خطأ الفهم للفلسفة القديمة وأثر هذا في التشظي
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
مفاهيم مشوهة المعنى
على الرغم من حرص الأولين إلا أن التقنيات المتاحة لهم ليست كافية، وإن قابليتهم للإصغاء والتصويب لم تك كافية أيضا لذا نرى الانقسامات على أمور جزئية لا تأثير لها أحيانا على واقع الحال، وإنما هي خلافات فلسفية انتقلت إلى الفقه واختلط الفقه الحضاري مع الأمور المدنية كالسياسة، والتي يفترض أنها تراكم للجهد البشري ينقى بالقيم وليس فيه حلال وحرام وإنما صواب وخطأ، أو القول بأنه صالح للحالة أم لا.
طرح الفلاسفة نظريات مستسقاة من الفلسفة اليونانية كالرازي قبل تخليه عنها، حيث طرح نظرية الفيض وهي نظرية لا تتفق والإسلام بل متخلفة جدا. والفلسفة اليونانية في طرحها لتفسير الكون والحياة كانت قاصرة، فهي من طرح تسطيح الأرض وأن القلب الذي في الجوف هو المحرك للجسم، فاختلط التداخل هذا عند العلماء سواء في الرد على الفلاسفة أو في التفاسير لأن المصطلحات دخلت إلى الكلام، والتفكير لهذا نجد معاني قرآنية ليست مستعملة في التفاسير وإنما مصطلحات فلسفية، فالفقهاء في الرد تبنوا المصطلح الذي يردون عليه ودخل عند المقلدين خصوصا أن عبارات ظهرت تمنعهم من فتح كتب الفلسفة أصلا (من تمنطق تزندق) ومن هذه الكلمات التي تشوه معناها القرآني: الروح، النفس، القلب، الفؤاد، العقل.. فالروح في القرآن هي أمر الله بالخلق، أما في الفلسفة اليونانية فهي شيء خارج الجسم يرتبط بالإنسان ويفكر وهو ما نجده في بعض التفاسير وآثار العلماء، فالنفس هي الإنسان في القرآن وهي لها أدواتها في التفكير والعقل فعل وليس اسم، ولم يأت كاسم في القرآن وإنما كان اسما في الفلسفة اليونانية.
هذه المعاني تحتاج إلى تصويب، فهي أوقعت الفكر الإسلامي في مشكلة كبيرة جدا، منها إيقاف التفكير نفسه، والتعامل مع المنطق والفلسفة نتيجة التيه الذي وقع به الأولون فالتجأوا إلى التكفير والرفض وتركوا أثرا يحمل لغة ما رفضوه فضاع من بعدهم أكثر
القلب موطن التفكير في القرآن ليس المضخة التي في الجوف وإنما في الناصية حيث مقدمة الإنسان ومقدمة الشيء صدره، وإن كان موطن الإحساس والتفكير بما هو معروف في التفاسير فهو تأثر بالفلسفة اليونانية، فالقلب مصطلح على مضخة ليس لها توصيف في الإسلام غير هذا والقلب المفكر هو في الناصية كما ذكرنا.
هذه المعاني تحتاج إلى تصويب، فهي أوقعت الفكر الإسلامي في مشكلة كبيرة جدا، منها إيقاف التفكير نفسه، والتعامل مع المنطق والفلسفة نتيجة التيه الذي وقع به الأولون فالتجأوا إلى التكفير والرفض وتركوا أثرا يحمل لغة ما رفضوه فضاع من بعدهم أكثر؛ وعلينا إضافة مفاصل أخرى كالتمييز بين الحضارة (تختص بالفكر والإنتاج الفكري) وبين المدنية (تراكم الجهد البشري).
