آخر تحديث: 5 يناير 2025 - 1:07 مبقلم: فاروق يوسف  لا أدري كيف ولماذا خُيل لبعض العراقيين أن الولايات المتحدة التي أنفقت على احتلال العراق التريليونات من الدولارات وضحت بالآلاف من الجنود وضربت قبل ذلك القانون الدولي عرض الحائط ستقول لهم “تفضلوا. خذوا العراق حرا مستقلا ونظيفا من الاستبداد لتبنوه بالطريقة التي كنتم تحلمون بها ولن يبقى جندي واحد من جنودي على أرضكم إلا إذا طلبتم منه ذلك؟” لقد ردد مثقفون عراقيون ذلك الكلام قبل عشرين سنة بطريقة توحي بقدر هائل من الثقة كما لو أنهم كانوا حاضرين حول الطاولة التي مُددت عليها جثة بلادهم.

وبالتأكيد كانت تلك نظرية بلهاء لم تكن الولايات المتحدة مسؤولة عنها. فحسب قول كونداليزا رايس وهي وزيرة خارجية أميركية سابقة “لم تعد الولايات المتحدة العراقيين ببلد مستقر.” فإذا كان الأمر كذلك وهي الحدود الدنيا لما يمكن أن تفعله قوة الاحتلال وفق القانون الدولي فإن فكرة تسليم العراق للعراقيين بعد “تحريره” كانت اختراعا زائفا تطوع عراقيون للترويج له خدمة للمحتل الأميركي الذي كان يسعى لتثبيت وجوده على الأرض وقد كان على يقين من أن العراقيين كأيّ شعب حي ونزيه ووطني سيقاومون الاحتلال ويجبرونه على الرحيل. تذكرت ما جرى في العراق وأنا أقرأ السجالات بين السوريين الذين لا يلومهم أحد على فرحتهم بسبب انتهاء عصر عائلة الأسد. ولكن الفرح شيء والتفاؤل شيء آخر. يمكن تفهم أسباب الفرح بعد 45 سنة من الاستبداد. أما التفاؤل فلا وجود لسبب واحد من أسبابه. أيام قليلة مضت على فتح دمشق من قبل مجاهدي هيئة تحرير الشام وصار كل شيء واضحا. سوريا لن يحكمها إلا المجاهدون. لم يكتف أبومحمد الجولاني، الذي صار اسمه أحمد الشرع، بتعيين أفراد حكومته في إدلب وزراء في الحكومة السورية الجديدة، بل قام بمنح المجاهدين الأجانب رتبا عسكرية رفيعة ليكونوا قادة للجيش العربي السوري الجديد قبل أن يتم منحهم الجنسية السورية. هناك مَن صار يصرخ “أعطوهم فرصة ومن ثم احكموا عليهم.” تلك جملة فيها الكثير من السخرية السوداء الجارحة. فهي تعني أن القتلة يمكن أن يكونوا دعاة إصلاح وتنوير ديمقراطي وأن في إمكان السفاحين أن يكونوا بناة حضارة ومدنية وأن أعداء الحرية سيكونون حملة شعلتها ورواد قضيتها. في جمل قصيرة اختصر قادة الشعب السوري الجدد فلسفتهم. قال أحدهم “من الطبيعي ألا تكون المرأة وزيرة للدفاع” وهو في ذلك يؤكد ما ذهبت إليه عائشة الدبس المسؤولة عن شؤون المرأة في حكومة الشرع من أن المرأة لا تصلح سوى للتربية البيتية. وللأسف لم يسألها أحد عن سبب وجودها في منصبها المرموق. في الوقت نفسه كانت وزيرة الخارجية الألمانية تقابل الشرع. لست هنا بصدد تشبيه سوريا بالعراق، فالتجربتان مختلفتان غير أنني أطرح مقاربة قاعدتها الانتظار المضلل وفروعها تتساقط منها الخيبات. فليس من المعقول أن يتم انتظار التحولات في فراغ معرفي. ذلك ما يعد عيبا في عالم السياسة القائم على معادلات الأسباب والنتائج. تلك معادلات لا تخطئ. فالاحتلال الأميركي نتج عنه عراق فاشل غير قابل للحياة على مدى طويل ولم يكن الفساد الشامل فيه إلا واحدة من النتائج. كذلك يمكن النظر إلى غزوة هيئة تحرير الشام على أنها ركلة أميركية لن ترتفع سوريا بعدها إلى الغيوم، بل ستسقط في بئر ليس لها قرار. ما أسمته الوزيرة الألمانية بالهياكل الإسلامية التي لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يمدّ لها يد العون هو التعبير الملطف والمخفف لما كان يُسمى بالإرهاب. ولكن ما فات الوزيرة الألمانية أن التغيير المفاجئ الذي عصف بسوريا لم تكن للاتحاد الأوروبي مساهمة فيه لذلك فلا أحد ينتظر منه شيئا. إضفاء الشرعية هو المطلوب وقد تم ذلك الأمر من خلال الزيارة. ومثلما فوجئت بأن لا أحد في دمشق مد يده لمصافحتها، فإنها ستُصدم حين لا يتقدم النظام السوري الجديد بطلب إلى الاتحاد الأوروبي لمساعدته. سيكتفي الطباخون بما أعدوه سلفا. ينبغي أن نتذكر: أولا إن الإمارة التي أدراها الجولاني كانت قد تمتعت بتمويل قطري ورعاية تركية وحماية أميركية. ثانيا هناك سنتان من التدريب والتأهيل المكثفين سبقتا لحظة التغيير. ثالثا إن الصفقة التي كان بشار الأسد آخر العالمين بها لم يتم إطلاق صفارتها إلا بعد أن تأكدت إسرائيل من أنها صارت في مأمن نهائي من حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان. وهكذا فُتحت أبواب دمشق من غير قتال.من حق البعض أن يتفاءل لكن ليس من حقه أن يستعمل التفاؤل وسيلة للتضليل.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية المصري: نضغط لإنهاء الحرب على غزة ونأمل في اتفاق بأسرع ما يمكن

