بعد تعيينها رسميًا .. ماذا ينتظر حنا تيته في ليبيا؟
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
ليبيا – تعد الأزمة الليبية واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا على الساحة الإقليمية والدولية، حيث تشهد البلاد حالةً من الانقسام السياسي والمؤسسي منذ سنوات، فضلاً عن تشابك المصالح الاقتصادية والأمنية الداخلية والخارجية.
في ظل هذه الأجواء، يبرز دور المبعوثين الأمميين بوصفهم منسِّقين أساسيين للجهود الدولية الرامية إلى إعادة الاستقرار وتوحيد المؤسسات في ليبيا ، وبعد تعيين المبعوثة الغانيّة حنا تيته اليوم رسميًا لقيادة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بعد ان توافق عليها مجلس الأمن ، فإنّ جملةً من التحدّيات والمهام الصعبة ستواجهها على عدة مستويات.
الخلفية السياسية لحنا تيته ودورها الأممي
شغلت حنا تيته منصب وزيرة الخارجية في غانا بين عامي 2013 و2017، وتمتّعت بخبرة طويلة في العمل الدبلوماسي والسياسي على المستويين الإقليمي والدولي و ساهمت تجربتها في التعامل مع ملفات متعددة، لا سيما في إفريقيا، في صقل قدراتها في إدارة الأزمات والتفاوض.
دور أممي سابق
عملت تيته في مناصب أممية رفيعة، من بينها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى تكليفها بعدد من المهمات المتعلقة بالسلم والأمن في القارة الإفريقية. هذه الخبرات تشكل رصيدًا هامًا يجب أن يُمكِّنها من فهم ديناميات الأزمات الإفريقية وطُرق معالجتها.
التحديات السياسية والأمنية في ليبيا
الانقسام السياسي والمؤسسي
لا تزال ليبيا تعاني من انقسام سياسي بين سلطتين تنفيذيتين متنافستين في الشرق والغرب، إلى جانب مؤسسات عسكرية وأمنية متعددة الولاءات في المنطقة الغربية مقابل القوات المسلحة التابعة للقيادة العامة التي تبسط الأمن في الشرق والجنوب وتمثّل إعادة توحيد المؤسسات وعلى رأسها الجيش تحت قيادة مهنية أولوية كبرى لأي مبعوث أممي.
انتشار الجماعات المسلحة
تشكّل المجموعات المسلحة المتعددة وذات الارتباطات القبلية أو المناطقية، تحديًا أمنيًا كبيرًا ، إذ يصعّب ذلك استتباب الأمن وفرض سلطة الدولة في المناطق التي تنتشر بها تلك المجموعات كما يجعل أي اتفاق سياسي هشًّا ما لم يترافق مع ترتيبات أمنية ناجعة لنزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين.
التدخلات الخارجية وتشابك المصالح
تتداخل عدة أطراف إقليمية ودولية في المشهد الليبي، سواء عبر دعم أطراف محلية بالسلاح أو تمويلها ماديًا وسياسيًا. هذا التشابك يضيف طبقةً أخرى من التعقيد أمام أي تسوية سياسية، إذ على المبعوثة الأممية العمل بحذر لإرساء صيغة تسمح بتوافق الليبيين أولاً، وتحدّ من التدخلات الخارجية.
الملف الاقتصادي والمعيشي
أما اقتصاديًا ، يعاني المواطن الليبي من تدهور الظروف المعيشية، وغياب جودة الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم في العديد من المناطق ، كما أن تقاسم عوائد النفط بشكل عادل يزيد من حدّة الخلافات في ظل تمسك كل السلطات الحاكمة في طرابلس بالمركزية المالية ، لذا سيكون تحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي ومعالجة مشكلات الحياة اليومية للمواطنين، ركيزةً لتعزيز الثقة في العملية السياسية.
مهام المبعوثة الأممية المنتظرة
يتطلع الليبيون والمجتمع الدولي إلى إجراء انتخابات وطنية، لكنّ نجاح هذه الانتخابات يتطلب اتفاقًا واضحًا على القوانين الانتخابية والقاعدة الدستورية المؤقتة أو الدائمة، إضافة إلى ضمان بيئة آمنة للمرشحين والناخبين وسيكون على المبعوثة الأممية أن تتبوأ دورًا بارزًا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف، ودعم لجان الحوار السياسي للوصول إلى توافق حول الأسس القانونية والدستورية للانتخابات وتوحيد الحكومة.
