أفادت معلومات خاصة توفرت لـ"العربي الجديد" بتنامي القلق المصري إزاء تطورات المشهد الليبي، خصوصاً في ما يتعلق بالموقف المتغير في صفوف المليشيات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، والمخاوف من تصاعد الصراعات داخل هذا المعسكر التي تشكل تهديداً مباشراً لمصر، لا سيما مع الحديث المتواتر عن انخراط حفتر في دعم قوات الدعم السريع في السودان بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو ما يتعارض مع موقف مصر الداعم للجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، ويعقد الحسابات المصرية في المنطقة.



ويزيد من تعقيد الموقف، التفاهمات المحتملة بين حفتر وروسيا بشأن نقل قواعد عسكرية وقوات روسية من سورية إلى ليبيا، إذ تثير مثل هذه التحركات مخاوف مصر من تصاعد النفوذ الروسي في ليبيا، الذي قد يُخل بموازين القوى الإقليمية ويؤثر على الأمن القومي المصري، خاصة مع احتمال استخدام الأراضي الليبية منصةً لتوسيع النفوذ الروسي في شمال أفريقيا.

شريف عبد الله: خليفة حفتر لم يعد الحليف الاستراتيجي الأبرز لمصر

وعلمت "العربي الجديد"، أن حفتر، وصل مساء أمس الأول الخميس، إلى القاهرة، في زيارة لم يعلن عنها من قبل، للقاء مسؤولين مصريين، من المرجح أن يكون على رأسهم وزير المخابرات العامة المصري اللواء حسن رشاد ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمد خليفة، وذلك بعد دخول قافلة كبيرة من المقاتلين الجنجويد والمعدات من ليبيا إلى دارفور الخميس الماضي لدعم حميدتي.

وفي ظل هذه التحديات، أكدت المعلومات حرص القاهرة على تعزيز التنسيق مع أنقرة في الملف الليبي، وأنه على الرغم من اعتراض مصر على بعض المسائل، مثل الوجود العسكري التركي في غرب ليبيا لدعم حكومة عبد الحميد الدبيبة، فإن هناك اعتقاداً داخل الإدارة المصرية بأن التحالف مع تركيا في هذا المجال قد يكون الخيار الأفضل لحماية المصالح المصرية.

تحسين علاقات مصر وتركيا
وتأتي هذه الخطوة ضمن مسار تحسين العلاقات المصرية - التركية، حيث تستعد القاهرة لاستضافة الجولة الثالثة من المشاورات المصرية-التركية حول ليبيا في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، وهي التي تُظهر رغبة مشتركة في تقليل التوترات وإيجاد صيغة توافقية تساهم في استقرار ليبيا، بما يخدم مصالح البلدين.

قلق مصري من تأثير التحولات الإقليمية على ليبيا

وفي السياق، يؤكد شريف عبد الله، مدير المركز الليبي للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن التفاهم بين مصر وتركيا سيستمر رغم التحديات التي يفرضها الملف الليبي، مشيراً إلى وجود تقاطع متزايد في المصالح المصرية والتركية داخل الملف الليبي، وهو ما قد يؤدي إلى بعض التعثر في قضايا كبرى، مثل احتمالية جر ليبيا إلى دائرة الصراع الدولي. ويوضح أن الحديث عن نقل روسيا لقواتها من سورية إلى ليبيا سيخلق محوراً جديداً للصراع بين روسيا والاتحاد الأوروبي من جهة، وتركيا من جهة أخرى، ما يعقّد الأوضاع بشكل أكبر. ويضيف عبد الله، أن قضية خروج المرتزقة، التي تثار من قبل بعض الأطراف، تبدو للاستهلاك الإعلامي أكثر منها خطوة حقيقية، وأن مصر تركز على تأثير الوجود الروسي المتزايد في ليبيا، والذي قد يعقّد علاقاتها مع حلفائها في الداخل الليبي، مثل البرلمان، وحفتر.

ويرى عبد الله أن خليفة حفتر لم يعد الحليف الاستراتيجي الأبرز لمصر، نتيجة لخلافات متعددة، أبرزها تعامله مع قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي في السودان، بالتنسيق مع الإمارات، في تناقض مع الموقف المصري الداعم للجيش السوداني بقيادة البرهان. ويشير إلى أن الوجود الروسي القوي في ليبيا يمثل تحديًا كبيرًا لدول الجوار، خاصة مصر والجزائر، مؤكداً أن أي تصعيد في الأراضي الليبية قد يؤدي إلى تفاقم تهريب السلاح وإعادة تشكيل الجماعات الإرهابية، ما سيشكل ضغطاً كبيراً على الحدود المصرية الغربية والجيش المصري.

