23 مايو 2025


واحدة من نواقص تجربة الحركة الشعبية في أجزاء الجنوب الكبير (من دار الفرتيت غرباً مروراً بجبال النوبا الشرقية والغربية وجنوب النيل الأزرق والجنوب المصغر) التي رفعت أساساً خطاب التحليل الثقافي في تدبير الإختلاف الثقافي والفوارق الهيكلية الإجتماعية والثقافية ، هو إيجاد الأفكار الضرورية لإنشاء نظام لحماية الأقليات الباقية على اراضي الجنوب الكبير Greater south ومُشاركتها النسبية (participation) في النظام السياسي التعاوني التحرُري الجديد.

كأقليات متجاورة (مُتعايشة) Coinhabitant ethnicity أو كمُختارين Optants لديهم حق المشوُرة الشعبية (كما هو مُقرر في حالة الدستور الفيدرالي لتكوين جُمهورية رومانيا الصغرى مع البلغار وتركيا مع اليونان ومابين الهند وباكستان) في الإندماج الخارجي إلى ولايات السودان الشمالي الإقليمية (مديرية سنار) مثلاً , أو الإندماج الداخلي في أراضي الجنوب الكبير نفسه (مديرية جنوب النيل الأزرق) الحالية.


الآن يتموضع إقليم جنوب النيل الأزرق إلى جانب جبال النوبا الشرقية في قلب ستراتيجية المُقاومة الشعبية (الحماية الذاتية) العاصِفة أو حرب البارتيسان Partisan war التي تشنها الحكومة المركزية في السودان الشمالي ضد قوات الدعم السريع منذ 2023. في مواجهة تكتيك حرب مُرتزقة الريف war of mercenaries (أم باقة أو الشفشافة) المُدمِّر للمناطق والمُجتمعات المُستقرة زراعياً والمُدن الحضرية الزراعية الذي تتبعه قوة الدعم السريع في حربها.


حرب قوة الدعم السريع غير الضرورية Unnecessery wars لإستعادة السُلطة أو النفوذ العسكري السياسي الذي خسرته في العاصمة , نتاج مقامراتها السياسية بذلك الثقل العسكري الإجتماعي وخداع القوى الإقليمية الدولية التي دخلت معها في رهانات مُقامِرة على الوساطات والوُعودات الدبلوماسية مُنذ التوقيع على وثيقة الإتفاق الإطاري 2023 دون إمتلاكها ارضاً مُحررة أو منطقة واحدة تدخل بها هذا السوق والمزاد السياسي.


قبل الحديث في ملابسات سعي قوة الدعم السريع من خلال بعثتها العسكرية Military mission المحاصرة سابقاً في كادُقلي ، وبعثتها العسكرية الحالية في مديرية جنوب النيل الأزرق المنسحبة من سنار وجبل موية تحديداً إلى أطراف محلية بوط وصولاً عبر تحالفاتها مع جوزيف توكا إلى محلية قيسان حالياً.


يجب الحديث ملياً عن سياسة القوة شبه العسكرية التنظيمية التي هي أساساً تحالف أقليات خلاسية من مجموعة القبائل الخلاسية غير المستقرة زراعياً والتي لا تملك الأرض ولا ترتبط بها (non titular ethnicities (citizenship , التي تمتهن الرعي أو التجارة من البنى عامر شرقاً إلى الماهرية الرزيقات الشمالية غرباً مروراً بالحوازمة والشنابلة وبني فضل الخ ، خلال الحرب القائمة في تشجيع هذه الإثنيات على كسر التقاليد والتراتبيات الإجتماعية المستقرة منذ فترة طويلة تتجاوز احيانا قرون من الزمن وتسليحها وإستبدال التركيب العرقي لجهاز الأمن الداخلي (الباشبزوق ومتوالياته من جهاز الأمن والشرطة الخ المسميات التنظيمية) المستقر منذ ثلاثينيات القرن العشرين على يد البريطانيين بتركيبها العرقي.