تعزيز الحوار الوطني والمصالحة
من أكبر التحديات في ليبيا ضعف الثقة بين مختلف الأطراف والمكونات لذى تحتاج البلاد إلى عملية مصالحة وطنية شاملة تضمن حقوق جميع الأطراف ويمكن لحنا تيته إذا تلمست الطريق الصحيح ، أن تستفيد من خبرتها في العمل الأفريقي المشترك لتعزيز مصالحة مستندة إلى العدالة الانتقالية وجبر الضرر، بما يمهد لتعايش سلمي بين مختلف الأطراف والمناطق.
التنسيق مع القوى الإقليمية والدولية
على المبعوثة الأممية العمل على تخفيف حدة الاستقطاب الدولي من خلال جمع الأطراف الإقليمية الداعمة لمختلف الفصائل الليبية على طاولة حوار. فالاتفاق على ضمانات مشتركة أو “تفاهمات” دولية من شأنه أن ينعكس إيجابًا على استقرار الأوضاع في ليبيا ويقلّل من تدفق السلاح والمرتزقة.
إصلاح وتوحيد المؤسسات الأمنية
يعتبر توحيد الجيش الليبي وجهاز الشرطة، وتطوير قدرات الأجهزة الأمنية، أحد المفاتيح الأساسية لاستتباب الأمن لذى سيكون على البعثة الأممية أن تلعب دورًا في طرح آليات لجمع السلاح على غرار كوسوفو ورواندا وضمان دمج العناصر غير النظامية في مؤسسات الدولة أو إعادة تأهيلهم مدنيًا، والعمل على تشكيل قيادة موحَّدة يمكنها تأمين البلاد ومحاربة الإرهاب.
آفاق النجاح ومعوقات الطريق
سيعتمد نجاح أي مبعوث أممي بشكل كبير على مدى استعداد الأطراف الليبية الرئيسة للانخراط في عملية سياسية حقيقة، وتقديم تنازلات متبادلة مدعومة بدعم شعبي حقيقي لانهاء هذه الازمة التي طال أمدها ، فإذا استمر التعنت وتقديم المصالح الضيقة على المصلحة الوطنية، ستتعرقل جهود المصالحة والانتخابات.
الدعم الدولي المنسَّق
تحتاج المبعوثة الأممية إلى دعم قوي ومُوحَّد من مجلس الأمن، بما يضمن لها صلاحيات واضحة، ويحمي أي اتفاق يتم التوصل إليه من محاولات العرقلة. كما أنّ وجود توافق بين الدول الفاعلة في الشأن الليبي (إقليميًا ودوليًا) سيعزّز حظوظ النجاح.
المرونة وسرعة الاستجابة
المشهد الليبي سريع التغيّر، حيث تتبدّل التحالفات وتظهر قوى جديدة على الأرض. يتطلب ذلك مرونة عالية في التعاطي ومهارة في إدارة النزاعات، إضافة إلى اعتماد سياسات تفاعلية تُلبّي الاحتياجات الملحّة للسكان، بهدف بناء ثقة حقيقية في أي عملية برعاية أممية.
هل تنجح ؟
وبتولي حنا تيته رسميًا ملف البعثة الأممية إلى ليبياستجد نفسها أمام مهمة شاقة تتطلب توازنًا دقيقًا بين تطلعات الشارع الليبي وضرورة إنهاء الانقسام، وبين المصالح الإقليمية والدولية المتداخلة.
تمتلك تيته رصيدًا من الخبرة الدبلوماسية والاطلاع الواسع على أزمات إفريقيا، ما قد يمكّنها من ابتكار مقاربات جديدة تدفع نحو حل سياسي شامل. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه المهمة مرهونًا أساسًا بمدى تفهمها للملف وأهمه الجانب إذ أن الازمة أمنية بالدرجة الأولى قبل أن تكون سياسية وكذلك تعاون الأطراف الليبية واستعدادها لتقديم المصلحة الوطنية، إضافةً إلى التزام المجتمع الدولي بدعم ليبيا في هذا المنعطف الحاسم.
فهل تنجح تيته فيما فشل فيه سلفها أم سيكون مصيرها نفس مصيرهم ؟
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المبعوثة الأممیة فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
ترامب ينتظر الظروف المواتية لحقن الأرض بالنفط الاستراتيجي.. نخبرك ما نعرفه
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تعتزم ملء الاحتياطي الاستراتيجي من النفط عندما تكون ظروف السوق مواتية.
