بقلم: فالح حسون الدراجي ..

قبل 62 عاماً وفي مثل هذا اليوم، انقلب البعثيون الفاشيون على جمهورية العراق الديمقراطية الفتية، فقتلوا غدراً زعيمها ومحررها من قيود الاستعمار، وأحلافه وأذنابه وقواعده ومرتكزاته: الشهيد البطل عبدالكريم قاسم، ومعه رجال، هم أروع ما أنتج تاريخ الجيش العراقي الباسل في مسيرته الظافرة.

. وإذا كان انقلاب (شباط الأسود) قد نجح بفعل عوامل خارجية وداخلية، كان بعضها خارجاً عن يد الثورة وقادتها، وبعضها جاء (من يد) قادة الثورة أنفسهم، بسبب طيبة ونقاء الزعيم، وسياسته السمحاء التي شيدها على الثقة المفرطة، وعلى أساسات وردية حالمة، مفادها أن الاخرين جميعاً طيبون مثله، ظاناً أن أعداءه، وخصومه يحملون مواصفاته النبيلة، فيسامحون مثله، ويعملون كما يعمل هو مع خصومه، لاسيما في سياسته المعروفة ب ( عفا الله عما سلف )!!

أقول: إذا كان الانقلابيون البعثيون قد نجحوا في انقلابهم هذا، فإن نجاحهم كان لعنة وسُبَّة، وعارا عليهم الى الأبد، فقد كان انقلاب الثامن من شباط لطخة سوداء في سجل البعثيين المخزي، بحيث ظلت هذه اللطخة عالقة بهم وبعقيدتهم حتى هذه اللحظة، دون أن ينجحوا في إزالتها ومحوها رغم كل ما فعلوه لاحقاً من أجل ذلك !!.

إن (انتصار) البعثيين في شباط 1963 كان بمثابة الهزيمة الماحقة لهم، ولمشروعهم العقائدي الفاشي.. وهذا لعمري يحدث أول مرة، إذ ما فائدة ان تأخذ السلطة ثم تفقدها مجللاً بالعار بعد ثمانية أشهر لا أكثر .. ؟!

كما لم يحدث أيضا في أي تجربة انقلابية مماثلة، أن يُهزم (النصر) أخلاقياً منذ إشارة ساعة الصفر، بل وقبل ان تعلن حتى..

اجل، لقد هُزم البعثيون منذ لحظة تفكيرهم بالانقلاب على ثورة شعبية وطنية، قدمت المنجزات العظيمة واحداً تلو الاخر دون توقف، وحققت المعجزات رغم كل المؤامرات الداخلية والخارجية.

والبعثيون هُزموا أيضاً مذ أن تحرك القطار الامريكي بعرباته الاستخبارية، ناقلاً لهم عُدَّة وأدوات التآمر ومخططات الدم والقتل والتدمير والإعلام الموجَّه.. لاسيما العربة التي حملت قوائم تصفية الشيوعيين، والوطنيين، والضباط الاحرار، الذين يتوجب على الانقلابيين البدء بقتلهم قبل أي شيء. ولم ( يكذب العملاء الانقلابيون خبرا)، فقد نفذوا إرشادات أسيادهم بدقة ومهارة، فابتدؤوا خطتهم التصفوية باغتيال الشهيد الطيار جلال الأوقاتي، قائد القوة الجوية آنذاك، ولم ينتهوا من القائمة حتى أكملوا تصفية أغلب الاسماء المعروضة للقتل في تلك القائمة المشؤومة !!. واليوم وبعد اثنين وستين عاماً على ذلك اليوم الاسود، نطرح السؤال الذي لابد أن يطرح باستمرار، ومفاده:

هل بقي احد من قيادات ذلك الانقلاب الدموي في ذاكرة الناس، وهل هناك أحد منهم لم يمت ميتة ذليلة موسومة بالعار والشنار، وإذا ما كان أحد منهم قد بقي حياً حتى هذه اللحظة، فهل يتذكره التاريخ والناس بالاحترام، والتقدير، أم بالازدراء، والتحقير، لما ارتكبه مع رفاقه القتلة المجرمين من مذابح، ومآس بحق الشعب العراقي الطيب.. وهل يمكن أن يقارن أيٌّ من مجرمي انقلاب شباط بالزعيم عبد الكريم قاسم