لقد فقد الناس الذين يلتهمون الغاية من الخلق وفهم الآيات وإدخال تصورات تقرب إلى الخرافات؛ رفضها البعض وقبلتها منظومات التفكير البسيطة والجاهلة، بل الجهل بات يفرض نفسه والطقوس الدخيلة أضحت الدين وليس من صلبه فقط، وعندما حوكم المنطق والفلسفة اتهمت الفلسفة وليس القصور الذهني، بينما الفلسفة هي الحكمة. والله جل وعلا قال: "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرا كَثِيرا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ". واللب هو أعمق نقاط الفهم والتفكير، لكنهم قرنوها بالفلسفة المستوردة الوثنية والأسطورية والتي حاول البعض دمج التوحيد معها أو مجادلتها بلغتها وقواعدها وهذا كان الخطأ، فنحن لا نستغني عن الحكمة في استقراء واقعنا ومن ثم استنباط العلاج بدل التقوقع واستنباط قوالب لا تحتوي الواقع وإنما تشوهه.
أسلوب الهروب بالإنكار أوجد فرقا مثل القائلين إن القرآن كاملا فعليه لا يحتاج إلى الحديث، هذا الفهم الناقص يقابله تقديس لرواة أو جامعي الحديث بحيث لا يقبلون المراجعة. وربما هذا التعصب أوجد ذاك الانحراف في الفهم، فالجهاز المعرفي لا يرتكز على المصدر وهو صناعة بشرية، فهو سيحتاج إلى المصدر وأداة التفكير والتحقق وإلى المنظومة العقلية ككل والفهم الذي هو أهم ما في الفكر وموازنته، ثم نرى المخرجات على الواقع ونعايرها مع مهمة الإنسان الأساس، وهي اختبار لمنظومته العقلية وصلاحيتها في الإبداع وهو معنى "علّم آدم الأسماء كلها" والله أعلم.. ثم نرى هل كان هذا مناسبا للمجتمع أم يتطلب مزيدا من الدراسة والفهم للمجتمع وللفكر فيخرج من مثاني القرآن الأجوبة بهذا المنهج.
المسألة أن العلماء في كل عصر يريدون أن يجيبوا على كل الأسئلة وعلم عصرهم ليس كافيا للإجابة على كل الأسئلة فيخرجون بأمور يختلف عليها، أو ينكرون فعل الزمن فيتمسكون بما أنتج السابقون، وهو في الحقيقة أما صواب حل مشاكل عصرهم لا مشاكل عصرنا وتطور المدنية
تشكل الفرق لسوء الفهم بالوهم
الحقيقة أن التعامل مع الفلسفة القديمة كنتاج فكري لم يوضع له منهج واضح لهذا اختلف الباحثون في أسئلة أصلا محلولة في القرآن، ولكنهم اتبعوا منهج ما تبنونه فلم ينتبهوا للحل.. القضاء والقدر أو هل الإنسان مخير أم مسير، لو نظر إليها بمنهج فلسفي صحيح أي بالحكمة القرآنية لما ظهرت الفِرق كالمعتزلة والأشعرية والمرتدية وغيرها، وهي ببساطة على سبيل المثال أن الإنسان في ماهيته التفكير فهو مخير ولأن أساس وجوده على الأرض هو لاختبار منظومته العقلية، فمن العدل أن يكون كامل الأهلية. وهكذا الأسئلة الأخرى التي ناقشناها في مقالات سابقة وفي كتاب "فلسفة منظومة الأخلاق في الإسلام".
المسألة أن العلماء في كل عصر يريدون أن يجيبوا على كل الأسئلة وعلم عصرهم ليس كافيا للإجابة على كل الأسئلة فيخرجون بأمور يختلف عليها، أو ينكرون فعل الزمن فيتمسكون بما أنتج السابقون، وهو في الحقيقة أما صواب حل مشاكل عصرهم لا مشاكل عصرنا وتطور المدنية، أو أنه تيه سرعان ما يكفر كل جديد أنه بدعة وضلالة، أو يستوردون خلافات الماضي لعجزهم عن التفكير في المستقبل لافتقادهم لمنهج التفكير للمستقبل والجهل المركب الذي يتمكن فيفرض عليك نفسه ويعتبر أمل الأمة جهلة بل أعدائها.
