لا يمكن اعتبار رقم الـ70% الذي يمثل الأسر اللبنانية المحرومة من التغطية الصحية مجرّد إحصاء عابر، بل هو انعكاس صارخ للأزمة الصحية التي تتفاقم في ظلّ نظام استشفائي يرزح تحت وطأة أزمات متلاحقة منذ العام 2019. من الانهيار الاقتصادي وجائحة كورونا إلى هجرة الأطباء ونقص الإمدادات، وصولا إلى الحرب وعمليات البيجرز، تحوّل القطاع الصحي إلى ساحة صراع من أجل البقاء، حيث بات توفير الأدوية والاستشفاء عبئا إضافياً على كاهل المواطنين، نسبة إلى البدل الكبير الذي يجب أن يتوفر مع المواطن ليتمكن من دخول المستشفى.

ووسط هذه الظروف، تبرز أهمية تعزيز صناعة الأدوية محلياً كفرصة ذهبية لتخفيف المعاناة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، علمًا أنّ العدد الأكبر من المواطنين لا قدرة لهم حاليا على شراء الادوية، التي تعتبر عملية تأمينها صعبة في مكان ما، خاصة بعد الخروج من حرب قاتلة أهلكت قدراتهم.
 
 
وبالعودة إلى فترات انقطاع أنواع كثيرة من الادوية من الأسواق، كانت لافتة الثقة التي أولاها المواطن لقرابة 12 مصنع دواء في لبنان، على الرغم من أن مساهمة المصانع المحلية التي تقوم بإنتاج عدد محدود من الأدوية والأمصال لا تتجاوز 20%، إذ لا تزال ثقافة الاعتماد على الدواء المستورد من الخارج هي المسيطرة، والتي بدأت تشهد تحولاً ملموسًا مع اقتناع المواطن بضرورة الانحياز للصناعة المحلية، التي تتم تحت إشراف أهم المختصين، ووفقا لإرشادات وزارة الصحة، والمعايير العالمية المعتمدة في أهم المعامل حول العالم.
وحسب المعلومات، فإنّ هذا القطاع شهد ورشة عمل كبيرة، خاصة خلال جائحة كورونا، لتقوم المعامل 12 الموجودة في لبنان بتطوير عملها، ووضع خارطة عمل مختلفة كليا، ليصبح الهدف تغطية أكثر من 40% من حاجات السوق، وذلك من خلال توفير أسعار مخفضة للمواطنين تسعفهم في الحصول على الدواء المصنع محليًا والذي يتمتع بنفس مواصفات الدواء المستورد، وذلك بسعر أقل، حيث يترواح فرق الأسعار بين الدواء المحلي والمستورد بين 30 إلى 70%.
 
وبعيدًا عن المنافسة الشرسة التي استطاعت المصانع المحلية أن تكسرها، وتدخل إلى السوق بقوة، حافظ لبنان على مستوى صناعة الادوية محليًا، وباتت المصانع اللبنانية من أهم وأقوى المصانع في المنطقة، لا بل يشير المختصون إلى أنّ المعايير التي يتم اعتمادها في لبنان، بالاضافة إلى مستوى التقنية والمهنية الذي يتم توفيره وتكريسه لهذه الصناعة، جعل المصانع اللبنانية تتصدر مشهد صناعة الدواء، أقله بين دول الجوار والمنطقة، وهذا ما عزّز ثقة المواطنين بهذه المصانع، التي أمنت حاجات كبيرة للسوق بأسعار منخفضة، وساهمت باستمرار تأمين علاجات المواطنين، من دون التقيد بالدواء المستورد المرتفع السعر. وعليه، ضاعفت هذه المعامل من انتاجاتها، وأدخلت فئات جديدة من الأدوية إلى قوائم إنتاجاها، وحسب المختصين، فإنّ العمل اليوم يرتكز على رفع مستوى المنافسة أكثر، وذلك من خلال وضع خارطة عمل للدخول أكثر في رحلة تصنيع أدوية الأمراض المستعصية، لا وبل ابتكار خلطات جديدة لأدوية غير موجودة، إلا أن المعنيين يؤكدون لـ"لبنان24" أنّه على الرغم من الإرادة، ووجود فرق مختصة تتمتع بخبرة مهنية واسعة، إلا أنّ العائق المادي يعتبر من أهم المسائل في هذا الخصوص، خاصة مع عدم وجود مراكز أبحاث على المستوى المطلوب، مخصصة لانتاج أدوية جديدة.
 
