قال الدكتور أحمد السلمي، إن أدب البادية والإبداع في مجتمع البادية يشكل أهمية كبيرة، ملقيا الضوء على أهمية دراسة الشعر النبطي اجتماعيا وأدبيا، فاللغة أهم ما يميزه، حيث صياغتة بشكل يتماس مع الفصحى كثيرا.

وأضاف د.أحمد، في حديثه في ندوة أدب البادية، والتي استضافها معرض القاهرة الدولي للكتاب في يومه الأخير، وأدارها الشاعر والأديب أبوالفتوح البرعسي، رئيس لجنة أدب البادية باتحاد كتاب مصر.


وشارك بها العديد من شعراء البادية.

وأضاف د.أحمد السلمي خلال كلمته، متحدثا عن أهم ما يميز أدب البادية وشعره خاصة، أن أدب البادية يتميز بجودة الأسلوب وإحكامه وجودة البلاغة؛ لانه يستمد ألفاظه من اللغة الفصحى أو طبيعة البادية.
أما خلفية ذلك الشعر البدوي المعاصر الثقافية فهو امتداد للشعر الجاهلي حتى وصولنا لعصرنا الحالي، فنجد أنساقا عربية حاضرة بقوة في هذا الشعر مثل الشجاعة والفخر وغيرهما.

ثم تحدث عن السلبيات الموروثة من العادات والتقاليد مثل التعصب للأصل بشكل يرفضه الدين، وتهميش المرأة وحرمانها من إتمام التعليم، وهي عادات سائدة في جزء بسيط من مجتمع البادية.
بينما تحدث عن مواكبة الشعر البدوي للتطورات من حولنا مصريا وعالميا، من ذلك حينما رفض المصريون تهجير الفلسطينيين هبّ الشعراء يعبرون عن ذلك بقوة مثل أبوعدنان رياشي.

فيما تحدث الشاعر أبوالفتوح البرعصي، عن أهمية استضافة معرض الكتاب في دورته الحالية لتلك الندوة، إيمانا من القائمين عليه بما يمثله شعر البادية من أهمية، مثنيا على قرار القيادة السياسية وموقفها من عملية تهجير الإخوة الفلسطينيين.

فيما انتقلت الندوة ليلقي كل شاعر بعض قصائده، فألقى الشاعر عطية أبومرزوقة قصيدتيه ( يوم العبور، العلم)، بينما ألقى الشاعر عطالله الجداوي من شمال سيناء، قصيدتيه (مصري أنا، المشاركة)، وألقى الشاعر

حماد الحفيشي، قصيدتين هما (مصر الأصالة، صديق العمر).

ثم تحدث الشاعر والباحث د.الطحاوي سعود، عن المحاكاة للتراث المغاربي، منتقلا لمبحث تاريخي، مفاده أن الشرقية وشبه جزيرة سيناء كانا اقليما واحدا تسكنه القبائل المغاربية، فقبيلة الهنادي التي نزحت للشرقية منذ ما يزيد على القرنين أثرت ثقافيا كثيرا على المنطقة، فكانوا يحملون العديد من الثقافات وأولها ثقافة الزي وتربية الخيول والصيد بالصقور، وكان الحكام يستعينون بهم في الاحتفالات.
مضيفا أن من الفنون البدوية ما يسمى صوب فريد، أو كف العرب، وهو قائم على القصيدة وتسمى الأجرودة، وقد احتفظ أرشيف قبيلة الطحاوي بهذه النصوص التي كتبت بمفردات تلك القبائل المغربية في ذلك الوقت، فهي مكتملة الأركان ومنضبطة القافية ومن أغراضها الفخر والشجاعة والخيل والغزل..
مؤكدا أن تلك القصائد تعد كشفا يعبر عن لغة القبائل في ذلك الوقت، ومن القصائد ما قيل عن الحكام والعملات المستخدمة مثل البارة أو القواص، وكان للمرأة النصيب الأكبر من القصائد التي تحاكي الثقافة المغاربية، فكانت هي المعشوقة واللوحة التي يتغزل فيها الفنان، كما لم يترك الشعراء شيئا في المرأة إلا وتغزلوا فيها من ملامحها وملابسها وغيره.
فاستلهموا من العيون خواطرهم وأفكارهم.
وتلاحظ من تلك الأشعار أن العرب كانوا يميلون للمرأة المكتنزة الجسم.


