2 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: محمد صالح صدقيان

ما يزال العالم بأسره تحت تأثير بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما سيكون لها من نتائج وتداعيات على عديد الملفات الإقليمية والدولية، ولا سيما منها ملف العلاقة الإيرانية الأمريكية ومن خلالها مستقبل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

ثمة قناعة رائجة مفادها أن توصل الدول الغربية إلى اتفاق مع إيران بشأن ملفاتها المتعددة والشائكة “هو أمرٌ من شأنه أن يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة”.

لا يعني ذلك وضع إيران في مصاف الدول الكبرى، لكن في الوقت نفسه لا يجوز الاستخفاف بقدرات إيران الجيوسياسية. ربما تكون أوراقها قد ضعفت علی خلفية التطورات الأخيرة في كل من لبنان وفلسطين وسوريا؛ لكن هذا لا يعني أن معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة يُمكن أن تستقيم أو تستقر من دون إيران.. والراسخ أن دول المنطقة تُحتم عليها قواعد الجغرافية والتاريخ أن تتعايش في ما بينها مهما اخلتفت الآراء والنظرات والتصورات.

ولو قاربنا “الاتفاق النووي” الذي أبرمته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في العام 2015، لأمكن القول إنه قلّل منسوب المخاطر والتهديدات التي كانت تستشعرها طهران وفي الوقت نفسه، عزّز منسوب الثقة بين الجانبين الإيراني والأمريكي، ولذلك كنا ننظر إلى ملامح ضوء يرتسم في آخر النفق، إلا أن الرئيس ترامب، وما أن فاز بولايته الأولى حتى اعتبر “الاتفاق النووي” الذي وقعت بلاده عليه مع إيران “اتفاقاً سيئاً”. عليه؛ قرّر الانسحاب من هذا الاتفاق في العام 2018، مُخلفاً وراء خطوته الكثير من الخسائر علی حساب الأرباح التي ربما كانت لتتحقق.

ولو وضعنا ما جرى قبل سبع سنوات في ميزان الربح والخسارة، يُمكن الاستنتاج أن خطوة ترامب لم تُحقّق لإسرائيل الربح المنشود. وإذا كان ترامب – وهذا ما تقوله مصادر أمريكية – يختلف في عهده الجديد عن عهده القديم لأن الأحداث بيّنت له أنّ أمامه فرصة لإعادة النظر في حساب الربح والخسارة في التعاطي مع الملف الإيراني الشائك والمعقد والمتعب.

ويبدو لي أن ترامب يستطيع ذلك من خلال “الصفقة الكبری” التي يتحدث عنها عديد المراقبين والمهتمين بالسياسات التي يتخذها لحل أزمات دولية عديدة ولعل أبرزها أزمة الشرق الأوسط.

ويقول الإيرانيون إنّهم مستعدون للدخول بهكذا صفقة علی أن تكون “مجدية وجادة وتقوم علی أساس الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعلی قاعدة رابح/ رابح”. واستناداً إلی ذلك، استحدثت الرئاسة الإيرانية منصباً جديداً على قياس مهندس “الإتفاق النووي” محمد جواد ظريف، هو “المعاون الإستراتيجي للرئاسة”، يُساعده في ذلك وزير الخارجية عباس عراقجي، كبير المفاوضين في اتفاق عام 2015.

ويقول الإيرانيون أيضاً إن ظريف، وبالرغم من المعارضة القاسية التي يواجهها من قبل الأوساط الإيرانية المتشددة، إلا أنّه يحظی بتغطية كبيرة من القيادة الإيرانية؛ وهو يتحرك تحت سقف أوجده مكتب المرشد الإيراني الأعلی السيد علي خامنئي من خلال العلاقة الجيدة التي تربط ظريف بنجل المرشد السيد مجتبی خامنئي الذي أوقف دورسه الحوزوية في مدينة قم منذ الموسم الدراسي الماضي ليتفرغ لأعمال مُحدّدة في طهران لم يتم الإفصاح عنها لكنها بالتأكيد لن تكون بعيدة عن التطورات الداخلية الإيرانية.