أو بمن بقي خالداً وسامياً من رفاقه الضابط الأبطال

الذين ظلوا معه ساطعين ومنيرين في الذاكرة الشعبية رغم مرور ستة عقود على غيابهم الموجع والمفجع ؟

والجواب لايحتاج قطعاً إلى تفكير طويل، فالتأريخ منصف.. والناس البسطاء عادلون جداً، لذلك تراهم منحوا لكل عنصر من عناصر ذلك الزمن حقه، فأغدقوا على البطل الشريف بجزيل حبهم وتقديرهم، مع تبجيل اسمه… في حين، أنهم أشعلوا في المجرم القاتل نيران الكراهية، ومواقد الاحتقار دون رحمة.. وتأسيساً على ذلك، بقيت (صور) الشهيد عبد الكريم قاسم خالدة في قلوب الناس، وفي بيوتهم ومخابئهم، وصناديقهم العزيزة. ولعل رؤية صورة الزعيم في القمر، أو رؤية وجهه بين النجوم المتلألئة، واحد من الأدلة على عشق الناس لهذا الزعيم الوطني الشريف، وهنا أود أن اذكّر القراء الكرام بيوم سقوط البعثيين في التاسع من نيسان 2003 – أي السقوط الثاني لهم بعد سقوطهم الاول في 18 تشرين 1963- حين ركضت الجماهير الشعبية نحو الشوارع رافعة صور الزعيم عبد الكريم قاسم، وكأنها تريد مبايعته على عرش قلوبها، واستعادة الحق الذي اغتصبه القتلة في شباط الأسود..

وللحق فإن الزعيم قاسم لم يكن وحده عزيزاً على قلوب الناس الطيبين، إنما كان برفقته في موكب العشق الشعبي، كل رفاقه وصحبه الميامين الذين استشهدوا في انقلاب شباط الفاشي، دفاعاً عن مكتسبات ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة..

إذن هكذا ينظر العراقيون لعبد الكريم قاسم ورفاقه

الشجعان، وهكذا أفرد لهم التاريخ صفحات المجد والذكر الجميل، وهكذا يبقون متربعين في القلوب والافئدة، وفي الذاكرة أيضاً حتى زوال الحياة.. بينما سقط مجرمو شباط الأسود من البعثيين والعملاء وأذناب الرجعية في مستنقع العار والخزي والذكر السيء ، ولم يعد أحد يتذكرهم إلا حين يتذكر موسوليني، وهتلر وشارون وبقية القتلة الأوغاد من مجرمي الحروب في التاريخ .

تحية للشهيد البطل عبدالكريم قاسم، وهو يستقبل بشجاعة فائقة وابل الرصاص بعينين مفتوحتين بعد ان رفض وضع العصابة السوداء على عينيه لحظة تنفيذ الإعدام به..

وتحية للشهداء الأبطال فاضل عباس المهداوي، ووصفي طاهر، وعبد الكريم الجدة، وماجد محمد أمين. وتحية كبيرة للشهيد البطل سلام عادل، أسطورة الشهادة العراقية الجسورة، ولرفاقه الشيوعيين البواسل، تحية معطرة بأريج المجد والخلود . الخزي والعار لمجرمي انقلاب شباط الاسود… ولمن أعد وقاد قطارهم ( المصريكاني ) المخزي..

ختاماً أقول: إذا كان انقلاب شباط الأسود قد نجح عسكرياً، فحتماً أنه سقط أخلاقياً ووطنياً وإنسانياً وتاريخياً..

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الکریم قاسم

إقرأ أيضاً:

صورة عادل إمام على سرير داخل مستشفى تثير القلق.. آخر تطورات حالة الزعيم

لا تزال الحالة الصحية للفنان عادل إمام تستحوذ على اهتمام قطاع كبير من الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، في أعقاب نشر صورة له على سرير المستشفى خلال الساعات القليلة الماضية.