وانتقلت دفة الندوة حيث مجرى الشعر ثانية، فألقى الشاعر إبراهيم بوفايد السواركة قصائد: (الليل، قبلة الحلم، في شرفة الهادي، قصيدة غزلية).

كما ألقى الشاعر سيد بودهيم الرمحي قصيدة (يا وطني)، والشاعر عماد البلوي ألقى قصيدة (احنا بدو)، وألقى الشاعر بوعدنان الرياشي قصيدتيه (التهجير، لا تحزني)، أما الشاعر سليم الحويطي فقد ألقى قصيدة بعنوان(نصيحة)، وانتقل الشاعر محمود مسلم العمراني لقصيدته (لولا أكتوبر)، بينما ألقت الشاعرة التونسية سيدة نصري قصتها ( لحن الخلود)، والشاعر الغنائي أيمن أمين ألقى قصيدة (فلسطين)، واختتمت الندوة بقصيدة للشاعرة الشابة منة علي، بعنوان (يا أبي).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أدب البادية د أحمد السلمي الشعر البدوي أدب البادیة ألقى الشاعر

إقرأ أيضاً:

هل قتل البلابسة قصيدة السلام؟

 

هل قتل البلابسة قصيدة السلام؟

عبدالله برير

في خضمّ ليل الحرب البهيم الذي أسدل ستائره الدامية على خارطة الوطن، يخالجنا سؤالٌ جارح كشظية، ومُرّ كطعم الفجيعة: هل خفت صوت السلام في السودان وانحنى مكسوراً لعاصفة الحرب العاتية؟
لم يعد المشهد مجرد صراع مسلح، بل هو انكسار للروح، وتراجع مريع لمشاريع “غناء المحبة” وتقبل الآخر. لقد توارت تلك الكلمات التي كانت تبني الجسور، لتحل محلها فوهات البنادق التي تحفر القبور. ومع استعار أوار هذه الحرب المجنونة، يبدو أن تيار الكراهية والعنصرية قد انتصر مؤقتاً، مبتلعاً في جوفه تيار الحياة، ومفسحاً المجال لثقافة “البلابسة” ومفردات السحق والمحق.
يا للهول.. هل ابتلع هذا الشعب الطيب طعم الحرب المسموم، فباتت حلوقهم مُرّة بعلقم الموت، وأرواحهم ملوثة بوجبات صانعي “الكباب البشري” الذين يقتاتون على الأشلاء؟
نتلفت حولنا بقلوب واجفة، لنسأل: أ ماتت الكلمة الداعية للسلام بموت أربابها؟ هل ووري “فن المقاومة” الثرى حينما ترجل الفرسان؟
رحل محمد وردي، فرعون الغناء الذي علمنا كيف “نصبح كتلة صمود”، ورحل مصطفى سيد أحمد الذي غرس فينا “معنى أن نغني”، وغاب محمد الأمين والكابلي..
ماتت الحبال الصوتية لدى النور الجيلاني الذي غنى فيفيان يا إخواني جنوبية، ليحيا صوت الكراهية ويموت قبول الآخر ..فهل غابت مع رحيل وصمت كل هؤلاء البوصلة؟ هل انتحرت قصيدة السلام يوم أن كفّ قلب حُميد عن الخفقان، ويوم أن ودّعنا القدّال، وقبلهم شريان الشعب محجوب شريف والعملاق هاشم صديق؟
وكأن الساحة قد خلت إلا من النعي.. فحتى الشعراء الباقون على قيد القصيدة، مثل أزهري محمد علي وطلال دفع الله وقاسم أبو زيد، باتوا يقاتلون “بنعومة” الحزن لا بشراسة الأمل، وكأنهم أيتام على مأدبة اللئام بعد رحيل الآباء المؤسسين للوعي.
