نجح انقلاب شبـــاط عسكريـــــاً وسقط أخلاقياً
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
قبل 62 عاماً وفي مثل هذا اليوم، انقلب البعثيون الفاشيون على جمهورية العراق الديمقراطية الفتية، فقتلوا غدراً زعيمها ومحررها من قيود الاستعمار، وأحلافه وأذنابه وقواعده ومرتكزاته: الشهيد البطل عبدالكريم قاسم، ومعه رجال، هم أروع ما أنتج تاريخ الجيش العراقي الباسل في مسيرته الظافرة.
أقول: إذا كان الانقلابيون البعثيون قد نجحوا في انقلابهم هذا، فإن نجاحهم كان لعنة وسُبَّة، وعارا عليهم الى الأبد، فقد كان انقلاب الثامن من شباط لطخة سوداء في سجل البعثيين المخزي، بحيث ظلت هذه اللطخة عالقة بهم وبعقيدتهم حتى هذه اللحظة، دون أن ينجحوا في إزالتها ومحوها رغم كل ما فعلوه لاحقاً من أجل ذلك !!.
إن (انتصار) البعثيين في شباط 1963 كان بمثابة الهزيمة الماحقة لهم، ولمشروعهم العقائدي الفاشي.. وهذا لعمري يحدث أول مرة، إذ ما فائدة ان تأخذ السلطة ثم تفقدها مجللاً بالعار بعد ثمانية أشهر لا أكثر .. ؟!
كما لم يحدث أيضا في أي تجربة انقلابية مماثلة، أن يُهزم (النصر) أخلاقياً منذ إشارة ساعة الصفر، بل وقبل ان تعلن حتى..
اجل، لقد هُزم البعثيون منذ لحظة تفكيرهم بالانقلاب على ثورة شعبية وطنية، قدمت المنجزات العظيمة واحداً تلو الاخر دون توقف، وحققت المعجزات رغم كل المؤامرات الداخلية والخارجية.
والبعثيون هُزموا أيضاً مذ أن تحرك القطار الامريكي بعرباته الاستخبارية، ناقلاً لهم عُدَّة وأدوات التآمر ومخططات الدم والقتل والتدمير والإعلام الموجَّه.. لاسيما العربة التي حملت قوائم تصفية الشيوعيين، والوطنيين، والضباط الاحرار، الذين يتوجب على الانقلابيين البدء بقتلهم قبل أي شيء. ولم ( يكذب العملاء الانقلابيون خبرا)، فقد نفذوا إرشادات أسيادهم بدقة ومهارة، فابتدؤوا خطتهم التصفوية باغتيال الشهيد الطيار جلال الأوقاتي، قائد القوة الجوية آنذاك، ولم ينتهوا من القائمة حتى أكملوا تصفية أغلب الاسماء المعروضة للقتل في تلك القائمة المشؤومة !!. واليوم وبعد اثنين وستين عاماً على ذلك اليوم الاسود، نطرح السؤال الذي لابد أن يطرح باستمرار، ومفاده:
هل بقي احد من قيادات ذلك الانقلاب الدموي في ذاكرة الناس، وهل هناك أحد منهم لم يمت ميتة ذليلة موسومة بالعار والشنار، وإذا ما كان أحد منهم قد بقي حياً حتى هذه اللحظة، فهل يتذكره التاريخ والناس بالاحترام، والتقدير، أم بالازدراء، والتحقير، لما ارتكبه مع رفاقه القتلة المجرمين من مذابح، ومآس بحق الشعب العراقي الطيب.. وهل يمكن أن يقارن أيٌّ من مجرمي انقلاب شباط بالزعيم عبد الكريم قاسم
أو بمن بقي خالداً وسامياً من رفاقه الضابط الأبطال
الذين ظلوا معه ساطعين ومنيرين في الذاكرة الشعبية رغم مرور ستة عقود على غيابهم الموجع والمفجع ؟
والجواب لايحتاج قطعاً إلى تفكير طويل، فالتأريخ منصف.. والناس البسطاء عادلون جداً، لذلك تراهم منحوا لكل عنصر من عناصر ذلك الزمن حقه، فأغدقوا على البطل الشريف بجزيل حبهم وتقديرهم، مع تبجيل اسمه… في حين، أنهم أشعلوا في المجرم القاتل نيران الكراهية، ومواقد الاحتقار دون رحمة.. وتأسيساً على ذلك، بقيت (صور) الشهيد عبد الكريم قاسم خالدة في قلوب الناس، وفي بيوتهم ومخابئهم، وصناديقهم العزيزة. ولعل رؤية صورة الزعيم في القمر، أو رؤية وجهه بين النجوم المتلألئة، واحد من الأدلة على عشق الناس لهذا الزعيم الوطني الشريف، وهنا أود أن اذكّر القراء الكرام بيوم سقوط البعثيين في التاسع من نيسان 2003 – أي السقوط الثاني لهم بعد سقوطهم الاول في 18 تشرين 1963- حين ركضت الجماهير الشعبية نحو الشوارع رافعة صور الزعيم عبد الكريم قاسم، وكأنها تريد مبايعته على عرش قلوبها، واستعادة الحق الذي اغتصبه القتلة في شباط الأسود..