في هذا الإطار، يوضح الأستاذ جورج قليعاني، المسؤول في شركة الشرق الأوسط للصناعات الدوائية والصناعية (ميفيكو)، خلال اتصال مع "لبنان24"أن المصانع اللبنانية واجهت تأثيرات مباشرة وغير مباشرة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان. ويشير إلى أن عملية استيراد المواد الأولية قد تعطّلت، إلى جانب تأثر توزيع المنتجات الدوائية وبيعها في مناطق حيوية كجنوب لبنان، وأجزاء واسعة من البقاع، بالاضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت.
 
ويشرح قليعاني أن إغلاق المحال التجارية والصيدليات في هذه المناطق، نتيجة الظروف الأمنية، حال دون إيصال إنتاجات المصانع إلى السوق المحلي. كما أكد أن الجنوب، إلى جانب البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت يمثل ركيزة أساسية في سلسلة المبيعات، مما جعل تعطل التوزيع في هذه المناطق يشكل ضربة كبيرة للصناعة الدوائية المحلية، سواء على مستوى الإنتاج أو التسويق.
 
بالتوازي، يشير قليعاني في حديثه لـ"لبنان24" إلى أن صناعة الدواء المحلية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عامل الثقة بين المواطن والمصانع اللبنانية، مما أسقط النظرة التقليدية التي كانت تشكّك في جودة الأدوية المصنّعة محلياً. هذا التطوّر انعكس إيجاباً على المعامل، التي أصبحت تنتج أدوية بمعايير عالية تضاهي الصناعة الأجنبية، بل وتتفوق في بعض الأحيان على المنتجات الأوروبية لناحية الجودة والمواصفات.
 
ويؤكد قليعاني أهمية أن تولي الدولة اهتماماً أكبر بهذا القطاع، الذي يملك إمكانات كبيرة لتأمين أدوية عالية الجودة للمواطنين بأسعار تنافسية. ويشدد على أن دعم الدولة لهذا القطاع لا يقتصر على تحسين الإنتاج، بل يسهم أيضاً في تعزيز الثقة العامة بالصناعة الدوائية المحلية، مما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني ويوفر حلاً طويل الأمد لأزمة الدواء.
 
وعلى الرغم من التطور الكبير الذي شهدته المصانع، يلفت قليعاني إلى أنّ عملية تصنيع الدواء محليا لم تشمل بعد كل الأصناف، فهناك على سبيل المثال الأدوية المستعصية، إذ إنّ التصنيع المحلي يغطي جزءًا منها فقط، إلا أنّه بشكل عام تمكنت الصناعة المحلية من تغطية معظم الأمراض، كما ولبت السوق خصوصا خلال الفترة الاخيرة، حيث قامت المصانع بدورها على أتم وجه، ولم نسمع خلال هذه الفترة بانقطاع أصناف كبيرة من الدواء. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الفائزون بجوائز أبوظبي البحرية 2025 يرتقون بمعايير قطاع المراسي

 