لقد “تيتم” الغناء الرصين، وباتت الأصوات المنادية بالحياة – تلك المحاولات الخجولة من فنانين قابضين على الجمر مثل نانسي عجاج، منى مجدي، عمر جعفر وهاني عابدين – تبدو وكأنها “نشاز” مقدس وسط جوقة المغنواتية الداعين للدم، الكورس الجنائزي الذي لا يطرب إلا لصوت الرصاص.
أما القيثارة الصامدة، أبو عركي البخيت، فقد بحّ صوته وهو ينادي وحيداً في برية الصمت، كأنه نبيّ خذله قومه، يصرخ بالسلام فلا يرجع إليه الصدى إلا محمولاً على دخان الحرائق.
هل تناسى هذا الشعب “أكتوبر الأخضر”؟ هل جفّ في ذاكرتهم ” ما طالما بحرك في مي”؟ أين ذهبت تلك الأناشيد التي كانت تهز الجبال حباً لا حرباً؟
اليوم، ما تبقى من فنانين وشعراء شباب، وجدوا أنفسهم أمام مقصلة التخوين. لمجرد أنهم دعوا لوقف نزيف الدم وإعلاء شأن الحياة، شُنت عليهم حملات مسعورة، ونهشتهم أنياب التخوين والعمالة، حتى توارى بعضهم خلف جدران الخوف، خشية على لقمة العيش أو خوفاً من بطش الغوغاء. بل والمفجع أن البعض تحول – تحت وطأة الضغط أو الغواية – إلى أبواق في معسكرات الحرب، يذكي النار بدلاً من إطفائها.
لقد تآمرت حتى التكنولوجيا على إنسانيتنا؛ فخوارزميات “الفيسبوك” ومواقع التواصل تضج بترندات “الفتك والمتك والبل”، تغرق آذان الشعب في مستنقع الدماء، وتخلق واقعاً افتراضياً موازياً لا يرى في الآخر إلا عدواً يجب إفناؤه.
ولكن.. يبقى في الروح رمق، وفي القلب سؤال يرفض الموت: هل يعود ذلك الزمن؟ الزمن الذي غنى فيه السودانيون بيقين الأولياء:
“مكان الطلقة عصفورة.. ومكان السجن مستشفى”
هل سنعود يوماً لننشد مع “حميد ومصطفى ” بملء حناجرنا، حين ينجلي الدخان وتعود الطيور لأعشاشها:
“يا بلدي يا فردة جناحي التاني.. وقت الناس تطير لعالمها”
إنها معركة الوعي الأخير، فإما أن ننتصر للعصفورة والمستشفى، وإما أن نغرق جميعاً في طوفان “البل” والدم.

الوسومالبلابسة الغناء الرصين النور الجيلاني عبدالله برير قصيدة السلام محمد وردي

مقالات مشابهة

  • «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لـ معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026
  • أفكار علمية وبحثية.. محافظ القاهرة يشهد معرض للعلوم والهندسة والتكنولوجيا
  • شاعر الحب والألم والصحافة الذكية.. ذكرى ميلاد كامل الشناوي| فيديو
  • البادية الجنوبية .. تأخير دوام المدارس يوم غد الأحد إلى العاشرة صباحا
  • حكاية انتحال قصيدة تتغنى بالتراب العُماني
  • ساعة بلا كتاب قرون من التأخر.. شعار معرض القاهرة للكتاب.. ونجيب محفوظ شخصية العام
  • "بين مصر وروما كليوباترا السابعة في عيون الآخر".. ندوة ثقافية بمكتبة القاهرة الكبرى (غدًا)
  • هل قتل البلابسة قصيدة السلام؟
  • عماد النشار: معرض القاهرة للكتاب ذاكرة أمة لا تهدأ
  • بتعاون تركي مصري.. انطلاق معرض فن الخط العربي في القاهرة