وفيما يتعلق بالتفاهمات بين مصر وتركيا، يتوقع عبد الله أن تشهد العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة من التعاون، خاصة إذا دخلت تركيا في تفاهمات مع روسيا بشأن الملف الليبي، وأن مصر قد تجد في تركيا حليفاً استراتيجياً للتعامل مع التطورات الليبية، في ظل تراجع النفوذ المصري في الشرق الليبي مع تصاعد الحضور الروسي. وعن نقاط الخلاف بين مصر وتركيا، يوضح عبد الله أن هناك قضيتين رئيسيتين: الأولى تتعلق باستمرار حكومة الدبيبة، حيث ترغب مصر في تشكيل حكومة موحدة جديدة، بينما ترى تركيا أن استمرار الدبيبة في منصبه يصب في صالح استراتيجياتها، أما القضية الثانية فتتعلق بالوجود الروسي في ليبيا، خاصة في المناطق الشرقية والجنوبية القريبة من الحدود المصرية. ويختتم عبد الله تصريحاته بالتأكيد أن التفاهم بين مصر وتركيا ضرورة استراتيجية في المرحلة الراهنة، وأن التعاون بين البلدين قد يكون السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي يفرضها المشهد الليبي.

تعاون مستمر بين مصر والسلطات الليبية
رخا أحمد حسن: التعاون الأمني بين مصر والسلطات الليبية يهدف لمراقبة تحركات العناصر الإرهابية

في المقابل، يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، لـ"العربي الجديد"، إن التعاون الأمني بين مصر والسلطات الليبية، خصوصاً في المناطق الشرقية، لا يزال مستمراً ويمثل أولوية لمواجهة التحديات المشتركة، مشيراً إلى الزيارة السابقة لرئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد إلى شرق ليبيا والتي يقول إنها جاءت في إطار التنسيق المستمر بين الجانبين، خاصة في ضوء قرب هذه المناطق من الحدود المصرية، التي تشكل محوراً استراتيجياً لأمن القاهرة.

ويوضح حسن أن هذا التعاون يهدف بشكل أساسي إلى مراقبة تحركات العناصر الإرهابية في ليبيا ودول الجوار، والعمل على منع تمددها نحو الأراضي المصرية، وأن تعزيز هذا التنسيق أصبح ضرورة في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية، خاصة تلك المرتبطة بالتطورات في سورية وأثرها على المنطقة. ويلفت إلى أن الوضع في سورية، بما في ذلك مخيمات مثل الهول، التي تضم أعدادًا كبيرة من أفراد وأسر تنظيم "داعش"، يشكل مصدر قلق كبير، وأن رفض بعض الدول استقبال مواطنيها المرتبطين بالتنظيم قد يؤدي إلى انتقال هذه العناصر إلى مناطق أخرى، بما في ذلك أفريقيا. ويضيف: "هذا الواقع يستدعي تنسيقاً أمنياً إقليمياً واسعاً بين دول المنطقة، بما فيها ليبيا، لضمان احتواء هذه التهديدات قبل أن تتحول إلى أزمة أوسع".

وفي هذا الإطار، عقد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الخميس الماضي، اجتماعاً مع القائمة بأعمال البعثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري، خلال زيارتها إلى القاهرة. وأشار الوزير إلى مواصلة مصر جهودها في تعزيز مسار الحل الليبي-الليبي، مع احترام مؤسسات الدولة ودعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وشدد على أهمية خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من ليبيا للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.

القاهرة/العربي الجديد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بین مصر وترکیا العربی الجدید الملف اللیبی عبد الله فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

مشاورات مصرية سعودية بحرينية عراقية لبحث تسوية سياسية لحرب إيران

المناطق_متابعات

أعلنت خارجية مصر عن مشاورات مع وزراء خارجية السعودية والبحرين والعراق، لبحث تطورات أزمة حرب إيران وإسرائيل ومناقشة إمكانية التسوية السياسية.

وأجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصالات هاتفية مع كل من وزير خارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، ونائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق، فؤاد حسين، الذي يتولى رئاسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، ووزير خارجية البحرين ع بداللطيف الزياني، لبحث التطورات المتلاحقة في المنطقة، على إثر التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران وتداعياته على السلم والأمن الإقليمي والدولي.

أخبار قد تهمك أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة 18 يونيو 2025 - 4:15 مساءً بعد استعادة كورسك.. روسيا تتقدم بمنطقة سومي الأوكرانية المتاخمة 18 يونيو 2025 - 3:56 مساءً

وتبادل الوزراء الرؤى حول سبل احتواء التصعيد ووقف إطلاق النار، لتجنب اتساع رقعة الصراع وامتداد المواجهة العسكرية.