هناك قائمة طويلة من الأقليات المتواجدة في مديرية النيل الأزرق منذ الخمسينات وبعضها بسبب البعثة العسكرية لقوة دفاع السودان منذ العشرينيات مترافقاً مع مشاريع الزراعة الآلية الممكننة (الإعاشة) ، منها (1) إثنيات البقارة (العطاوة) (2) إلى جانب جاليات إثنية أخرى من غرب السودان ، (3) مجموعة الهوسا ، (4) الفولاني المستقرين والأمبررو الظاعنين. (5) بدو رفاعة غرب وإثنية الحَمدة.


هذه الأقليات الخمسة كانت تمثل ذراعاً إستيطانياً للحكومات الشمالية في مُديريات الجنوب الكبير مُجتمعة ومن بينها النيل الأزرق. جُزءاً من سياستها الأمنية للسيطرة والإجتماعية للإحلال منذ الخمسينات وكانت إستخبارات الحكومات الشمالية المتعاقبة مسؤولة عن توفير الحماية لها وحتى ضمان هيمنتها على حساب الأهالي والسكان الأصليين.


خلال التسعينيات حولت الحكومات الشمالية ونظام الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين أراضي الجنوب الكبير إلى مسرح علني مفتوح للغزوات التوسعية من كُل المدن والجغرافيات الثقافية الأخرى وأمام كل الإثنيات والمُجتمعات الراغبة في إستغلال وإستيطان أجزاء الجنوب الكبير الأقل إضطراباً وثورةً مُسلحة بما فيه مديرية جنوب النيل الأزرق ، وقد قام بالتصدي لإنفاذ هذه السياسات العُدوانية المُكلِفة وإضعاف تأثير الإدارة الأهلية (الأصلية) الإدارات المحلية المُجتمعية في صناعة القرار السياسي والإجتماعي المحلي الإقليمي بعيداً عن أصحاب المصلحة الأصليين وبدلاً عن ذلك إستبدالهم بأصحاب المصلحة الطارئين أو المزيفين حتى ، عددٌ من قيادات الجبهة الإسلامية الذين إستولوا على الجهاز الإداري في المنطقة بإبعادهم سِلك الضباط الإداريين والمُدراء التنفيذيين المُحترفين ولديهم تاريخهم المهني أو القُبول الإجتماعي من السُكان المحليين ، و إستبدالهم بمجموعة من التنفيذيين الغُرباء أصحاب الخلفية الأمنية المُفرِطة في القسوة من بينهم مالك قاعة قُرطبة المشهورة في أحداث ثورة 19 ديسمبر 2019 الذي كان أحد أتباع الترابي الخُلَّص.


بالإضافة إلى تدابير برنامج الهيكلية الإقتصادية الذي قصد به إعادة توزيع وتمليك أصول الدولة قام الشخص المذكور بتوطين أكبر اعداد ممكنة من إثنية الهوسا ودعوتهم إلى المجيئ للإقليم وتمليكهم البساتين الزراعية. (هناك مجموعة كبيرة للغاية من النداءات الموثقة والوثائق المسجلة حول التحريض المنهجي على ذلك).

أيضاً قامت الحكومة المركزية الشمالية بتمليك أغلب اراضي الدولة في المشاريع الزراعية بمحلية بوط لعدد من صغار التجار أو كبار التجار المرتبطين بالسُلطة من الجلابة الشماليين الذين إنخرطت معهم إثنيات أخرى في نهب أراضي الإقليم والإستحواذ عليها أسوة بما كان قائماً سابقاً في جبال النوبا خصوصاً الجبال الشرقية وأعالي النيل قبل 1983.


كانت الأجهزة الأمنية العسكرية تحمي هؤلاء بغلظة بشدة وعُنف وتواثقت علاقة هؤلاء معها من خلال شبكة مصالح وتمويل وفساد مُركب.


