في سياق الأحداث: مذكرات محمد سيد أحمد الحسن
تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT
كتاب
في سياق الأحداث: مذكرات محمد سيد أحمد الحسن
تحرير: عادل سيد أحمد
في غضون هذه الحرب المجنونة، قيض الله للأستاذ عادل محمد سيد أحمد أن يجد متكأ في مدينة كريمة، ليس بعيدا من قرية (المقل)، حيث وجد والده، هو الآخر، ملاذا في هذه القرية التي شكلت مسقط رأسه وذكريات الطفولة ومراتعها.
سنحت هذه الملابسات لعادل أن يكون على مقربة من والده، مستنهضا ذاكرته ومشجعا له في الحديث عبر مؤانسات شجية تستصحب تساؤلات واستفسارات لماحة وذكية حول سلسلة الاحداث التي خاض غمارها الوالد محمد ومشتملة في جزء كبير منها على نشاطه في الحزب الشيوعي، بدأ من انضمامه إليه في خمسينات القرن المنصرم وحتى خروجه منه في مطلع السبعينات إبان انقسام الحزب بعد اندلاع ثورة مايو 1969.
اتسمت مذكرات محمد سيد أحمد الحسن بالشفافية ورصدت أحداثا مهمة في مسار الحياة السياسية عامة ودهاليز الحزب الشيوعي بصورة أخص. ولعل أبرزها قيام ثورة مايو وموقف الحزب منها والانقسام الذي مايز الصفوف بين داعم لها ومعارض بدعاوى البرجوازية الصغيرة. ولقد كان موقف سيد أحمد من هذا الزلزال مؤثرا وصادقا، حيث احتفظ بمسافة واحدة بينهما في التعامل والصداقة التي جمعته بزملائه لسنوات وإن كان يحسب مع الانقساميين، الذين قال بأنهم مثلوا ثلاث فئات:
مايويون وشيوعيون مايويون وشيوعيون، وقد حسب سيد أحمد نفسه من الشيوعيين المايويين، بيد إنه لم يذهب معهم طويلا، فأعتزل بعدها العمل الحزبي واكتفي بممارسة الاعمال الطوعية المجتمعية ومكابدات سبل كسب العيش.
ربما تكمن اهمية حديث محمد في مذكراته حول اندلاع مايو في إنها شكلت مأزقا تاريخيا بالنسبة للحزب الشيوعي، في إطار تبنيها (أي مايو) لبرنامج الحزب الشيوعي لمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، وبحسب محمد فإن تصنيف الحزب لنميري وضباط مايو بالبرجوازية الصغيرة كان غير موفقا أو مدروسا. ويذهب في هذا الاتجاه بشرح مبسط حول ماهية البروليتاريا والتحولات التي طرأت عليها في العصر التكنولوجي والرقمي الحالي ثم يأتي لمفهوم البرجوازية الصغيرة وإن كانت تنطبق على قيادات مايو. ويطرح سؤالا جوهريا حول الفرق بين نميري وهاشم العطا في سياق تصنيف البرجوازية خاصة بعد اندلاع حركة هاشم العطا وموقف الشيوعيين الملتبس تجاهها.
وعلي كثرة الكتابات حول تلك الفترة المصيرية من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، تحتفظ هذه المذكرات بأهميتها التاريخية كونها جاءت من كادر حزبي عرك العمل النقابي والحزبي لسنوات طويلة وتوافرت لديه الخبرات التنظيمية والفكرية والاجتماعية ومعرفته بالآليات التي كان يعتمدها الحزب للعمل وسط الجماهير واستقطاب الكوادر وغيرها من الوسائل.
قدمت المذكرات، في جوانب منها، إفادات مهمة لأسماء عديدة وشخصيات نادرة مغمورة قدمت أقصى ما تستطيعه في سبيل الحزب وحركة النضال العام لترسيخ الوعي والنهوض في وجه الاستبداد. كما عكست بالتوازي ملامح ممتعة للتاريخ الاجتماعي لبعض أحياء الخرطوم كالديوم والسجانة والحلة الجديدة وغيرها ورموزها السياسية والفنية والاجتماعية.
وفي إطار ما قدمه الأستاذ عادل سيد أحمد من تحرير مذكرات والده محمد سيد أحمد الحسن، تنبثق اهمية التوثيق لتلك الاجيال المتبقية من السودانيين الذين عركوا ساحات العمل العام وسطرُوا مواقفا ساطعة ومؤثرة لأجل تقدم الوطن وازدهاره.
أنشد الشاعر/ محمد المكي أبراهيم:
- جيلُ العطاء
المستجيشُ ضراوة ومصادمة
المستميتُ على المبادئ مُؤمنا
المشرئبُ إلى السماء
لينتقي صدر النجومِ لشعبنا
كان محمد، نزلت عليه شآبيب الرحمة والغفران، واحدا من أولئك الذين عناهم محمد المكي أبراهيم.
عمر كرار
القاهرة- السبت 25 يناير 2025
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی
إقرأ أيضاً:
حماة الوطن يختتم حملته الانتخابية بمؤتمر حاشد بالعاصمة الإدارية
نظّم حزب حماة الوطن مؤتمره الجماهيري الختامي لدعم مرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة، وذلك داخل الصالة المغطاة باستاد العاصمة الإدارية، وسط حضور لافت من قيادات الحزب وعدد كبير من المواطنين.
وشهد المؤتمر حضور اللواء أحمد العوضي، النائب الأول لرئيس الحزب، واللواء طارق نصير، الأمين العام، وأحمد العطيفي، أمين التنظيم، إلى جانب عدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، في مشهد عكس مدى التفاعل الشعبي مع الحزب ومرشحيه.
وتضمّن الحفل عرض فيلم تسجيلي استعرض أبرز أنشطة الحزب وجهوده في مختلف المجالات، وهو ما لاقى استحسان الحضور الذين تفاعلوا مع كلمات قيادات الحزب برفع الأعلام والهتافات المؤيدة.
وخلال كلماته، أكد النائب أحمد العوضي أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من التلاحم بين القوى الوطنية ومؤسسات الدولة، مشددين على أهمية المشاركة الفعالة في الانتخابات المقبلة لضمان استقرار الدولة واستمرار مسيرة التنمية.
وفي لفتة إنسانية ضمن فعاليات المؤتمر، أعلن الحزب عن تجهيز عدد كبير من العرائس من الأسر الأولى بالرعاية، في إطار جهوده المجتمعية الهادفة إلى دعم المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وأوضح حمادة قدري سمور، القيادي بحزب حماة الوطن، أن الحزب جهز أكثر من 300 عروسة، مؤكدًا أن هذه المبادرة تأتي تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخاصة بتعزيز الدور الاجتماعي للأحزاب والمشاركة في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.
وأشار سمور إلى أن هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها، بل تندرج ضمن سلسلة من المبادرات التي أطلقها الحزب في مختلف المحافظات، بهدف الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجًا وتحقيق أكبر قدر من الدعم المجتمعي.
وأعرب المواطنون عن امتنانهم لمثل هذه المبادرات، مؤكدين أن ما يقدمه الحزب من مساعدات ملموسة يسهم بشكل مباشر في تحسين أوضاعهم، ويعكس روح التكافل المجتمعي، كما يبعث برسالة طمأنينة بأن هناك من يشعر بهم ويقف إلى جوارهم في الأوقات الصعبة.