تحل اليوم، ذكرى معركة اليرموك، والتي توافق اليوم العشرون من أغسطس، وهي ذكرى انتصار المسلمون بقيادة سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه، على الروم بقيادة جابان عام 636 م.

قُتل من الروم 50 ألفًا ومن المسلمين 3 آلاف، وتم إثر هذه المعركة فتح باقي بلاد الشام وسقوط الإمبراطورية البيزنطية، ومن خلال السطور التالية نستعرض ما جاء في معركة اليرموك، وسيرة الصحابي الجليل خالد بن الوليد.

سيف الله المسلول

خالد بن الوليد هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد بن المغيرة، رضي الله عنه، أحد صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لقَّبه سيف الله المسلول، اشتُهر الصحابي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بالتكتيك والدهاء العسكري وحقَّق العديد من الانتصارات في مئات المعارك التي خاضها ضد الروم والفرس وحلفائهم والقبائل العربية، وحققت انتصاراته فتح كامل لشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد فارس، واشتهر خالد بن الوليد رضي الله عنه عبر التاريخ بعبقريته العسكرية الفذة.
ظل خالد بن الوليد رضي الله عنه على شركه حتى كان عام الحديبية، فأرسل إليه أخوه الوليد بن الوليد كتابًا، جاء فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فأني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك!! ومثل الإسلام لا يجهله أحد، وقد سألني رسول الله عنك، فقال: (أين خالد؟) فقلت: يأتي الله به، فقال رسول الله : مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيرًا له. فاستدرك يا أخي ما فاتك، فقد فاتك مواطن صالحة.

فلما قرأ خالد كتاب أخيه، انشرح صدره للإسلام، فخرج فلقى عثمان بن طلحة، فحدثه أنه يريد الذهاب إلى المدينة، فشجعه عثمان على ذلك، وخرجا معًا، فقابلهما عمرو بن العاص، وعرفا منه أنه يريد الإسلام أيضًا، فتصاحبوا جميعًا إلى المدينة؛ وكان ذلك في نهاية السنة السابعة من الهجرة، فلما قدموا على النبي رحب بهم، فأعلنوا إسلامهم، فقال صلى الله عليه وسلم لخالد: قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير [ابن سعد]. فقال خالد: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صد عن سبيل الله.

وفي معركة اليرموك خرج (جرجة) أحد قادة الروم من صفوف جنده، وطلب من خالد الحديث معه، فخرج إليه خالد، فقال جرجة: أخبرني فاصدقني ولا تكذبني، فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك فلا تسله على أحد إلا هزمتهم؟ فقال خالد: لا.

فسأله جرجة: فبم سميت سيف الله؟ فردَّ عليه خالد قائلاً: إن الله بعث فينا نبيه محمدًا ( فدعانا للإسلام فرفضنا دعوته، وعذبناه، وحاربناه، ثم هدانا الله فأسلمنا، فقال الرسول : أنت سيف من سيوف الله، سلَّه الله على المشركين، ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك، فأنا من أشد المسلمين على المشركين. ثم سأله جرجة عن دعوته، وعن فضل من يدخل في الإسلام، وبعد حوار طويل بينهما شرح الله صدر جرجة للإسلام، فأسلم وتوضَّأ وصلى ركعتين مع خالد بن الوليد، ثم حارب مع صفوف الإيمان، فأنعم الله عليه بالشهادة في سبيله عز وجل.

وعندما تولى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة، عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه من القيادة، وولَّى قيادة الجيش أبا عبيدة بن الجراح، فحارب خالد تحت راية الحق جنديًّا مخلصًا مطيعًا لقائده لا يدخر جهدًا ولا رأيًّا في صالح الدين ونصرة الحق، فكان نِعمَ القائد ونعم الجندي.

ظل سيف الله المسلول يجاهد في سبيل ربه حتى مرض مرض الموت، فكان يبكي على فراش الموت، ويقول: لقد حضرت كذا وكذا زحفًا، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء. وتوفي رضي الله عنه بحمص من أرض الشام سنة (21 هـ).

دعاء شهر صفر لرفع البلاء.. ردده كل يوم دعاء يوم عيد المولد النبوي .. من أفضل العبادات لفتح الأبواب المغلقة معركة اليرموك

تعد معركة اليرموك في العام 15 للهجرة، أولى المعارك التي قادها المسلمون خارج حدود شبه جزيرة العرب، فبحلول عام 630م كان النبي صلى الله عليه وسلم قد استطاع بنجاح توحيد معظم الجزيرة العربية تحت سلطة سياسية واحدة، وحين توفي النبي في يونيو 632، بويع الصحابي الجليل أبو بكر خليفة للمسلمين، والذي نجح في القضاء على حركة الردة وفتح بلاد الرافدين" العراق" وتحريرها من يد الفرس، وفي عام 634 هـ اتجه أبي بكر بفكره نحو الشام وحشد الجند لتحريره من الروم واختار خالداً على رأس الجيش.