القاهرة - أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، السبت 31 مايو 2025، أن بلاده تضغط بكل قوة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، آملا في "التوصل إلى اتفاق لوقف نزيف الدم في القطاع بأسرع وقت ممكن".

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة المصرية القاهرة جمع عبد العاطي، مع وزير خارجية غامبيا مامادو تانغارا، وفق ما نقلته قناة "القاهرة الإخبارية".

وقال عبد العاطي: "نضغط بكل قوتنا لإنهاء الحرب على غزة، ونأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف نزيف الدم في غزة بأسرع وقت ممكن".

ومنذ 20 شهرا ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وبدأت قبل 3 أشهر عملية تجويع ممنهج ومنعت جميع المؤسسات الدولية من إدخال إمدادات.

وأكد الوزير المصري على "ضرورة النفاذ الكامل للمساعدات إلى قطاع غزة ودون قيود".

وشدد على أنه "من غير المقبول استخدام الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين في غزة".

من جانبه، قال وزير خارجية غامبيا، خلال المؤتمر الصحفي، إن "الوضع في غزة مزرٍ للغاية" بسبب العدوان الإسرائيلي.

كما أشاد تانغارا، بدور القاهرة وجهودها "في تحقيق الاستقرار بالمنطقة" وفق البيان المصري.

وتأتي التصريحات المصرية التي تقود الوساطة مع قطر والولايات المتحدة غداة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الجمعة، أن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة بات "قريبا جدا".

وفي تصريح للصحفيين في البيت الأبيض، أضاف ترامب: "إنهم (الفصائل الفلسطينية وإسرائيل) قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وسنُطلعكم على الأمر خلال اليوم أو ربما غدا، وهناك فرصة لحدوث ذلك".

وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 178 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

 

مقالات مشابهة

  • هل يمكن علاج السرطان باتباع أنظمة غذائية قاسية؟
  • السوداني:تبرعنا إلى لبنان (20) مليون دولار رغم الأزمة المالية التي يمر بها العراق
  • هل يمكن أن يؤثر طعامك على جودة نومك؟ إليك ما يقوله الخبراء
  • وزير الخارجية المصري: نضغط لإنهاء الحرب على غزة ونأمل في اتفاق بأسرع ما يمكن
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: يمكن هزيمة "حماس" خلال أشهر
  • عادل عوض: تونس كانت تنظم 480 مهرجانا فنيا قبل الربيع العربي
  • العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!
  • محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
  • اتحاد الكتّاب يعيد عضوية المفصولين لأسباب سياسية ويؤكد احترام حرية التعبير
  • تساقط الشعر.. هل يمكن إيقافه نهائيًا؟