فى حدود المواقف والسياسات التى صدرت عن الرئيس الأمريكى ترامب حتى الآن بعد نحو أسبوعين له فى السلطة، أعتقد أن العالم كله، وليس منطقتنا العربية فقط، يجب أن تعد العدة لأن تعيش أربع سنوات عجافًا، إذا كان مقدرًا لترامب أن يبقى فى كرسى الحكم. فضلاً عن ذلك، فمن الواضح أن تجربته ستخضع لدراسة طويلة، وربما بدأ ذلك فى السياق الأمريكى، ومن بين ما سيكون موضعًا للتناول سلوكه خلال فترة رئاسته الأولى، وذلك الذى يتبناه خلال الفترة الثانية.
فى تقديرى أن الرئيس ترامب بما يقدم عليه من سياسات، سيكرس نتيجتين أساسيتين ربما لم تشهدهما الولايات المتحدة من قبل، كلتا النتيجتين مرتبطتان ببعضهما البعض، الأولى هى أن رئاسته الفريدة من نوعها فى غياب فرضية دولة المؤسسات، الثانية أنه للمرة الأولى يتم تسيير الأمور فى تلك الدولة العظمى وفق هوى الحاكم، تلك السبة التى كانت توجه للدولة النامية أو دول العالم الثالث. صحيح أن هناك مقاومة وتكاد أن تكون شرسة لهذا الاتجاه، والأرجح أنها ستؤتى أكلها، لكن ذلك لن يمر دون جروح أو ندبات على وجه السياسة الأمريكية.
فى حدود ما صدر من ترامب حتى الآن واستكمالًا لما أشرنا اليه الأسبوع الماضى، يمكن رصد جوانب بالغة الاستثنائية فى سياساته منها تنحية القواعد والأعراف الدولية التى تم الاستقرار عليها فى التعامل بين الدول، وهو ما يسبب نوعًا من الشعور بالإهانة لدى الخصوم ينعكس فى رد عنيف سواء على مستوى الفعل أو القول، ولعل فيما وجهه رئيس كولومبيا لترامب أبلغ مثال على ذلك.
من الملامح الأخرى للأسف الطابع الهوجائى غير المدروس للكثير من القرارات، وهو ما ينعكس فى التراجع عنها أو عن أغلبها بعد وقت ليس بالطويل، مثل قرار تجميد المنح، وتلك القرارات المتعلقة بالتعريفة الجمركية على السلع التى ترد من دول لا تنصاع أو تتجاوب مع مواقفه ومثال ذلك كندا وغيرها.
أما مواقفه التى تتجاوز المعقول وتعبر عن نوع من الغطرسة التى فات أوانها فى العلاقات الدولية فهى تلك المتعلقة بالصراع العربى الإسرائيلى. ينطلق ترامب، كما هو واضح، من تصور أن المنطقة أضعف ما يكون، وأن ذلك ييسر مهمة أن تكون تصوراته وأفكاره أوامر. لكن المشكلة أنه يسعى لما قد يعجز عنه أكثر حلفائه فى المنطقة عن التجاوب معه، وهو ما قد يقوض سلطته، بل هيبته كرئيس أمريكى. يأتى فى هذا السياق حديث ترامب عن تهجير أهالى غزة والضفة إلى مصر والأردن. وحسنًا فعلت مصر وباقى الدول العربية من مواقف تؤكد مواجهتها لمثل هذا التوجه، وإن كانت المشكلة تبقى فى دلالة ذلك الطرح من ترامب على نمط تفكيره وتعامله مع الأمور فى المنطقة خلال سنوات حكمه. آخر اللا معقول فى مواقفه فى هذا الصدد تعبيره عن عدم رضائه عن كون إسرائيل تبدو كرأس قلم فى خريطة المنطقة أو شىء من هذا القبيل فى تأكيد لدعوته عن ضرورة توسيع إسرائيل.
لكل ذلك أعتقد أننا سنظل– شئنا أم أبينا– فى حالة تركيز مع ترامب وسياساته باعتبارها الأخطر علينا من أى رئيس أمريكى فات!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق السلطة
إقرأ أيضاً:
إنهيار قوات المليشيا بمحاور القتال المختلفة في كردفان
شهدت الساعات التى مضت خلال هذا اليوم إنهيار قوات المليشيا بمحاور القتال المختلفة في كردفان …
القوات المسلحة والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية تتحرك الى أهدافها وفقاً للخطة الموضوعة في توقيتٍ واحدٍ ( العمل والنشاط المتزامن ) لحرمان المليشيا من تكتيك قتال الفزع الذى يقوم عليه أسلوب قتالها ، وهذا ما ساعد في هزائمهم المتتالية في تلك المحاور فضلاً عن طول خط الإمداد بالنسبة للعمليات الجارية حاليا بمحاور كردفان المختلفة ، هذا بالإضافة الى هروب معظم القيادات الى دولة جنوب السودان والى ولاية جنوب دارفور (نيالا تحديداً) ….
الإنهيار الذي يحدث الآن لأفراد المليشيا ليس فقط فى عدم ثباتهم أثناء المعارك التى تدور حالياً فقط بل يتمثل فى إستسلام مجموعات منهم لقواتنا المتقدمة بقوة وثبات وعزيمة وإصرار في الوصول لكل أهداف هذه المرحلة المفصلية والتى بنهايتها تكون قوات المليشيا قد حصرت نفسها للقتال في ولايات دارفور فقط …
المناطق التى تمت السيطرة عليها في منطقة جنوب كردفان أسهمت في تحييد قوات الحركة الشعبية في التأثير على مجرى العمليات وتحولت الى العمليات الدفاعية ، دفاعاً عن مناطق سيطرتها (كاودا وغيرها) بالتالي أتاحت الفرصة لوصول قواتنا الى الدلنج وغيرها من المناطق المهمة والتى كانت تسيطر عليها قوات الحركة الشعبية بالتالى فتح الطريق من الدلنج الى الأبيض ..
بهذه العمليات التى تمت خلال الأيام التى مضت يكون التهديد قد زال عن باقي المناطق التى تتواجد بها قواتنا (بابنوسة وغيرها) لتتحول القوات من العمليات الدفاعية الى العمليات التعرضية (الهجومية) وتشكل عبئاً عملياتياً إضافياً للمليشيا المنهزمة والمنكسرة أصلاً …
أعتقد أن العمليات سوف تزيد من سرعتها في الساعات القادمة لتضييق الخناق على المليشيا وتقصير مساحات سيطرتها وفرض واقع ميداني يسهم في تقوية موقف القوات المسلحة والدولة السودانية في التصدي لهذه الحرب سياسياً ، أمنياً ، عسكرياً مع المتغيرات التى حدثت في البيئة الإستراتيجية بشكل عام .
#الله أكبر الله أكبر الله أكبر ..
#نصر من الله وفتح قريب ….
عبد الباقي الحسن بكراوي
إنضم لقناة النيلين على واتساب