سبب تسميتها بمعركة اليرموك

وقعت أحداث المعركة في وادٍ بالقرب من نهر اليرموك لذا غلب على تسميتها هذا الاسم، وكان موضع جيش الروم الذي بلغ أكثر من 240 ألف مقاتل في الجهة اليسرى من نهر اليرموك، بينما اختار المسلمون الجهة اليُمنى منه، وكانوا في حدود 40 ألف مقاتل، لما علِم هرقل عظيم الروم أن المسلمين خروجوا لقتاله، جمع أكابر قومه، وقال لهم: (وَيْحَكم، إنّ هؤلاء أهل دين جديد، وإنّهم لا قِبَل لأحد بهم، فأطيعوني وصالحوهم على نصف خَراج الشام، وإن أبيتُم أخذوا منكم الشّام، وضيّقوا عليكم جبالَ الرّوم)، وأمر الجيوش بأن تخرج لقتال المسلمين، وأرسل يومها عدداً هائلاً من الجُند؛ حيث أمر بخروج الجيوش الروميّة بصحبة الأمراء؛ لمقابلة كلّ أمير من أمراء المسلمين بجيش مَهيب، فبعث إلى كلّ سريّة من سرايا المسلمين عدداً كبيراً من المقاتلين، في حين أنّ عدد الجند في سراياهم لم يُجاوز واحداً وعشرين ألف مقاتل، باستثناء سريّة عكرمة التي كانت تُرابط في أطراف الشام، وكان تعدادها ستّة آلاف مقاتل.
أرسل أبو بكر الصّديق خالداً ليُساند جيش المسلمين في اليرموك، فانطلق إليهم وبرفقته ستة آلاف وخمسمئة مقاتل، ولمّا وصل جند الروم إلى موقع المعركة، نزلوا في الوادي فأصبحوا في خندق مُحاصَر، وقد وصلهم مدد من القساوسة والرّهبان لحثّهم على قتال المسلمين.
قسم خالد بن الوليد جيشه إلى كراديس، وكلّ كردوس يتكوّن من ألف مقاتل، وأمّر على كلّ كردوس قائداً، وجعل قائد قلب الجُند أبا عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، وقائد الميمنة عَمْراً بن العاص، وشرحبيلاً بن حسنة رضي الله عنهما، وجعل قائد جيش الميسرة يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه، حتّى إذا أقبل الروم باتجاه ساحة المعركة مع مقاتليهم، ذهب خالد بن الوليد إلى أبي عبيدة في قلب الجند، وقال له: (إنّي مشيرٌ بأمرٍ، فقال: قُل ما أمرك الله أسمعْ لكَ وأُطيع، فقال خالد: إنّ هؤلاء القوم لا بُدّ لهم من حملة عظيمة لا محيد عنها، وإنّي أخشى على الميمنة والميسرة، وإنّي قد رأيت أن أفرق الجيش فرقتين، وأجعلها وراء الميمنة والميسرة، حتّى إذا صدموهم كانوا لهم ردءاً، فنأتيهم من ورائهم، فقال له: نِعْمَ ما رأيت).

عبقرية خالد

فرّق "خالد" الجيش بخَيْلَيْن، فكان هو على أحدهما خلف الميمنة، وكان على الخيل الأخرى قيس بن هبيرة، وأمر قائد قلب الجند أبا عبيدة أن يتأخر حتى يكون خلف الجيش، فإذا انهزم أحد جند المسلمين ثمّ رآه استحيا منه وعاد للقتال، وأمّر أبو عبيدة مكانه سعيداً بن يزيد رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، ثمّ تبارز الجمعان بعد أن خطب بالمسلمين أبو عبيدة، ومعاذ بن جبل، وعمرو بن العاص، وأبو سفيان، وأبو هريرة رضي الله عنهم، وأخذ جيش الميسرة موضع جيش الميمنة، وأعملوا سيوفهم في جيش الروم حتّى أثقلوا فيهم، وأخذ جيش الميمنة مكان الميسرة، وحينها جاء خبر وفاة أبي بكر الصّديق رضي الله عنه، واستخلاف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المسلمين، وأنّ عمر جعل قائد الجند أبا عبيدة، وقد أخذ خالد بعدها مكان قلب الجيش، وأعمل سيفه ومن معه من المسلمين في الروم، حتى كان النصر حليفاً لهم. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اليرموك معركة اليرموك خالد بن الوليد الله علیه

إقرأ أيضاً:

سامي نصر الله: كلمة الرئيس في ذكرى أكتوبر تجسد عبورًا جديدًا نحو التنمية

أكد النائب سامي نصر الله عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة كانت بمثابة تجديد لمعاني الفخر والانتماء الوطني، ورسالة واضحة بأن النصر الحقيقي اليوم هو بناء الدولة المصرية الحديثة، مشيرًا إلى أن روح أكتوبر ما زالت حاضرة في كل ما يتحقق من إنجازات على أرض الوطن.