الأمر الآخر الذي تتناقله طهران هو “خلية العمل” التي شكّلها ظريف لدراسة وادارة المفاوضات وكواليسها، وهي تضم شخصيات مهمة قريبة من مكتب المرشد الأعلی أمثال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد للشؤون الخارجية؛ وكمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية؛ إضافة إلی عدد آخر من الشخصيات الإيرانية، السياسية والدبلوماسية والأكاديمية.

وهناك نقطة أخری تتحدث عنها بعض الأوساط الإيرانية بضرس قاطع لجهة الجزم ببدء مسار المفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لكن مصادر الخارجية الإيرانية تنفي ذلك وتنفي أن يكون محمد جواد ظريف قد التقی مسؤولين أمريكيين علی هامش مشاركته في أعمال “منتدی دافوس” نهاية الشهر الماضي علی خلاف ما تؤكده المعارضة للحكومة الإيرانية.

في المقابل، تتحدث المعلومات الأمريكية عن تكليف الرئيس ترامب مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بملف إيران، فيما نشرت مصادر صحفية أمريكية معلومات عن نية ترامب تعيين مستشار البيت الأبيض للأمن القومي بالوكالة سابقاً ريتشارد غرينيل مبعوثاً خاصاً لإيران. ولمح مساعدو ترامب مؤخراً إلی ابقاء الطريق مفتوحة لتجنب المواجهة مع إيران. وقال بعضهم لدبلوماسيين أجانب إنهم يتوقعون أن يقود ويتكوف الجهود لمعرفة ما إذا كان من الممكن التوصل إلی تسوية دبلوماسية مع إيران. وحتى الآن، ما زال تصور السلوك الأمريكي المرتقب حيال إيران في المرحلة المقبلة يكتنفه الكثير من الغموض، ولو أن بعض التعيينات تُعطي جانباً من الصورة أمثال مايكل ديمينو الذي تم تعيينه مسؤولاً جديداً لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع (البنتاغون) وسارع للدعوة إلی ضبط النفس في التعامل مع إيران. وبطبيعة الحال فإن مواقف ديمينو وغيره من الدبلوماسيين لا تتسق تماماً مع مواقف مستشار الأمن القومي مايك والتز وكذلك وزير الخارجية ماركو روبيو الذي أعلن أنه يؤيد “أي ترتيب يسمح لنا بالتمتع بالسلام والاستقرار في المنطقة”.

في مثل هذه الأجواء، لا يبدو أن هناك سجّادة حمراء مفروشة أمام مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، لكن ثمة رهان على مقاربات جديدة تصب في خانة ما تسمى “الصفقة الكبری” التي ينتظرها الإيرانيون والأمريكيون والتي من خلالها يُمكن وضع الشرق الأوسط علی سكة جديدة من الأمن والاستقرار بشرط أن تتوافر إرادة لدى الجانبين بتعزيز الثقة المطلوبة والمتبادلة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الأمن والاستقرار والاستقرار فی الشرق الأوسط مع إیران

إقرأ أيضاً:

عاجل. ترامب: لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة ولا أعلم ما الذي قد يحدث هناك

ترامب: لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة ولا أعلم ما الذي قد يحدث هناك اعلان

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة قدمت مساعدات بقيمة 60 مليون دولار إلى قطاع غزة قبل أسبوعين لإدخال الأغذية، مشيرًا إلى أن "أحدًا لم يوجه الشكر لنا على ذلك".

وفي تصريحات أدلى بها مساء أمس، شدد ترامب على ضرورة أن تعيد حركة حماس الرهائن والمحتجزين، مؤكدًا أن "معظمهم قد تم استعادته بالفعل"، على حد تعبيره.

