“الصفقة الكبرى” بين واشنطن وطهران.. والسجادة الحمراء المفقودة!
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
2 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: محمد صالح صدقيان
ما يزال العالم بأسره تحت تأثير بدء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما سيكون لها من نتائج وتداعيات على عديد الملفات الإقليمية والدولية، ولا سيما منها ملف العلاقة الإيرانية الأمريكية ومن خلالها مستقبل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
ثمة قناعة رائجة مفادها أن توصل الدول الغربية إلى اتفاق مع إيران بشأن ملفاتها المتعددة والشائكة “هو أمرٌ من شأنه أن يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة”.
ولو قاربنا “الاتفاق النووي” الذي أبرمته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في العام 2015، لأمكن القول إنه قلّل منسوب المخاطر والتهديدات التي كانت تستشعرها طهران وفي الوقت نفسه، عزّز منسوب الثقة بين الجانبين الإيراني والأمريكي، ولذلك كنا ننظر إلى ملامح ضوء يرتسم في آخر النفق، إلا أن الرئيس ترامب، وما أن فاز بولايته الأولى حتى اعتبر “الاتفاق النووي” الذي وقعت بلاده عليه مع إيران “اتفاقاً سيئاً”. عليه؛ قرّر الانسحاب من هذا الاتفاق في العام 2018، مُخلفاً وراء خطوته الكثير من الخسائر علی حساب الأرباح التي ربما كانت لتتحقق.
ولو وضعنا ما جرى قبل سبع سنوات في ميزان الربح والخسارة، يُمكن الاستنتاج أن خطوة ترامب لم تُحقّق لإسرائيل الربح المنشود. وإذا كان ترامب – وهذا ما تقوله مصادر أمريكية – يختلف في عهده الجديد عن عهده القديم لأن الأحداث بيّنت له أنّ أمامه فرصة لإعادة النظر في حساب الربح والخسارة في التعاطي مع الملف الإيراني الشائك والمعقد والمتعب.
ويبدو لي أن ترامب يستطيع ذلك من خلال “الصفقة الكبری” التي يتحدث عنها عديد المراقبين والمهتمين بالسياسات التي يتخذها لحل أزمات دولية عديدة ولعل أبرزها أزمة الشرق الأوسط.
ويقول الإيرانيون إنّهم مستعدون للدخول بهكذا صفقة علی أن تكون “مجدية وجادة وتقوم علی أساس الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعلی قاعدة رابح/ رابح”. واستناداً إلی ذلك، استحدثت الرئاسة الإيرانية منصباً جديداً على قياس مهندس “الإتفاق النووي” محمد جواد ظريف، هو “المعاون الإستراتيجي للرئاسة”، يُساعده في ذلك وزير الخارجية عباس عراقجي، كبير المفاوضين في اتفاق عام 2015.
ويقول الإيرانيون أيضاً إن ظريف، وبالرغم من المعارضة القاسية التي يواجهها من قبل الأوساط الإيرانية المتشددة، إلا أنّه يحظی بتغطية كبيرة من القيادة الإيرانية؛ وهو يتحرك تحت سقف أوجده مكتب المرشد الإيراني الأعلی السيد علي خامنئي من خلال العلاقة الجيدة التي تربط ظريف بنجل المرشد السيد مجتبی خامنئي الذي أوقف دورسه الحوزوية في مدينة قم منذ الموسم الدراسي الماضي ليتفرغ لأعمال مُحدّدة في طهران لم يتم الإفصاح عنها لكنها بالتأكيد لن تكون بعيدة عن التطورات الداخلية الإيرانية.
الأمر الآخر الذي تتناقله طهران هو “خلية العمل” التي شكّلها ظريف لدراسة وادارة المفاوضات وكواليسها، وهي تضم شخصيات مهمة قريبة من مكتب المرشد الأعلی أمثال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد للشؤون الخارجية؛ وكمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية؛ إضافة إلی عدد آخر من الشخصيات الإيرانية، السياسية والدبلوماسية والأكاديمية.
وهناك نقطة أخری تتحدث عنها بعض الأوساط الإيرانية بضرس قاطع لجهة الجزم ببدء مسار المفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لكن مصادر الخارجية الإيرانية تنفي ذلك وتنفي أن يكون محمد جواد ظريف قد التقی مسؤولين أمريكيين علی هامش مشاركته في أعمال “منتدی دافوس” نهاية الشهر الماضي علی خلاف ما تؤكده المعارضة للحكومة الإيرانية.
