بعد خفض اليوان الصيني.. نذر حرب عملات تقودها أميركا
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
يسلط قرار الصين بالسماح لعملتها اليوان بالتراجع مقابل الدولار إلى ما دون المستوى الذي دافعت عنه لأسابيع، الضوء على إمكانية أن يشهد عام 2025 توترات كبرى بشأن سياسة سعر الصرف، وفق ما ذكرت بلومبيرغ في تقرير.
ولطالما اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ونوابه الشركاء التجاريين الأميركيين بالحصول على ميزة غير عادلة لمصدريهم من خلال السعي إلى خفض سعر صرف اليوان.
وخص ترامب الصين واليابان في مقابلة مع بلومبيرغ في يونيو/حزيران الماضي بالإبقاء على عملتيهما رخيصتين، قائلا إنهما تفرضان "عبئا ضخما" على الشركات الأميركية.
وحسب بلومبيرغ، فإن تراجع اليوان أكثر من ذي قبل لن يمر من دون أن يلاحظه ترامب وفريقه الجديد. وفي يونيو/حزيران الماضي أشار إلى أن إدارته الأولى كانت تركز بشدة على إبقاء أسعار الصرف الأجنبي "مرتفعة" من خلال التهديدات بالتعريفات الجمركية.
أجندة أحاديةوفي حين أن ثمة أسبابا مفهومة لخفض قيمة العملة الصينية (تراجعت الفائدة إلى مستويات منخفضة جديدة بعد ركود الطلب المحلي) فإن تاريخ ترامب يشير إلى عدم الاهتمام بالسياسات الميسرة (خفض أسعار صرف العملات).
لكن الواقع أن الخطر الكبير الذي يواجه الجميع يتلخص في أن الانخفاض الأخير في قيمة اليوان من شأنه أن يغذي تصميم ترامب على المضي قدمًا في أجندة اقتصادية دولية أحادية الجانب، وهي الأجندة التي تشبه إلى حد خطير أجندة ثلاثينيات القرن العشرين، وفق بلومبيرغ.
إعلانوليست حروب العملة بجديدة، فقد اندلعت أشهرها في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما انخرطت الولايات المتحدة ودول أخرى في خفض قيمة عملاتها إلى جانب رفع التعريفات الجمركية، ما أدى إلى تدهور التجارة العالمية ككل، كما تظهر ورقة بحثية حديثة صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الأميركي.
وباستخدام قاعدة بيانات جديدة لبيانات تدفق التجارة ربع السنوية من تلك الفترة، وجد الاقتصاديان كريس ميتشنر من كلية ليفي لإدارة الأعمال بجامعة سانتا كلارا وكيرستن فاندشنايدر من جامعة فيينا أن حروب العملة في ثلاثينيات القرن العشرين أدت إلى خفض التجارة بنسبة 18% على الأقل.
وحسب ميتشنر وفاندشنايدر، فقد أشارت عمليات خفض قيمة العملات في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي إلى نهج جديد في صنع السياسات، إذ تعطي فيه البلدان الأولوية لأوضاعها الاقتصادية المحلية على النظام الدولي.
خفض العملاتوأظهر الرئيس المنتخب حديثًا حينها فرانكلين روزفلت نهجه (أميركا أولاً) في عام 1933، وكانت النتيجة أن أكثر من 70 اقتصادًا انتهى بها الأمر إلى خفض قيمة عملاتها، وتعطيل تدفقات التجارة مع ارتفاع التكاليف والتوترات التجارية الأوسع نطاقًا.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تبنت الولايات المتحدة نهجًا مختلفًا تمامًا؛ فصارت أكثر استعدادًا لفتح أسواقها والمشاركة في التنسيق الاقتصادي والمالي العالمي، ولقد تكرر الأمر في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008، عندما تعهدت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالتخلي عن خفض قيمة العملات على نحو تنافسي.
والآن، وفق بلومبيرغ، صارت الأجواء أكثر شبهًا بأجواء ثلاثينيات القرن العشرين، فعدم خوف روزفلت من انتهاك المعايير السابقة وتجاهله للضغوط الدولية يشبه إلى حد كبير ترامب.
وكتبت بلومبيرغ إيكونوميكس، الشهر الماضي: "التجارة الحرة انتهت، والحمائية ظهرت. والقلق بشأن الديون انتهى، والتخفيضات الضريبية ظهرت. والضمان الأمني الأميركي انتهى، والدفاع الذاتي أصبح موجودا".
