كان سماحة الشهيد القائد- سلام الله ورضوانه عليه – واضحًا، وصادقًا منذ البدء، فقد كان يعرف ماهيّة عدوّه بالضبط، ولا يخاتل بهذا الشأن قيد أنملة.
ولأنه كان واضحًا، ولا يملك ما يخفيه، فقد وجّه أصحابه منذ البدء بتفريغ محاضراته إلى أوراقٍ مكتوبة، عُرفت بـ “الملازم”، وأن تكتب على وجهٍ واحد من الورقة، ليكتب كلّ مختلفٍ اعتراضاته، وفي مكانها بالضبط!
ولأنه قام بتحديد أعدائه في شعارٍ جامع، فلم يكن من حيث الأصل يعادي من أبناء الأمة أحداً، بقدر ما كان يناصحهم، ويشفق عليهم، ويعتبر من يعادون المشروع من أبنائها محض أدواتٍ لدى العدو الحقيقي، عن خوفٍ أو عن مصلحة، أو حتى عن جهلٍ وانخداع، وضحايا للحرب الناعمة والاستهداف الثقافي الممنهج.
ومنذ البدء فقد كان أعداؤه الحقيقيون يعرفونه، ويستشعرون في شعاره كلّ الخطر، ومذ كان تلامذته يعدّون بالأصابع، فقد كانت أمريكا تحشد عليه كلّ الدولة، بكل طغيانها وجلاوزتها ودعاياتها المكذوبة السوداء، وبكل جيشها في خاتمة المطاف.
وتستغرب الآن بالفعل، كما كان يستغرب في حينه كل الناس: ما الذي أزعج السلطة في شعارٍ يتفق معه كافة اليمنيين، ويعبر بالفعل- وبالضبط- عن دينهم وأخلاقهم وقوميتهم وإرثهم الثقافيّ المتجذر؟!
على أن سماحة الشهيد القائد كان، منذ البدء أيضًا، يعلم بالتحديد ماهيّة المنزعج، وأن السلطة محض أداةٍ وجلّادٍ مأمور!
لهذا فقد وجه أصحابه المعتقلين بالانقسام إلى فريقين، فريقٌ يسأل: من قام باعتقالكم؟ وفريقٌ يجيب: أمريكا!
من قام بتعذيبكم؟ فيما تبقى الإجابة ذاتها!
..
منذ البدء كان جامع صنعاء الكبير يعجّ بأهل الإيمان، ويعجّ أيضًا إلى جوارهم بالمُخبرين! وتذهب إلى غياهب السجن، تذهب وذنبك الوحيد “تكبيرة”! أحيانًا لأنّ “التهمة” ثبتت! وأحيانًا كانوا يلتقطونك لمجرد الاشتباه، لأنك “أوشكت” فيما يبدو! أو لأن مظهرك يوحي- بالفعل- أنك قد قلتها في سِرّك!
لقد كان ذنب “المكبرين” أنهم قالوا: ربنا الله! فيما كان حكامنا يعبدون السفير الأمريكي، إلى حدٍّ يوشك معه المجاز أن يصبح حقيقة!
..
ومنذ أول لحظة، كان الشعار يستفزّ السفير الأمريكي، وعلى نحوٍ مباشر، وكان الصراع منذ البدء بين مشروعين متنافرين، لا يلتقيان.
وفي رسالةٍ إلى سماحة الشهيد القائد، من والده، – سلام الله عليهما – قال سماحة السيد بدر الدين الحوثي لابنه أن يأخذ حذره، لأنه لا يوجد في عصره من يفهم العدو أكثر منه.
وفيما يبدو، فقد كان العدو- أيضًا- يعرف عن سماحة الشهيد القائد، وعن مشروعه، ما يكفي لأن يتحشد بكله عليه! ويفهم تمامًا أن في مشروعه كل الخطر، وأنّ الصراع بين المشروعين محتّم؛ حتمية الصراع بين ذرية آدم وأتباع الشيطان.
لهذا فقد أشرفت أمريكا على كل الحروب ضد المسيرة، وضد أهلها، هو ضد الشهيد القائد، وضد مشروعه؛ من الأولى وحتى الحرب السادسة، ومنها حتى ثورة ٢١ سبتمبر، ومنها إلى العدوان علينا، إلى أيام الطوفان، إلى الآن وإلى ما شاء الله!