شهدت سنوات التسعينيات توحُشاً لعُنف الدولة التي اخذت وجهها الإستعماري الإستيطاني الصريح ضد الأهالي والسكان الأصليين لتلك المناطق وإذلالهم إقتصادياً وإجتماعياً ثقافياً وحرمانهم من الوظائف الحكومية وتهميشهم في صناعة قرار الحكم المحلي ، وتسابقاً بين النخب الإثنية المُصطرعة داخل النظام خُصوصاً تلك التي تنتمي إلى غرب السودان وتنحدر من إثنية الزغاوة تحديداً على مُنافسة النُخب والمجتمعات الشمالية في تشكيل نفوذ بديل في هذه المناطق. التي أعلنتها الحكومة مسرحاً للجهاد والأسلمة المفتوحة والعنف الثقافي والحرب الثقافية الدفتردارية ، بما فيه تكفير سكان هذه المناطق (تسميتهم كفاراً) والسعي لإعادة أسلمتهم بقوة وقسوة من أجل تخفيض مكانتهم الإجتماعية المالكة للارض , إنتزاعها منهم او إنتزاع حق الإشغال والسيادة على الأرض title of occupancy.


بل ابعد من ذلك أعلن نظام الجبهة الإسلامية للقوميين الشماليين خطاباً ثقافياً إستيطانياً أعلن فيه تأميم اراضي السكان الأصليين وانه لا يعترف بوجود سكان اصليين أصلاً ، داعياً إلى الغاء هذه التعريفات التي وصفها بغير القانونية ، في مغازلة لأشواق الأقليات الإستيطانية والأقليات غير العقارية والعمالة المهاجرة من غرب إفريقيا ، في/إلى مشاريع (مزارع دولة جماعية) الزراعة الآلية المُمكننة للإنخراط في نشاط حصاد محصول القُطن (إقتصاد المحصول الواحد) والمغامرين بحثاً عن الثراء داخل الشمال النيلي وخارجه في السطو على مُقدرات الشُعوب الأصلية والمجتمعات المحلية الراسخة منذ قرون طويلة ، من خلال تفعيل قانون الإكتشاف الإستيطاني بدلاً عن ذلك Discovery law والإفادة من غياب القانون في تلك المناطق المغلقة على همجية الدولة ومتوحشيها الأمنيين وشركاؤهم الإجتماعيين لسنوات طويلة بعيداً عن الأضواء والمراقبة الحقوقية القانونية والولاية القضائية ، كما الإفادة المُطلقة من الأحكام العُرفية وقانون الطوارئ لسنوات مُظلمة من الإستباحة ، بخطاب إستيطاني ثقافي عنيف يتمترس خلف الغزو الديني وكلمات الجهاد المقدس وخطابات الإستعلاء العرقي الرخيصة وخطابات الكراهية والإساءات الثقافية اليومية ضد السُكان المحليين تماماً كما في تجارب سابقة لحركات إسلامية مُتطرفة حين إستباح حزب الإصلاح اليمني الشمالي بالتحالف مع علي عبدالله صالح جنوب اليمن واراضيه وقدراته بحجة غزو الشيوعيين الجنوبيين وانشاوا نظاما إستيطانياً لا تزال آثاره قائمة وجراحه الإجتماعية ، كذلك في باكستان حين ساعدت الجماعات الإسلامية المُتطرفة الجيش الباكستاني والأنتلجنتسيا البنجابية المُهيمنة في إستباحة وتبرير إحتلال بنغلاديش بحجة تجريم أيدلوجيا حزب والد الشيخة حسينة مجيب الرحمن أيضاً الداعية إلى الإستقلال الذاتي self determent.