وفي ما يخص الوضع في غزة، أوضح ترامب: "لا أعلم ما الذي قد يحدث هناك"، مضيفًا: "على إسرائيل أن تتخذ قرارها بشأن ما ستفعله".

ورغم ذلك، أعلن ترامب أن بلاده ستقدم مزيدًا من المساعدات للقطاع، لكنه دعا في الوقت نفسه بقية الدول إلى المشاركة في هذا الجهد الإنساني.

وعند سؤاله عن الحديث المتكرر حول وجود مجاعة في غزة، قال ترمب: "لا أعتقد أن هناك مجاعة فعلية، ربما يتعلق الأمر بسوء تغذية، لأن حماس تقوم بسرقة المساعدات"، على حد وصفه.

الصحفيون يعملون على تحرير هذه القصة، سيتم التحديث بأسرع وقت بالمزيد من المعلومات فور ورودها

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة أخبار اعلان اعلان اخترنا لك وسط تحذيرات من خطر مرتفع.. اليونان تستعين بحلفائها الأوروبيين لمواجهة حرائق الغابات كمين جديد لحماس في خان يونس.. مقتل 3 جنود في صفوف الجيش الإسرائيلي "الكلمات لن تكون كافية"... باراك ينبه لبنان وحزب الله من استمرار الجمود في ملف السلاح "جريمة وحشية".. المجلس الوطني لـ"المقاومة الإيرانية" يندد بإعدام شخصين من مجاهدي خلق السويداء تعود للهدوء بعد اشتباكات دامية خلفت مئات القتلى و130 ألف نازح اعلان اعلان الاكثر قراءة 1 بدء دخول قوافل مساعدات مصرية إلى غزة والجيش الإسرائيلي يعلن تعليقًا تكتيكيًا يوميًا لعملياته 2 نتانياهو: لا مزيد من الأعذار للمنظمات الدولية بعد إعلان الجيش فتح ممرات إنسانية 3 الكرملين يعلن إلغاء عرض كبير للبحرية الروسية "لأسباب أمنية" 4 خلال جولته في إسكتلندا.. ترامب في ملعب الغولف والمتظاهرون في الشارع 5 لحظات موثقة على البث المباشر.. الجيش الإسرائيلي يقتحم سفينة حنظلة ويحتجز طاقمها اعلان اعلان

Loader Search

ابحث مفاتيح اليوم

إسرائيل غزة حركة حماس دونالد ترامب المساعدات الإنسانية ـ إغاثة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوريا مجاعة برنامج الأغذية العالمي اسكتلندا إيران روسيا الموضوعات أوروبا العالم الأعمال Green Next الصحة السفر الثقافة فيديو برامج خدمات مباشر نشرة الأخبار الطقس آخر الأخبار تابعونا تطبيقات تطبيقات التواصل الأدوات والخدمات Africanews عرض المزيد حول يورونيوز الخدمات التجارية الشروط والأحكام سياسة الكوكيز سياسة الخصوصية اتصل العمل في يورونيوز صحفيونا لولوجية الويب: غير متوافق تعديل خيارات ملفات الارتباط تابعونا النشرة الإخبارية حقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • بعد حرب الـ12 يوما مع إيران.. بماذا أوصت مراكز الأبحاث الإسرائيلية نتنياهو؟
  • ترامب يفرض شروطه على أوروبا.. اتفاق تجاري يكرّس الخلل في ميزان القوة
  • واشنطن تدعو إلى تعديل عقوبات مجلس الأمن المفروضة ضد سوريا
  • ترامب يهدد بقصف المنشآت النووية الإيرانية إن أعادت طهران تشغيلها
  • إيران تعلن اعتقال مئات الجواسيس وإحباط مخططات لاغتيال 23 مسؤولا
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الخارجية الإيرانية: لم ولن نعترف بالاحتلال الإسرائيلي وسياستنا تجاهه لن تتغير
  • ترامب بين الصفقة والمحرقة
  • عاجل. ترامب: لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة ولا أعلم ما الذي قد يحدث هناك