أبوظبي (الاتحاد)
تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، أعلنت أبوظبي البحرية التابعة لمجموعة موانئ أبوظبي وبالتعاون مع مركز النقل المتكامل، التابع لدائرة البلديات والنقل في أبوظبي، عن الفائزين في النسخة الثالثة من جوائز أبوظبي البحرية 2025، خلال حفلٍ أُقيم على هامش فعاليات معرض أبوظبي الدولي للقوارب الذي اختتم فعاليته مؤخراً.
حضر حفل التكريم، الذي أقيم في مركز أدنيك أبوظبي، الشيخ راشد بن حمدان بن زايد آل نهيان، والشيخ أحمد بن حمدان بن محمد آل نهيان، رئيس اتحاد الإمارات للشراع والتجديف الحديث.
وتهدف الجوائز إلى وضع معايير راسخة للتميّز في إدارة وتشغيل المراسي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، والاحتفاء بالمراسي الأكثر تميزاً وإنجازاً.
وشهدت النسخة الثالثة للجوائز توسّع نطاقها ليشمل تكريم الإنجازات والأداء المتميّز على المستويين المؤسسي والفردي، إلى جانب أبرز المشاريع في قطاع المراسي. وتم تكريم 22 فائزاً خلال الحفل.
وقال الدكتور عبدالله حمد الغفلي، مدير عام مركز النقل المتكامل بالإنابة، إن جوائز أبوظبي البحرية تواصل تجسيد الالتزام بتطوير القطاع البحري من خلال الامتثال لأعلى معايير التعاون والابتكار والتميز، لافتاً إلى أن الهدف من خلال تكريم المساهمات المتميزة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا هو الاحتفاء بالإنجازات، فضلاً عن ترسيخ ثقافة التحسين المستمر.
وأوضح أن هذه الجوائز تؤدي دوراً محورياً في الارتقاء بجودة الخدمات، وتعزيز الاستدامة، وتشجيع تبادل المعرفة، بما يدعم ريادة أبوظبي في تطوير القطاع البحري للإمارة، ويرسّخ مكانتها كمركز بحري عالمي.
من جانبه قال الكابتن سيف المهيري، الرئيس التنفيذي لأبوظبي البحرية، والرئيس التنفيذي للاستدامة في مجموعة موانئ أبوظبي، إن جوائز أبوظبي البحرية، تعتبر أكثر من كونها مجرد احتفالية، فهي تمثل محفزاً للنهوض بقطاع المراسي، وفي كل عام، نشهد تقدّماً ملموساً في مجالات الابتكار والسلامة والاستدامة، يقوده نخبة بارزة من الأفراد والمؤسسات.
وأضاف أنه بينما تمضي أبوظبي قدماً في تعزيز مكانتها كمركز بحري عالمي، تؤكد هذه الجوائز الالتزام بإرساء معايير عالمية والارتقاء بالإمارة إلى صدارة المشهد البحري الدولي.
وشهدت جوائز أبوظبي البحرية، لهذا العام الاستعانة بإحدى أدوات الذكاء الاصطناعي، ضمن المنصّة الإلكترونية الآمنة الخاصة بتقديم طلبات الترشح وتقييمها.
وكما هو الحال في الدورات السابقة، خضعت الطلبات المقدّمة للمشاركة في جوائز أبوظبي البحرية بداية للتحليل من قبل فرقٍ تضم مقيّمين مؤهلين، الذين منحوا نقاط للمشاركين وفقاً للمعايير الخاصة بكل فئة من فئات الجوائز.
وقامت أداة الذكاء الاصطناعي بتنظيم بيانات طلبات المراسي المتقدمة للمشاركة في الجوائز بشكل يسهل إطلاع المقيّمين عليها، كما حددت مواطن القوة والضعف المُحتملة في الطلبات لأخذها في الاعتبار خلال مراجعاتهم الشاملة.
بعد ذلك، قدّم المقيّمون نتائجهم إلى أعضاء لجنة التحكيم، الذين أخذوا بالاعتبار خلال مداولاتهم النقاط التي منحها المقيّمون للمشاركين، بالإضافة إلى قيامها بفحص نوعي مستقل لكل مشارك قبل اختيار الفائزين.
وفي السياق ذاته، أسهمت الاستعانة بإحدى أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن جوائز أبوظبي البحرية، في وضع الأساس لدمج هذه التكنولوجيا المتقدمة مستقبلاً كعنصر مكمّل لعمليات التقييم والتحكيم البشرية.
ويستند نموذج جوائز أبوظبي البحرية إلى معايير رائدة مستمدة من أفضل برامج الجوائز متعددة القطاعات عالمياً.
ومن الجوانب البارزة التي نشهدها هذا العام تنوّع الخبرات المهنية الواسعة التي يتمتع بها 13 مقيّماً بداية من مجال استراتيجية تجربة العملاء وإدارة الجودة والتسويق والتنمية المستدامة والتميّز المؤسسي، خلال عملهم في 12 دولة موزّعة على خمس قارات، مما يُضفى رؤى قيمة لتحليلاتهم، ويعزّز النهج الشامل المعتمد في تقييم الجوائز.
كما ضمّت لجنة تحكيم جوائز أبوظبي البحرية 2025 نخبة من القادة المتميزين، الذين أسهمت مكانتهم وخبراتهم في ضمان عملية تقييم صارمة ومستقلة وذات رؤية، مدعومة بعقود من الخبرات في القطاع والاستشارات وأطر الجودة. وأسهم هذا التكامل في تعزيز قوة الجوائز ومكانتها كمقياس للتميّز في القطاع البحري.
جدير بالذكر أنه من المقرر تنظيم النسخة الرابعة من جوائز أبوظبي البحرية في خريف عام 2026.