إن تخلف الأمم ليس لقلة مفكريها بل لجرأة الجهل وضعف المثقف في الدفاع عن نفسه أمام الجهل وتهوره، فالفهم قائد ومتى ضعف الفهم انحدرت الناس إلى الضلال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الفلسفة الفكر الأخلاق اسلام فكر أخلاق فلسفة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على کل الأسئلة فی القرآن
إقرأ أيضاً:
رئيس الوفد يعلن رؤية الحزب في الإيجارات القديمة.. غدا
قال الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد إنه سوف يعلن عن رؤية كاملة لحزب الوفد فيما يتعلق بقانون الإيجار القديم غدا الأربعاء تتضمن تطبيق حكم المحكمة الدستورية، فيما يتعلق بعدم دستورية ثبات القيمة الايجارية وإرجاء الشق الثاني الخاص بإنهاء عقود الإيجار الي فصل تشريعي مقبل.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده رئيس الوفد مع اللجنة المشكلة منه لتقديم دراسات حول القانون ، واطلع رئيس الوفد علي كافة الأوراق المقدمة من اعضاء اللجنة.
وأكد رئيس الوفد، أن الحديث عن إنهاء العقود أو تحديد مدة لانهائها لم يتطرق له حكم الدستورية بجانب أن هناك العديد من الأحكام والتشريعات الخاصة بهذا الموضوع ، ويجب الاطلاع عليها مع توفير الحكومة لكافة البيانات الرسمية وهو مايمثل استحالة خلال المدة البسيطة المتبقية خلال هذا الفصل التشريعي.
وأكد أن مناقشة عدم ثبوت القيمة الإدارية وإصدار تشريع بخصوصها فقط يعد تنفيذ كامل لحكم المحكمة الدستورية الصادر في العام الماضي.
وأضاف رئيس الوفد ، أننا حاليا في فترة ريبة وعلي أبواب استحقاقات انتخابية تتطلب إرجاء الجزء الخاص بعقود الإيجار وإنهائها إلى فصل تشريعي مقبل.
وأكد الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد ، أن الحزب يري أن قانون الإيجارات القديمة المقدم من الحكومة للبرلمان، وتنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا يجب أن يعاد فيه النظر رغم تقدير الحزب للقانون ، والحرص على تنفيذ حكم المحكمة الدستورية قبل انتهاء الفصل التشريعي الحالي.
وأكد على ذلك المستشار محمود فوزي وزير الشئون البرلمانية، ولكن الوفد يري أن الوقت غير مناسب لعرض هذا القانون بالشكل المقدم به .
وتابع: ولذلك نري ان القانون المقدم تجاوز ما قضت به المحكمة الدستورية العليا ، بعدم دستورية ثبات القيمة الايجارية فقط والذهاب إلى عقود الإيجار وإنهائها خلال مدة ٥ سنوات بجانب إدخال الأماكن المخصصة لغير أغراض السكني.
حضر الاجتماع كلا من النائب الدكتور ياسر الهضيبي سكرتير عام الحزب والمهندس حسين منصور نائب رئيس الحزب والنائب طارق عبدالعزيز عضو المكتب التنفيذي للوفد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب بمجلس الشيوخ والنائب الوفدي الدكتور أيمن محسب وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب والنائبة الوفدية أميرة أبو شقة بجانب صفوت عبدالحميد رئيس اللجنه النوعية للشئون القانونية والدستورية بالحزب ونقيب المحامين ببورسعيد عضو الهيئة العليا للحزب وحاتم رسلان عضو الهيئة العليا والمكتب التنفيذي للوفد ومقرر اللجنة التشريعية وأعضاء اللجنه اللجنة التشريعية للشئون الدستورية بالحزب.