جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@09:28:17 GMT

السائل والمُتعفف.. بين الكريم والبخيل

تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT

السائل والمُتعفف.. بين الكريم والبخيل

 

ماجد المرهون

majidomarmajid@outlook.com

كُل إنسان يبحثُ عن السعادةِ بلا استثناء وفي كل مراحل عمره، فيغتنم لشخصه في المقام الأول قبل غيره اللذائِّذ والمباهِج في إطار حقه المشروع ليُسعد بها نفسه بصرف النظر عن مستواه المعيشي، فمنها ما هو دنيوي مادي كالطعام والشراب والشراء والاحتفال والسفر وغيرها من المباحات، ومنها ما هو أُخروي معنوي كالعبادة والصدقة والعطاء لما تعود به من مسرةٍ على النفس، وقد يجمع المرء بين الحُسنيين وتلك حوزة سامية لا تتأتى إلا لقلَّةٍ منزورةٍ اختبرت المفهوم الحقيقي للتعامل مع شؤون الدنيا والدين، وبلغ بها فهم السعادة في عيون الآخرين مبلغ السعي الدائم إليه، وهو ما بدأنا نلحظ تقهقُرهِ مؤخرًا عند النسبة الغالبة من الناس بما في ذلك الأغنياء لتسلُّط الثقافة المادية.

يُركز بعض الناس اهتمامهم على شؤونٍ صغيرة يبدو أنها لا تليق بالمنظر العام وربما توحي لهم أو للناظر لها بشيءٍ من التعاسة كالسائِل المُعدم والبائع المُتعفف على جنبات الطريق وقارعتهِ، وقد يستعظمونها أحيانًا لاختلاط مفاهيم القوانين التنظيمية عليهم مع الشرع ومبادئ الحلال والحرام علمًا بأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة ما لم يرد نص تحريم أو نهي أو إجماع كراهة، وعليه فلابد من فهم الفرق بين السائل الذي لم نُؤمر بإعطائهِ كرهًا حين أمِرنا بعدم نهرهِ تعاطفًا "وأما السائل فلا تنهر" وبين البائع البسيط المُتعفف الذي عزت عليه كرامته مد يده لتبقى عليا، وهما يرسلان لنا الإشارات الربانية في لُغتهما الصامتة بوجوب فهم ما خفي وراء معنى "وأما بنعمةِ ربكَ فحدِّث".

يتفق الجميع بأن البخل من أكثر الصفات الإنسانية قُبحًا وأكثر الخصالِ ذمامةً، إذ يتَّسم البخيل بكراهية الناس له وصولًا إلى حد انعدام الأصدقاء ونفور الجميع من حوله وختامًا إلى وحدة وعزلةٍ شبهِ تامةِ، على عكس الموسر المُنفق الذي يجد سعادتهُ في إسعاد غيره لا سيَّما المُحتاجين لعطائه، فتزداد غِبطتُه كلما ازداد كرمًا وبذلًا في علاقةٍ طرديةٍ بين الإنفاق والسعادة؛ حيث اكتشفت روحه مكامن البِّر لما يعود به عليها من لذةٍ وبهجة، وهو دون أدنى شكٍ مُحبٍ لغيره وربما أكثر من حبهِ لنفسه، بيد أننا لن نجد المُدعين والمتصنعين للكرم من المُحسنين على المُتملقين والكادحين من أبناء قومهم ومُجتمعهم إلا ما حدثت أفواههم وفاخرت به ألسنتهم، لأنهم أقرب للبخل والشح منهم للكرم والسخاء وسوف يسوقون من الحُجج والمُبررات والذرائع ما يصطنعون منها لأنفسهم حائلًا قانونيًا يحول دونهم ودون الإنفاق وهم بذلك فرحون، بل سيُنظِّرون ويحدثون حيثما تسنَّى لهم بسلبيات تلك الفئة المُعسرة المُبلسة.

في الواقع نحنُ من يتحكم بالعطاء أو المنع والأمر كله يعود لنا فإن أعطينا المتسول باستمرار قد يُستنسخ وتزداد أعدادهم والعكس صحيح وإن رددناه فبرحمةٍ ولينٍ، ولكن سيبقى هناك سائلون وهم موجودون في كل المُجتمعات حتى الفقيرة المُدقعةِ منها، ومن البديهي هنا أن تتدخل الكثير من المفاهيم والقِيم الأخلاقية والإنسانية، فنحن مأمورون بموجب ديننا بتحري الصدقةِ واين يضع المرء ماله وما ينفق، ولعل "الأقربون أولى بالمعروف" ولكن الحذر كل الحذر من زلَّات الجِنان وحصائد اللسان واعتبار كل متسولٍ نصاب أو كذاب حتى لا يقع أحدنا في المحظور ثم يُحاسب بجريرة أقوالهِ قبل أفعاله.

