خبراء يكشفون لـ "الفجر".. ماذا وراء الانهيار الأخير للعملة اليمنية؟
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
تواصل العملة اليمنية تراجعها بشكل غير مسبوق،أمام العملات الأجنبية، مسجلة 2200 ريال مقابل الدولار الأمريكي الواحد، حيث يعد هذا التراجع الكبير في السوق المحلية هو أدنى مستوى للريال اليمني ولأول مرة في تاريخه.
يأتي ذلك في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد إثر حرب مليشيات الحوثي الإرهابية منذ 10 سنوات، إذ أدى تراجع سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، والذي فاقم من تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.
كما يأتي الانهيار الجديد رغم معاودة البنك المركزي اليمني في عدن خلال الأيام الماضية، فتح المزادات الخاصة في بيع عملة أجنبية بهدف استقرار سعر الصرف، وتوفير سيولة العملة الأجنبية، إلّا أنها لم تُحدث تأثيرًا مباشرًا في معالجة انهيار العملة.
وسط تراجع قيمة الريال اليمني.. كيف أدى التراجع إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية؟ تنوعت جرائمه بين القنص والإعدامات الميدانية.. تقارير تفضح انتهاكات الحوثي بالشعب اليمني
ووفقًا لخبراء اقتصاد فإن تراجع الريال اليمني يشكل صورة أخرى عن مدى تأثير الحرب الاقتصادية الانتقامية التي تشنها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين والقطاع المصرفي، بما في ذلك منع الحكومة المعترف بها دوليًا من تصدير النفط من موانئ البلاد.
ويحذر الخبراء من تفاقم الوضع المعيشي في البلاد، التي تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة عقب الانهيار التاريخي الذي وصل إليه سعر الريال اليمني، والذي لم يشهده من قبل.
وفي أحاديث منفصلة لـ "الفجر" كشف خبراء اقتصاد باليمن، أن تداعيات انهيار أسعار الصرف في اليمن كارثية أكثر من أي مرحلة مضت، فلم يعد بمقدار الاقتصاد المحلي الصمود أمام هذا الانهيار التسارع والذي وصل ذروته فبعد أن تخطى سعر صرف الريال حاجز ٢٠٥٠ أمام الدولار، أصبحت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية غاية في الخطورة.
وأوضحوا أن الأسوا من ذلك إعلان البنك المركزي عن تعثر صرف مرتبات شهر أكتوبر الماضي، ونحن اليوم في نهاية شهر نوفمبر ما يعني أن شهرين على التوالي لم يعد يقدر البنك المركزي دفع المرتبات بعد عجز البنك وتوفير السيولة النقدية الكافية لتغطية قيمة المرتبات.
وأكدوا في حديثه أن الوضع الضبابية الذي تشهده المناطق المحررة يشير إلى فشل وغياب كل وسائل التخفيف من وطئت الكارثة التي كان البنك المركزي يتصرف بها على مدار الأشهر الماضية، ونقصد بذلك الموارد المتاحة من الجمارك والضرائب والمبالغ المتبقية من المنحة السعودية المخصصة لدعم الصفقات التشغيلية للحكومة ودعم المرتبات. اليوم تشير الدلائل إلى نفاذ هذه المنحة حتى إن لم يعلن رسميا.
وتابعوا أن استمرار منع تصدير النفط الخام يزيد من تفاقم الازمة يوم تلو الاخر، حيث قال إنه بالمناسبة كل هذه الافرازات كنا قد أشرنا إليها مطلع العام ٢٠٢٤م. عندما أشرنا في تصريح حينها أن بداية العام لا تبشر بخير وعلى الأطراف الإلتزام بعدد من التدابير، فلم تكن نظرتنا تشاؤمية أو محض صدفة بل كانت نتاج قراءة متأنية للمعطيات على الأرض وللعوامل والبواعث المحركة للصراع في اليمن خاصة وفي المنطقة عامة.
وقالوا إننا لم نلتمس مواقف حقيقية للتعامل مع التهديدات التي شهدتها المنطقة منذ بداية العام ولا تحركات حقيقة من الأطراف الخارجية والجهات الدولية للتعامل مع الازمة والمترتبات عليها وكل ما حذرنا منه تترجمه لغة الأرقام اليوم من انهيار في أسعار الصرف إلى مستويات يسبق أن وصلت، وإلى ارتفاع في مستوى الأسعار وإلى اختفى مقومات الحياة هاهي الحكومة الشرعية بثقلها عاجزة عن دفع المرتبات، وعاجزة عن دفع ثمن شحنة وقود كانت قد تعاقدت مع احد تجاه القطاع الخاص في توريدها لصالح المؤسسة العامة للكهرباء وما أن وصلت الشحنة إلى ميناء الزيت في العاصمة عدن فشلت في دفع جزء من قيمة الشحنة حسب الاتفاق المبرم، لتغرق عدن والمحافظات المجاورة لها بالظلام الدامس على مدى شهر ومازال، والولاء اننا في فصل الشتاء حيث يقل استهلاك الطاقة لكانت الأمور ساءت أكثر مما هي عليه.