هذا الواقع السيئ إستمر لفترة طويلة في كل أجزاء الجنوب الكبير بما فيه النيل الأزرق ودار الفرتيت (البانتو السودانيين) التي تم توزيع اراضيها بين مجموعة من الكيانات الإدارية وحرمانهم من الكينونة الإجتماعية الإدارية السياسية في داخل الشمال (صونغو وادي الردوم) وبعض الأجزاء الصغيرة التي تم ضمها إلى دار الهبانية وخارجه في الجنوب (راجا غرب بحر الغزال) رغم وجود إتفاقيات مكتوبة مع مجموعات سياسية وإجتماعية مسلحة منهم منذ نهاية الثمانينات (1986) وبداية التسعينيات (جيش السلام بقيادة الجنرال التوم النور , لاحقاً جيش اسود الفرتيت) ، كانت تُمثل قوات صديقة مُنشقة عن الحركة الشعبية , حتى سلام 2005 الذي ادي لتقليص مساحة دولة الغنيمة capture of state وظلها الإستيطاني السيكروقراطي الطويل وسياسة التعفيش المفتوحة لإرضاء مُجتمعات الغزو أو إشباعها من الغنيمة والأنفال والأفياء.


هذه السردلوجيا مُهمة للغاية في فهم طبيعة الصراع الإجتماعي الخالصة وتأريخه متشابك الأبعاد بالبُعد السياسي من أجل إدارته بطريقة صحيحة بعيدة عن سياق الإنفعالات , الهُتاف السياسي ، الشعارات الأدبية الزائفة والمُغالطات أو التحدي الإثني في غير موقعه.


بعيداً عن أية مَزادات سياسية زبونية أو مُزايدات ثقافية وأخلاقية أو خطابات ذرائعية مُسوِقة للعُنف الثقافي والإحتراب وإهدار حقوق الإنسان وحُرماته.


منذ نهاية حرب الجنوب نهاية التسعينات بدأت الحكومة المركزية في الشمال النظر للاجندة الإستيطانية في الجنوب الكبير كعبئ يحب التخلص منه تدريجياًَ.


رغم أن هنالك مجموعة من الجهود العشوائية منذ التسعينات أيضاً والتفاوت بين قُدرة مجموعة الأقليات الخمسة على التواصل مع تنظيمات الحركة الشعبية وفصائلها السياسية الإجتماعية وتدبير مصالح إقتصادية معها، إلا أنه لا تواجد معاهدة واحدة متعددة الأبعاد الإقتصادية الإجتماعية إلى جانب البعد الأمني في تنظيم وجود تلك الأقليات وحصرها وإحصاءها وتنظيم إدارتها الذاتية الأهلية ومجتمعها المدني مع الإدارة العسكرية السياسية لقوات الحركة الشعبية أو حتى فصائلها المنشقة من أجل الوقوف على مسافة تواصُلية واحدة من جميع مكونات الجنوب الكبير داخل مديرية النيل الأزرق وخارجها وعدم تأثُر تلك المعاهدة الإجتماعية الأمنية التي يمكن أن تتم بمساعدة مراكز الدراسات المُتخصصة في حقوق الإنسان وفض النزاعات ومشاركة منظمات الإغاثة الاممية والدولية والصليب الأحمر ومُساعدتها اللوجستية. عدم تأثُرها بالتقلبات السياسية وجنوح الأحداث.


الإعتراف بالحق في الإستقلال الذاتي


تثبيت الإقرار بحق السُكان الأصليين والمحليين في الجنوب الكبير من دار الفرتيت حتى جنوب النيل الأزرق .. حقهم المشروع في الحكم الذاتي Autonomy والإستقلال الذاتي ومشوارهم السياسي منذ 1983في مُفاصلة الهوية وتحضير الحياة أو بناء الأمة Nationhood (راجع 2007 : أبو القاسم قور) , بالدور الطليعي لتنظيم الحركة الشعبية التي تملُك فِكر سياسي مُتماسك تحرري حقيقي عن الحكامة أو الحكومة التعاونية والتحرر الإجتماعي وبناء الأمة قابل للتفكيك والإستيعاب التطوري ليشمل مُجتمعات أخرى غير مجتمعاته المُصغرة والأصلية ، قابل لتعديل نموذجه الأصلي ليشمل تطورات وعناصر إجتماعية جديدة والتعلُم من أخطائه التأسيسية والنسبية في العمل العام. قائم على الوفاء لمنظومة الأفكار لا الولاء الفردي للشخصيات السياسية (نمط عبادة شخصية القيادة) قادر على التخلُص من أبويته وبطريركيته السياسية.