وانتشرت الصورة الأخيرة للزعيم بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، مما أثار مخاوف جمهوره ومتابعيه بشأن حالته الصحية، فيما عبر ناشطون عن تمنياتهم بالشفاء العاجل للنجم الكبير الذي أمتع الملايين عبر مسيرة فنية حافلة بالعديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية، رسم خلاله البهجة على شفاه المشاهدين، فضلا عن تناوله العديد من القضايا التي تهم المجتمع المصري في أعماله، والذي برع في أداء جميع الأدوار بين التراجيديا والكوميديا، مما جعله يتربع على قمة عرش الفن على مدى عقود.

ولم يتم التحقق من صحة الصورة المتداولة، خاصة أنه لم يصدر إعلان رسمي في الآونة الأخيرة من عائلة الزعيم عادل إمام عن أي تدهور في حالته الصحية، الأمر الذي وصف بأنه من ضمن الشائعات التي تطاله من وقت لآخر، في حين أكد نشطاء أن الصورة ربما تكون أنشئت عبر الذكاء الاصطناعي.

الحالة الصحية للزعيم عادل إمام تطورات الحالة الصحية للفنان عادل إمام

وفي وقت سابق، كشف الفنان محمد إمام نجل الزعيم، عن تطورات الحالة الصحية للزعيم عادل إمام خلال حضوره عزاء الراحلة هند محمد علي زوجة الفنان نضال الشافي، مؤكدًا أن والده بصحة جيدة ويعيش حياة طبيعية.

وقال محمد إمام: «والدي بخير والحمد لله، الزعيم زي الفل، ودايمًا محتاج لدعواتكم الطيبة».

اعتزال الفنان عادل إمام الفن

وقال عمر متولي: إن الزعيم عادل إمام بصحة جيدة، مشيرا إلى أنه أعتزل الفن نهائيا ليس بسبب التعب أو المرض، ولكنه قرر أن يقضي معظم وقته مع أسرته وأحفاده.

وأوضح متولى، خلال تصريحاته على هامش العرض الخاص لفيلم «بنسيون دلال»، «أن خاله عادل إمام قدم للفن الكثير وأثرى الساحة الفنية بالكثير من الأعمال، كما قدم الكثير من الوجوه الشابة الذين أصبحوا الآن نجوم كبار».

وأكد عمر متولي، أن الزعيم متابع جيد للأعمال الفنية المعروضة، ولا يشغله أي شائعات سلبية تروج ضده، خاصة أن لديه رصيد كبير من الأفلام الفنية التي تعيش وسوف تظل معروضة لسنوات طويلة.

اقرأ أيضاً«هل كان زملكاويا في البداية؟».. إسعاد يونس تكشف انتماء الزعيم عادل إمام الكروي

بصورة لـ عادل إمام تُنشر لأول مرة.. هكذا احتفل محمد إمام بعيد ميلاد الزعيم

تامر هجرس: عادل إمام هرم السينما المصرية و العربية وفخور بعملي معه

مقالات مشابهة

  • أمين تنظيم الجيل: حل أزمة الإيجار القديم لا تقتصر على المعالجة القانونية فقط
  • ظهور صارم لماكرون بعد دفعة على وجهه من زوجته.. ما حقيقة الفيديو؟
  • فيديو متداول لـحدث غريب خلال عاصفة الإسكندرية الأخيرة.. هذه حقيقته
  • وكالة الطاقة الذرية: تخصيب ايران لليورانيوم يقترب من 90% المطلوب عسكريا
  • أسرة الزعيم تكشف لـ «الأسبوع» حقيقة الصورة المنسوبة لـ عادل إمام على سرير المستشفى
  • صورة عادل إمام على سرير داخل مستشفى تثير القلق.. آخر تطورات حالة الزعيم
  • استشهاد جندي بقصف مسيرة حوثية موقعاً عسكرياً جنوبي تعز
  • روسيا تعلن القضاء على 9420 عسكريا أوكرانيا خلال أسبوع
  • [ من هو الزعيم ، والقائد ، والأمين العام للحزب … حقيقة …. ؟؟؟ ]
  • انتخاب دانة شباط رئيساً لاتحاد رياضة الترياتلون