كما لا يمكن اعتبار البائع البسيط متسولًا عندما يفترشُ لنفسهِ مُقتعدًا عفيفًا، وتلك المرأة الضعيفة بائعةُ الماء وذلك الطفل السارح على قدميه ببضاعته المُزجاة وملامح الكهولة باديةٍ على مُحياه، والذين ابوا مد ايديهم للناسِ إلحافًا اعطوهم ام منعوهم، بل هم يبيعون فهل نُخطئهم ونَصِمهم بتشويه المنظر العام أو ندرجهم ضمن قائِمة المتسولين وهم ليسوا كذلك لمجرد عدم تحصلهم على تراخيص مسجلة تجاريًا لما يقومون به؟! "ما لكُم كيف تحكمون" حين يختلط الأمر على البعض في عدم التفريق بين المتسول والبائع وهم لم يقعوا في الحرام فعلًا ولم يستكرهوا احدًا، ومحاولة ازدرائهم بمسمياتٍ قانونية لإيقاع العامة في وهم الإقناع لمجرد شكوكٍ غلبت على التراحم بتعميم جريمة النصب على كل متسولٍ دون استثناء، او عدم تحصل ذلك البائع على ترخيصٍ لمزاولة العمل فهو مُخالف وجبت مُقاطعته في حين أحل الله البيع، وعليه فإن من واجبنا الأخلاقي سؤال أنفسنا عمن اوصلهم لهذا الحال وهل هم سعداء بذلك وما يقومون به، أم أُجبروا عليه في عرصاتِ الفاقةِ والحاجة؟!

جاءت القوانين المدنية والتجارية للتنظيم وهذا أمر حسنٌ جدًا لا يُنكره عاقل ولم تُأصل لنشر الحزن والتعاسة، ولكن مع الإشارةِ إلى عدم أغفال سماحة مبادئ الشريعة التي تنظر إلى الإنسانية من اوسع ابوابها وقبل القوانين الوضعية التي يَتنكر بحجَّتها الموسر المُمتنع عن الإنفاق على المعسرين والمُترفع عن المساكين.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فانس عن مونديال 2026: نرحب بعشاق كرة القدم ولكن عليهم المغادرة فور انتهاء البطولة

ومضى فانس في حديثه فقال: "أعلم أنه سيكون لدينا زوّار ربما من حوالي 100 دولة، نريدهم أن يأتوا، أن يحتفلوا، أن يشاهدوا المباراة.. ولكن، عندما يحين الوقت، سيكون عليهم العودة إلى ديارهم" اعلان

نظّم البيت الأبيض فعالية للترويج لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2026 (المونديال)، التي تستضيفها الولايات المتحدة بالشراكة مع كندا والمكسيك، من يونيو إلى يوليو 2026، وذلك بحضور الرئيس دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس، وعدد من المسؤولين الأمريكيين، إلى جانب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو.

ورحّب ترامب بعشاق كرة القدم الراغبين في حضور الفعالية الرياضية الأضخم، والذين قد تتجاوز أعدادهم مليوني شخص.

ووعد الزعيم الجمهوري الوافدين إلى الولايات المتحدة بأنهم سيحظون بتجربة "سلسة"، فيما أشار نائبه إلى أن الجميع "مرحّب به".

Relatedالعفو الدولية تدعو الفيفا لنشر مراجعته بشأن تعويضات العمال المتضررين من تنظيم مونديال قطرفوز السعودية باستضافة مونديال 2034: هزيمة قاسية لحقوق العمال المهاجرينبعد مسيرة استثنائية.. ديشان يعلن مغادرته منتخب فرنسا بعد مونديال 2026

ومضى فانس في حديثه قائلًا: "أعلم أنه سيكون لدينا زوّار ربما من نحو 100 دولة. نريدهم أن يأتوا، نريدهم أن يحتفلوا، نريدهم أن يشاهدوا المباريات."

وأتبع كلماته بتحذير: "ولكن، عندما يحين الوقت، سيتعين عليهم العودة إلى ديارهم. وإلا عليهم أن يتحدثوا إلى الوزيرة نويم"، في إشارة إلى وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، التي تقود سياسات الهجرة الصارمة لإدارة الرئيس.

كما أكّد وزير النقل شون دافي حديث فانس قائلًا: "إذهبوا في رحلة برية، وتجوّلوا في أمريكا، ولا تتجاوزوا مدة تأشيرتكم."

ويتوقع أن يدرّ كأس العالم 2026، مع بطولة كأس العالم للأندية 2025 على الولايات المتحدة بمكاسب مالية قد تصل إلى 47 مليار دولار.

وفي وقت سابق، أوعز الاتحاد الدولي لكرة القدم، بالتعاون مع منظمة التجارة العالمية إلى شركة "أوبن إيكونوميكس" في إعداد دراسة لفهم التأثيرات المحتملة للفعالية على الاقتصاد الأمريكي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • باحث: الهدنة الروسية الأوكرانية تشهد هدوءًا محدودًا ولكن لا تُحَل المشكلة
  • فانس عن مونديال 2026: نرحب بعشاق كرة القدم ولكن عليهم المغادرة فور انتهاء البطولة
  • محافظ القليوبية يشهد توقيع بروتوكول تعاون لإقامة معرض لمؤسسة دار المعارف ببنها
  • العالم الإسلامي: إعلان الاحتلال السيطرة على غزة ينتهك القوانين الدولية
  • مكة المكرمة.. جراحة عاجلة تنهي معاناة مقيمة من تسرب السائل النخاعي
  • وزير العدل: الكويت تشهد مراجعة تشريعية شاملة لجميع القوانين البالغ عددها 983 قانوناً يتوقع إعادة النظر في 10% منها
  • تدخل جراحي دقيق ينهي معاناة مقيمة من تسرب السائل النخاعي
  • أحمد كريمة: لا يفتخر العلماء بكثرة العقاقير ولكن بجودة التدابير
  • كيف يمكن زيادة الوزن بسرعة ولكن بشكل صحي؟
  • مستشفى النور.. جراحة دقيقة تنقذ أردنية من تسرب السائل النخاعي