من خلال إيجاد المناخ والظرفية السياسية المُلائمة المحفزة على التصالُح و إيجاد مفردات ومُمكنات التعايش ، إيجاد الإرادة السياسية المُتبادلة مدخلاً لتأسيس وإيجاد مثل هذه المعاهدة الأمنية - الإجتماعية لحماية وتنظيم الأقليات من الخارج ومن الداخل في فضاءها الإجتماعي (الثقافي) الخاص.


لتفادي مسار تكرار الأخطاء الإجتماعية الماضية Train track أو التمسُك بالأخطاء التمسُك بالهيمنة.


تواجه عملية الأنوجاد نحو إيجاد هكذا نظام مَعني بحماية الأقليات وتنظيم وجودها وعبُورها وتنقُلها mobilization حتى إرتحالها Transfer في إتجاهين في الجَنوب الكبير ، تحدي وإشكال أساسي في ضُعف المُجتمعات المدنية وغياب تأثيرها بما فيه المَرجعيات الدينية الصُوفية (المَسيد) ومجالس الكنائس المحلية الإفريقية لتتحول إلى قوى إجتماعية وسيطة mediating forces.


تاطير مُمكِنات التبادُل الإنساني الإقتصادي


تلعب مبادلة التجارة أو مُمكنات التبادل الإنساني و الإقتصادي الخالصة بدون قداسات ولا أصنام ثقافية أو تطرفات ثقافية دوراً مؤثراً وحاسماً في أنسنة التوجه والنزعات الإثنية القومية ، في التخفيف من حدة مُفاصلة الهُوية.


إيجاد هذه المصالح مرهون بتأطير حمايتها قانونياً وأمنياًَ وتهيئة الخطاب السياسي المحفز على الوعي الاجتماعي التضامني التشاركي (التعاوني) وتثمينه في معالجة وعي أطراف الصراع وفئاتهم المُجتمعية والتمسُك بها. بعيداً عن لُغة الإنقسامات والتخوين اوالشيطنة والتجريد من الصفة والحُرمة الإنسانية.


أو أسوأ من ذلك الذهاب بعيداً بشكل متبادل من أطراف الصراع في التعويل على إعمال القُوة العارية ، التعويل على تحقيق الحل النهائي Final solution بممارسة الإبادة العرقية والتطهير العرقي والمذابح أو حتى الإخضاع Subjugation من أجل إيجاد هوية خالصة أو التخلُص من التهديدات الأمنية الراهنة للإستقرار الإجتماعي الإقتصادي في الإقليم.


مُحددات إنشاء نظام لحماية وتنظيم الأقليات


اولاً مُعالجة مسألة الأقلية العقارية الوحيدة في مديرية النيل الأزرق مجموعة الفولاني في مستوطناتها الحضرية في جلقني وام درمان فلاتة ليس بعيداً عن (سنار) ، في وضعية إدارية خاصة (ذات خصوصية ذاتية) شبيهة بتصنيف المناطق الخاصة Special zones في الدستاتير الفيدرالية متعددة الإثنيات مثل الدستور الإثيوبي 1995 والسوفياتي اليوغسلافية وحتى نيجيريا ، أو تصنيف واحدة من تلك المحليات مسرحاً لعملية توطين ثقافي Regionalization.


كذلك تقنين وضعية إثنية امبرورو الرُحل وتنظيم إدارتهم الإجتماعية ومرجعيتهم الخدماتية والإثنوغرافية والرمزية في تلك (الوحدة المحلية).