وللحق فإن الزعيم قاسم لم يكن وحده عزيزاً على قلوب الناس الطيبين، إنما كان برفقته في موكب العشق الشعبي، كل رفاقه وصحبه الميامين الذين استشهدوا في انقلاب شباط الفاشي، دفاعاً عن مكتسبات ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة..
إذن هكذا ينظر العراقيون لعبد الكريم قاسم ورفاقه
الشجعان، وهكذا أفرد لهم التاريخ صفحات المجد والذكر الجميل، وهكذا يبقون متربعين في القلوب والافئدة، وفي الذاكرة أيضاً حتى زوال الحياة.. بينما سقط مجرمو شباط الأسود من البعثيين والعملاء وأذناب الرجعية في مستنقع العار والخزي والذكر السيء ، ولم يعد أحد يتذكرهم إلا حين يتذكر موسوليني، وهتلر وشارون وبقية القتلة الأوغاد من مجرمي الحروب في التاريخ .
تحية للشهيد البطل عبدالكريم قاسم، وهو يستقبل بشجاعة فائقة وابل الرصاص بعينين مفتوحتين بعد ان رفض وضع العصابة السوداء على عينيه لحظة تنفيذ الإعدام به..
وتحية للشهداء الأبطال فاضل عباس المهداوي، ووصفي طاهر، وعبد الكريم الجدة، وماجد محمد أمين. وتحية كبيرة للشهيد البطل سلام عادل، أسطورة الشهادة العراقية الجسورة، ولرفاقه الشيوعيين البواسل، تحية معطرة بأريج المجد والخلود . الخزي والعار لمجرمي انقلاب شباط الاسود… ولمن أعد وقاد قطارهم ( المصريكاني ) المخزي..
ختاماً أقول: إذا كان انقلاب شباط الأسود قد نجح عسكرياً، فحتماً أنه سقط أخلاقياً ووطنياً وإنسانياً وتاريخياً..
فالح حسون الدراجيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الکریم قاسم
إقرأ أيضاً:
إسدال الستار على النسخة السابعة من ملتقى ظفار للقرآن الكريم
صلالة - العُمانية
اختتمت "الأربعاء" بمجمع السُّلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة أعمال ملتقى ظفار للقرآن الكريم في نسخته السابعة لعام 1447هـ / 2025م، الذي نظمته المديرية العامة للأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار.
رعى حفل الختام صاحب السمو السيّد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، بحضور معالي الشيخ محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وعدد من المسؤولين.
وألقى فيصل بن سعيد المشيخي، مدير دائرة الوعظ والإرشاد بالمديرية العامة للأوقاف والشؤون الدينية بمحافظة ظفار كلمةً أشار فيها إلى أنّ رؤية الملتقى ترتكز على جعله منصة رائدة للارتقاء بتعليم وحفظ القرآن الكريم، مبينًا أن نسخة هذا العام سعت إلى تعزيز حضور القرآن الكريم في حياة الأفراد والمجتمع، والارتقاء بجودة الحفظ والإتقان، عبر اعتماد أساليب تعليمية حديثة تواكب التطورات التقنية.
وأضاف أنّ البرامج الصيفية لهذا العام شهدت تفاعلًا واسعًا، إذ أُقيمت في 110 مراكز موزعة على مختلف ولايات محافظة ظفار، وأشرف عليها أكثر من 200 معلم ومعلمة وكادر إداري، واستفاد منها ما يقارب 6 آلاف طالب وطالبة من مختلف الفئات العمرية، مشيرًا إلى استكمال البرنامج التأسيسي للعلوم الشرعية، الذي التحق به عدد من طلبة العلم من أبناء المحافظة، بهدف إرساء قاعدة علمية متينة تُسهم في إعداد جيل واعٍ ومتفقه في أمور دينه.
وتضمّن الحفل عرضًا مرئيًّا تناول تطوّر تعليم القرآن الكريم من الأساليب التقليدية إلى التقنيات الرقمية الحديثة، وفقرة إنشادية، إلى جانب تكريم 24 فائزًا في المسابقة القرآنية، و40 خاتمة للقرآن الكريم من مدارس المديرية، بالإضافة إلى تكريم عدد من القائمين على تنظيم الملتقى.
واشتملت فعاليات الملتقى مجموعة من أوراق العمل المتخصصة التي ناقشت قضايا فكرية وتربوية، من بينها: "منهجية التعامل مع القرآن"، و"المنهج القرآني في مواجهة التحديات الفكرية وبناء منظومة القيم"، و"نحن والقرآن الكريم".
يشار إلى أن الملتقى سعى إلى ترسيخ أهمية القرآن الكريم في النفوس، وغرس محبته في القلوب، وإعداد حفظة متقنين وتطوير مهاراتهم، إلى جانب تعزيز استمرارية برامج تعليم القرآن الكريم بين الأجيال وتأهيل كوادر وطنية مُؤهلة قادرة على تمثيل سلطنة عُمان في المحافل والمسابقات الدولية.