تسوية سياسية ودبلوماسية

وأعلنت الخارجية المصرية أنه تم التأكيد على الأهمية البالغة للتوصل إلى تسوية للأزمة عبر الحلول السياسية والدبلوماسية، وبذل الجهود لمنع انزلاق المنطقة إلى حالة من الفوضى، كما تم التأكيد على أهمية استئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

وخلال الاتصالات تم الاتفاق على مواصلة التنسيق المشترك لمتابعة تطورات الموقف، وتكثيف الجهود المشتركة لوقف التصعيد والعودة لمسار المفاوضات.

وكان وزراء خارجية عدة دول إسلامية، على رأسهم وزيرا السعودية ومصر، قد أكدوا في بيان سابق على رفض وإدانة الهجمات الإسرائيلية ضد إيران وكذلك أية ممارسات تمثل خرقاً للقانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، مطالبين بضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ومبادئ حُسن الجوار وتسوية النزاعات بالسبل السلمية.

وأعرب الوزراء عن القلق البالغ حيال هذا التصعيد الخطير، والذي ينذر بتداعيات جسيمة على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، مؤكدين على ضرورة وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية ضد إيران، والتي تأتي في توقيت يشهد فيه الشرق الأوسط مستويات متزايدة من التوتر، وأهمية العمل على خفض التوتر وصولاً إلى وقف لإطلاق النار وتهدئة شاملة.

وأكد الوزراء على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، وفق القرارات الدولية ذات الصلة وبدون انتقائية، والتشديد على ضرورة سرعة انضمام كافة دول المنطقة إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

وشدد الوزراء على ضرورة عدم استهداف المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفق قرارات الوكالة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لما يمثله ذلك من خرق سافر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بموجب ميثاق جنيف لعام 1949.

ودعا الوزراء إلى ضرورة العودة لمسار المفاوضات في أسرع وقت ممكن باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق مستدام حول البرنامج النووي الإيراني، مشددين على أهمية احترام حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية، وفقاً لقواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعدم تقويض أمن الملاحة الدولية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 18 يونيو 2025 - 4:20 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد18 يونيو 2025 - 3:54 مساءًلبنان يؤكد تمسّكه ببقاء قوة “يونيفيل” الأممية في الجنوب أبرز المواد18 يونيو 2025 - 3:48 مساءًجمعية البر بأبها توقّع شراكة مع 7 جمعيات أهلية بعسير أبرز المواد18 يونيو 2025 - 3:41 مساءًالمدير الفني لنادي الهلال: مستعدون لمواجهة ريال مدريد رغم قصر فترة التحضير أبرز المواد18 يونيو 2025 - 3:30 مساءًجامعة الحدود الشمالية تنشر أكثر من 6000 ورقة علمية ضمن شبكة العلوم لعام 2025 أبرز المواد18 يونيو 2025 - 3:12 مساءًأمير منطقة الباحة يرأس اجتماع القطاع الصحي ويطلع على نسب الإنجاز والمشاريع المستقبلية18 يونيو 2025 - 3:54 مساءًلبنان يؤكد تمسّكه ببقاء قوة “يونيفيل” الأممية في الجنوب18 يونيو 2025 - 3:48 مساءًجمعية البر بأبها توقّع شراكة مع 7 جمعيات أهلية بعسير18 يونيو 2025 - 3:41 مساءًالمدير الفني لنادي الهلال: مستعدون لمواجهة ريال مدريد رغم قصر فترة التحضير18 يونيو 2025 - 3:30 مساءًجامعة الحدود الشمالية تنشر أكثر من 6000 ورقة علمية ضمن شبكة العلوم لعام 202518 يونيو 2025 - 3:12 مساءًأمير منطقة الباحة يرأس اجتماع القطاع الصحي ويطلع على نسب الإنجاز والمشاريع المستقبلية أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2025   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • خطيب مسجد بطرابلس: أغلب الليبيين متعطشون للخراب ويحتاجون لعلاج ضروري
  • الدويري: إيران تعتمد تكتيكا لإبقاء إسرائيل قلقة والصراع دخل حلقة مفرغة
  • جولة مشاورات سياسية بين مصر والمجر في بودابست
  • المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم أبطال مسلسل "لام شمسية"
  • مشاورات مصرية سعودية بحرينية عراقية لبحث تسوية سياسية لحرب إيران
  • نتنياهو ينهي أطول مشاورات منذ بدء الحرب الإسرائيلية الإيرانية
  • صحيفة يونانية: أثينا تتحرك دبلوماسيا تجاه ليبيا تحسبا للمصادقة على مذكرة التفاهم مع تركيا
  • تركيا تنفصل عن الشرق الأوسط: هل تصبح ليبيا جارتها الجديدة؟
  • لنقي: البعثة الأممية غير جادة.. والحل بيد الليبيين بعد إنهاء الفساد والعنف
  • رغم الترحيب المصري بحقوق الفلسطينيين… قافلة الصمود تُمنع من العبور نحو غزة