وأكد الخبراء لـ "الفجر" أن هناك أسباب عديدة حول تراجع قيمة الريال اليمني وانهيار العملة المحلية في البلاد منها ارتفاع فاتورة الاستيرادو ايقاف تصدير النفط قرابه ثلاث سنوات والغاز 10سنوات وشحه الموارد الان للدولة ونفقات كثيرة على البعثات الدبلوماسية تتجاوز شهريا 110مليون دولار مؤكدين أن سبل معالجة انهيار الريال اليمني يستوجب تفعيل مؤسسات الدولة من بنك مركزي ومصلحه الضرائب، والجمارك والقضاء على الفساد المستشري فيها وتقليص فاتورة الاستيراد واقتصارها على السلع الأساسية وإعادة تصدير النفط والغاز وإعادة النظر في النفقات الغير مبررة في السلك الدبلوماسي وكذلك، سفريات الحكومة والوزراء والوكلاء رؤوساء الجامعات للخارج للضرورة القصوى وجعل موارد الدولة في وعاء واحد وعدم تشتتها بين المحافظات.
أكاديمي بجامعة عدن لـ "الفجر": الحوثي لا يتقيد بالقانون الدولي ويخدم المصالح الإيرانية فقط العميد ثابت صالح لـ "الفجر": التحركات العسكرية الخارجية ضد الحوثي ستقلب الطاولة عليهم باليمن بعد سقوط الأسدالمصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الريال اليمنى اسعار الريال اليمني الريال السعودي مقابل الريال اليمني الشحات غريب الازمة اليمنية البنك المركزي اليمني البنك المركزي الریال الیمنی البنک المرکزی تصدیر النفط
إقرأ أيضاً:
خبراء لـ "الفجر": السودان بين جحيم الحرب وبوادر التحول السياسي
وسط استمرار الحرب الأهلية في السودان للعام الثالث على التوالي، تتكثف المعاناة الإنسانية والاقتصادية في مختلف أنحاء البلاد، فيما تلوح في الأفق ملامح تحول سياسي تقوده حكومة تكنوقراط برئاسة الدكتور كامل إدريس.
ويشهد السودان تداخلًا معقدًا بين تفاقم المأساة اليومية للمدنيين، والجهود الجارية لإحداث اختراق في المشهد السياسي.
مجزرة جديدة في مستشفى المجيدشهدت ولاية غرب كردفان حادثة دموية مأساوية، حيث تعرض مستشفى المجيد لغارة جوية أودت بحياة أكثر من 40 مدنيًا، بينهم أطفال وكوادر طبية. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن هذه الجريمة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي.
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بتنفيذ الهجوم، بينما نفى الجيش مسؤوليته، مؤكدًا التزامه بعدم استهداف المنشآت المدنية. وقد أثارت الحادثة إدانات دولية واسعة، ومطالبات بإجراء تحقيق دولي مستقل ومحاسبة المتورطين.
الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في السودان كارثيوصفت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه من "أسوأ أزمات حقوق الإنسان في العالم المعاصر"، مشيرة إلى تفشي العنف الجنسي، وعمليات القتل الجماعي، والاختطاف، ونهب المساعدات في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
ودعت الأمم المتحدة إلى وقف تسليح الأطراف المتحاربة، وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن الحلول السياسية يجب أن تُسبق بوقف فوري لإطلاق النار.
أزمة نزوح تتفاقمتجاوز عدد النازحين واللاجئين السودانيين حاجز الأربعة ملايين، معظمهم فروا إلى دول الجوار، وخاصة تشاد، التي تشهد بدورها أزمة لوجستية وإنسانية حادة. وتشير تقارير منظمات الإغاثة إلى أن نسبة تمويل الاستجابة الإنسانية لا تتجاوز 14% من المطلوب، مما يهدد بانهيار شامل في البنية المجتمعية.
الذهب يغذي الحرب ويطيل أمد الصراعأكدت تقارير اقتصادية موثوقة أن أطراف النزاع، ولا سيما القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، تستغل تجارة الذهب كمصدر رئيسي لتمويل أنشطتها العسكرية. ويتم تهريب الذهب السوداني إلى الخارج، خصوصًا إلى روسيا والإمارات، في ظل غياب الرقابة وفعالية العقوبات الدولية.
الإمارات تمد يد العون للاجئين السودانيينأعلنت السلطات الإماراتية تمديد إقامات السودانيين المقيمين على أراضيها، بمن فيهم من انتهت صلاحية جوازات سفرهم، في خطوة وصفت بأنها إنسانية وتضامنية مع الشعب السوداني. وتُعد هذه المبادرة جزءًا من جهود إقليمية واسعة النطاق للتخفيف من معاناة اللاجئين.