اما بقية الإثنيات المتعايشة أو المتجاورة الأربعة Coinhabitant ethnicity فهي تختصر في التنظيم والحصر الإحصائي وتعيين الإدارة والموارد اللوجستية والمالية , الخدمية لتسيير تلك الإدارات الإجتماعية بما فيه الجانب الأمني وتمثيله ، كما دسترة الصلاحيات التي تحمي خصوصيتها الثقافية وسيادتها على ذاتها بما فيه المحاكم الشعبية الجزائية والتدبير الثقافي.



مُلحق :


التعايُّش العِرقي في رومانيا الكبرى


بقلم : ستيليو لامبرو
تحرير وترجمة : زرياب عوض الكريم


٣٠ أكتوبر ٢٠١٧


في عام ١٩١٨ ، ضمت رومانيا الكبرى Greater Romania حديثة التأسيس أقلياتٍ قومية تُمثل ٢٨٪ من إجمالي سكانها. تعايشت هذه المجتمعات مع الأغلبية (القومية) بناءً على نظام الأحكام القانونية system of legal provisions ، بالإضافة إلى الأعراف والتقاليد غير المكتوبة.


على مدى نصف قرن ، غطت العلاقات بين الأقليات العرقية والأغلبية في رومانيا ، للأسف، مجموعةً واسعةً من الأشكال المحتملة ، من التسامُح إلى الإبادة الجماعية.


يستعرض المؤرخ يوان سكورتو Ioan Scurtu العلاقات التي كانت تربط الأغلبية الرومانية بالأقليات العرقية في النصف الأول من القرن العشرين ، وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.


يبدأ عرضه العام بالظروف التي أحاطت بتوقيع مُعاهدات السلام خلال الحرب العالمية الأولى.


يوان سكورتو : "في مُؤتمر السلام الذي عُقد في باريس عامي 1919 و1920، كان الافتراض الأساسي هو مُراعاة المبدأ القومي national principle ، بمعنى أن الدُول التي نشأت من أنقاض هابسبورغ والإمبراطورية الروسية كان من المُفترض أن تكون دولًا قَومية.


ولكن كما أثبت الواقع ، لا يمكن لأي دولة أن تكون كيانًا خالصًا ، من حيث تكوينها العرقي ethnic make-up.


ضمت التركيبة العرقية لرومانيا أقليات أقل من غيرها ، على سبيل المثال ، تشيكوسلوفاكيا وبولندا ويوغوسلافيا ، التي كانت تضم نسبة كبيرة من الأقليات القومية.


على مر القرون، استقرت جميع أنواع الأقليات على أراضي رومانيا عام 1918. في دوبروجا Dobruja ، جلبت الإمبراطورية العثمانية ، التي حكمت تلك المنطقة من عام 1417 إلى عام 1878، الأتراك والتتار والبلغار.


في بيسارابيا Bessarabia ، في الشرق ، جلبت الإمبراطورية الروسية مُستوطنين رُوسًا ويهودًا وأوكرانيين وبلغاريين وقوقازيين.


في المقابل، إحتل الساكسونيون والسكيلر ترانسلفانيا Transylvania ، وفي بوكوفينا Bukovina مع وصول الألمان واليهود والأوكرانيين، تبلورت بنية وطنية معقدة على المدى البعيد. استقبل الرومانيون واستضافوا أقليات اضطهدت في بلدانهم الأصلية، كما هو الحال مع اليهود الذين تعرضوا للاضطهاد وتعرضوا لمذابح تُعرف بالمحرقة أو غرف أفران الغاز pogroms في بولندا وروسيا.


كانت هناك تشكيلة واسعة من القوميات ، لكن لم تُشكّل أي منها حتى 10% من إجمالي السكان.


إحدى الأقليات التي تحولت إلى (مصدر خلاف) bone of contention هي الأقلية المَجرية. ركز يوان سكورتو تحديدًا على قضية "المُختَارين" optants في ترانسلفانيا.