إعلانومع ذلك، من المرجح أن تتوقف الزيادات التي وعد بها ترامب في التعريفات الجمركية عن الأرقام التي طرحها خلال حملته الانتخابية، بما في ذلك ضريبة عالمية تصل إلى 20% ورسوم جمركية على الصين بنسبة 60%، وفق بلومبيرغ.
صفقةوكتب المتخصصان في الشأن الصيني آرثر كرويبر وتوماس غاتلي في جافيكال دراغونوميكس الشهر الماضي أن فرضيتهما الأساسية تتضمن صفقة بصورة ما بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ "تجمد التعريفات الجمركية وضوابط التصدير عند مستوى يمكن للجانبين تحمله".
لكن الخطر هو أن واشنطن أو بكين تخطئ في تقدير ردها على الجانب الآخر، وتذهب بعيدًا جدًّا، ما يؤدي إلى نوع من التصعيد في التدابير التجارية التي شوهدت في ثلاثينيات القرن الماضي.
وكتب أورليك: "حتى في أفضل السيناريوهات، فإن التحول من التجارة الحرة إلى الحمائية هو خبر سيئ للاقتصاد العالمي.. إذا فرض ترامب الرسوم الجمركية بكامل قوته، فإن كل شيء، بدءًا من سلسلة توريد شركة آبل في آسيا وحتى سيارات جنرال موتورز المصنوعة في المكسيك، سوف يكون معرضا للخطر".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بعد تنازل كندي عن ضريبة رقمية.. ترامب وكارني يعيدان إطلاق محادثات التجارة
أعلنت كندا عن استئناف المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، بعد توقف دام عدة أشهر، بهدف التوصل إلى اتفاق بحلول 21 يوليو 2025، وجاء ذلك عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق المفاوضات احتجاجًا على فرض أوتاوا ضريبة على شركات التكنولوجيا الأميركية.
وفي بيان رسمي، كشف وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان أن كندا ستلغي ضريبة الخدمات الرقمية التي فرضتها العام الماضي بنسبة 3% على عوائد شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل وأمازون، وهي الخطوة التي تهدف إلى تهيئة الأجواء لاستئناف المحادثات مع واشنطن.
وأوضح الوزير أن هذه الخطوة لا تعني التراجع عن تنظيم الاقتصاد الرقمي، بل هي إجراء تكتيكي لتجنب التصعيد والحفاظ على الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة، أكبر شريك تجاري لكندا.
يُذكر أن ضريبة الخدمات الرقمية كانت قد فرضت بأثر رجعي منذ عام 2022، ما أثار اعتراضًا واسعًا من الجانب الأميركي الذي اعتبرها استهدافًا مباشرًا لشركاته الكبرى.
وردًا على ذلك، أوقف ترامب المحادثات وهدد بفرض رسوم جمركية جديدة على صادرات كندا، لا سيما في قطاعات السيارات والمعادن، مما أدى إلى تعثر المفاوضات منذ أبريل الماضي.
وجاء التفاهم الجديد خلال قمة مجموعة السبع، حيث اتفق ترامب ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني على استئناف المفاوضات التجارية، وسط توقعات بأن يسفر ذلك عن صفقة شاملة تعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
في سياق متصل، أعلنت الحكومة البريطانية بدء تنفيذ اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، وقع عليه الرئيس ترامب ورئيس الوزراء كير ستارمر، يتضمن خفض الرسوم الجمركية على عدد من السلع البريطانية، أبرزها السيارات التي ستشهد تخفيضًا من 27.5% إلى 10%، إضافة إلى إلغاء كامل للرسوم الجمركية على واردات محركات الطائرات وقطع الغيار المرتبطة بها.
ومع ذلك، لا تزال الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم من بريطانيا معلقة، رغم استثناء مؤقت من الرسوم التي فرضتها واشنطن مؤخرًا على دول أخرى، والتي تنتهي في 9 يوليو ما لم يتم إبرام اتفاق نهائي.
يأتي هذا الاتفاق في ظل سعي البلدين لتعزيز علاقاتهما التجارية بعد سنوات من التوترات، وتزامنًا مع جهود بريطانية لتوسيع نفاذها إلى الأسواق العالمية في مواجهة التحديات الاقتصادية واللوجستية العالمية.