في المقابل، تتحدث المعلومات الأمريكية عن تكليف الرئيس ترامب مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بملف إيران، فيما نشرت مصادر صحفية أمريكية معلومات عن نية ترامب تعيين مستشار البيت الأبيض للأمن القومي بالوكالة سابقاً ريتشارد غرينيل مبعوثاً خاصاً لإيران. ولمح مساعدو ترامب مؤخراً إلی ابقاء الطريق مفتوحة لتجنب المواجهة مع إيران. وقال بعضهم لدبلوماسيين أجانب إنهم يتوقعون أن يقود ويتكوف الجهود لمعرفة ما إذا كان من الممكن التوصل إلی تسوية دبلوماسية مع إيران. وحتى الآن، ما زال تصور السلوك الأمريكي المرتقب حيال إيران في المرحلة المقبلة يكتنفه الكثير من الغموض، ولو أن بعض التعيينات تُعطي جانباً من الصورة أمثال مايكل ديمينو الذي تم تعيينه مسؤولاً جديداً لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع (البنتاغون) وسارع للدعوة إلی ضبط النفس في التعامل مع إيران. وبطبيعة الحال فإن مواقف ديمينو وغيره من الدبلوماسيين لا تتسق تماماً مع مواقف مستشار الأمن القومي مايك والتز وكذلك وزير الخارجية ماركو روبيو الذي أعلن أنه يؤيد “أي ترتيب يسمح لنا بالتمتع بالسلام والاستقرار في المنطقة”.
في مثل هذه الأجواء، لا يبدو أن هناك سجّادة حمراء مفروشة أمام مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن، لكن ثمة رهان على مقاربات جديدة تصب في خانة ما تسمى “الصفقة الكبری” التي ينتظرها الإيرانيون والأمريكيون والتي من خلالها يُمكن وضع الشرق الأوسط علی سكة جديدة من الأمن والاستقرار بشرط أن تتوافر إرادة لدى الجانبين بتعزيز الثقة المطلوبة والمتبادلة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الأمن والاستقرار والاستقرار فی الشرق الأوسط مع إیران
إقرأ أيضاً:
هجمات جوية متبادلة بين موسكو وكييف.. وتحرّك دبلوماسي تقوده واشنطن وطهران
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء، أن قوات الدفاع الجوي أسقطت 102 طائرة مسيّرة أوكرانية خلال الليلة الماضية، في واحدة من أكبر الهجمات الجوية التي تستهدف العمق الروسي منذ بدء الحرب.
ووفق البيان، توزعت المسيّرات بين مقاطعات بيلغورود (20)، بريانسك (46)، كورسك (2)، فورونيج (9)، القرم (9)، كالوغا (4)، تتارستان (4)، موسكو (3)، لينينغراد (2)، أوريول (2)، وسمولينسك (1).
وتواصل القوات الأوكرانية استهداف مناطق جنوب غربي روسيا باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ، بينما شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة توسيع نطاق العملية العسكرية لإبعاد القوات الأوكرانية عن المناطق الروسية، بما في ذلك الأقاليم الجديدة، عن مدى الأسلحة الغربية.
في المقابل، شنت القوات الروسية سلسلة من الهجمات الجوية المكثفة على مدن أوكرانية، من بينها العاصمة كييف وأوديسا، تسببت في أضرار بالغة.
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أربعة أحياء في المدينة تعرضت للقصف، ما أدى إلى اندلاع حرائق كبيرة في مستودعات ومبانٍ سكنية.
وأفادت مصادر محلية بأن الضربة الجوية على كييف كانت من بين الأعنف منذ بدء الحرب، فيما أشار شهود من “رويترز” إلى سماع سلسلة انفجارات قوية هزّت المدينة منذ منتصف الليل.
وفي أوديسا، أكد حاكم المنطقة أوليه كيبر أن هجومًا جويًا “هائلًا” استهدف مستشفى طبياً للطوارئ وقسماً للولادة، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين على الأقل، كما استهدفت الضربات الروسية مصنع “آرتيوم” في وسط كييف ومرفأ أوديسا على البحر الأسود.
بموازاة ذلك، أعلن السفير الإسرائيلي في كييف ميخائيل برودسكي أن بلاده زوّدت أوكرانيا رسميًا بمنظومات دفاع جوي من طراز “باتريوت”، كانت قد حصلت عليها سابقًا من الولايات المتحدة.
وأوضح أن المنظومات باتت في الخدمة لدى القوات الأوكرانية، مشيرًا إلى أن “إسرائيل قدّمت الدعم العسكري رغم التكتم الإعلامي”.
من جهتها، اعتبرت موسكو أن تزويد أوكرانيا بالأسلحة من قبل الغرب، بما فيها منظومات “باتريوت”، يعقّد تسوية النزاع ويُعدّ انخراطًا مباشرًا من قبل دول الناتو، وأكد الكرملين أن شحنات السلاح ستكون أهدافًا مشروعة للقوات الروسية.
وفي سياق سياسي موازٍ، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إيران تشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة، ضمن مساعٍ للإفراج عن الرهائن.
وقال ترامب من البيت الأبيض: “هناك مفاوضات مكثفة تُجرى حالياً بيننا وبين حماس وإسرائيل، وتشارك فيها إيران أيضاً”، دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول الدور الإيراني.
هذا وتقود الولايات المتحدة مبادرة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، تتضمن إطلاق سراح 28 رهينة إسرائيلياً مقابل الإفراج عن 1236 أسيرًا فلسطينيًا ورفات 180 آخرين، كما تتواصل المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران بالتوازي مع جهود التهدئة في غزة، وسط وساطة فاعلة من مصر وقطر، ومشاركة محدودة للمخابرات التركية.