في عالم يتجه بسرعة نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة لتلبية النهم العالمي للطاقة، تبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة لتخزين الطاقة بشكل أكثر كفاءة. وفي هذا السياق، توصل باحثون بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، بمشاركة الكيميائي المصري ماهر القاضي، إلى كشف علمي كبير قد يسهم في حل هذه المشكلة عبر تطوير مكثفات فائقة مصنوعة من البلاستيك الموصّل للكهرباء.

وتتمتع هذه المكثفات، المصنوعة من مادة تُعرف باسم "بيدوت" بقدرة فائقة على تخزين الطاقة، مما يجعلها مرشحا قويا للعب دور هام في مستقبل الطاقة النظيفة.

ويقول القاضي، الباحث في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، والمشرف على الدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت "في الوقت الحالي، يعتبر تخزين الطاقة الزائدة من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح تحديًا كبيرًا.

وأضاف: يمكن أن تكون المكثفات الفائقة حلاً فعالًا لهذه المشكلة، حيث توفر القدرة على تخزين الطاقة بشكل سريع وسهل في فترات قصيرة خلال النهار واستخدامها عند الحاجة، خاصة في الليل أو خلال الفترات التي لا تتوفر فيها الطاقة الشمسية أو الرياح.

ويمكن لهذا النوع من التخزين أن يسهم بشكل كبير في تعزيز كفاءة استخدام الطاقة المتجددة والحد من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، مما يساهم في تحسين الاستدامة البيئية، بحسب القاضي.

القاضي: تخزين الطاقة الزائدة من مصادر الطاقة المتجددة يشكل تحديًا كبيرًا (ماهر القاضي) مكثفات فائقة أم بطاريات؟

نشر أعضاء الفريق ورقتهم البحثية في دورية "أدفانسيد فانكشنال ماتيريالز" معلومات عن تطويرهم طريقة جديدة لتحسين خصائص "بيدوت" وهي مادة بلاستيكية موصلة للكهرباء تُستخدم حاليًا في العديد من التطبيقات الإلكترونية، مثل حماية المكونات الداخلية للأجهزة من الكهرباء الساكنة، وفي الخلايا الشمسية العضوية، والأجهزة الإلكتروكرومية مثل النوافذ الذكية التي تغير لونها بالضغط على زر. ومع ذلك، كانت قدرة هذه المادة على تخزين الطاقة محدودة بسبب نقص مساحة السطح والتوصيلة الكهربائية الكافية.

إعلان

وتمكن الباحثون من زراعة ألياف نانوية من هذه المادة بشكل عمودي، مما أدى إلى زيادة كبيرة في مساحة السطح وقدرتها على تخزين الشحنات الكهربائية. ووفقًا للدراسة، تتمتع هذه الألياف النانوية بتوصيل كهربائي أعلى مئة مرة من المواد التجارية التقليدية، كما أن مساحتها السطحية أكبر 4 مرات.

ويقول القاضي "المكثفات الفائقة وسيلة لتخزين الشحنة مثل البطاريات، والفارق أن البطاريات أجهزة تخزن الطاقة بشكل كيميائي وتحررها بشكل تدريجي، مما يجعلها مثالية للأجهزة التي تحتاج إلى طاقة لفترة طويلة مثل الهواتف المحمولة أو السيارات الكهربائية. أما المكثفات الفائقة، فهي تخزن الطاقة بشكل كهربائي وتحررها بسرعة كبيرة".

وتعد الميزة الرئيسية للمكثفات الفائقة هي قدرتها على الشحن والتفريغ بسرعة، مما يجعلها مثالية لتوفير دفعات كبيرة من الشحنة الكهربية في فترات قصيرة للغاية. وبهذا فتحت المجال أمام استخدام المكثفات الفائقة في عدد كبير من التطبيقات، بداية من السيارات الكهربائية والهجينة، والمعدات الصناعية، وفي الأجهزة الإلكترونية والطبية والعسكرية، وصولا إلى قطاع الطيران وأنظمة الطاقة المتجددة.

