يمانيون../
في خضم العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصريحاً خطيراً يلقي الضوء على أهداف أعمق من مجرد العمليات العسكرية.

قال نتنياهو: “الضربة يجب أن تكون قوية بما يكفي لإحداث تغيير ثقافي، كالذي حدث في اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.”

هذا التصريح، الذي مرّ دون تسليط كافٍ من الإعلام والمحللين، يكشف عن مشروع خطير يستهدف ليس فقط الفلسطينيين، بل يمتد إلى الوعي العربي والإسلامي.

إنه ليس مجرد عدوان عسكري، بل محاولة لإعادة تشكيل ثقافة المقاومة، وتقويض الروح الرافضة للاحتلال، وتحويل الصراع إلى حالة قبول قسري بالواقع المفروض.

التغيير الثقافي: ما الذي تسعى إليه إسرائيل؟

نتنياهو استحضر تجربة اليابان وألمانيا بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية، حين أُجبر الشعبان على التخلي عن ثقافة الحرب والمقاومة، وتوجيههما نحو استسلام فكري جعل الاستقرار المادي والتنمية الاقتصادية على رأس أولوياتهما، وبشروط المنتصرين، بعيداً عن أي طموح سياسي أو قومي.

اليوم، يبدو أن إسرائيل تطمح لتطبيق نموذج مشابه في غزة، لكن بأدوات أكثر قسوة. الهدف هو سحق الروح المقاومة، وخلق جيل فلسطيني جديد يقبل بالعيش تحت الاحتلال، ويعتبر المقاومة عبئاً لا جدوى منه. لكن الأخطر من ذلك، أن المشروع الإسرائيلي لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم، بل يمتد إلى الشارع العربي والإسلامي، الذي طالما كان عمقاً داعماً للقضية الفلسطينية.

صفقة القرن: خطوة أولى في مشروع التغيير

ما يجري الآن في غزة ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من خطة طويلة الأمد بدأت مع “صفقة القرن”. هذه الصفقة لم تكن مجرد مبادرة سياسية لإنهاء الصراع، بل كانت أداة لإعادة تشكيل الوعي الفلسطيني والعربي. الهدف الأساسي هو ترسيخ فكرة أن المقاومة هي سبب المعاناة، وأن التخلي عنها هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام.

لكن السؤال الحقيقي هنا: إذا نجحت إسرائيل في تغيير ثقافة الفلسطينيين، فما الذي يمنعها من توسيع هذا المشروع ليشمل العرب والمسلمين؟ إذا قُبلت فكرة الاستسلام في غزة، فكيف ستتأثر روح المقاومة في بقية أنحاء العالم العربي والإسلامي؟

وحشية بلا حدود: أهداف تتجاوز القتل والتدمير

الإجرام الإسرائيلي في هذا العدوان لا يُمكن فهمه إلا في إطار هذا المشروع. القصف الممنهج للأحياء السكنية، استهداف المستشفيات والمدارس، وتشريد آلاف العائلات، ليس عشوائياً. بل هو محاولة لإحداث صدمة نفسية عميقة، تدفع الفلسطينيين إلى التخلي عن أي تفكير مقاوم، وقبول الواقع المفروض كخيار وحيد.

هذا النهج الوحشي لا يقتصر على الفلسطينيين، بل يحمل رسالة تهديد إلى الشعوب العربية والإسلامية: أي دعم للمقاومة أو وقوف في وجه المشاريع الإسرائيلية سيُقابل بنفس المستوى من القسوة والتدمير.

لماذا يعرقل نتنياهو أي مفاوضات؟

إصرار نتنياهو على عرقلة أي مفاوضات سلام حقيقية ليس مجرد عناد سياسي، او مصالح شخصية فقط، إنه جزء من استراتيجية مدروسة لإبقاء الفلسطينيين تحت الضغط المستمر، ومنع أي اتفاق قد يمنحهم فرصة لإعادة بناء ثقافتهم المقاومة. بالنسبة لنتنياهو، الحرب ليست فقط وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، بل أداة لتفكيك الهوية الفلسطينية وإعادة تشكيلها بما يخدم الاحتلال.

الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي: خط الدفاع الأخير

رغم خطورة هذا المشروع، أثبت الفلسطينيون عبر العقود أن إرادتهم أقوى من كل محاولات الاحتلال لكسرها. لكن نجاحهم في مواجهة هذا المخطط يعتمد أيضاً على دور الشارع العربي والإسلامي. إذا بقي التضامن العربي والإسلامي قوياً، وإذا أدركت الشعوب خطورة ما يُخطط له، فإن هذا المشروع سيفشل.

السؤال المصيري: هل نستيقظ قبل فوات الأوان؟

ما يحدث الآن في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل هو معركة على الوعي والهوية. إذا خسر الفلسطينيون هذه المعركة، فإن الخسارة لن تكون محصورة بغزة، بل ستشمل المنطقة بأكملها.

الخذلان العربي والإسلامي والمطبعون

المواقف المتخاذلة من بعض الدول العربية والإسلامية، وخاصة الدول المطبعة، تسهم بشكل كبير في تعزيز الخطة الإسرائيلية. هذه المواقف ترسل رسالة للفلسطينيين مفادها: “ما فائدة المقاومة إذا كنتم وحدكم؟” هذا الدعم الضمني لإسرائيل يقوض الروح المعنوية ويعزز الإحباط لدى الشعب الفلسطيني.

لكن في المقابل، هناك مواقف مشرّفة تبعث برسالة معاكسة، منها صمود المقاومة الفلسطينية، والدعم من اليمن، وحزب الله، والمقاومة العراقية، وإيران، بالإضافة إلى بعض المواقف القوية من الدول الغربية المناهضة للعدوان. هذه المواقف تؤكد أن المقاومة ليست خياراً عبثياً، بل خيار مصيري ووسيلة لإفشال المخطط الإسرائيلي.

المطلوب اليوم هو إدراك أن مشروع التغيير الثقافي الإسرائيلي لا يستهدف المقاومة الفلسطينية فقط، بل يسعى إلى خلق حالة عامة من الإحباط والاستسلام في الشارع العربي والإسلامي. فهل سنسمح لهذا المشروع بالنجاح؟ أم أن الوعي الجمعي لشعوبنا سيبقى حصناً منيعاً أمام هذه المحاولات؟

إنها معركة لا تحدد فقط مصير الفلسطينيين، بل مصير أمة بأكملها.

سام نوح المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العربی والإسلامی هذا المشروع فی غزة

إقرأ أيضاً:

بنك نزوى يشارك في تمويل أكبر مشروع لإنتاج مركزات النحاس في عُمان

 

 

مسقط- الرؤية

أعلن بنك نزوى- البنك الإسلامي الرائد والأكثر موثوقية في سلطنة عُمان- مشاركته في اتفاقية تمويل مشترك لدعم تطوير أكبر مشروع متكامل لإنتاج مركزات النحاس في السلطنة، تقوده شركة مزون للتعدين التابعة لشركة تنمية معادن عُمان.

وتُعزز مساهمة بنك نزوى، البالغة 35 مليون دولار من إجمالي التمويل المشترك البالغ 270 مليون دولار أمريكي، التزامه بدعم المشاريع الوطنية التحولية من خلال حلول تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وقد جرى توقيع الاتفاقية رسميًا خلال منتدى "روابط" المرموق، الذي استضافه جهاز الاستثمار العُماني، إذ تُبرز هذه الخطوة الثقة المستمرة للبنك في قطاع التعدين كمحرّك للنمو المستدام، إلى جانب التزامه الأوسع بتمكين الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما يُسهم في تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040.