 

وتم تكريم 22 فائزاً خلال الحفل عن الفئات التالية:

جوائز المؤسسات
جائزة المرسى المتميّز:
الذهبية: دبي هاربر - الإمارات 
الفضية: دي-مارين ديديم - تركيا


جائزة المرسى المتميّز الناشئ:
الذهبية: دي مارين مرسى العرب – الإمارات 
الفضية: مارينا قصر الإمارات – الإمارات


جائزة التميّز في تجربة المتعاملين:
الذهبية: دي-مارين ديديم - تركيا
الفضية: د-مارين جوتشيك - تركيا


جائزة التميّز في بيئة العمل:
الذهبية: مرسى نخلة جميرا – الإمارات 
الفضية: بوﻟﻐﺮي ﻣﺎرﻳﻨﺎ – الإمارات 

 

جائزة التميّز في الصحة والسلامة:
الذهبية: مارينا قصر الإمارات – الإمارات 
الفضية: دي-مارين تورغوتريس- تركيا


جائزة التميّز في الابتكار:
الذهبية: د-مارين جوتشيك - تركيا 
الفضية: مرسى نخلة جميرا – الإمارات 

 

أخبار ذات صلة برعاية حمدان بن زايد.. سباق زايد الخيري ينطلق غداً في أبوظبي بمشاركة واسعة حمدان بن زايد يستقبل رئيس اللجنة العليا لسباق زايد الخيري

جائزة التميّز في الاستدامة:
الذهبية: دي-مارين تورغوتريس - تركيا
الفضية: مرسى جزيرة اللؤلؤة - قطر

 

الجوائز الفردية
جائزة القائد المتميّز:
الذهبية: واين شيبرد – دبي هاربر 
الفضية: المهندس/ عادل المعاني - مرسى أيلة


جائزة بطل الخدمة المتميّز: 
الذهبية: سارة عبد العزيز – مراسي الدار
الفضية: تشارلز مايانجا – مارينا قصر الإمارات


جائزة النجم الصاعد:

الذهبية: حسن أحمد – نادي جدة لليخوت
الفضية: شيرزودبك جانييف – مرسى نخلة جميرا 

 

جوائز المشاريع
جائزة الاستدامة، فاز بها: مرسى جزر دبي 
جائزة الابتكار، فاز بها: دبي هاربر 

وأخيراً، كان «المرسى الأكثر شعبية»، الذي يتم اختياره بناءً على تصويت الجمهور عبر الإنترنت من نصيب مرسى جزيرة اللؤلؤة - قطر.

مقالات مشابهة

  • وزير الصناعة والثروة المعدنية يفتتح معرض التحول الصناعي في السعودية 2025
  • سحب تشغيلة أشهر علاج لجرثومة المعدة وارتجاع المريء.. وهذه عقوبة غش الأدوية
  • برعاية خادم الحرمين.. الرياض تستضيف المؤتمر الدولي لسوق العمل بنسخته الثالثة يناير المقبل
  • القائد العام للقوات المسلحة: المعرض الدولي للصناعات الدفاعية أصبح منصة عالمية لنظم التسليح من مختلف أرجاء العالم
  • نقابة الصيادلة توضح بالأرقام حقيقة وجود نقص بـ250 صنف من الأدوية
  • خلال رحلته من أنقرة إلى بيروت... إليكم ما قاله البابا!
  • التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة بالبلاد
  • وكيل صناعة الشيوخ: تشغيل المصانع المتعثرة ضرورة لدعم الاقتصاد وزيادة الإنتاج
  • الاقتصاد الإنتاجي في العالم العربي
  • الفائزون بجوائز أبوظبي البحرية 2025 يرتقون بمعايير قطاع المراسي