مادة مذهلة ولكن

تتضمن عملية تشكيل ألياف "بيدوت" تفاعلات معقدة بين محلول المواد الأولية، والأسطح التي يتم وضع المادة عليها، وظروف التفاعل مثل درجة الحرارة والرطوبة. وكانت واحدة من الصعوبات الرئيسية هي الحفاظ على وحدة حجم الألياف، وضمان محاذاة الألياف بشكل يساعد في تحسين الأداء.

ويقول القاضي "وللتغلب على هذه التحديات قمنا بتحسين طريقة الترسيب باستخدام البخار، وهو ما سمح لنا بالتحكم بشكل أفضل في شكل الألياف. ومن خلال تعديل بعض العوامل مثل تركيز المواد الأولية ووقت الترسيب، استطعنا التأثير على اتجاه الألياف وشكلها".

وقد لاحظ الباحثون أن سطح الجرافين يساعد على نمو الألياف بشكل مرتب ومتجانس بطريقة تجعلها مناسبة للاستخدام في المكثفات الفائقة، مما جعل هذه الألياف تعزز من المسامية ومساحة السطح، وهما عاملان مهمان لتحسين أداء المكثفات الفائقة وتوفير قدرة أكبر على تخزين الشحنة.

إعلان

ويضيف القاضي "قبل عملنا هذا، كانت الطرق الوحيدة المستخدمة لزراعة ألياف بيدوت تعتمد على استخدام قوالب من المواد لتوجيه نمو المادة في شكل ألياف، ولكننا تمكنا من ابتكار طريقة جديدة تعتمد على التفاعل المباشر مع بخار المواد الأولية، مما يسمح لنا بنمو الألياف الدقيقة بدون الحاجة لاستخدام أي قوالب".

بالنسبة لإمكانية توسيع نطاق الإنتاج، يرى القاضي أن الطريقة الجديدة قابلة للتطوير على نطاق صناعي، لكنها تتطلب تحكمًا دقيقًا في ظروف التفاعل مثل درجة الحرارة والرطوبة. ويضيف "نحن الآن في مرحلة مهمة من البحث، حيث حصلنا على دعم مالي من شركة صناعية لاستكشاف كيفية تحويل هذه التكنولوجيا إلى تطبيقات تجارية".

بيدوت وأبعاد صناعية بيئية

يمكن تطبيق تلك التقنيات في عمليات إنتاج صناعية على نطاق واسع، لكن لن يخلو الأمر من الصعوبات بحسب القاضي، فيقول "التوسع في الإنتاج التجاري قد يواجه بعض التحديات منها على سبيل المثال الحفاظ على استقرار المعايير الدقيقة التي نحتاج إليها للتحكم في النمو المنتظم للألياف، حيث إنه قد يصبح أكثر تعقيدًا في بيئات الإنتاج الكبيرة. ومن الضروري ضمان أن يكون هناك تحكم مستمر في عوامل مثل درجة الحرارة والرطوبة وضغط البخار لضمان أن النمو يحدث بطريقة متسقة وفعالة".

ومن الناحية البيئية، يعتقد القاضي أن تصنيع ألياف بيدوت أقل ضررًا من المواد المستخدمة في البطاريات التقليدية، حيث لا تتطلب استخراج معادن نادرة أو سامة. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتقييم تأثير التخلص من هذه الأجهزة بعد انتهاء عمرها الافتراضي.

ويختتم بالقول "نحن الآن في مرحلة مهمة من البحث، حيث وجدت هذه التكنولوجيا اهتمامًا كبيرًا من إحدى الشركات الصناعية التي أبدت رغبتها في تمويل أبحاثنا القادمة لاستكشاف كيف يمكننا توسيع هذه التقنية وتحويلها إلى تطبيقات تجارية قابلة للتنفيذ. وهذا الدعم سيساعدنا في تحسين أداء هذه المكثفات الفائقة وتوسيع استخدامها في العديد من الصناعات، بما في ذلك تخزين الطاقة المتجددة وزيادة كفاءة الطاقة في التطبيقات الصناعية".

