرزي في سوريا في محافظة السويداء (جنوب سوريا)، ولهم امتدادات في بعض قرى إدلب.

وفق إحصائيات فإن الدروز يشكلون 3 في المئة من عدد سكان سوريا، وتتهم مصادر الطائفة النظام السابق بممارسة "الإقصاء" ضدهم.

ويدللون على ذلك، بالوضع المعيشي الصعب الذي يسود محافظة السويداء والقنيطرة، نتيجة حرمان هذه المحافظة من وسائل التنمية الاقتصادية.

منذ اندلاع الثورة السورية التزم الدروز الحياد، ومنعوا شبابهم من الالتحاق بجيش النظام السابق، لكن قلة منهم ساندوا جيش النظام.

وثار الدروز أكثر من مرة ضد النظام السوري، وخاصة في العامين الأخيرين، بسبب الواقع الاقتصادي المتردي، وتحولت شعارات ثورتهم من مطالب اقتصادية إلى سياسية مطالبة بإسقاط النظام.

الإسماعيلية
ينتشر أبناء المذهب الإسماعيلي في مدينة سلمية وريفها التابعة لمحافظة حماة (وسط سوريا)، إلى جانب بعض القرى في الساحل السوري.

وتقدر إحصائيات أن أبناء الطائفة الإسماعيلية في سوريا يشكلون 1 في المئة، وغالبيتهم فضلوا الحياد والهجرة.

ودخلت قوات "إدارة العمليات العسكرية" إلى مدينة سلمية، بشكل سلمي، بعد اتفاق مع أهلها على حياد المدينة وريفها.

قوميات "سنية"
ويدخل تحت تصنيف الأكثرية السنية قوميات سورية عديدة أكبرها الأكراد والتركمان والشركس وغيرها.

ويتوزع هؤلاء على محافظات حلب والحسكة واللاذقية بنسبة كبيرة.

هل المخاوف الدولية مبررة؟
وبحسب عبد الرحمن الحاج، لم يحدث في تاريخ سوريا مجازر تتعلق بالأقليات، موضحاً أن "كل الأديان في سوريا عاشت من فجر التاريخ بدون حروب أهلية، باستثناء ما يعرف بــ"طوشة دمشق" وهي حادثة قصيرة سرعان ما وقف السكان ضدها في نهاية القرن الثامن عشر".

ويتابع: "لم يحدث في سوريا حوادث اقتتال طائفي مهمة باستثناء عهد الأسدين، الذين استخدموا الطائفة العلوية ضد جميع السوريين للإمساك بالسلطة، وفي سبيل ذلك ارتكبوا الفظائع".

ويتفق مع الحاج الباحث أحمد السعيد، الذي يعتقد أن "مخاوف الغرب غير مبررة"، مختتماُ بقوله: "الشعب السوري لم يعتد على الطائفية، ومخاوف الغرب هي ذريعة لا أكثر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية النظام سوريا الأسد سوريا الأسد النظام العلويين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائفة العلویة النظام السوری النظام السابق أبناء الطائفة فی سوریا فی المئة

إقرأ أيضاً:

رئيس الطائفة الإنجيلية يستقبل وفدًا من القيادات الإنجيلية المشيخية الأمريكية

استقبل الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، القس موريس يوسف، راعي الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمدينة لوس أنجلوس، ووفدًا من القيادات الإنجيلية المشيخية من كنائس كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

ورحب الدكتور القس أندريه زكي بالوفد، معربًا عن تقديره واعتزازه بهذه الزيارة، ومؤكدًا على أهمية استمرار الحوار وتكامل الجهود من أجل خدمة وتنمية المجتمع، وتعزيز قيم التعايش والسلام.

وخلال اللقاء، قدم رئيس الطائفة الإنجيلية عرضًا موجزًا لأبرز أنشطة الهيئة القبطية الإنجيلية، مشيرًا إلى "أن الهيئة تخدم أكثر من ثلاثة ملايين مواطن سنويًّا من خلال برامج تنموية متكاملة تشمل مجالات التعليم، والصحة، والتمكين الاقتصادي، والحوار وبناء السلام، وذلك ضمن رؤية تسعى إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع المصري".

