تسوندوكو: شراء الكتب دون قراءتها
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
كنت قد لاحظت منذ فترة طويلة أن لدى صديق لى عادة غريبة، وهى شراء الكتب بكثرة دون أن يقرأ أيًّا منها. تحدث معى مرة عن هذه العادة، فتوجهت إليه بسؤال: «لماذا تشترى هذه الكتب؟ هل قرأت آخر كتاب اشتريته؟» أجابنى بابتسامة قائلًا إنه يحب أن يكون محاطًا بهذه الكتب وما تحويه من علم ومعرفة، لكنه يفتقر إلى الوقت الكافى لقراءتها.
ذكرنى كلام صديقى هذا بظاهرة الـ- تسوندوكو، وهى مصطلح يابانى يمزج بين تسومو، الذى يعنى "التراكم"، ودوكو، الذى يعنى "القراءة". النتيجة هى كلمة تجسد التناقض الذى يعرفه الكثيرون: شراء الكتب بأفضل النوايا، ثم عدم إيجاد الوقت (أو ربما الإرادة) لفتح أغلفتها وقراءتها.
قلت له: «هذه الكتب ليست مجرد زينة. إذا كنت تحب المعرفة، فعليك أن تقرأها، وإلا ستظل مجرد أشياء تجمعها دون أن تستفيد منها». رغم أن كلامى كان قاسيًا، إلا أننى كنت أعى تمامًا أن حماسه للقراءة كان بحاجة إلى دفعة ليخرج من دائرة تراكم الكتب دون قراءتها.
اعترف لى بأنه يشعر أحيانًا بأن حماسته للقراءة تبدأ قوية ثم تضعف تدريجيًا، بسبب ضغوط الحياة. لكننى أردت أن أساعده فى التغلب على هذا الوضع. اقترحت عليه أن يبدأ بخطوات صغيرة، مثل تخصيص وقت يومى لقراءة كتاب واحد فقط، حتى لو لمدة نصف ساعة. قلت له: "الكتاب الذى تقرأه بتركيز سيغير حياتك، أما الذى يبقى على الرف فلن يفيدك."
ومع مرور الأيام، بدأ صديقى يخصص وقتًا يوميًا للقراءة، ولو لدقائق معدودة. مع كل صفحة يقرأها، كان يشعر بشىء من الرضا الداخلى. وبعد أسابيع، جاءنى مبتسمًا وقال لي: «لقد أنهيت أول كتاب قرأته كله من تلك الكتب التى اشتريتها». كان واضحًا أنه قد بدأ فى تحطيم دائرة التراكم تلك، ولم يعد يشترى الكتب لمجرد امتلاكها.
إن ظاهرة «تسوندوكو» ليست محصورة فى الكتب فقط، بل امتدت إلى العديد من المجالات الأخرى فى حياتنا. فى عصر الخيارات اللامحدودة، تتراكم لدينا القوائم، سواء كانت فى مجال القراءة أو مشاهدة الأفلام أو لعب الألعاب الإلكترونية. قد تكون هذه الظاهرة، فى بعض الأحيان، انعكاسًا لعلاقتنا المعقدة مع الزمن، حيث نميل إلى إضافة المزيد من الرغبات والطموحات إلى حياتنا دون أن ننجزها بالكامل.
لكن هل هذه ظاهرة سلبية؟
ليس بالضرورة. يمكننا أن نرى فيها نوعًا من الشعرية. فحتى وإن كانت الكتب أو الألعاب على الأرفف أو فى قوائم الانتظار، فإنها تظل بمثابة وعد باكتشافات قد تحدث فى المستقبل. إنها تذكير بأن السعى وراء المعرفة والتجارب ليس بالضرورة أن يكون له نهاية محددة. أحيانًا، يكفى أن نعلم أن هناك شيئًا فى انتظارنا ليظل شعور الفضول حيًّا فينا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عادة غريبة علم ومعرفة
إقرأ أيضاً:
منارة علمية| وزير الثقافة ومحافظ أسوان يفتتحان قصر ثقافة أبو سمبل..شاهد
افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة ، واللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان قصر ثقافة أبو سمبل بفنيسيا الشرق .
ويأتى ذلك فى إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى " بداية جديدة لبناء الإنسان "، ووسط أنغام الفقرات الفلكلورية لفرقة أسوان للفنون الشعبية .
وشارك فى فعاليات الإفتتاح اللواء خالد اللبان مساعد الوزير لشئون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، والكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة ، فضلاً عن القيادات التنفيذية بالوزارة والمحافظة.
ومن جانبه أكد وزير الثقافة على أنه وفقاً لخطة الوزارة يتم تطوير قصور الثقافة للحفاظ على الهوية المصرية، وتم إنشاء قصر ثقافة أبو سمبل بما يتناسب مع التطور الثقافى والتقنى فى ظل ما يمتلكه من نوادى للتكنولوجيا والآدب، ومراكز للحرف التراثية وعجانة كاملة للخزف وغيرها من المميزات الأخرى، مؤكداً على أهمية الحفاظ على قصر الثقافة وتحقيق الإستغلال الأمثل له .
قصر ثقافة أبو سمبلفيما أكد الدكتور إسماعيل كمال على أن للثقافة والفنون دور رائد بإعتبارها القوى الناعمة لمصر ونافذة التواصل مع الشعوب والثقافات الأخرى .
وأشاد المحافظ بجهود وزارة الثقافة بقيادة الدكتور أحمد فؤاد هنو وإهتمامه الملحوظ لدعم المنظومة الثقافية والفنية بأسوان عاصمة الإقتصاد والثقافة الأفريقية سواء بتطوير وإنشاء المواقع الثقافية المختلفة أو بإطلاق العديد من الأنشطة والفعاليات والتى يأتى على رأسها حالة الزخم الفنى والثقافى الكبير الذى تحتضنه مختلف المواقع الثقافية بالمحافظة على مدار العام .
وأشار المحافظ إلى إهتمام القيادة السياسية بإقامة هذه الصروح التنويرية ليخرج على هذا المستوى الراقى، وليكون نقطة مضيئة فى أقصى جنوب مصر وهى مدينة أبو سمبل التى تمثل بقعة جميلة.
وأكد محافظ أسوان على أنه سيتم التنسيق مع الشركات السياحية لوضع قصر ثقافة أبو سمبل على البرنامج السياحى للأفواج الزائرة، وهو الذى يتوازى مع تكثيف الأنشطة والفعاليات الثقافية بشكل منظم.
بينما قدم أهالى مدينة أبو سمبل خالص شكرهم للإهتمام الكبير من الرئيس عبد الفتاح السيسى لإقامة هذا الصرح الرائع الذى يعد بمثابة مركز ثقافى دولى وعالمى.
مقدمين شكرهم لوزير الثقافة ومحافظ أسوان لإفتتاح قصر الثقافة فى ثوبة الجديد عقب إنشاؤه ليكون قبلة للسائحين والزائرين.
وتجدر الإشارة إلى أن قصر ثقافة أبو سمبل يضم معرض الفنون التشكيلية، والذى تم غرض 26 عمل فنى به ، وتم إنشاء القصر على مساحة 5170 م2، ويتكون من دورين العلوى ويحتوى على المسرح ونادى الآدب ، ونادى تكنولوجيا المعلومات، ومعرض الفنون التشكيلية والحرف البيئية ، وقاعة أنشطة ومكتبة عامة ومكتبة للطفل ، فضلاً عن غرفة كبار الزوار ، أما الأرضى فيضم 25 غرفة فندقية ، علاوة على منظومة إطفاء حديثة، وصالة إنتظار وأوفيس.