ما اللافت في الأمر؟
يعتبر احتياطي النفط الاستراتيجي الأمريكي عند أدنى مستوياته حاليا منذ الثمانينيات بعد أن قام الرئيس السابق جو بايدن باستخدامه للسيطرة على الأسعار في السوق بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولا يبدو ترامب مستعجلا لملء الاحتياط مجددا بسبب أسعار النفط في السوق، حيث كانت آخر توجيهاته لملء المخزون في عام 2020 عندما وصلت أسعار برميل النفط إلى 24 دولارا بعد جائحة كورونا.
ويبلغ سعر خام برنت اليوم الأربعاء، 67.07 دولار للبرميل فيما بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 65.36 دولارا للبرميل.
ما هو الاحتياطي النفطي الاستراتيجي؟
الاحتياطي النفطي الاستراتيجي (SPR) هو مخزون طوارئ للنفط يُخزن في خزانات تحت الأرض في الولايات المتحدة، يُدار من قبل وزارة الطاقة الأمريكية، ويُستخدم لمواجهة انقطاعات إمدادات النفط. يُعتبر أداة أساسية للأمن الأمريكي الخاص بالطاقة، ويُعتبر الأكبر عالميًا بسعة قصوى تبلغ 714 مليون برميل.
لماذا أُنشئ؟
أُسس في 1975 بعد أزمة النفط 1973-1974 لتخفيف تأثير انقطاعات الإمدادات، وبدأت الولايات المتحدة بملء الاحتياطي بدءا من عام 1977 ووصل إلى أعلى مستوى في عام 2009 بحيث تجاوز السعة الكاملة ودخل مرحلة التخزين الإضافي بواقع 726 مليون برميل.
ما هي حالته الحالية؟
حتى حزيران/ يونيو 2025، بلغ المخزون 56.3% من السعة بواقع 402 مليون برميل، وهو أقل من السعة الكاملة (714 مليون برميل).
كم برميلا تستخدم الولايات المتحدة يوميا؟
تستهلك الولايات المتحدة حوالي 20 مليون برميل من النفط يوميًا، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ويفترض أن تكون السعة الكاملة للاحتياطي كافية لاستخدام الولايات المتحدة من النفط لحوالي شهر، فيما الكمية الحالية تكفي إذا تم تكريرها لملء 620 مليون خزان سيارة ركاب صغيرة بالبنزين.
الموقع والتخزين
يتم تخزين النفط في أربع مواقع على طول ساحل خليج تكساس (بريان ماوند وبيج هيل) ولويزيانا (ويست هاكبيري وبايو تشوكتاو)، في كهوف ملحية تحت الأرض، مما يضمن السلامة والاستدامة. هذه الطريقة تُعتبر فعالة ورخيصة للحفاظ على النفط لفترات طويلة، حيث تكلف ما يصل إلى 10 مرات أقل من الخزانات فوق الأرض و 20 مرة أقل من مناجم الصخور الصلبة.
ولاستخراج النفط مجددا يتم ببساطة ضخ الماء داخل الكهوف ليقوم بطرد النفط إلى أعلى.
الاستخدام السابق
يمتلك الرئيس الأمريكي صلاحية واسعة لبيع أو إعارة النفط من الاحتياطي في حالات الطوارئ، وفقًا لقانون سياسة الطاقة والمحافظة (EPCA). تم استخدامه في عدة مناسبات، أبرزها:
◼ 1990-1991 تم بيع 21 مليون برميل من الاحتياطي خلال حرب الخليج.
◼ 2005 تم بيع 11 مليون برميل بسبب إعصار كاترينا الذي أوقف إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي.
◼ 2008 بعد إعصاري غوستاف وأيك، حيث تم استخراج 5.4 مليون برميل بعد تضرر منشآت النفط.
◼ 2011 تم بيع 30 مليون برميل إثر الربيع العربي وإضطرابات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
◼ نفذ بايدن العديد من المبيعات من احتياطي البترول الاستراتيجي بما في ذلك 180 مليون برميل في عام 2022 ، وهي الأكبر على الإطلاق ، في محاولة للسيطرة على ارتفاع أسعار البنزين بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
كم يحتاج من أجل ملئه من جديد؟
قدر وزير الطاقة كريس رايت أن الأمر سيكلف 20 مليار دولار وعاما كاملا لإعادة ملء الاحتياطي إلى المستوى الذي كان عليه قبل المبيعات. وخصص مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي قدمه ترامب حوالي 1.5 مليار دولار للمشتريات وصيانة المخزون الاستراتيجي.