وقال نصر الله، في تصريح صحفي له اليوم إن مصر التي عبرت خط النار في عام 1973 تعبر اليوم بخطى ثابتة نحو مستقبل من التنمية والنهضة في جميع المجالات، موضحًا أن الرئيس السيسي وضع أمام الشعب المصري خريطة واضحة للعبور الثاني، عنوانها العمل والبناء والإصرار على التنمية المستدامة.

وأضاف عضو مجلس النواب، أن كلمة الرئيس أكدت أن معركة اليوم ليست بالسلاح، بل بالإنتاج والعلم والوعي، مشيرًا إلى أن روح أكتوبر التي وحّدت الشعب والجيش أصبحت نموذجًا يُحتذى في بناء الدولة الحديثة القائمة على الوحدة والتكاتف والإرادة الوطنية.

وأشار سامي نصر الله. إلى أن حديث الرئيس عن السلام العادل القائم على الإنصاف يعكس مكانة مصر الإقليمية والدولية ودورها المحوري في تحقيق الاستقرار بالمنطقة، مؤكدًا أن موقف القاهرة الثابت من القضية الفلسطينية يجسد ضمير الأمة العربية، ويؤكد أن لا أمن حقيقي دون تحقيق العدالة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وأوضح النائب أن، الرئيس السيسي أعاد التذكير بتضحيات أبطال القوات المسلحة في حرب أكتوبر، الذين سطروا بدمائهم الطاهرة ملحمة العزة والكرامة، مؤكدًا أن تلك الروح ما زالت تضيء طريق التنمية والبناء الذي تسير فيه الدولة المصرية اليوم.

وشدد عضو صناعة البرلمان، على أن التحديات التي تواجهها مصر في الداخل والخارج تتطلب استلهام روح أكتوبر في العمل والانضباط والإصرار على النجاح، لافتًا إلى أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي تحقق إنجازات غير مسبوقة في البنية التحتية، والإسكان، والزراعة، والصناعة، والطاقة، بما يضعها في مصاف الدول المتقدمة.

وأضاف النائب أن، قطاع الإسكان على وجه الخصوص شهد طفرة هائلة خلال السنوات الماضية بفضل الرؤية الاستراتيجية للرئيس، التي جعلت من توفير السكن الكريم حقًا لكل مواطن، وربطت التنمية العمرانية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع المحافظات.

وأكد عضو مجلس النواب أن، ما تحقق على مدار السنوات الماضية من إنجازات هو امتداد طبيعي لروح أكتوبر، التي أثبتت أن الإرادة المصرية قادرة على تحقيق المستحيل متى توحدت خلف هدف وطني جامع، موضحًا أن النصر في حرب العبور تحول اليوم إلى نصر في معركة التنمية والوعي وبناء الإنسان.

واختتم النائب سامي نصر الله تصريحه، بالتأكيد على أن كلمة الرئيس السيسي جاءت لتغرس في نفوس المصريين الثقة والفخر، وتؤكد أن مصر ماضية في طريقها بثبات نحو المستقبل، مستندة إلى تاريخها العريق وروح أبنائها المخلصين الذين يحملون راية البناء كما حمل آباؤهم من قبل راية النصر في أكتوبر المجيد.

طباعة شارك لجنة الصناعة السيسي سامي نصر الله أكتوبر

مقالات مشابهة

  • سامي نصر الله: كلمة الرئيس في ذكرى أكتوبر تجسد عبورًا جديدًا نحو التنمية
  • سر أشرف مروان وكيف تلاعب بـ إسرائيل والموساد في 73.. اللواء محمود طلحة يكشف مفاجآت
  • حزب الله يطالب بوحدة الموقف وخيار المقاومة في ذكرى طوفان الأقصى
  • حج بالنيابة
  • بدء المفاوضات في مصر .. هل تنهي حرب الإبادة؟ وكيف تمنع الضمانات نتنياهو من الخيانة مجدداً؟
  • وزير الثقافة: في ذكرى نصر أكتوبر نتطلع إلى فوز خالد العناني بإدارة اليونسكو
  • في ذكرى رحيله.. مقتطفات من حياة المبتهل محمد عمران
  • من تحتمس إلى العصر الحديث .. عبقرية القيادة المصرية تتجدد عبر الأزمان
  • "الجهاد الإسلامي" تُصدر بيانا في ذكرى انطلاقتها الـ 38
  • أحمد موسى في ذكرى نصر أكتوبر: وطن عظيم يستحق التضحيات