لقد كان عدو المسيرة معروفًا منذ البدء، بلا مخاتلة، وكان عدوها على طول الخط، فيما تغلغل في القلوب شعارها، وعلى نحوٍ مدهشٍ فقد انقشعت كل الدعايات الكاذبة المضادة، وانتصر الشعار.
وانتصرت بحجتها ملازمه! وكلّ ما في الأمر أن سماحة الشهيد القائد لم يقرأ الدنيا بعينٍ واحدة؛ لقد فهمها، ومنذ البدء، أن الأمر يحتاج لعينين لكي تقرأ: “عينٌ على القرآن، وعينٌ على الأحداث!”، وعن الفرق بين المشروعين فإن مشروع الدجال أعور، فيما خاب من أغمض عن حقائقها إحدى عينيه!
ومنذ الحرب الأولى ذهب أجنادٌ كثيرون لقتال المسيرة، بعضهم عن عقيدة، ليصبحوا فيما بعد من أخلص مخلصيها، وأعزّ شهدائها فينا، وأقربهم فينا إلى القلوب!
وفي الحرب الثانية يتواجه بطلان، على طرفي النقيض، مع المسيرة أحمد العزي، وضدّها حسن الملصي!
كلٌّ فيهما يهمّ بقتل صاحبه، كلٌّ في مترسٍ مختلف! ويشاء الله أن تمرّ اللحظة عليهما بسلام، ويجمعهما فيما بعد مترسٌ واحد؛ ويذهبا إلى الله رفيقين من رفاق الخلود! لا كأعداءٍ وإنّما كأخوين، كلٌّ تجمعه إلى جوار أخيه كتفٌ وبندقيةٌ؛ مسيرةٌ واحدةٌ وشعار!
..
ومنذ البدء، وفي كل الحروب ضد المسيرة القرآنية، فقد كان السؤال الأكثر حضورًا في أذهان الناس هو: بأيّ ذنبٍ حوربوا؟!
فيما كان الآخر يفتقر إلى الحجة، ولهذا فقد كان يحتاج دائمًا لحشو الإعلام بالأكاذيب، ولأن حبالها “قصيرةٌ” فإنها دائمًا لا تلبث أن تتهتك!
وأمّا عن الصرخة فقد وصلت إلى كلّ قلب، وارتجّ بها من ساحاتنا كلّ ميدان!
والصرخة التي كان محظورًا عليك إطلاقها في باحات الجامع الكبير،قبل عقدين! سمعناها بعد عقدين من قلب غزة، في يومٍ مشهود، وفي ذروة نصر الإسلام على يهود! “وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ”
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله. يبقى لنا حديث.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
38 مسيرة ووقفة في تعز تحت شعار “لنصرة غزة.. بقوة الله هزمنا أمريكا وسنهزم إسرائيل”
الثورة نت/
احتشد أبناء محافظة تعز اليوم في 38 مسيرة ووقفة تحت شعار “لنصرة غزة.. بقوة الله هزمنا أمريكا وسنهزم إسرائيل”، انتصاراً للشعب الفلسطيني واحتفاء بفشل العدوان الأمريكي على اليمن.
حيث شهدت ساحة الرسول الأعظم في مركز المحافظة حشوداً كبيرة بمشاركة قيادات عسكرية وأمنية ووكلاء المحافظة وشخصيات اجتماعية، تعبيرا عن الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى على الفشل الأمريكي في العدوان على يمن الإيمان.
وأعلنت الحشود التحدي للعدو الإسرائيلي، والثبات على الموقف الحق، في نصرة ومؤازرة للشعب الفلسطيني.. مؤكدة أن الموقف اليمني لن ينكسر مهما كانت التحديات.