يوان سكورتو : "كان المختارون هم سكان ترانسلفانيا الذين مُنحوا، بموجب معاهدة تريانون، حق اختيار الجنسية المجرية وانتقلوا إلى المجر. بعد تطبيق الإصلاح الزراعي في رومانيا من خلال مصادرة المزارع الكبيرة وتوزيع الأراضي على الفلاحين، فقد ملاك الأراضي المجريون Hungarian landowners أراضيهم، تمامًا كما فعل ملاك الأراضي الرومانيون.


وُزِّعت الأراضي على الفلاحين المجريين والرومانيين، وكذلك على الأوكرانيين والروس والبلغار وغيرهم من القوميات.


لكن المُختارين optants (الذين منحوا الجنسية الإختيارية) ادّعوا تعرضهم للظلم ورفعوا دعوى قضائية ضد الدولة الرومانية. وقد دعمتهم الحكومة المجرية، وقدموا شكوى إلى عصبة الأمم.


لم يكن هذا سوى شكل من أشكال (التحريض) instigation من الحكومة المجرية، التي سعت إلى إيهام الرأي العام الأوروبي بوجود مشاكل في ترانسلفانيا بعد انضمامها إلى رومانيا.


وبموجب اتفاقية لاهاي لعام ١٩٣٢، مُنح المختارين (تعويضات) ، تدفعها الحكومة المجرية من المبلغ الذي كان على المجر دفعه لرومانيا كتعويضات حرب.


(2)


الاستثناء الثاني من التعايش الجيد عمومًا بين الأغلبية العرقية والأقليات في رومانيا يتعلق بالبلغار.


يوان سكورتو : بعد معاهدة بوخارست عام ١٩١٣ التي أنهت حرب البلقان الثانية، ضمت رومانيا الإقليم المعروف باسم كادريلاتر Cadrilater region ، وهي منطقة تسكنها جالية بلغارية كبيرة. لم تكن هناك أغلبية عرقية في كادريلاتر، حيث كان الرومانيون والبلغار والأتراك يعيشون معًا على قدم المساواة.


مع ذلك، لم تدّعي السلطات البلغارية ملكية منطقة كادريلاتر فحسب، بل منطقة دوبروجا بأكملها في الجنوب الشرقي، واستخدمت الفلاحين البلغار هناك عملاء agents لدعم هذه الادعاءات.


استخدم الحزب الشيوعي البلغاري نفس الدعاية ، في الأممية الشيوعية الثالثة، التي كان لجورجي ديميتروف دور مهم فيها.


هكذا، تلاقت أهداف التحريفيين المجريين والبلغاريين Bulgarian revisionists ، وفي عام ١٩٤٠ فقدت رومانيا بعض أراضيها.


(3)


عانت الأقلية اليهودية أشد المعاناة بسبب المناخ السياسي بين الحربين، حيث أُبيدت معظم الجاليات اليهودية فعليًا، مع أن يوان سكورتو يقول إن العلاقات بين الرومانيين واليهود كانت طبيعية حتى منتصف ثلاثينيات القرن العشرين.


يوان سكورتو: "أعتقد أن هناك تركيزًا مفرطًا هذه الأيام على فكرة الصراعات والمذابح وما إلى ذلك.


لا أتفق مع ذلك، لا توجد وثائق تتناول الصراعات بين بين الرومانيين واليهود في فترة ما بين الحربين العالميتين. صحيح أنه بعد عامي ١٩٣٤ و١٩٣٥، وفي ظل تنامي الحركات اليمينية المتطرفة، وخاصةً بعد وصول هتلر إلى السلطة عام ١٩٣٣، شهدت رومانيا صعودًا للقومية، التي كانت تهدف إلى تقوية الأمة الرومانية والقضاء على الأقليات القومية الأخرى، وجعل رومانيا دولة رومانية، كما ادّعى القوميون. لم يكن ما حدث بعد عام ١٩٤٠ نتيجة تطورات طبيعية في المجتمع الروماني.