حكومة تكنوقراط بقيادة إدريس: بداية المسار السياسي الجديدفي 31 مايو 2025، أدى الدكتور كامل إدريس اليمين الدستورية كرئيس لحكومة انتقالية من التكنوقراط تضم 22 وزيرًا. ومنذ تسلمه المنصب، شرعت الحكومة في إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي، وفتحت قنوات للحوار الوطني، مع التزام بالإصلاحات الاقتصادية والعدالة الانتقالية.
وتعهدت الحكومة بتحسين الخدمات الأساسية، وإعادة بناء المؤسسات العامة، وسط ترقب شعبي واسع لإجراءات فورية توقف النزيف الوطني.
خطاب إدريس إيجابي ويدعو للتفاؤلقال الدكتور صديق تاور، الخبير السياسي والقيادي السوداني، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إن خطاب رئيس الوزراء الأخير حمل نبرة تصالحية وواقعية، وأشار إلى وجود رغبة حقيقية في تجاوز الانقسامات.
وأضاف تاور لـ "الفجر"، يجب البناء على ما ورد في الخطاب من خلال تسريع تنفيذ خطوات السلام، وتوسيع المشاركة الوطنية لتشمل القوى المدنية والمجتمعات الهشة في جميع الأقاليم".
كما شدد على أن تنفيذ اتفاق جوبا يعد ضرورة ملحة، لكنه بحاجة إلى دفع سياسي حقيقي لتفعيل مساراته الأمنية والتنموية في الشرق والجنوب ومناطق النزاع الأخرى.
وحذر تاور من أن استمرار التدهور الأمني في مناطق مثل جنوب كردفان والنيل الأزرق قد يقوض أية محاولة للسلام، داعيًا إلى خطة شاملة تعالج الأوضاع الأمنية والاقتصادية معًا.
إعادة الإعمار أولوية.. ومصر شريك أساسيمن جانبه، أكد المحلل السياسي السوداني حسام الدين أبو العزائم لـ "الفجر"، أن حكومة إدريس تشكل فرصة نادرة لإعادة صياغة المشهد السياسي السوداني، مشيرًا إلى أن السودان بحاجة إلى وزراء يمتلكون حلولًا غير تقليدية، قادرة على تجاوز آثار الحرب التي خلفتها "ميليشيات آل دقلو".
وأضاف لـ "الفجر" أن مصر مؤهلة لتكون الشريك الاستراتيجي الأهم في عملية إعادة الإعمار، لما تمتلكه من خبرات فنية واسعة وتاريخ من التعاون المثمر مع السودان في مجالات البنية التحتية والزراعة.
وأشار أبو العزائم إلى أن إدريس، بخلفيته الدولية ومكانته الدبلوماسية، قادر على فتح قنوات تعاون مع المجتمع الدولي، واستعادة ثقة المؤسسات العالمية في السودان.
المجتمع المدني: دعم التعليم أولوية وسط الحربوفي بيان تلقته "الفجر"، رحبت المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات بإشارات صدرت عن قائد قوات الدعم السريع بإعادة النظر في الخطاب العدائي تجاه مصر، واعتبرتها تطورًا إيجابيًا يجب دعمه.
وقال رئيس المجموعة، الصادق علي، إن آلاف السودانيين وجدوا في مصر الملاذ الآمن، داعيًا إلى ضرورة الحفاظ على العلاقات التاريخية بين الشعبين.
كما رحّب بالنداء الموجه إلى السلطات التشادية للسماح للطلاب السودانيين بأداء امتحانات الشهادة السودانية، مشددًا على أن قوات الدعم السريع نفسها كانت قد منعت طلابًا من التنقل العام الماضي، ما يحتم ترجمة التصريحات الحالية إلى أفعال ملموسة.
واختتم البيان بدعوة لتحييد ملف التعليم عن الصراع العسكري والسياسي، وضمان حق الطلاب في التعليم الآمن، في ظل الظروف القاسية التي يعيشها آلاف التلاميذ في مناطق النزاع والنزوح.
خلاصة المشهدالسودان يقف اليوم على مفترق طرق حاسم. فبينما تعمّ الفوضى الأمنية والكارثة الإنسانية، تلوح مبادرات سياسية قد تمهّد لإنهاء الحرب، بشرط توافر الإرادة السياسية، والتزام الأطراف المسلحة بوقف القتال، وتحرك دولي فاعل لدعم عملية الانتقال وإعادة الإعمار.
وحكومة الدكتور كامل إدريس، بما تحمله من مقومات تكنوقراطية واستقلالية، قد تكون المنصة المناسبة للانطلاق نحو سودان جديد، متى ما توفرت لها الأدوات الأمنية والدبلوماسية والدعم الشعبي المطلوب.