وشهدت مديريات المربع الشرقي مسيرات بمركز مديرية خدير، وساحات شارع 40 المشارب، والحيمة والزواقر في سوق وادي عريق بالتعزية، وجبالة، والشرمان بماوية، والمدينة السكنية بالبرح والعرف والقحيفة وهجدة بمقبنة، وفي مساهر بحيفان، والزبيرة بالمواسط، واللصيب والدموم بخدير البريهي بماوية، والمشجب بالصلو، وبني عون، والأمجود، وايفوع أعلى بشرعب السلام، وفي المربع الغربي في الربيعي بالتعزية، والشيخ عبيد ومرجل، والخريبة، وشوكان بماوية، ومركز شرعب الرونة، ومحطة الرعينة وسوقي القحيم والاتيان، وحلية بشرعب الرونة، ومركز مديرية ماوية، وسوق الحرية وعدن الشيخ بشرعب الرونة وفي مركز شرعب السلام وسقم، وميراب بمقبنة، ومفرق قياض بالتعزية والسهيلية بمقبنة، والخزجة وسوق قمال وبني علي وسوق القطعة بالاعبوس بحيفان.
وأكد المشاركون في المسيرات بحضور عدد من أعضاء مجلس الشورى ووكلاء المحافظة وقيادات تنفيذية وعسكرية وأمنية وشخصيات اجتماعية، استمرار التحشيد والنفير لمواصلة إسناد الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني.
وعبر بيان صادر عن مسيرات تعز عن الشكر والثناء والامتنان لله العلي العظيم، القادر القاهر، ملك السماوات والأرض، الذي كسر طغيان وتكبر رأس الكفر والإجرام، على أيدي عباده المجاهدين، من أبناء يمن الايمان والحكمة، مما جعله يعلن وقف عدوانه على بلدنا دون أن يحقق أي هدف من أهدافه، وتخلى عن حماية السفن الصهيونية وسقطت غطرسته بفضل الله سبحانه وتعالى.
وبين أن الله ثبت الأقدام، وربط على القلوب، وأعطى المعنويات العالية، وهو -سبحانه- من قذف في قلوب الأعداء الرعب، وكف أيديهم، وأوهن كيدهم، وأفشل أهدافهم.
وبارك البيان للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي وللقوات المسلحة ولكل الأحرار من أمتنا والعالم فشل العدو الأمريكي، وخيبة آماله، وسقوط أهدافه.
وأكد تأكيداً جازما ثبات الموقف المدافع عن غزة، والمساند للمقاومة بشكل لا تراجع عنه ولا مساومة فيه، وأن أحفاد الأنصار لن يتركوا أبناء غزة وحدهم ولن يتخلوا عن إنسانيتهم ودينهم وأخوتهم بالتخلي عنهم.. مباركا عمليات القوات المسلحة ضد العدو الأمريكي والإسرائيلي، والتي كان من أبرزها الضربة المسددة في مطار اللد والتي حققت نجاحاً كبيراً بفضل الله.
وعبر البيان عن التحدي الواضح والصريح للعدو الإسرائيلي المجرم، والاستمرار في مواجهته بكل قوة وعزم، دون تهاون أو تراجع.. مؤكدا استمرار تطوير كل القدرات وتصعيد المواجهة مع العدو في كل الميادين، والمجالات والجاهزية والاستعداد لأي عودة للعدوان الأمريكي على اليمن متوكلين على الله، ومعتمدين عليه، وواثقين بوعوده.
وأشار إلى أن الشعب اليمني كشعب مؤمن مجاهد شرفه الله بنسبة الإيمان والحكمة له بقول الرسول المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله (الإيمان يمان والحكمة يمانية) يعلم علماً يقيناً بأن كلفة المواجهة مع الأعداء مهما بدت جسيمة فإن ثمن التفريط والتقاعس أكبر وأجسم وأخطر في الدنيا والآخرة.
ولفت إلى أن ما يتم تقديمه من تضحيات أو يتعرض له الشعب من معاناة فهي في سبيل الله، وابتغاء لمرضاته، وثمناً مستحقا للحرية والكرامة التي بدونها لا خير ولا مجد ولا عز للأمة لا في الدنيا، ولا في الآخرة.. مشيرا إلى أن ثمار التضحيات هو الخير كل الخير، في الدنيا وفي الآخرة.
كما عبر البيان عن الأسف لما وصل إليه حال بعض الأنظمة العربية والإسلامية والجهات التي لم تكتفِ بالتخاذل أمام قضايا ومعاناة أمتها، بل صارت تسعى لاستهداف شعوبها، والتحريض عليها، والانخراط مع مؤامرات الأعداء ضدها.. مشيدا بدور الأشقاء في سلطنة عمان الداعم للسلام بين شعوب الأمة.