خلال فترة حكم أنطونيسكو العسكري اليميني المتطرف Antonescu government ، اتُخذت بالفعل إجراءات ضد الجالية اليهودية. في عام ١٩٤١ ، وصلت السُلطات إلى حد اتخاذ إجراءات تهدف إلى القضاء على اليهود جسديًا.


كانت هذه أفظع أفعال حكومة أنطونيسكو. أجبروا يهود بوكوفينا وبيسارابيا على مغادرة منازلهم والذهاب إلى ترانسدنيستر Transdniester دون أي مبرر.

نهاية المقالة.


** (ترجمة المقال الأصل للإنجليزية : يوجين ناستا Eugen Nasta , لاكراميوارا سيميوني Lacramioara Simion ) ."


* نُشر تحت عنوان ..

Interethnic Cohabitation in Greater Romania by Steliu Lambru.


تاريخ الترجمة العربية , 16 إبريل 2025.

 

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: جنوب النیل الأزرق الحرکة الشعبیة الجنوب الکبیر الدعم السریع کان الأصلیین فی رومانیا فی الجنوب التی کان من خلال بما فیه کانت ت من أجل

إقرأ أيضاً:

رومانيا تستدعي السفير الإسرائيلي لديها احتجاجا على استهداف الوفد في جنين

استدعت وزارة الخارجية الرومانية، السفير الإسرائيلي لديها، بشأن إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي، تجاه وفد دبلوماسي عربي وأجنبي، كان يزور مخيم جنين أمس الأربعاء، للاطلاع على أوضاع المواطنين هناك.

وقالت الوزارة في بيان، اليوم الخميس، إنه في أعقاب "الحادث ​​الذي وقع في جنين ضد مجموعة من الدبلوماسيين والمسؤولين الفلسطينيين والصحفيين، بما في ذلك رئيس الممثلية الرومانية في رام الله ، أثارت وزارة الخارجية الموضوع في محادثة عاجلة مع السفير الإسرائيلي في بوخارست، حيث أعربت عن قلق خاص بشأن هذا الحادث، وطلبت توضيح الظروف التي وقع فيها".

وأضافت أنها ستواصل التنسيق مع الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي والشركاء، "لتوضيح ملابسات هذا الحادث المؤسف ومعرفة نتائج التحقيقات التي بدأها الإسرائيليون".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين استئناف عمل عدة مخابز في غزة بعد دخول كميات محدودة من الدقيق الجنائية: الادعاء يطلب رفض طلب إسرائيل إلغاء مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت تكليف وزيرة التنمية الاجتماعية بتسيير أعمال وزارة التخطيط الأكثر قراءة الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال "مسؤول جمع الأموال" في القسام حماس: لا قيمة لأي تهدئة دولية ما دامت الحرب مستمرة في غزة نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا بشأن وفد تل أبيب بالدوحة روبيو : أبلغنا نتنياهو بقلق واشنطن إزاء الوضع الإنساني في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • عبدالكريم الجاسر يهدد باعتزال تشجيع الهلال حال انضمام كريستيانو رونالدو
  • قبيل دقائق من فتح صناديق الاقتراع.. ما هي البلديات التي فازت بالتزكية؟
  • في حوار لـ الفجر.. الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال (الجبهة الثورية): مواقفنا واضحة والحل يبدأ من السلام العادل
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (الجبهة الثورية) : القرار الأمريكي الظالم خلق خيبة امل كبيرة للسودانيين
  • كادي عمرو تتألق في رومانيا وتتوج بميداليتين ذهبيتين في الجمباز الإيقاعي
  • يعلن مكتب وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل م/عمران بأنة عقد اجتماع انتخابي لجمعية صوير التعاونية
  • صرخة الأهل تتصاعد.. الرقابة على المدارس الخاصة ضرورة لحماية الطلاب
  • بكري: تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية ضرورة وجودية لحماية الأمن القومي
  • رومانيا تستدعي السفير الإسرائيلي لديها احتجاجا على استهداف الوفد في جنين