وشهد اللقاء حوارًا مفتوحًا بين قيادات الهيئة القبطية الإنجيلية والوفد الأمريكي، تناول أبرز مجالات عمل الهيئة، وبرامجها التنموية المتنوعة، وتجربتها الرائدة في العمل المجتمعي، ودورها في دعم المجتمعات المحلية من خلال المبادرات الرئاسية، وبرامج تمكين الفئات المهمشة.

من جانبهم، عبّر أعضاء الوفد الأمريكي عن بالغ إعجابهم بتجربة الهيئة القبطية الإنجيلية، مشيدين بقدرتها على الجمع بين الرسالة الروحية والعمل المجتمعي المؤثر، وبالدور الوطني الذي تقوم به في تعزيز قيم المواطنة والكرامة الإنسانية. وأكدوا "أن الهيئة تمثل نموذجًا ملهمًا في دمج العمل التنموي بالحوار المجتمعي"، معربين عن تطلعهم لتوسيع آفاق التعاون معها في مجالات التعايش وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة.

رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر يشهد حفل تنصيب القس مينا جدعون راعيا للكنيسة الإنجيلية بدشنارئيس الطائفة الإنجيلية بمصر يشهد رسامة قسوس وشيخ بالكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارةالهيئة القبطية الإنجيلية تطلق مشروع "تعزيز قيم وممارسات المواطنة" في المنيارئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال السنوي لمدارس السلام ببنها

شهد اللقاء حضور الأستاذ ممتاز بشاي، نائب رئيس الهيئة، والأستاذة سميرة لوقا، رئيس قطاع أول للحوار، والأستاذة سوزان صدقي، مدير المواقع التنموية لوجه قبلي، والأستاذ رفيق ناجي، مدير المواقع التنموية لوجه بحري، والأستاذة أماني لطيف، مدير دار الثقافة، والأستاذة رانيا رشاد، مدير التمويل، والأستاذة إيمان ممدوح، مدير بناء السلام، والأستاذ عصام واصف، مدير العلاقات العامة، بالإضافة إلى الأستاذ يوسف إدوارد، مدير الإعلام بالهيئة القبطية الإنجيلية.

طباعة شارك القس أندريه زكي الطائفة الإنجيلية الطائفة الإنجيلية بمصر الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية

مقالات مشابهة

  • تأكيداً على وحدة الشعب السوري وتلاحمه.. المهندس كده يلتقي وفداً من الطائفة الشيعية الكريمة
  • الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية مؤسسة لكشف انتهاكات النظام السوري المخلوع
  • اللواء أبو قصرة: نتعاون مع وزارة الداخلية في ملاحقة فلول النظام وضبط السلاح وحصره بيد الدولة ومنع أي تعديات أو تجاوزات على الشعب السوري
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في لقاء خاص مع قناة الإخبارية السورية: صورة وسمعة الجيش السوري السابق مشوهة بسبب ما قام به من جرائم بحق الشعب السوري، ونحن اليوم نسعى لترميم هذه الفجوة بين الجيش والشعب
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يستقبل وفدًا من القيادات الإنجيلية المشيخية الأمريكية
  • ضوابط التعليم المستمر.. تعرف إلى الممنوعات داخل لجان امتحانات نهاية العام في الإمارات
  • تقرير حقوقي: قطر تمارس التمييز الديني الممنهج ضد طائفة البهائيين
  • ضرورة تشجيع الحركة الشعبية في النيل الأزرق لحماية الأقليات
  • نجم كرة السلة السورية ميشيل معدنلي يعود إلى سوريا ويقيم معسكراً تدريبياً للفئات العمرية
  • السلطات السورية الجديدة توحّد أجهزة الأمن وتطلق حملة لمكافحة الإرهاب