إعلان

ويبدو أن المكثفات الفائقة المصنوعة من "بيدوت" قد تكون مفتاحًا لحل بعض من أكبر التحديات التي تواجهها البشرية في مجال الطاقة، مما يعزز الآمال في مستقبل أكثر استدامة، وبأيدِ عربية تحتاج إلى الدعم الحقيقي والتمويل اللازم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الطاقة المتجددة تخزین الطاقة الطاقة بشکل على تخزین

إقرأ أيضاً:

جوجل تكشف عن تصميم ثوري جديد لأندرويد 16 و”وير أو إس 6″ بميزات ذكية

صراحة نيوز ـ أطلقت شركة “جوجل” الأمريكية معاينة بصرية شاملة لنظامي التشغيل الجديدين “أندرويد 16” و”وير أو إس 6″، في خطوة وُصفت بأنها التغيير الأبرز والأكثر ثورية في الهوية البصرية لأنظمة التشغيل التابعة للشركة.

ويعتمد التصميم الجديد على مجموعة واسعة من خيارات التخصيص، ورسوم متحركة مرنة وطبيعية، بالإضافة إلى ألوان ديناميكية مُحدّثة وسلاسة محسّنة في الأداء.

تجربة مرئية متطورة في أندرويد 16
أبرز التغييرات في نظام “أندرويد 16” تشمل إدخال رسوم متحركة تفاعلية، مع ردود فعل لمسية عند التعامل مع الإشعارات، أو عند التبديل بين التطبيقات وتحريك عناصر التحكم مثل شريط مستوى الصوت. وتُعد سمات الألوان الديناميكية المحدّثة من أبرز معالم الهوية الجديدة، حيث تعتمد على ألوان جريئة وطباعة كبيرة الحجم تمنح النظام طابعًا عصريًا وسهل الاستخدام.

كما يشهد نظام “أندرويد 16” تحديثًا كبيرًا في الإعدادات السريعة، حيث يمكن للمستخدمين إعادة ترتيبها وتغيير حجمها، مع إضافة تأثيرات تمويه للخلفية لتحسين تجربة الاستخدام.
إضافة إلى ذلك، تقدم جوجل ميزة “الأنشطة المباشرة” (Live Activities)، وهي إشعارات ديناميكية تظهر على الشاشة الرئيسية وظل الإشعارات لتتبع الأنشطة الجارية مثل التنقل وطلبات التوصيل، كما ستدعم هذه الميزة الشاشة الدائمة التشغيل (AOD) لاحقًا.

“وير أو إس 6”: تصميم دائري وكفاءة أعلى
أما في نظام “وير أو إس 6” المخصص للساعات الذكية، فتمنح جوجل أولوية لتصميم يتناسب مع الشاشات الدائرية، مع تحسينات رئيسية في واجهة المستخدم لجعلها أكثر كفاءة وسهولة في التنقل.

وتم تعزيز تجربة الاستخدام عبر سمات لونية ممتدة على مستوى النظام، ورسوم متحركة أكثر سلاسة، مع تحسينات في الأداء تساهم في إطالة عمر البطارية بنسبة تصل إلى 10%.
كما تقدم جوجل ولأول مرة مساعدها الذكي الجديد “Gemini AI” لمستخدمي الساعات الذكية، ما يعزز تجربة التفاعل الذكي مع الجهاز.

من المقرر أن تكشف جوجل عن المزيد من التفاصيل حول نظام “أندرويد 16” خلال مؤتمرها السنوي للمطورين والمبرمجين الأسبوع المقبل.

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء: التزام مصري روسي بالجدول الزمني لمحطة الضبعة النووية
  • السمنة.. قرص فموي ثوري يعيد تعريف العلاج بدون جراحة أو حقن
  • تحذير صحي مرعب: لا تأكل بعد هذا الوقت وإلا فاستعد لمشاكل في القلب
  • بهاف ستومك.. مي القاضي تخطف الأنظار بإطلاله لافته
  • جوجل تكشف عن تصميم ثوري جديد لأندرويد 16 و”وير أو إس 6″ بميزات ذكية
  • إنشاء وتطوير مركز للرعاية والعناية الفائقة لأطفال التوحد بالدمام
  • الصلاة على حرم سليمان القاضي عصر غد في جامع الملك فهد بالخبر
  • عاهل البحرين: يجب العمل على إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية
  • ولي العهد: يجب إيجاد حل للقضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية
  • في أقل من أسبوع.. دواء ثوري يُحدث نقلة نوعية في علاج ضغط الدم!