وقال سيف الرواحي مساعد مدير عام الاستثمار والخزينة والخدمات المصرفية الحكومية والتمويل التجاري في بنك نزوى: "مشاركتنا في هذه الاتفاقية التمويلية الاستراتيجية تُجسّد حرصنا الاستراتيجي على أن نكون في طليعة مسيرة التحول الاقتصادي في سلطنة عُمان، وينظر بنك نزوى إلى قطاع التعدين كإحدى الركائز الحيوية لأجندة التنويع الاقتصادي في السلطنة، لما يوفره من فرص استثمارية واعدة ومردودات اقتصادية ذات قيمة مضافة على مستوى الاقتصاد الوطني بأسره، ويُعد تمويلنا لهذا المشروع دليلاً واضحًا على التزامنا بتقديم حلول مصرفية إسلامية تدعم النمو الصناعي، مع الالتزام بمبادئ الاستدامة والشفافية".

وأضاف: "تُجسّد هذه المبادرة رؤيتنا لعُمان كقوة تنافسية ناشئة في سوق المعادن العالمي، لا سيما في القطاعات التي يقودها التحول نحو الطاقة النظيفة والتقدم التكنولوجي، وبصفتنا مؤسسة مالية إسلامية رائدة، نواصل تطوير حلول تمويلية مبتكرة تتماشى مع الأولويات الوطنية، وتسهم في ترسيخ مكانة السلطنة على الساحة الاقتصادية العالمية ".

ويمثل مشروع مُركّزات النحاس التابع لشركة مزون للتعدين التقاءً استراتيجيًا بين الإمكانات الطبيعية والابتكار المستدام، ويهدف إلى دعم رؤية عُمان في أن تصبح مركزًا إقليميًا رائدًا في إنتاج مُركّز النحاس، تلبيةً للطلب العالمي المتزايد على هذا المعدن الحيوي، الذي يُعد عنصرًا أساسيًا في البنية التحتية للطاقة المتجددة والإلكترونيات المتقدمة.

وينطلق المشروع من نهج يرتكز على مبادئ الاستدامة، حيث يتميّز بنظام تصريف صفري للسوائل، إلى جانب اعتماد تقنيات متطورة لإدارة النفايات، بما يتماشى مع التزامات بنك نزوى في مجالات الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة  (ESG)، وميثاقه للتمويل الأخلاقي. ومن خلال هذه الشراكة، يُسهم بنك نزوى في تطوير أصول تعدين عالية القيمة تُوازن بين متطلبات السوق العالمية والأولويات الاقتصادية والاجتماعية المحلية، كما يهدف المشروع إلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل في المجتمع.

وتُسلّط مشاركة بنك نزوى في هذه الصفقة التاريخية الضوء على سمعته المتنامية كشريك موثوق للمبادرات التحولية ذات التأثير العالي في القطاعات ذات الأولوية، ومن خلال مساهمته المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في أكبر مشروع لإنتاج مركزات النحاس في سلطنة عُمان، يُعزّز البنك هيكلًا ماليًا مرنًا يُراعي مبادئ إدارة المخاطر، ويدعم التوسع الصناعي، بما يتماشى مع متطلبات التنمية الوطنية بعيدة المدى.

مقالات مشابهة

  • خبير استراتيجي لبناني: اليمن نقل المعركة إلى عمق الكيان وأربك الهيمنة الأمريكية عالميًا
  • بنك نزوى يشارك في تمويل أكبر مشروع لإنتاج مركزات النحاس في عُمان
  • حماس تدعو الفلسطينيين لضرورة التصدّي لجرائم المستوطنين في الضفة الغربية
  • قائد الثورة: مأساة غزة فضيحة كبرى للمجتمع الدولي وعار على العالم العربي والإسلامي
  • مصطفى بكري: المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين مستمر
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يهدد باستهداف مبنى في بلدة تول جنوبي لبنان
  • إصابة قائد دبابة في جيش الاحتلال الإسرائيلي بجروح بالغة بغزة
  • الحوثي: ما يحصل في غزة من إبادة “واحد من أقبح أزمنة البشرية الملطخة بعار التفرج العربي والإسلامي”
  • حماس: نحذّر من الواقع المأساوي الذي يهدد حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين
  • الحاج حسن: من ينتقد مشروع المقاومة عليه أن يقول ماذا قدمت السياسة والديبلوماسية